ما حكم عمل الوليمة عند الزواج؟
الوليمة: هِيَ كلُّ طعامٍ يُصنع للعُرس وغيره مما يحصُل للإنسان من خير ويُدخل على نفسه السرور.
وعمل الوليمة لإشهار الزواج سنة نبوية؛ فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر بها، وحث الصحابة على فعلها؛ لما فيها من إطعام الطعام، وإظهار الشكر لله تعالى على نعمة الزواج، وكلاهما من أحب العبادات إلى الله تعالى وأرجاها للقبول.
المحتويات
الوليمة: هِيَ كلُّ طعامٍ صُنِعَ لعُرْسٍ وَغَيْرِهِ مما يَسُرُّ؛ كما قال ابن منظور في "لسان العرب" (12/ 643، ط. دار صادر)، والأزهري في "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" (ص: 211، ط. دار الطلائع). ومن معانيها: إشهارُ النكاح وإعلانه؛ كما قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (7/ 285، ط. مكتبة الرشد).
تواردت النصوص من الكتاب والسنة على أن إطعام الطعام من أحب الأعمال إلى الله تعالى وأرجاها للقبول حتى جعله الله تعالى من أسباب الفوز بدخول الجنة؛ فقال تعالى مادحًا عباده المؤمنين: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: 8]، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أي الإسلام خير؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» متفق عليه.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا»، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» أخرجه أحمد في "المسند"، والطبراني في "مكارم الأخلاق"، والبيهقي في "البعث والنشور"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
قال الإمام ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (13/ 375، ط. دار الغرب الإسلامي): [وسئل مالكٌ عن إطعام الطعام؛ أهو أفضل، أم الصدقة بالدراهم؟ فقال: كل ذلك حسن] اهـ.
وقال أيضًا (18/ 196): [إطعام الطعام من أفعال الأبرار] اهـ.
وقال الشيخ الحسن اليوسي في "المحاضرات في اللغة والأدب" (ص: 320-321، ط. دار الغرب الإسلامي): [ويحكى عن الشيخ أبي محمد عبد الخالق بن ياسين الدغوغي أنه كان يقول: "طلبنا التوفيق زمانًا فأخطأناه، فإذا هو في إطعام الطعام"] اهـ.
ففي ذلك تأكيدٌ على أن إطعام الطعام من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل؛ لما فيها من الثواب العظيم والأجر الكبير، وكذا المعاني الاجتماعية التي تبرزها تلك الأعمال من التعاون والتكافل وسد الحاجة والمؤازرة بين الناس جميعًا.
من أهمية إطعام الطعام في الإسلام: أنه من الوسائل التي يعبر بها المسلم عن شكره لله تعالى عند النعم؛ فكانت "الوليمة" عند العرس، و"العقيقة" عن المولود، و"الوكيرة" عند بناء البيت وغير ذلك.
ومشروعيتها ثابتة بالسنة القولية والفعلية وفعل الصحابة وهو ما عليه أرباب المذاهب المتبوعة.
فأما مشروعيتها من السنة الفعلية: فقد تواردت النصوص فيما أَوْلَمَ به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين زواجه من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
ومن ذلك ما روي في وليمته صلى الله عليه وآله وسلم في صبيحة زواجه بالسيدة زينب رضي الله عنها؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: "دعوت المسلمين إلى وليمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صَبِيحَةَ بَنَى بزينب بنت جحش رضي الله عنها، فأوسعهم خبزًا ولحمًا" أخرجه محمد بن نصر الـمَرْوَزِي في "تعظيم قدر الصلاة" ورواه أحمد في "مسنده".
وما روي في وليمته صلى الله عليه وآله وسلم حين زواجه بالسيدة صفية رضي الله عنها؛ فعن أَنس رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى اللهُ عليه آله وسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ رضي الله عنها بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ" أخرجه الحميدي في "المسند"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "سننهم"، وابن حبان في "صحيحه".
وأما مشروعيتها من السنة القولية:
فقد أمر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحث الصحابة على فعلها، وتبعهم في ذلك التابعون وتابعوهم حتى تواتر المسلمون جيلًا عن جيل على صنع الولائم للأعراس.
فعن رجلٍ من ثقيفٍ -يقال له: معروف- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْوَلِيمَةُ حَقٌّ، وَالْيَوْمُ الثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَالْيَوْمُ الثَّالِثُ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ» أخرجه أحمد في "المسند".
وعن ابن بريدة الأسلمي عن أبيه رضي الله عنه قال: لما خطب عليٌّ فاطمةَ رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعُرْسِ مِنْ وَلِيمَةٍ»، قال: فقال سعد رضي الله عنه: عليَّ كبشٌ، وقال فلان: عليَّ كذا وكذا مِن ذُرَة. أخرجه أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن الكبرى".
وحينما تزوَّج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَارَكَ اللهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» متفقٌ عليه.
تواردت نصوص الفقهاء على سنية الوليمة في النكاح بلا خلاف بينهم في ذلك:
قال الإمام القدوري الحنفي في "التجريد" (12/ 6358، ط. دار السلام): [قالوا: الوليمةُ سنةٌ في النكاح، بدلالة أنه عليه الصلاة والسلام قال لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (5/ 232، ط. دار الكتب العلمية): [وما أعلم خلافًا بين السلف من الصحابة والتابعين في القول بالوليمة] اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (6/ 196، ط. دار المعرفة): [لم أعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترك الوليمة على عرس] اهـ.
وقال الإمام الخرقي الحنبلي في "مختصره" (ص: 108، ط. دار الصحابة): [ويستحب لمن تزوج أن يُولِمَ ولو بشاة] اهـ.
بناءً على ذلك: فإن عمل الوليمة للعرس أمرٌ ثابت ومقرر في السنة المطهرة؛ لما فيه من إطعام الطعام، وإظهار الشكر لله تعالى على نعمة الزواج، وكلاهما من أحب العبادات إلى الله تعالى وأرجاها للقبول.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط؟ حيث تقوم جمعية خيرية كُلَّ عام بعرض صكوك الأضاحي على المتبرِّعين في كافة أنحاء الجمهورية، وتقوم بالذبح والتوزيع نِيابة عنهم في جميع مجازِر محافظات الجمهورية، والتوزيع على المستفيدين والأسر الأكثر احتياجًا. فهل من الممكن أن يتم دفع قيمة صك الأضحية بالتقسيط من المتبرِّع للجمعية وبنفس القيمة النقدية للصك وبدون أيِّ زيادة وتقوم الجمعية بالذبح؟ وهل يشترط أن يتم دفع جميع الأقساط قيمة صك الأضحية قَبْل الذبح؟ أو من الممكن الذبح بواسطة الجمعية ثم تقوم الجمعية بتحصيل الأقساط بعد عملية الذبح في التوقيتات الشرعية في عِيد الأضحى؟
ما السُّنَنُ التي يستحب للمُضحِّي أن يفعلها عند الأضحية؟
ما حكم الاشراك في النية في ذبيحة واحدة بين الأضحية وعمل الوليمة ودعوة الناس إليها بمناسبة بناء منزلٍ جديدٍ وهي التي تُسمَّى بالوكيرة، أو أن الأولى عمل هذه الوكيرة من الثلث الخاص بي وبأهل بيتي في الأضحية؟
سائل يقول: هل يجوز ذبح العقيقة قبل ولادة المولود، خوفًا من مرض الذبيحة ووفاتها؟ فقد قمت بشراء خروفٍ للعقّ عن مولودي القادم ووجدت فيه ضعفًا وأخاف موته، ولا يتبقى على موعد الولادة سوى يومين.
ما حكم الأضحية بالشاة المغصوبة؟
ما حكم صيد السلاحف البحرية وتهديدها بالانقراض؟ ففي إطار التعاون الوثيق بين دار الإفتاء المصرية وجهاز شئون البيئة، يطيب الإشارة إلى أنه في إطار قيام جهاز شئون البيئة برصد وتقييم المهددات التي تواجه وتؤثر على تواجد مجتمعات السلاحف البحرية في بيئاتها الطبيعية على السواحل المصرية بالبحر الأحمر المتوسط -أحد أهم مناطق تعشيش وتغذية السلاحف البحرية على مستوى الإقليم-، وذلك نظرًا للدور المهم الذي يقوم به هذا النوع في حفظ توازن وصحة النظام البيئي البحري، وفي ضوء دراسة تلك العوامل المهددة لها، تم تسجيل قيام فئة من الصيادين -سواء من خلال استهداف صيدها، أو خروجها بصورة عرضية في الشباك أو السنانير- بالاتجار بها في أسواق (حلقات) الأسماك بالمناطق الساحلية المتوسطية الرئيسية مثل: بورسعيد، دمياط، الإسكندرية؛ لاستغلاها في ظاهرة (شرب دم السلاحف) كأحد التقاليد الشعبية التي لا أساس لها من الصحة الطبية، أو الدينية؛ حيث تؤكد التقارير والشهادات أن هذا النوع من السلوكيات يتم تنفيذها على النحو التالي:
- تُنفذ هذه الظاهرة في صباح يومي الجمعة والأحد من كل أسبوع، وبناءً عليه: يتم تخزين السلاحف التي يتم صيدها قبل تلك الأيام بصور غير أخلاقية؛ حيث يتم قلبها على ظهرها مما يصيبها بالشلل التام، وكذلك التأثير على دورتها الدموية.
- تنفذ هذه العملية بصورة سرية؛ وذلك لإدراك الصيادين والتجار والمستهلكين بمخالفة القانون بالاتجار في السلاحف البحرية، بحكم قانون حماية البيئة رقم (4) لسنة 1994م، والمعدل بالقانون رقم (9) لسنة 2009م، ولائحته التنفيذية، لحمايتها من الانقراض، وحفاظًا على سلامة النظام البيئي البحري.
- يقوم التاجر أو الجزار بتعليق السلحفاة حيَّة، ويقوم بقطع جزء من الذيل حتى يتم تصفية الدم في أكواب، وبعد تصفية دمها يقوم بذبحها وتقطيع لحمها وبيعه. فهل هذا الذبح مطابق للشريعة الإسلامية ويجوز أكل لحمه في هذه الحالة؟
- يعتقد المستهلكون أن هذا الدم له قدرة على تحقيق كافة الرغبات والأمنيات، للرجال والنساء على حد سواء؛ مثل: الحمل، الجمال، القدرة الجنسية.. الخ.
- بسؤال مجموعة من المستهلكين لهذا الدم، أفادوا باعتقادهم أن هذا الدم هو من سمكة وهو حلال، علمًا بأن السلاحف البحرية ليست سمكة، وإنما هي من أنواع الزواحف، فهل شرب دمها حلال؟
وفي هذا الصدد، وفي ضوء ما سبق، وفي إطار حرص جهاز شئون البيئة على حماية البيئة والأنواع المهددة بخطر الانقراض، وكذلك حماية الإنسان من السلوكيات الخاطئة التي تخالف الشرع والعقل على حد سواء، فإننا نهيب بسيادتكم لاستصدار فتوى موثقة، بما يتراءى لكم من أدلةٍ شرعية بحكم الشرع في هذا السلوك إجمالًا؛ نظرًا لتهديده سلامة النظام البيئي، وحكم الذبح، وكذلك شرب الدم على الحالة المشار إليها بعاليه.
ونحن على ثقة من أن إظهار الحكم الشرعي لهذه الظاهرة سيكون له أثر إيجابيّ في القضاء عليها بصورة تفوق محاولات تشديد الرقابة وتطبيق القانون.
شاكرين لسيادتكم خالص تعاونكم معنا، ودعمكم الدائم لقضايا البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.