حكم من مات وعليه صيام بسبب المرض ولم يتمكن من القضاء

تاريخ الفتوى: 30 نوفمبر 2021 م
رقم الفتوى: 5783
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم من مات وعليه صيام بسبب المرض ولم يتمكن من القضاء

ما حكم من مات وعليه صيام بسبب المرض ولم يتمكن من القضاء؟ فهناك شخصٍ أفطر في رمضان بسبب المرض، ثم شفاه الله تعالى، لكنه مات بعد ذلك مباشرة قبل أن يتمكن من قضاء الصوم الذي عليه؟

لا شيء على من مات وعليه صيام بسبب المرض ولم يتمكن من القضاء؛ لأن من أفطر في رمضان بسبب المرض الذي يغلب على الظن الشفاء منه برأي أهل الطب المتخصصين، ثم مات في مرضه هذا، أو شفاه الله تعالى منه لكنه مات بعد ذلك مباشرة: فلا شيء عليه من صيام أو فدية؛ لعدم تمكنه من قضاء أيام الصوم التي أفطرها قبل موته، ولكونه غيرَ مخاطَبٍ بالفدية في حال مرضه هذا.

المحتويات

الصيام في الإسلام ورخصة الفطر

الصوم فريضة من فرائض الإسلام أناطها الله تعالى بالاستطاعة؛ فقد اقتضت رحمة الله بخلقه عدم تكليف النفس ما لا تطيق، ومن أجل ذلك شرع الله تعالى رخصة الفطر لمن يشُقُّ عليه أداء فريضة الصوم في رمضان لعذر، ثم يقضي بعد زوال العذر، وبيَّن سبحانه الأعذار التي تبيح الفطر؛ فقال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185].

قال فخر الدين الرازي في "التفسير الكبير" (5/ 242، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد منه أن فرض الصوم في الأيام المعدودات إنما يلزم الأصحاء المقيمين، فأما من كان مريضًا أو مسافرًا فله تأخير الصوم عن هذه الأيام إلى أيامٍ أُخَر] اهـ.

المرض المبيح للفطر

والمرض المبيح للفطر هو ما كان مؤديًا إلى ضرر في النفس، أو زيادة في العلة، أو تأخير في الشفاء، وذلك بإخبار أولي التخصص من الأطباء، بل إذا كان الصوم يضُرُّ بصحته فيجب عليه أن يفطر حفاظًا على نفسه من الهلاك، وإنما أبيح الفطر للمريض دفعًا للحرج والمشقة عنه؛ مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» رواه أحمد في "مسنده" من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وقول الله تعالى في خصوص الصوم: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].

قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 97، ط. دار الكتب العلمية): [المريض الذي لا يضره الصوم ليس له أن يفطر، فكان ذكر المرض كنايةً عن أمرٍ يَضُرُّ الصومُ معه] اهـ.

وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 535، ط. دار الفكر): [(و) جاز الفطر (بمرضٍ خاف) أي ظن لقول طبيبٍ عارف أو تجربة أو لموافق في المزاج (زيادته أو تماديه) بأن يتأخر البرء، وكذا إن حصل للمريض بالصوم شدة وتعب، بخلاف الصحيح، (ووجب) الفطر لمريضٍ وصحيحٍ (إن خاف) على نفسه بصومه (هلاكًا أو شديدَ أذًى)؛ كتعطيل منفعةٍ من سمعٍ أو بصرٍ أو غيرهما؛ لوجوب حفظ النفس] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في " المجموع شرح المهذب" (6/ 258، ط. دار الفكر): [شرط إباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقةٌ يَشُقُّ احتمالها] اهـ.

وقال الإمام الخرقي الحنبلي في "مختصره" (ص: 50، ط. دار الصحابة للتراث): [وللمريض أن يفطر إذا كان الصيام يزيد في مرضه] اهـ.

من مات وعليه صيام بسبب المرض ولم يتمكن من القضاء

إن كان المرض مما يغلب على الظن الشفاء منه -وذلك بقول أهل الطب المتخصصين- وليس مزمنًا، وأفطر المريض بسببه، على أمل أن يقضيَ الأيام التي أفطرها بعد تمام الشفاء والعافية، ثم شُفِيَ لكنه لم يتمكن من قضاء الأيام التي أفطرها حتى مات، أو مات في مرضه هذا؛ فلا شيء عليه؛ لأنه يُشترَط لوجوب القضاء بلوغُ عدةٍ من أيامٍ أُخَرَ؛ كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]، ولم يبلغها بموته؛ فسقط في حقه القضاء، ولكونه غيرَ مخاطَبٍ بالفدية حال مرضه الذي يغلب على الظن شفاؤه منه بقول أهل الطب المتخصصين، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 89، ط. دار المعرفة): [مريضٌ أفطر في شهر رمضان ثم مات قبل أن يبرأ فليس عليه شيء؛ لأن وقت أداء الصوم في حقه عدةٌ من أيامٍ أخر بالنص ولم يدركه؛ ولأن المرض لَـمـــَّا كان عذرًا في إسقاط أداء الصوم في وقته لدفع الحرج، فلأن يكون عذرًا في إسقاط القضاء أولى] اهـ.

وقال العلامة الميداني الحنفي في "اللباب" (1/ 170، ط. المكتبة العلمية): [وإن مات المريض أو المسافر وهما على حالهما من المرض والسفر لم يلزمهما القضاء؛ لعدم إدراكهما عدةً من أيام أخر] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 445، ط. دار ابن حزم): [القضاء إذا لم يكن لاتصال العذر فلا يجب بفواته إطعام؛ كالمريض والمسافر إذا اتصل به المرض إلى أن مات] اهـ.

وقال الإمام تَقِيّ الدِّين الحِصْني الشافعي في "كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار" (ص: 304، ط. دار الخير): [من فاته صيام من رمضان ومات؛ نُظِرَ: إن مات قبل تمكنه من القضاء بأن مات وعذره قائمٌ كاستمرار المرض فلا قضاء ولا فدية ولا إثم عليه] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 152، ط. مكتبة القاهرة): [من مات وعليه صيام من رمضان.. إن مات قبل إمكان الصيام؛ إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض أو سفر، أو عجز عن الصوم، فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم] اهـ بتصرف يسير.

الخلاصة

وبناءً على ذلك: فمن أفطر في رمضان بسبب المرض الذي يغلب على الظن الشفاء منه بقول أهل الطب المتخصصين، ثم مات في مرضه هذا، أو شفاه الله تعالى منه لكنه مات بعد ذلك مباشرة؛ فلا شيء عليه؛ لعدم تمكنه من قضاء أيام الصوم التي أفطرها قبل موته، ولكونه غيرَ مخاطَبٍ بالفدية حال مرضه هذا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجوز الاعتماد على الساعات الذكية والتطبيقات الإلكترونية في تحديد أوقات الصلوات، وفي تحديد وقت الفطر خلال شهر رمضان؟ فأنا أسكن وأهلي في منزلٍ أعددته بجوار مزرعتي بعيدًا عن المدينة، وقد لا أسمع الأذان وأنا بداخله، وقد ظهرت ساعات ذكية وكذلك تطبيقات إلكترونية تساعد على معرفة مواقيت الصلاة.


ما حكم صيام مريض القلب؟ فإني أبلغ من العمر 79 عامًا، وأنا مريضٌ بالقلب، وأُعالَج مِنْه منذ أكثرِ من خمس سنوات، وأتعاطى علاج القلب بناءً على طلب الطبيب، ولا أستطيع الصيام؛ فهل يجوز لي الإفطار؟ وما مقدار الفدية في هذه الحالة؟


أرجو من فضيلتكم بيان معنى تصفيد الشياطين في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»، وكيف نفسر حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصفَّدة؟


أرجو التكرم بإعطائي فتوى عن حكم الصيام في دول الشمال الإسكندنافية؛ حيث يمتد اليوم بحيث يكون الفرق بين الغروب والفجر في جنوب البلاد حوالي الساعتين، وفي شمال البلاد يمتد اليوم إلى 24 ساعة لا تغرب فيها الشمس مطلقًا.


ما حكم صيام من انقطع حيضها قبل الفجر واغتسلت بعد الفجر؟ فإن زوجتي كانت حائضًا، وانقطع عنها دم الحيض أثناء الليل، ونَوَت الصيام من الليل، ولم تغتسل إلا بعد الفجر؛ فهل صيامها صحيح شرعًا؟


ما حكم الصيام لإنقاص الوزن؟ فعندي سمنة وأتبع حِمْيَةً غذائية لإنقاص الوزن، وممَّا أتبعه في ذلك أنِّي أصوم يومًا وأفطر يومًا -في غير رمضان-؛ فهل أثاب على ذلك الصيام مع أنَّ الباعث عليه إنقاص الوزن لا القُرْبَة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :15
الشروق
6 :42
الظهر
12 : 48
العصر
4:16
المغرب
6 : 54
العشاء
8 :11