التعريف بوباء كورونا

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5195
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
التعريف بوباء كورونا

ما فيروس كورونا (COVID-19)؟ وما علاقته بفقه النوازل؟ وما الأثر الذي أحدثه هذا الفيروس الوبائي في الواقع؟

يعد فيروس كورونا المستجد سلالة جديدة من الفيروسات التاجية التي لم تُكتشف في البشر من قبل، وقد تم اكتشافه بسبب حالات الالتهاب الرئوي التي بدأت تظهر في مدينة ووهان الصينية في آخر ديسمبر عام 2019م. وهو فيروس سريع الانتشار عن طريق العدوى بين الأشخاص، وقد أثَّرت العدوى في ارتفاع أعداد الإصابات وتضاعف حالات الوفيات حتى استوجب ذلك إعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية، باعتباره وباءً عالميًّا أشبه بالطاعون؛ إذ الطاعون: هو المرض العام، والوباء الذي يفسد له الهواء، فتفسد به الأمزجة والأبدان. ولقد أدى تفشي هذا الوباء في معظم أنحاء العالم إلى خسارة عظيمة في الأرواح، وبالتالي طلب الأطباء المختصون وولاة الأمر المسئولون إغلاق الأماكن العامة التي من الممكن أن يتجمع فيها الناس؛ من مؤسسات دينية وتعليمية واجتماعية وخدمية؛ فأُغلقت دور العبادات، وأُرجئت بعض مظاهر العبادات؛ كالحج والعمرة ونحوهما، كما تسبب هذا الوباء في تدهور الظروف الاقتصادية؛ فأحدث انكماشًا اقتصاديًّا وركودًا ماليًّا على مستوى القطاعات العامة والخاصة. نسأل الله العفو والعافية.

المحتويات 

التعريف بوباء كورونا

فيروسات كورونا: هي فئة كبيرة من الفيروسات التاجيَّة التي توجد على نطاق واسعٍ في الطبيعة، وسُمِّيت بذلك؛ لأنها تتخذ شكل التاج عند فحصها تحت المجهر الإلكتروني، ومن المعروف أن الإصابة بها تسبب إما نزلات البرد العادية، أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، أو المتلازمة التنفسية الحادة (SARS)، أو متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد، أو غيرها من الأمراض.
غير أن الخصائص الجينية لفيروس كورونا "كوفيد" (COVID-19) تختلف اختلافًا واضحًا عن الخصائص الجينية لكل من فيروسي (SARS) و(MERS)، وتشير الأبحاث الحالية إلى أن هناك تشابهًا كبيرًا بنسبة أكثر من 85% بين فيروس كورونا المستجد والفيروس التاجي الموجود في الخفافيش والمسبب لمرض السارس (SARS).
وينتمي فيروس كورونا المستجد إلى رتبة الفيروسات العشية، فصيلة الفيروسات التاجيَّة (B)، وهو فيروس له غلاف بروتيني، وجسيمات إما دائرية أو بيضاوية، وعادة ما تكون ذات أشكال مختلفة، يتراوح قطر الفيروس بين 60 إلى 140 نانومتر، ومن المعروف حاليًّا أن حجم جينوم فيروسات كورونا هي الأكبر بين فيروسات الحمض النووي الريبوزي (RNA)، كما وُجد أن فيروس كورونا يُصيب الفقاريات فقط حتى الآن، ومن الممكن أن يُسبب أمراضًا في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والجهاز العصبي لدى الإنسان والحيوان.
ويعد فيروس كورونا المستجد سلالة جديدة من الفيروسات التاجية التي لم تُكتشف في البشر من قبل، وقد تم اكتشافه بسبب حالات الالتهاب الرئوي التي بدأت تظهر في مدينة ووهان الصينية في آخر ديسمبر الماضي عام 2019م.
وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية (WHO) في 11 فبراير 2020م على هذا الفيروس رسميًّا اسم (COVID-19)، فـ (Co)إشارة لكلمة كورونا، و(Vi) إشارة لكلمة فيروس، و(D) إشارة لكلمة مرض، و(19) إشارة لسنة ظهوره.
وفي 12 فبراير 2020م أطلقت عليه اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات اسم (SARS-CoV-2)، وأكَّدت أنه ينتمي لنفس جنس الفيروس المسبب لمرض السارس. انظر: "الدليل الشامل لفيروس كورونا المستجد؛ الصادر عن اللجنة الوطنية الصينية للصحة، ومكتب الإدارة الوطنية للطب الصيني" (ص: 4) بتصرف.
وقد أفادت منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي أن فيروس كورونا المستجد، ينتشر بسرعة فائقة عن طريق العدوى بين الأشخاص، سواء عن طريق الجهاز التنفسي والرذاذ المتناثر من الأنف أو الفم المحمَّل بالفيروس عند السعال أو العطس أو الكلام، أو عن طريق المخالطة وملامسة المرضى والأسطح المحيطة بهم دون اتخاذ تدابير الوقاية والنظافة، ثم ملامسة اليد الملوثة بالفيروس لتجويف الفم أو الأنف أو العين أو غيرها من الأغشية المخاطية.
وهناك احتمال للتعرض للعدوى عن طريق الهواء الجوي المحيط بالمريض؛ وذلك عند التعرض لفترات طويلة إلى هواء جوي بتركيز عالٍ في بيئة مغلقة؛ حيث ينتشر الرذاذ الخارج من المريض ويظل عالقًا في الهواء على هيئة تبعثرات غروية. انظر أيضًا: "الدليل الشامل لفيروس كورونا المستجد" (ص: 5) بتصرف.
ولذلك يجب الابتعاد عن الشخص المريض بمسافة تزيد على متر واحد (3 أقدام)، وقد أثَّرت العدوى في ارتفاع أعداد الإصابات وتضاعف حالات الوفيات حتى استوجب ذلك إعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية، باعتباره وباءً عالميًّا.
كما أفادت منظمة الصحة العالمية أن مدة حضانة الجسم لهذا الفيروس تصل إلى 14 يومًا، يكون الإنسان خلالها حاملًا للفيروس ومصدرًا لانتقاله للآخرين، كما توصلت دراسة مستخلصة من 22 بحثًا طبيًّا إلى أن مدة بقاء الفيروس على الأسطح التي لا تُطَهَّر باستمرار تصل إلى 9 أيام.
كما أن هناك دراسات صينية نشرتها دورية "(NEJM) The New England": الطبية تؤكد إمكانية نقل العدوى عن طريق أشخاص ظهرت عليهم أعراض الفيروس الخفيفة، أو لم تظهر عليهم أعراضه أصلًا. انظر: "الدليل الشامل لفيروس كورونا المستجد".

علاقة فيروس كورونا بفقه النوازل

النوازل التي تتعرَّض لها المجتمعات كثيرة ومتعددة، وتتنوع بناء على اختلاف أحوال الناس وظروفهم؛ فمنها ما يتعلق بالجانب الاجتماعي، ومنها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ومنها ما يتعلق بالجانب السياسي، وغير ذلك، ولا يخفى أن النوازل في جانب من الجوانب تؤثر غالبًا على الجوانب الأخرى وتلقي بظلالها عليها.
ولقد عالج الشرع الحنيف هذه النوازل بصورة منظومية تقوم على الترقي من الأدنى إلى الأعلى؛ فتكون أولًا بمنع حصول النازلة عن طريق اتباع سبل الوقاية والتدابير التي تمنع وقوعها، ثم بعد ذلك يأتي الدفع، وهذا يكون في مرحلة توقع الأزمة وترقب حصولها، ثم أخيرًا يكون رفع الأزمة بعد وقوعها، وذلك باتباع وسائل الحل والعلاج وتخفيف آثارها.
ومن النوازل التي تقع للمجتمعات: النازلةُ الصحية؛ وهي التي تعني الخوف من تفشي الأوبئة والأمراض أو توقع انتشارها في وقت من الأوقات، وفي ضوء ما أسفرت عنه التقارير الصحية العالمية المُتَتَابعة عن فيروس كورونا (COVID-19)، وأنه قد دخل في مرحلة سرعة الانتشار والتحوُّل إلى الوباء العالمي، قد تواترت المعلومات الطبية الْمُحذِّرة من أن الخطر الحقيقي لهذا الفيروس يكمن في سهولة وسرعة انتشاره، وأن المصاب به قد لا تظهر عليه أعراضه –كما بينا-، ولا يَعْلم أنه مصاب بهذا الفيروس، وهو بذلك ينشر العدوى في كل مكان ينتقل إليه من حيث لا يدري.

وباء كورونا يدخل تحت الطاعون

إضافة إلى أن فيروس كورونا مرض عمَّ الكثير من الناس، وهو بذلك يُمَثِّلُ مرضًا وبائيًّا أشبه بالطاعون؛ فالوباء: هو المرض العام في جهة من الجهات دون غيرها، المخالف للمعتاد من الأمراض في سائر الأوقات. والطاعون: هو المرض العام، والوباء الذي يفسد له الهواء، فتفسد به الأمزجة والأبدان؛ قال الإمام أبو عبد الله الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 198، ط. دار السعادة): [الوباء: هو الطاعون، وهو مرض يعمُّ الكثير من الناس في جهة من الجهات دون غيرها، بخلاف المعتاد من أحوال الناس وأمراضهم، ويكون مرضهم غالبًا مرضًا واحدًا، بخلاف سائر الأوقات، فإن أمراض الناس مختلفة] اهـ.
وقال العلامة ابن الأثير في "النهاية" (مادة "طعن"): [والطاعون: المرض العام، والوباء الذي يفسد له الهواء، فتفسد به الأمزجة والأبدان] اهـ.
ولذلك شابَهَ الوباءُ الطاعونَ من هذه الجهة، وأخذ حكمه عند كثير من المحققين؛ فالطاعون على وزن: فاعول، من الطعن، غير أنه عُدِلَ عن أصله ووُضعَ دالًّا على الموت العام المسمى بالوباء؛ كما قال الحافظ البدر العيني في "عمدة القاري" (16/ 58، ط. دار إحياء التراث العربي)، وقال أيضًا في (14/ 129): [وإنما سمي طاعونًا لعموم مصابه وسرعة قتله، فيدخل فيه مثلُه مما يصلح اللفظُ له] اهـ.
فيدخل تحت الطاعون ما كان في معناه من الآيات المخوفة، وما يكثر منه الموت؛ كالسعال، والريح، ونحو ذلك؛ قال العلامة العَدَوي المالكي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (2/ 492، ط. دار الفكر): [وقيل: كل ما يكثر منه الموت؛ كالسعال، والريح، لا خصوص الطاعون] اهـ.

وباء كورونا (COVID-19) وأثره على الواقع

وباء كورونا حدٌّ تاريخي فاصلٌ، ونقطة زمنية فارقة، اختلف العالم معه عمَّا كان قبله؛ حيث وضع هذا الوباء العالم تحت ضغط شديد، على مستوى الأفراد والجماعات؛ بل على مستوى الدول والمؤسسات، وكان لهذا الوباء آثاره الوخيمة وعواقبه الأليمة في مختلف مجالات الحياة ونظم الحركة فيها؛ دينيًّا وسياسيًّا وطبيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا.. فأدى تفشي هذا الوباء في معظم أنحاء العالم إلى خسارة عظيمة في الأرواح، وبالتالي طلب الأطباء المختصون وولاة الأمر المسئولون إغلاق الأماكن العامة التي من الممكن أن يتجمع فيها الناس؛ من مؤسسات دينية وتعليمية واجتماعية وخدمية:
- فأُغلقت دور العبادات؛ من المساجد والكنائس ونحوهما، وعُلِّقت الصلوات، وأُرجئت بعض مظاهر العبادات؛ كالحج والعمرة ونحوهما؛ حتى تنكشف الغمة، وتمر هذه المرحلة الصعبة.
- كما تسبب هذا الوباء في تدهور الظروف الاقتصادية؛ فأحدث انكماشًا اقتصاديًّا وركودًا ماليًّا على مستوى القطاعات العامة والخاصة؛ حيث ألجأ السلطات لاتخاذ إجراءات السلامة من الإصابة بعدوى هذا الفيروس؛ من فرض الحظر وتقليل ساعات العمل، والتزام الناس البيوت؛ مما أدى إلى انكماش المعاملات التجارية واختناق الحِراك اليومي، مما صعَّب على أصحاب الشركات والمشروعات الصغيرة التي تُعد من مصادر الرزق لأصحابها والعاملين فيها، مسايرة أعمالهم بشكل طبيعي وسداد التزاماتهم المالية.
- وقد أثر هذا الوباء أيضًا تأثيرًا بالغًا على العاملين بالأجور اليومية، وأصحاب المشاريع الصغيرة، وذوي الدخول المحدودة؛ ممن يعتمدون في أرزاقهم على التعامل اليومي والأجور الوقتية والمشروعات والتجارات الصغيرة.
- كما أدى هذا الوباء إلى فرض الحجر الصحي على المُصابين بهذا الفيروس، وشددت السلطات في الإجراءات اللازمة لدعم النظم الصحية والمحافظة على سلامة مواطنيها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تعلم البرمجة اللغوية العصبية والاستفادة من تطبيقاتها في النواحي الدينية؛ كتحفيز النفس على فعل الخيرات من عبادات أو معاملات أو طلب للعلم الشرعي؟


ما حكم التخلص من جثث المتوفين بمرض كورونا بالحرق أو الإذابة؟ فنظرًا لكثرة الوفيات بسبب فيروس كورونا الوبائي، وتزاحم أعداد الوفيات داخل المستشفيات وامتلاء ثلاجات الموتى في بعض الدول، مع الخوف من انتشار العدوى إلى الأحياء. فهل يجوز في هذه الحالة التخلص من جثث المتوفين بهذا الفيروس بالحرق أو الإذابة؛ خوفًا من انتقال عدوى كورونا من المتوفي للأصحاء؟


في ظل ما يمرُّ به المجتمع من أزمة انتشار وباء فيروس كورونا، بدا جليًّا ما يقوم به الأطباء والممرضون من عمل جليل؛ حيث يتصدرون أول صفوف مواجهة انتشار هذا الفيروس، ويحرصون على تقديم عملهم على أتم وجه غير عابئين بأنهم أكثر الناس عرضةً للإصابة بالعدوى، مما يعرض حياتهم وذويهم للخطر، وذلك من أجل إغاثة المرضى والقيام بالواجب الوطني والمجتمعي. فكيف هي نظرة الإسلام لمن يقوم بمثل هذا العمل العظيم؟ وما واجب المجتمع تجاههم حينئذ؟


ما حكم صلاة الجنازة في الشارع بالنعال في زمن الوباء؟ حيث إنه نظرًا لِما تمرُّ به بلدان العالم ومنها مصر جرَّاء فيروس كورونا المستجد، والقرارات التي اتخذتها السلطات للحدِّ من انتشار هذا الوباء من غلق المساجد ونحوها من دُور العبادات، يقومُ المسلمون بالصلاة على الجنائزِ في الشوارع أو في الأماكنِ الواسعة، والكثير منهم يصلي على الجنازة دون أن يخلع نعليه، بدعوى أن هذا ليس مسجدًا، فهل صلاتهم بالنعال على هذا النحو صحيحة؟


ما حكم استخدام الحامض النووي في نفي وإثبات النسب؛ فقد صرحت المحكمة باستخراج شهادةٍ مِن دار الإفتاء المصرية تفيد أن تجربة الحامض النووي (DNA) تقوم مقام القيافة أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في إثبات النسب أو نفيه ويُعتَدُّ بها شرعًا مِن عدمه.


أنا طالب مسلم أدرس الفيزياء في جامعة في أمريكا، وكنت قد سمعت من أحد الأساتذة في إحدى المحاضرات: أنه توجد عملية تسمى Time travel وتترجم إلى العربية السفر عبر الزمن وهي إلى المستقبل والماضي أو إلى المستقبل فقط، وقد أصبح ذلك ممكنًا عن طريقة نظرية Twin paradox.
وأما السفر إلى الماضي فغير ممكن حاليًا. لكن بعض العلماء يقولون إن من الممكن أن يحدث هذا في المستقبل؛ لأن الاكتشافات كانت في الأسس أحلامًا، فمن غير المستبعد حدوث هذا في المستقبل. وعندما قلت هذا لإمام أحد المساجد وجدته يعترض بشدة، بل قال: إن هذا لم يحدث ولن يحدث؛ لأنه يوجد نصوص في القرآن والسنة تنفي حدوث هذه الفكرة صراحة، وإن اعتقدت بهذه الفكرة فأنت آثم؛ لأنك تعتقد بحدوث أمر الله، وقال إنه لن يحدث، وعندما قلت له: إن بعض المشايخ قال هذا على عملية الاستنساخ قبل حدوثها، رد بأن العلماء قالوا إن من يحاول إنجاح الفكرة آثم، ولم يقولوا إن هذه الفكرة مستحيل حدوثها، بخلاف فكرتك السابقة فإنه يوجد نصوص تمنع حدوث مثل هذه الفكرة. فما القول الصحيح؟ هل يوجد نصوص تقول إن هذه الفكرة لم تحدث، أو من المكن أن تحدث لكن أصحابها آثمون أم من الممكن حدوثها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54