ما حكم إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها؟ حيث يعمد كثير من الناس في هذه الأوقات خلال استعمالهم الكمامات الطبية لحمايتهم من انتشار "فيروس كورونا المستجد" إلى إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة في غير الأماكن المُخَصَّصة لها مما يزيد من مخاطر انتشار الفيروس، فما حكم إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة؟
إلقاء الكمامة الطبية المستعملة في الطريق العام والتي تؤذي الآخرين بنقل العدوى إليهم؛ أمرٌ ممنوعٌ شرعًا ومُجَرَّم قانونًا، ولا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر بغيره ضررًا مباشرًا؛ لا سيما مع حرص الجهات الصحية على التوعية من مخاطر إلقاء الكمامات في غير الموضع المخصص لها.
المحتويات
حرص الإسلام على النظافة، وحَثَّ أتباعه على اقتفائها، وشَرَع لهم من العبادات ما يحقق هذه الغاية؛ كالوضوء والغُسل، وهذا يأتي في سياق أَنَّ الدين الإسلامي قد وضع ضوابط وآدابًا تَصون كرامة الفرد، ويراعى فيها شعور المجتمع، وتحميه من كل أذى وعدوان.
وإلقاء الكمامة الطبية بعد استعمالها في الطريق العام في غير الأماكن الـمُخَصَّصة لها مما يضر بالـمارة ويؤذي الآخرين؛ عَمَلٌ ممنوعٌ شرعًا؛ وذلك لأنَّ الأصل في الشرع منع الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]. ومِن الإيذاء: إلحاق الضرر بإلقاء الكمامة بعد استعمالها في غير الأماكن المخصصة لها.
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتقاء اللعانين؛ فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ»، قَالُوا: وَمَا اللَعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ».
يقول الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (3/ 162، ط. دار إحياء التراث العربي) عند شرحه لهذا الحديث: [قال الخطابي وغيره من العلماء: المراد بالظل هنا مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلًا ومناخًا ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يَحْرُم القعود تحته فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم تحت حايش النخل لحاجته وله ظل بلا شك. والله أعلم. وأَمَّا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ»؛ فمعناه يتغوَّط في موضع يمر به الناس وما نهى عنه في الظل والطريق لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره. والله أعلم] اهـ.
فالحديث السابق دالٌ على تحريم التخلي في الطريق العام، ووجه التحريم: أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم جَعَله سببًا للعن؛ والمعنى الذي نُهِي مِن أَجله عن التخلي في الطريق العام -وهو إيذاء المسلمين وإلحاق الضرر بهم- موجود في إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الطريق، فيُنْهَى عنه مثله.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَن يحمل الشيء الذي قد يُؤذي غيره؛ كآلةٍ حادة مَثَلًا؛ أن يُحْكِم إمساكه خشية إصابة الغير بالأذى؛ فقد روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا، أَوْ قَالَ: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيءٌ».
فالمفهوم من الحديث إحكام الإمساك للشيء الذي تَأكَّد ضرره على الغير، ولا شَكَّ أَنَّ في إلقاء الكمامة المستعملة في الطرقات العامة إلحاقًا مؤكدًا للأذى بالغير، فيُمْنَع من هذا الفعل الذي يصيب الغير بالضرر.
إضافةً إلى ذلك؛ فإنَّ الكوارث البيئية والمشاكل الصحية الحاصلة مِن إلقاء الكمامة المستعملة في الشارع تجعل هذه الفِعلة القبيحة أمرًا ممنوعًا شرعًا؛ ذلك أَنَّ الشرع جَعَل المحافظة على البيئة -والتي هي الكون الذي يعيش فيه الإنسان- مقصدًا مِن مقاصده، والذي يتوافق مع مبدأ الاستخلاف في الأرض والإعمار فيها؛ ومن أجل ذلك فقد حرص الـمُشرِّع المصري في سَنّه للقوانين على النص على ما يحمي الطريق العام من التلوث، فشرع قانونًا يفي بذلك بشأن النظافة العامة؛ وهو القانون رقم (38) لسنة 1967م والـمعدل بعدة قوانين أخرى؛ حيث تنص المادة رقم (1) منه على ما يلي: [يُحْظَر وضع القمامة أو القاذورات أو المتخلفات أو المياه القذرة في غير الأماكن التي يُحدِّدها المجلس المحلي] اهـ.
وقد أوضحت اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالقرار رقم (134) لسنة 1968م: أنَّ المراد بالقاذورات أو القمامة أو المتخلفات المنصوص عليها في هذا القانون: كافة الفضلات الصلبة أو السائلة المتخلفة عن الأفراد والمباني السكنية وغير السكنية وكذا وسائل النقل وكل ما يترتب على وضعها في غير الأماكن المخصصة لها أضرار صحية أو نشوب حرائق أو الإخلال بمظهر المدينة أو القرية أو نظافتها.
وقد نَصَّ تعديل هذا القانون رقم (106) لسنة 2012م على عقوبة مخالفة ذلك؛ ففي المادة (9 مكرر): [مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها هذا القانون أو أي قانون آخر يُعاقَب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل مَن خالف حكم من أحكام هذا القرار بقانونٍ أو القرارات المنفذة له] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ إلقاءَ الكمامة الطبية المستعملة في الطريق العام والتي تؤذي الآخرين بنقل العدوى إليهم؛ أمرٌ ممنوعٌ شرعًا ومُجَرَّم قانونًا، ولا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر بغيره ضررًا مباشرًا؛ لا سيما مع حرص الجهات الصحية على التوعية من مخاطر إلقاء الكمامات في غير الموضع المخصص لها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التطعيم بلقاح كورونا؛ فقد ورد طلب مُقدَّم من معالي السيد/ وزير الشؤون الإسلامية بماليزيا، والمتضمن:
توافقًا وتماشيًا مع القضايا الفقهية المستجدة المعاصرة لواقعنا، وانطلاقًا من قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، تلتمس وزارة الشئون الإسلامية بماليزيا تبيين وتوضيح أحكام جائحة (كوفيد-19) كورونا المستجد، ومع ترقب إطلاق لقاح فيروس (كوفيد-19)، وما له من أهمية وأثر بالغين، وحيث إن موضوع الحل والحرمة أمر حساس، وله شأن كبير لدى المسلمين عامة، والماليزيين خاصة؛ فإننا نلتمس من دار الإفتاء المصرية المحترمة موافاتنا بحكم استخدام اللقاح بشكل فقهيٍّ منضبط ومؤصل، وذلك حرصًا لخدمة الدين الحنيف، ومواءمة لروح العصر وأحكامه؟ شاكرين لكم حسن إسهامكم لخدمة دين الله وأحكامه، ومشاركتكم لنا في ذلك.
هل يجوز الاعتكاف في البيت بسبب كورونا؟ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من (فيروس كوفيد-19) والإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة، ومنها غلق دور العبادة حفاظًا على حياة الناس؛ تعالت أصوات تنادي بصحة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في البيوت السكنية. فنرجو من سيادتكم توضيح مدى صحة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان في البيوت، وهل للاعتكاف مدة زمنية محددة شرعًا؟
ما حكم إعطاء العمالة اليومية من الزكاة والصدقات في زمن الوباء؟ وذلك نظرًا لانتشار وباء فيروس كورونا، وطبقًا لإجراءات السلامة من الإصابة بالوباء، وأمام التعليمات الواضحة للدولة بالتزام حظر التجول للوقاية من العدوى، التزم الناس بيوتهم، وقلّلوا أعمالهم، وأُجّلوا مصالحهم، مما اضطر المواطنين العاملين بالأجور اليومية (العمالة اليومية والأرزقية) إلى الجلوس في البيوت، واشتدت أحوال كثير منهم حتى صاروا عُرضة لاستغلال المغرضين لهم ضد إجراءات الدولة الوقائية وتعليماتها الرسمية، ومثلهم أصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوي الدخول المحدودة.
فما واجب المجتمع تجاه هذا القطاع الواسع من المواطنين؟ وهل يجوز إعطاؤهم من أموال الزكاة إعانةً لهم على رعايةِ أسرهم وكفاية أهليهم، وسد حاجاتهم وحاجات ذويهم؟
ما حكم احتكار مستلزمات التطهير وأدوات التعقيم؟ فبعد اجتياح فيروس كورونا الوبائي بلدان العالم، وجدنا كثيرًا من التجار يستغلون هذا الوباء في مصالحهم الشخصية ومكاسبهم المادية، فاحتكروا المستلزمات الطبية؛ كالكمامات والقفازات ومساحيق التعقيم والتنظيف التي تساعد على عدم انتشار هذا الفيروس، فرفعوا ثمنها، واستغلوا حاجة الناس إليها، فألحقوا بهم المشقَّة والضرر، فما رأي الشرع في ذلك؟
ما حكم إفطار الطاقم الطبي (الأطباء والممرضين) المباشر لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد؟
هل للحاكم أن يُقيِّد بعض مظاهر العبادات التي جاء بها الشرع الشريف؟ وما الضابط في ذلك؟