الإثنين 08 ديسمبر 2025م – 17 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها

تاريخ الفتوى: 18 أغسطس 2020 م
رقم الفتوى: 5116
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها

ما حكم إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها؟ حيث يعمد كثير من الناس في هذه الأوقات خلال استعمالهم الكمامات الطبية لحمايتهم من انتشار "فيروس كورونا المستجد" إلى إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة في غير الأماكن المُخَصَّصة لها مما يزيد من مخاطر انتشار الفيروس، فما حكم إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة؟

إلقاء الكمامة الطبية المستعملة في الطريق العام والتي تؤذي الآخرين بنقل العدوى إليهم؛ أمرٌ ممنوعٌ شرعًا ومُجَرَّم قانونًا، ولا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر بغيره ضررًا مباشرًا؛ لا سيما مع حرص الجهات الصحية على التوعية من مخاطر إلقاء الكمامات في غير الموضع المخصص لها.

المحتويات

حكم إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها

حرص الإسلام على النظافة، وحَثَّ أتباعه على اقتفائها، وشَرَع لهم من العبادات ما يحقق هذه الغاية؛ كالوضوء والغُسل، وهذا يأتي في سياق أَنَّ الدين الإسلامي قد وضع ضوابط وآدابًا تَصون كرامة الفرد، ويراعى فيها شعور المجتمع، وتحميه من كل أذى وعدوان.
وإلقاء الكمامة الطبية بعد استعمالها في الطريق العام في غير الأماكن الـمُخَصَّصة لها مما يضر بالـمارة ويؤذي الآخرين؛ عَمَلٌ ممنوعٌ شرعًا؛ وذلك لأنَّ الأصل في الشرع منع الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]. ومِن الإيذاء: إلحاق الضرر بإلقاء الكمامة بعد استعمالها في غير الأماكن المخصصة لها.
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتقاء اللعانين؛ فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ»، قَالُوا: وَمَا اللَعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ».
يقول الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (3/ 162، ط. دار إحياء التراث العربي) عند شرحه لهذا الحديث: [قال الخطابي وغيره من العلماء: المراد بالظل هنا مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلًا ومناخًا ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يَحْرُم القعود تحته فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم تحت حايش النخل لحاجته وله ظل بلا شك. والله أعلم. وأَمَّا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ»؛ فمعناه يتغوَّط في موضع يمر به الناس وما نهى عنه في الظل والطريق لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره. والله أعلم] اهـ.
فالحديث السابق دالٌ على تحريم التخلي في الطريق العام، ووجه التحريم: أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم جَعَله سببًا للعن؛ والمعنى الذي نُهِي مِن أَجله عن التخلي في الطريق العام -وهو إيذاء المسلمين وإلحاق الضرر بهم- موجود في إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الطريق، فيُنْهَى عنه مثله.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَن يحمل الشيء الذي قد يُؤذي غيره؛ كآلةٍ حادة مَثَلًا؛ أن يُحْكِم إمساكه خشية إصابة الغير بالأذى؛ فقد روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا، أَوْ قَالَ: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيءٌ».
فالمفهوم من الحديث إحكام الإمساك للشيء الذي تَأكَّد ضرره على الغير، ولا شَكَّ أَنَّ في إلقاء الكمامة المستعملة في الطرقات العامة إلحاقًا مؤكدًا للأذى بالغير، فيُمْنَع من هذا الفعل الذي يصيب الغير بالضرر.

موقف القانون من ذلك

إضافةً إلى ذلك؛ فإنَّ الكوارث البيئية والمشاكل الصحية الحاصلة مِن إلقاء الكمامة المستعملة في الشارع تجعل هذه الفِعلة القبيحة أمرًا ممنوعًا شرعًا؛ ذلك أَنَّ الشرع جَعَل المحافظة على البيئة -والتي هي الكون الذي يعيش فيه الإنسان- مقصدًا مِن مقاصده، والذي يتوافق مع مبدأ الاستخلاف في الأرض والإعمار فيها؛ ومن أجل ذلك فقد حرص الـمُشرِّع المصري في سَنّه للقوانين على النص على ما يحمي الطريق العام من التلوث، فشرع قانونًا يفي بذلك بشأن النظافة العامة؛ وهو القانون رقم (38) لسنة 1967م والـمعدل بعدة قوانين أخرى؛ حيث تنص المادة رقم (1) منه على ما يلي: [يُحْظَر وضع القمامة أو القاذورات أو المتخلفات أو المياه القذرة في غير الأماكن التي يُحدِّدها المجلس المحلي] اهـ.
وقد أوضحت اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالقرار رقم (134) لسنة 1968م: أنَّ المراد بالقاذورات أو القمامة أو المتخلفات المنصوص عليها في هذا القانون: كافة الفضلات الصلبة أو السائلة المتخلفة عن الأفراد والمباني السكنية وغير السكنية وكذا وسائل النقل وكل ما يترتب على وضعها في غير الأماكن المخصصة لها أضرار صحية أو نشوب حرائق أو الإخلال بمظهر المدينة أو القرية أو نظافتها.
وقد نَصَّ تعديل هذا القانون رقم (106) لسنة 2012م على عقوبة مخالفة ذلك؛ ففي المادة (9 مكرر): [مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها هذا القانون أو أي قانون آخر يُعاقَب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل مَن خالف حكم من أحكام هذا القرار بقانونٍ أو القرارات المنفذة له] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ إلقاءَ الكمامة الطبية المستعملة في الطريق العام والتي تؤذي الآخرين بنقل العدوى إليهم؛ أمرٌ ممنوعٌ شرعًا ومُجَرَّم قانونًا، ولا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر بغيره ضررًا مباشرًا؛ لا سيما مع حرص الجهات الصحية على التوعية من مخاطر إلقاء الكمامات في غير الموضع المخصص لها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل تجوز الزكاة لشراء وسائل الوقاية من الأمراض للمحتاجين؛ كالكمامات والقفازات، ومواد التعقيم؛ كالكحول، والكلور، لمواجهة خطر الإصابة بعدوى كورونا؟ وما هي الوسائل الوقائية التي يجوز صرفها من الزكاة، أو إعطاؤهم منها ما يشترونها به؟

 


في ظل ما يعيشه العالم من انتشار فيروس الكورونا الوبائي، وبعد دخول الفيروس لمصر، وما اتخذته الدولة من إجراءات احتياطية وقرارات وقائية بتقليل التجمعات البشرية في المدارس والمساجد وغيرها، للحد من انتشار هذا الفيروس عن طريق العدوى والمخالطة، فهل والحالة هذه يجوز ترك صلاة الجماعة في المسجد؟ وهل يسري هذا على صلاة الجمعة أيضًا؟ 


ما حكم رمي شيء من الأضحية؟ فمن المشاهد في هذا الزمان في بلادنا أن الجزّارين يَطرحون رؤوس الأضاحي وأرجلها في المهملات، أو يدفنونها؛ لغرض التخلص من العناء في تنظيفها، والحال أنه يوجد في رؤوسها دماغ من اللحم، وأرجلها مما يؤكل، فهل يُعد صنيعهم هذا من إضاعة المال؟


ما حكم احتكار مستلزمات التطهير وأدوات التعقيم؟ فبعد اجتياح فيروس كورونا الوبائي بلدان العالم، وجدنا كثيرًا من التجار يستغلون هذا الوباء في مصالحهم الشخصية ومكاسبهم المادية، فاحتكروا المستلزمات الطبية؛ كالكمامات والقفازات ومساحيق التعقيم والتنظيف التي تساعد على عدم انتشار هذا الفيروس، فرفعوا ثمنها، واستغلوا حاجة الناس إليها، فألحقوا بهم المشقَّة والضرر، فما رأي الشرع في ذلك؟


البريد الوارد من/ رئيس جامعة القاهرة، والمتضمن: نرجو من سيادتكم التكرم بإبداء الرأي الشرعي فيما تعتزم جامعة القاهرة القيام به كما يلي:
أولًا: من حيث إنه قد انتشرت في مباني الجامعة في السنوات الأخيرة اتخاذ بعض الأماكن كمصلى؛ وهي أماكن محدودة المساحة حيث لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، ولا تتوافر لها الشروط الشرعية من حيث توافر أماكن للوضوء وقضاء الحاجة، فضلًا عن استخدامها من بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعات المتطرفة لبث أفكارهم بين الطلاب والعاملين حين يذهبون إلى الصلاة فيها، وقد عزمت الجامعة على بناء مسجد جامع في وسط الحرم الجامعي للبنين وآخر للبنات مع مرافقهما على أحدث طراز بما يسهل على الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس أداء الفريضة، وسيندب له إمام ومقيم شعائر ومؤذن من وزارة الأوقاف؛ وذلك ضبطًا للخطاب الديني الذي يقدم فيه، وستقوم الجامعة بإغلاق كل هذه الأماكن غير المؤهلة بحسب خواصها وما أهِّلَت له لتكون مسجدًا.
ثانيًا: أقامت الجامعة بالمدينة الجامعية مسجدًا كبيرًا يسع أكثر من ألفي مصلٍّ، ورغم ذلك انتشرت في مباني المدينة الجامعية مصليات تقام فيها صلاة الجماعة ولا يذهب الطلاب للصلاة في المسجد؛ فهل يجوز للجامعة إغلاق هذه المصليات وحمل الطلاب على الصلاة في المسجد الجامع بالمدينة الجامعية، والذي لا يبتعد عن المباني السكنية غير عشرات الأمتار؛ وذلك تعظيمًا لفكرة الصلاة الجامعة في المسجد، وحضًّا على المشي للمسجد وعمارته، وإغلاقًا لبابٍ تستخدم فيه هذه المصليات المتناثرة في نشر الأفكار المتطرفة بين الطلاب بالمدينة الجامعية.


هل نحن مأمورون باتباع رأي الدولة في التعليمات والتوجيهات الخاصة بوباء كورونا؟ وهل نحن مأجورون على ذلك، خاصة لما فيها من تقييد لحرية الإنسان الخاصة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :6
الشروق
6 :39
الظهر
11 : 47
العصر
2:36
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :18