أيهما أفضل تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين؟ فالسائل قد بلغ من العمر خمسة وخمسين عامًا وقام بأداء فريضة الحج مرتين، ومن بعدها كل عام يقوم بأداء العمرة مع زوجته ويجد في هذه الرحلة راحة نفسية.
ويقول: إنه قام بتربية جميع أولاده وتخرجوا من جميع الكليات وينوي هذا العام أن يؤدي العمرة كسابق عهده، ولكن بمناقشة مع عالم جليل إمام وخطيب مسجد أفاده بأن أداءه لهذه العمرة ليس له أي معنى، وخير له أن يصرف تكاليفها على أناس فقراء.
وأرسل إلينا بعد أن ختم سؤاله بقوله: إنني بهذه الرحلة استعيد نشاطي من عناء العمل طول العام، حيث إنه يعمل بالتجارة فضلًا عن العبادة في الأماكن المقدسة، فما حكم الشرع؟ هل يذهب لأداء العمرة فضلًا وتطوعًا كل عام، أم ينفق تكاليفها على الفقراء؟
لا مانع شرعًا من تكرار الحج أو العمرة والتكرار تطوعًا وليس فرضا، لكن الأولى أن يقدم مصالح وحاجات إخوانه المسلمين المعدمين الذين هم في مسيس الحاجة إلى ما يؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية عند التطوع.
قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: 125]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» رواه أحمد، وقال صلوات الله وسلامه عليه وآله: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ» متفق عليه.
معنى الآية الكريمة السابقة: أن الله تعالى جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون إليه شوقًا بعد الذهاب عنه أي أن الله جعله محلًّا تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه ولا تقضي منه وطرًا ولو ترددت إليه كل عام؛ استجابة من الله تعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام في قوله: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم: 37]، إلى أن قال: ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم: 40]. فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات.
ومعنى الحديث الأول: أن الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة في العمر، فمن زاد فتطوع ونافلة في التقرب إلى الله، وكذلك العمرة مطلوبة في العمر مرة وتسمى الحج الأصغر وهي في رمضان أفضل لمن أرادها دون حج، ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثاني: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ.. إلخ» متفق عليه. لأنها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا. وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربع مرات.
أما بشأن التصدق على الفقراء والبائسين: فقد روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رواه مسلم.
وقال الله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].
مما سبق: يتبين أن الحج والعمرة ليسا واجبين على السائل بعد أداء الحج والعمرة الأولين، بل يكونان تطوعًا ونافلةً في التقرب إلى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى في توجيه عباده إلى فعل الخير على أساس تقديم الأهم والأصلح، وذلك يقتضي بأن يقدم السائل وأمثاله مصالح وحاجات إخوانه المسلمين المعدمين الذين هم في مسيس الحاجة إلى ما يؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية، فليس لله حاجة في الطواف ببيته من شخص يترك إخوانه البائسين فريسة للفقر والجهل والمرض؛ لأن المسلمين جميعًا يجب أن يكونوا يدًا واحدةً يتعاونون على البر والتقوى، وإذا تألم عضو من جماعة المسلمين يجب على إخوانه المسلمين أن يتجاوبوا معه ليزيلوا ألمه أو يخففوا عنه، وإننا نرى أنه من الأولى بالأخ السائل ما دام قد وفقه الله وأدى حجة الإسلام مرة، فأولى به أن يوجه ما يفيض عن حاجته إلى أوجه الخير والإنفاق على الفقراء والمساكين.
فنسأل الله تعالى أن يضاعف له الأجر والثواب، فإن يسر الله عليه واستطاع أن ينفق في وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة مرة بعد مرة فلا مانع شرعًا. وفقنا الله تعالى إلى فهم ديننا على الوجه الصحيح وألهمنا الرشد والقبول.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل سداد الدين مقدم أم حج النافلة؟ فقد اشتريت من خالي عمارة بمبلغ 275 ألف جنيه؛ دفعت مقدمًا 100 ألف جنيه، وأقوم بدفع 10 آلاف جنيه شهريًّا، والباقي الآن 115 ألف جنيه، وأرغب في الحج هذا العام مع أمي بحوالي 70000 ألف جنيه، علمًا بأنني سبق لي الحج العام الماضي، كما سبق لي الحج مع أمي منذ 4 سنوات، وخالي في حاجة إلى باقي المبلغ، وطلبه مني أكثر من مرةٍ؛ لأنه أُحيل إلى التقاعد، ومعاشُه لا يكفي احتياجاتِه.
أرجو التكرم بالإفادة، هل يجوز لي الحجُّ مع أمي، أو أُعطي خالي باقي المبلغ المستحق؟ لأنه أبلغني أنه في حاجة إليه.
ما حكم إهداء ثواب الأعمال الصالحة للأحياء والأموات؟ وهل ذلك يجوز شرعًا؟
ما فضل يوم النحر؟ ولماذا يُسَمَّي بيوم الحج الأكبر؟ وما هي مناسك الحج فيه باختصار؟ وهل يُشْتَرَط الترتيب في آدائها؟
هل يجوز الحج عن شخص مريض لا يستطيع الحج عن نفسه؟
ما حكم الحج عمن مات مستطيعًا؟ والحج عنه من غير ماله؟ فقد توفى رجل في الأربعينيات من عمره بعد إصابته بمرض السرطان وله زوجة وأولاد قُصَّر، ولم يقم بتأدية فريضة الحج مع استطاعته وقدرته على أدائها، وبعد وفاته قامت إحدى أخواته بأداء فريضة الحج نيابةً عنه ومن مالها الخاص حتى تترك أمواله لأولاده القُصَّر. فهل هذا جائزٌ أو لا؟