ما حكم كشف عيون النساء بحيث يظهر بعض الخد؟
لا مانع شرعًا من ذلك، بل لو أظهرت سائر الوجه لم يكن عليها إثم ولا مخالفة؛ لأن وجه المرأة ليس بعورة فلا يجب عليها ستره.
المحتويات
روى الإمام البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ»، ولو كان الوجه والكف عورة ما حَرُم سترهما حال الإحرام.
وروى الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا (وجاء في بعض الروايات: وكَانَتِ امْرَأَةً حَسْنَاء) وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. ولو كان الوجه عورة يلزم ستره لَمَا أقرها عليه الصلاة والسلام على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق، ولو كان وجهها مغطًّى ما عرف ابن عباس رضي الله عنهما أحَسْناء هي أم شَوْهاء.
وروى الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه تذكير النبي صلى الله عليه وآله وسلم النساءَ بالصدقة لِتَوَقِّي النار، فقالت امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ -أي من خيارهن- سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ: لِمَ يا رسول الله؟.. إلخ، وفيه إشارة إلى أن المرأة كانت كاشفةً عن وجهها، وأن راوي الحديث رأى ذلك منها.
وروى الإمام أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ.
وأيضًا كون الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء يصلح للاعتماد عليه في القول بجواز الكشف.
وهذا هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
يقول الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية في شرح البداية" (1/ 45، ط. دار إحياء التراث العربي): [وَبَدَنُ الحُرَّةِ كُلُّهُ عَوْرَةٌ إِلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا] اهـ.
ويقول الإمام الدرير في "الشرح الكبير" من كتب المالكية (1/ 214، ط. دار الفكر): [(وَ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ) مُسْلِمٍ (غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهَا] اهـ.
بل نص السادة المالكية أيضًا على أن انتقاب المرأة مكروهٌ إذا لم تجر عادة أهل بلدها بذلك، وذكروا أن المُبالغةَ في التمسك به مخالفةً لما عليه الناس مِن الغلو في الدين:
قال الشيخ الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 218) عند قول الإمام الدردير [(وَ) كُرِهَ (انْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَي: تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا بِالنِّقَابِ، وَهُوَ مَا يَصِلُ لِلْعُيُونِ فِي الصَّلاةِ؛ لأَنَّهُ مِنَ الْغُلُوِّ، وَالرَّجُلُ أَوْلَى، مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ (كَكَفِّ) أَي: ضَمِّ وَتَشْمِيرِ (كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلاةٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا]:
[(قَوْلُهُ: وَانْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَي: سَوَاءً كَانَتْ فِي صَلاةٍ أَوْ فِي غَيْرِهَا كَانَ الانْتِقَابُ فِيهَا لأَجْلِهَا أَوْ لا (قَوْلُهُ: لأَنَّهُ مِنَ الْغُلُوِّ) أَي: الزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ؛ إذْ لمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ السَّمْحَةُ (قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ أَوْلى) أَي: مِنَ الْمَرْأَةِ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: مَا لمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ) أَي: الانْتِقَابُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ كَأَهْلِ نَفُوسَةَ بِالْمَغْرِبِ -فَإِنَّ النِّقَابَ مِنْ دَأْبِهِمْ وَمِنْ عَادَتِهِمْ لا يَتْرُكُونَهُ أَصْلًا- فَلا يُكْرَهُ لَهُمُ الانْتِقَابُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلاةٍ، وَأَمَّا فِيهَا فَيُكْرَهُ وَإِنِ اعْتِيدَ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا) أَي: كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا، سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا لأَجْلِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا، مَا لمْ يَكُنْ لِعَادَةٍ] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" من كتب الشافعية (1/ 176، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ فِي الصَّلاةِ وَعِنْدَ الأَجْنَبِيِّ) وَلَوْ خَارِجَهَا (جَمِيعُ بَدَنِهَا إلَّا الوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ)] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/431، ط. مكتبة القاهرة): [رُخِّصَ لها في كشف وجهها وكفَّيْها؛ لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجْل الخِطبة] اهـ.
والوارد عن السلف من الآثار يفيد جواز إظهار العيون مع شيء من الزينة كالكحل؛ كما ورد في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31]، وروى عنه الطبري في "تفسيره" (19/ 157، ط. مؤسسة الرسالة) أنه قال: [والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكفّ، والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها] اهـ.
عليه: فلا حرج على المرأة أن تظهر عينيها -ولو كانتا مكحلتين- وشيئًا من خدها، بل لو أظهرت سائر الوجه لم يكن عليها إثم ولا مخالفة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إجهاض الجنين قبل 120 يوما إذا كانت الأم مريضة بالحصبة الألمانية؛ فزوجة أخي حامل في أوائل الشهر الرابع، وقد أصيبت بمرض الحصبة الألمانية، وقد أجمع خمسة أطباء مسلمين من تخصصات مختلفة -حميات، جلدية، أطفال، نساء وولادة- على أن لذلك المرض تأثيرًا على الجنين، وأنه يُحدِث نسبة مرتفعة تقترب من تسعين بالمائة من العيوب الخلقية في الجنين، منها ضمور في المخ أو ثقب في القلب أو تشوهات سمعية أو بصرية، ونصحونا بإنزال الجنين. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
هل تجيز الشريعة الإسلامية تولي المرأة للمناصب القيادية؟
ما حكم تشقير الحواجب؟
رجل يسأل: هل تُعَدُّ أم زوجة أبي من المُحَرَّمات التي يحرم عَلَيَّ الزواج منها، فيجوز النَّظَر إليها والخلوة بها دون وجود أحد معنا؟
ما حكم تصدُّر المرأة للإفتاء عبر وسائل الإعلام المختلفة؛ كالقنوات التلفزيونية؟ وما الشروط الواجب توفُّرها لذلك؟
ما حكم صيام المرأة التي ترى بعض نقاط الدم في غير وقت الحيض؟ فهناك امرأةٌ تأتيها العادةُ كلَّ شهرٍ وتستمر ستة أيام، وأثناء صيامها في شهر رمضان رأت بعض نقاط الدم لساعاتٍ ثم انقطَعَت، وكان هذا بعد انتهاء عادتها بعشرة أيام، وأكملت صوم اليوم، فما حكم صومها شرعًا؟