هل يوجد زكاة في فاكهة المانجو -محصول المانجو-، وإن وجدت فكيفية حسابها، وهل تخصم التكاليف وإيجار الأرض منها، مع العلم إننا نروي بماكينة ري؟
الزكاة شعيرة من شعائر الدِّين، وعبادة قائمة على الاتِّباع والتعبدِ للهِ تعالى، فيها معنى النماء والزيادة والتكافل وتطهير المال. والذي نرجحه للفتوى هو وجوب الزكاة في ثمرة المانجو؛ لكون ذلك أنفع للفقير؛ عملًا بقول الإمام أبي حنيفة ومن وافقه من العلماء، واستيعابًا لِمَا نصَّ عليه الفقهاء فيما تجب فيه الزكاة من النبات، ولأن مسألة الربح التي حَوْلَهَا مدار حكمة إخراج الزكاة لم تعد تتفاوت بحسب نوع المزروع فقط، وإنما تدخل فيها عوامل أخرى؛ كالكمية المزروعة، والتصدير، وارتباط عملية الزراعة بعملية التصنيع.
فإن ضاق الأمر على المكلَّف؛ بحصول الضرر والخسارة من جراء ارتفاع كلفة النباتات وعدم تغطية الإنتاج لهذه التكاليف تغطيةً كافية، أو عسُر عليه إخراج الزكاة لديونٍ أو حاجةٍ أو نحو ذلك فله أن يأخذ بقول من لا يوجب الزكاة فيها، وهو مذهب الجمهور.
ومقدار الزكاة يحسب كالتالي: العُشر فيما سقت السماء، ونصف العشر فيما سقي بآلةٍ؛ وذلك مِن مجموع نتاج الأرض إذا زاد عن خمسة أوسقٍ (612 كيلوجرامًا)، والأصل أن تخرج الزكاة مِن جِنس الزرع المُزَكَّى عنه، ويجوز إخراجها نقدًا بقيمة الزرع يوم الحصاد.
المحتويات
الزكاة شعيرة من شعائر الدِّين، وعبادة قائمة على الاتِّباع والتعبدِ للهِ تعالى، فيها معنى النماء والزيادة والتكافل وتطهير المال، وتجب في أموالٍ مخصوصةٍ، بشرائطَ مخصوصةٍ، بنسَبٍ مخصوصةٍ؛ لتُنْفَق في مصارف مخصوصة.
من الأموال التي أوجب الشرع فيها الزكاة: "الزروع والثمار"؛ قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267].
وروى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ» أخرجه البخاري في "صحيحه"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "سننهم".
والزكاة واجبةٌ في التمر والعنب مِن الثِّمار، وفي القمح والشعير مِن الزروع، إذا بلغت النِّصَاب، وذلك بإجماع العلماء؛ قال الإمام الحافظ أبو بكر بن المنذر في كتاب "الإجماع" (ص: 45، ط. دار المسلم): [أجمَعوا على أنَّ الصدقة واجبةٌ في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب] اهـ.
ثم اختلف العلماء فيما عدا ذلك ما بين مُضَيِّقٍ ومُوَسِّعٍ:
فذهب جماعة من الصحابة والسلف إلى أنه لا زكاة في غير هذه الأصناف الأربعة، وهي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنَّ الزكاة تجب في كُلِّ ما يُزرَع مِمَّا يُقصَد به استِنماءُ الأرض واستغلالُها دون ما لا يُقصَد به ذلك عادةً؛ كالحَطَب والحشيش والتبن وشجر القطن وغيرها؛ فمَدَارُ وجوبها عنده على القصد.
وذهب الصاحبان إلى أن الزكاة لا تجب إلَّا فيما له ثمرةٌ باقيةٌ حَوْلًا.
وذهب المالكية إلى أنه لا زكاة في الثمار إلَّا في التمر والعنب،
أما الزروع: فالزكاة تدخل في عشرين جِنسًا منها؛ هي: الحِنْطَة، والشَّعير، والسُّلْت، والذُّرَة، والدُّخْن، والأُرْز، والعَلَس، والقَطَانِيِّ السَّبْعة: الحِمَّص، والفُول، والعَدَس، واللُّوبِيَا، والتُّرْمُس، والجُلُّبَان، والبَسِيلَة، وذَواتِ الزُّيُوت الأربع: الزَّيْتُون والسِّمْسِم والقُرْطُم وحَبِّ الفُجْل.
وذهب الشافعية إلى أن الزكاة لا تجب إلَّا في القوت مِن الزروع والثمار، والقوت: هو ما به يعيش البَدَن غالبًا، فيخرج ما يؤكل تَنَعُّمًا أو تَدَاوِيًا؛ فتجب في العِنَب والتَّمْر مِن الثمار خاصةً، وتجب في الحنطة والشعير والأُرْز والعَدَس وسائر ما يُقتات اختيارًا؛ كالذرة والحمص والبَاقِلاء، ولا تجب في السِّمسِم والتِّبن والجَوْز واللَّوْز والرُّمّان والتفاح ونحوها قولًا واحدًا.
فالمالكية والشافعية متفقون على أن الثمار لا زكاة فيها، ما عدا التمر والعنب، ويتفقون في قدرٍ واجبٍ في زكاة الزروع والحبوب؛ وهو ما يُقتات منها، مِن قمحٍ وشَعيرٍ وأُرْزٍ وذُرةٍ وحِمَّصٍ وعَدَسٍ وأمثالها مِمَّا تقـوم البِنية بتعاطيه وتكتفي وتستغني به، ويشترط أن يكون ذلك القوتُ مِمَّا يَصلح للادخار بحيث لو ادُّخر للاقتيات لم يفسد.
والمذهب عند الحنابلة أنَّ الزكاة تجب في كل ما استنبته الآدميون مِن حبوبٍ وثمارٍ، بشرط أن يجمع وصف الكيل مع إمكانية الادِّخار، ويشمل عندهم سبعة أنواع: ما كان قوتًا، والقطنيات، والأبازير (وهي التوابل)، والبذور، وحب البقول، والثمار التي تجفف، وما يُكال ويُدَّخَر وإن لم يكن حَبًّا ولا ثمرًا. وفي رواية عن الإمام أحمد أنه لا زكاة إلا في الأصناف الأربعة كما سبق.
ومذهب السَّادة الحنفية -في وجوب الزكاة فيما يُقصَدُ به استِنْماء الأرض دون غيره- له وجاهته؛ ولذلك اختاره جمعٌ من المحققين، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267]، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]؛ فذَكَر الله تعالى النعمة في القوت والفاكهة، وأوجب الحق منها كلها فيما تنوع حاله كالعنب والنخيل، وفيما تنوع جنسه كالزرع، وفيما ينضاف إلى ذلك مما يقصد استنباتُه.
قال القاضي ابن العربي المالكي [ت543هـ] في "أحكام القرآن" (2/ 284، ط. دار الكتب العلمية) مؤيدًا مذهب الإمام أبي حنيفة: [فالذي لاح بعد التردد في مسالكه: أن الله سبحانه لما ذكَّر الإنسان بنعَمِه في المأكولات التي هي قوام الأبدان، وأصل اللذات في الإنسان، عليها تنبني الحياة، وبها يتم طيب المعيشة، عدَّد أصولها تنبيهًا على توابعها، فذكر منها خمسة: الكَرْم، والنخل، والزرع، والزيتون، والرمان.
فالكَرْم والنخل: يؤكل في حالين: فاكهةً، وقوتًا. والزرع يؤكل في نوعين: فاكهةً، وقوتًا. والزيت: يؤكل قوتًا واستصباحًا. والرمان: يؤكل فاكهةً محضة.
وما لم يذكر مما يؤكل لا يخرج عن هذه الأقسام الخمسة. فقال تعالى: هذه نعمتي فكلوها طَيِّبةً شرعًا بالحل، طَيِّبةً حِسًّا باللذة، وآتوا الحق منها يوم الحصاد، وكان ذلك بيانًا لوقت الإخراج، وجعل -كما أشرنا إليه- الحق الواجب مختلفًا بكثرة المؤنة وقلتها، فما كان خفيف المؤنة قد تولى الله سقيه ففيه العشر، وما عظمت مؤنته بالسقي الذي هو أصل الإتيان ففيه نصف العشر] اهـ.
واحتج بالعموم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ» أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وأنه عامٌّ في كل مسقيٍّ، ويقتضي دخول جميع أصناف ما يؤكل من النبات، من غير استثناء أيِّ صنفٍ منها؛ فقال في "أحكام القرآن" (2/ 286): [إن الحديث جاء للعموم في كل مَسْقِيٍّ، ولتفصيل قدر الواجب باختلاف حال المُوجِبِ فيه، ولا يتعارض ذلك؛ فيمتنع اجتماعه، وقد مهَّدناه في أصول الفقه] اهـ.
وبهذا تبيَّن قوةُ مَسْلَك مذهب السادة الحنفية وموافقته لعموم الأدلة، ورعايته لمصلحة الفقير؛ إذ إنَّهم أوجبوا الزكاة في كل ما تنتجه الأرض ويُقصَدُ به الاستنبات؛ من ثّمارٍ وحبوبٍ وخضرواتٍ وفواكه، مما تُتَّخَذُ له الأرضُ أصالةً للاستفادة منه وبيعه، قليله وكثيره سواء.
الذي نراه أنفع للفقير إعطاؤه الزكاةَ فيما يؤكل من نبات الأرض إذا بلغ النصاب واجتمعت فيه شروط الزكاة، ويدخل ضمن ذلك ثمار المانجو المسؤول عنها، وذلك عملًا بقول الإمام أبي حنيفة ومن وافقه من العلماء، واستيعابًا لِمَا نصَّ عليه الفقهاء فيما تجب فيه الزكاة من النبات، ولأن مسألة الربح التي حَوْلَهَا مدار حكمة إخراج الزكاة لم تعد تتفاوت بحسب نوع المزروع فقط، وإنما تدخل فيها عوامل أخرى؛ كالكمية المزروعة، والتصدير، وارتباط عملية الزراعة بعملية التصنيع، فيكون العمل بقول الإمام أبي حنيفة هو الأصل، فإن ضاق الأمر على المكلَّف؛ بحصول الضرر والخسارة من جراء ارتفاع كلفة النباتات وعدم تغطية الإنتاج لها تغطيةً كافية، فله أن يقلد القول المرويّ عن الإمام أحمد في هذه المسألة؛ فيقتصر على أقل قدرٍ قال به الفقهاء في إخراج الزكاة، وهو من الثمار: التمر والعنب، ومن الحبوب: القمح والشعير، وبه يحصل به أداء فريضة الزكاة في حقه.
مقدار الزكاة في الزروع: العُشر فيما سقت السماء ونصف العشر فيما سقي بآلةٍ مِن مجموع نتاج الأرض إذا زاد عن خمسة أوسقٍ؛ وهي تساوي 612 كيلوجرامًا، والأصل أن تخرج الزكاة مِن جِنس الزرع المُزَكَّى عنه، ويجوز إخراج زكاة الزروع نقدًا بقيمة سعرها يوم الحصاد.
بناءً على ذلك: فإن هناك زكاة على المانجو، وهذا هو الذي نفتي به؛ لكونه أنفع للفقير. ومع ذلك فالأمرُ فيه سعة، وإذا عسُر على المكلَّف إخراج الزكاة لديون أو حاجة أو نحو ذلك فله أن يأخذ بقول من لا يوجب الزكاة فيها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم خصم الضرائب من أموال الزكاة؟
كيفية الزكاة على فيزا المشتريات؟ لأنه لديَّ بطاقة ائتمانية (Credit Card)، يتيح لي البنك من خلالها في رصيدي مبلغًا من المال حوالي مائة ألف جنيه، وأستخدمها كمشتريات، وأسدد قبل نهاية المدة المحددة، فهل يجب إخراج الزكاة عليها؟ وهل يجب عليَّ ضم هذه المبالغ -إذا لم تبلغ قيمتها النصاب- إلى مجموع المبالغ التي أملكها وأحسب زكاتي عليها؟
يقول السائل: لو نترك الناس في مدينتنا وهم مستحقون للزكاة ونعطي الزكاة للذين يسكنون في مدينةٍ أخرى ونحن لا نعرف إلا هم؛ الذين قالوا: إننا مستحقون، فهل في هذه الصورة تبرأ ذمَّتنا من الزكاة؟
نرجو مِن سيادتكم التكرم بإفادتنا في حالة التبرع والمساهمة في تشطيب وتجهيز مستشفًى حكوميٍّ بالمُعدات والأجهزة الطبية والفَرش والأثاث. عِلمًا بأن هذا المستشفى هو مستشفًى جامعي لِجِراحات القلب، ومِن أنشِطَتِها: علاج المرضى بِالمَجَّان، وجزء منه اقتصادي، وجزء منه مدفوع الأجر. نرجو إفادتنا؛ هل هذا يدخل تحت أيٍّ مِن هذه البنود:
هل تجهيز المستشفى يُعتَبَرُ إنفاقًا في سبيل الله (مخارج الزكاة)؟ هل يُعتَبَرُ صدقةً جارية؟ هل يُعتَبَرُ صدقة؟ هل يُعتَبَرُ زكاةً؟ هل يُعتَبَرُ عِلمًا يُنتَفَعُ به؛ حيث إنه يَتِمُّ به تعليمُ جميع الطلاب بالكلية؟ نرجو التوضيح إذا كان يَصلُحُ في أكثر مِن بَندٍ مِن هذه البُنُود. ولسيادتكم جزيل الشكر والاحترام.
رجل يعول أولاد بنته الفقراء حيث استشهد أبوهم في حرب أكتوبر وهم في سن التعليم العالي، ويقوم بكل ما يلزمهم. ويسأل: هل يجزئه ذلك عن زكاة ماله المفروضة؟
يقول السائل: أعطاني الله تعالى سعة من المال، وأريد أن أنفق جزءًا من مالي في صدقة جارية. فأرجو توضيح معنى الصدقة الجارية وبيان أفضل أبوابها؟