حكم زكاة الأرض الزراعية المستأجرة

تاريخ الفتوى: 24 أبريل 2019 م
رقم الفتوى: 4752
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
حكم زكاة الأرض الزراعية المستأجرة

هل هناك زكاة على أراضٍ للشركة استأجرتها لمدة محددة، والأراضي يتم زراعتها محاصيل خضروات (طماطم، فلفل، وغيرها من المحاصيل)؟

 

الزكاة في الحالة المذكورة واجبة على الشركة فيما يزرع في هذه الأراضي من المحاصيل.

 

المحتويات

 

مذاهب الفقهاء في الأصناف التي يجب فيها زكاة الزوع والثمار

من الأموال التي أوجب الشرع فيها الزكاة: "الزروع والثمار"؛ قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267].
وروى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ» أخرجه البخاري في "صحيحه"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "سننهم".

والزكاة واجبةٌ بإجماع العلماء في التمر والعنب مِن الثِّمار، وفي القمح والشعير مِن الزروع، إذا بلغت النِّصَاب؛ قال الإمام الحافظ أبو بكر بن المنذر في كتاب "الإجماع" (ص: 45، ط. دار المسلم): [أجمَعوا على أنَّ الصدقة واجبةٌ في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب] اهـ.

ثم اختلف العلماء فيما عدا ذلك ما بين مُضَيِّقٍ ومُوَسِّعٍ:

فذهب جماعة من الصحابة والسلف إلى أنه لا زكاة في غير هذه الأصناف الأربعة، وهي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنَّ الزكاة تجب في كُلِّ ما يُزرَع مِمَّا يُقصَد به استِنماءُ الأرض واستغلالُها دون ما لا يُقصَد به ذلك عادةً.

وذهب الصاحبان إلى أن الزكاة لا تجب إلَّا فيما له ثمرةٌ باقيةٌ حَوْلًا.

وذهب المالكية إلى أنه لا زكاة في الثمار إلَّا في التمر والعنب، أما الزروع: فالزكاة تدخل في عشرين جِنسًا منها؛ هي: الحِنْطَة، والشَّعير، والسُّلْت، والذُّرَة، والدُّخْن، والأُرْز، والعَلَس، والقَطَانِيِّ السَّبْعة: الحِمَّص، والفُول، والعَدَس، واللُّوبِيَا، والتُّرْمُس، والجُلُّبَان، والبَسِيلَة، وذَواتِ الزُّيُوت الأربع: الزَّيْتُون والسِّمْسِم والقُرْطُم وحَبِّ الفُجْل.

وذهب الشافعية إلى أن الزكاة لا تجب إلَّا في القوت مِن الزروع والثمار.
فالمالكية والشافعية متفقون على أن الثمار لا زكاة فيها، ما عدا التمر والعنب، ويتفقون في قدرٍ واجبٍ في زكاة الزروع والحبوب؛ وهو ما يُقتات منها، مِن قمحٍ وشَعيرٍ وأُرْزٍ وذُرةٍ وحِمَّصٍ وعَدَسٍ وأمثالها مِمَّا تقـوم البِنية بتعاطيه وتكتفي وتستغني به، ويشترط أن يكون ذلك القوتُ مِمَّا يَصلح للادخار بحيث لو ادُّخر للاقتيات لم يفسد.

والمذهب عند الحنابلة أنَّ الزكاة تجب في كل ما استنبته الآدميون مِن حبوبٍ وثمارٍ، بشرط أن يجمع وصف الكيل مع إمكانية الادِّخار، ويشمل عندهم سبعة أنواع: ما كان قوتًا، والقطنيات، والأبازير (وهي التوابل)، والبذور، وحب البقول، والثمار التي تجفف، وما يُكال ويُدَّخَر وإن لم يكن حَبًّا ولا ثمرًا. وفي رواية عن الإمام أحمد أنه لا زكاة إلا في الأصناف الأربعة كما سبق.

المختار للفتوى في زكاة الزروع والثمار

مذهب السَّادة الحنفية -في وجوب الزكاة فيما يُقصَدُ به استِنْماء الأرض دون غيره- له وجاهته؛ ولذلك اختاره جمعٌ من المحققين، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267]، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]؛ فذَكَر الله تعالى النعمة في القوت والفاكهة، وأوجب الحق منها كلها فيما تنوع حاله كالعنب والنخيل، وفيما تنوع جنسه كالزرع، وفيما ينضاف إلى ذلك مما يقصد استنباتُه.

وبهذا تبيَّن قوةُ مَسْلَك مذهب السادة الحنفية وموافقته لعموم الأدلة، ورعايته لمصلحة الفقير؛ إذ إنَّهم أوجبوا الزكاة في كل ما تنتجه الأرض ويُقصَدُ به الاستنبات؛ من ثّمارٍ وحبوبٍ وخضرواتٍ وفواكه، مما تُتَّخَذُ له الأرضُ أصالةً للاستفادة منه وبيعه، قليله وكثيره سواء.
والذي نراه أنفع للفقير إعطاؤه الزكاةَ فيما يؤكل من نبات الأرض إذا بلغ النصاب واجتمعت فيه شروط الزكاة ويدخل ضمن ذلك: ثمار الطماطم والفلفل وغير ذلك من المحاصيل، وذلك عملًا بقول الإمام أبي حنيفة ومن وافقه من العلماء، واستيعابًا لِمَا نصَّ عليه الفقهاء فيما تجب فيه الزكاة من النبات، ولأن مسألة الربح التي حولها مدار حكمة إخراج الزكاة لم تعد تتفاوت بحسب نوع المزروع فقط، وإنما تدخل فيها عوامل أخرى كالكمية المزروعة، والتصدير، وارتباط عملية الزراعة بعملية التصنيع، فيكون العمل بقول الإمام أبي حنيفة هو الأصل، فإن ضاق الأمر على المكلَّف؛ بحصول الضرر والخسارة من جراء ارتفاع كلفة النباتات وعدم تغطية الإنتاج لها تغطيةً كافية فله أن يقلد القول المرويّ عن الإمام أحمد في هذه المسألة؛ فيقتصر على أقل قدرٍ قال به الفقهاء في إخراج الزكاة، وهو من الثمار: التمر والعنب، ومن الحبوب: القمح والشعير، وبه يحصل أداء فريضة الزكاة في حقه.

مذاهب الفقهاء في زكاة الأرض الزراعية المستأجرة 

أما زكاة الأرض المستأجرة: فمذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبين من الحنفية أن زكاة الأرض المؤجرة أو المعارة إنما تجب على المستأجر أو المستعير، بينما ذهب الإمام أبو حنيفة وزفر إلى أن الزكاة تجب على المالك المؤجر أو المعير.

ويرجع خلاف الفقهاء في أن الزكاة هل هي حق الزرع أم حق الأرض أم حق مجموعهما:
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 56، ط. دار الكتب العلمية): [ولو أعارها من مسلم فزرعها فالعشر على المستعير عند أصحابنا الثلاثة، وعند زفر: على المعير، وهكذا روى عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة، ولا خلاف في أن الخراج على المعير.
وجه قول زفر: أن الإعارة تمليك المنفعة بغير عوض، فكان هبة المنفعة فأشبه هبة الزرع.
ولنا: أن المنفعة حصلت للمستعير صورة ومعنى؛ إذ لم يحصل للمعير في مقابلتها عوض، فكان العشر على المستعير] اهـ.

وقال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 334، ط. دار الفكر): [وعندهما على المستأجر، قال في فتح القدير: (لهما أن العشر منوط بالخارج وهو للمستأجر، وله أنها كما تُسْتَنْمَى بالزراعة تُسْتَنْمَى بالإجارة، فكانت الأجرة مقصودة كالثمرة، فكان النماء له معنى مع ملكه فكان أولى بالإيجاب عليه)] اهـ.

وقال الإمام القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص 427، ط. المكتبة التجارية): [إذا استأجر أرضًا فزرعها، فالزكاة على صاحب الزرع دون صاحب الأرض خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إنها تجب على صاحب الأرض] اهـ.

وقال العلامة ابن رشد الحفيد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 8، ط. دار الحديث): [وأما المسألة الثانية: وهي الأرض المستأجرة على من تجب زكاة ما تخرجه؟
فإن قومًا قالوا: الزكاة على صاحب الزرع، وبه قال مالك والشافعي والثوري وابن المبارك وأبو ثور وجماعة. وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه: الزكاة على رب الأرض وليس على المستأجر منه شيء. والسبب في اختلافهم: هل العشر حق الأرض أو حق الزرع أو حق مجموعهما؟ إلا أنه لم يقل أحد: إنه حق لمجموعهما، وهو في الحقيقة حق مجموعهما، فلما كان عندهم أنه حق لأحد الأمرين اختلفوا في أيهما هو أولى أن ينسب إلى الموضع الذي فيه الاتفاق، وهو كون الزرع والأرض لمالك واحد. فذهب الجمهور إلى أنه للشيء الذي تجب فيه الزكاة وهو الحب. وذهب أبو حنيفة إلى أنه للشيء الذي هو أصل الوجوب وهو الأرض] اهـ.

وقال الإمام الدميري الشافعي في "النجم الوهاج" (3/ 166، ط. دار المنهاج): [والمستأجرة تجب فيها الزكاة بالإجماع، ولو استعار أرضًا وزرعها فعشر الزرع على المستعير عند الجمهور] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإن الزكاة في الأراضي المستأجرة واجبة على الشركة فيما يزرع فيها من الأصناف المذكورة، لا على الأراضي نفسها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

ما حكم إخراج زكاة الفطر مالًا نقديا؟ حيث تعمل جمعية في منطقة فقيرة، بل مُعدَمة، واحتياجات الفقراء فيها كثيرة جدًّا، فهم يحتاجون إلى الطعام والكساء والمال لتدبير كثير من احتياجاتهم اليومية، ومع حلول شهر رمضان تتجدد مشكلة زكاة الفطر السنوية؛ وذلك لوجود مجموعة من الشباب تنشر بين جمهور أهالي المنطقة فكرةَ عدمِ جواز إخراج زكاة الفطر إلا حبوبًا، بل تهاجم القائمين على إدارة الجمعية وتطالبهم بشراء حبوب بكل المال من الصندوق المخصص لزكاة الفطر.


يريد أحد الأفاضل التبرع بجهاز طبي إلى مشفًى خيري، ويتساءل: هل يمكن احتساب قيمة الجهاز كجزءٍ من زكاة المال المحتسبة عليه؟


نحن إخوة أشقاء وإخوة لأب، وقد تُوفِّي والدنا، ولنا أخ غير ميسور هو المسؤول عن أخواتنا: يقوم برعايتهن وكفالتهن بالإضافة لأسرته الخاصة.

فهل يجوز للميسُورِين منَّا إخراج جزء من زكاة المال لأخواتنا يُسَلَّم لأخينا هذا لينفق به عليهن؟ وهل يجوز إعطاء جزء من الزكاة لزوجة أبينا لترعى نفسها وأولادها؟


هل يجوز احتساب الزيادة عند تعجيل الزكاة عن العام المقبل؟ فأحد الأشخاص يخرج زكاة ماله معجَّلة على دفعات خلال العام قبل مرور الحول بعد أن بلغ ماله النصاب، ثم يحسب في آخر العام مجموع أمواله، وما يجب عليه من زكاة، وما دفعه معجلًا منها خلال العام؛ بحيث لو بقي عليه شيء أخرَجه، ثم تبيَّن له بعد الحساب أنَّه أخرج أكثر ممَّا يجب عليه؛ فهل يجوز له أن يحتسب هذه الزِّيادة من زكاة العام القادم؟ علمًا بأنَّ أمواله لا تقل عن نصاب الزكاة بإخراجه هذه الأموال على مدار العام.


سائل يسأل عن حكم خلط مال الزكاة على مال الصدقة وإنفاقه على المحتاجين، وهل هذا يجوز شرعًا؟


السؤال الأول: هل على أنواع المحاصيل الآتية زكاة: محاصيل الخضر، محاصيل الفاكهة، محاصيل اللب بأنواعه: اللب السوبر، لب القرع، لب الخشابي، لب دوار الشمس؟
السؤال الثاني: إذا كنتُ مستأجرًا لأرض وأقوم بزراعتها، فهل لي أن أخصم قيمة الإيجار من المحصول الناتج قبل إخراج الزكاة، أم أُخرج الزكاة من كامل المحصول دون خصم قيمة الإيجار؟
السؤال الثالث: أقوم باستثمار أموالي في المشاركة على الماشية -بقر كبير وجاموس كبير وكذلك عجل جاموس وبقر وجميع أنواع الماشية- وتكون المشاركة كالآتي:
أقوم بشراء الماشية من السوق وأعطيها للفلاح كطرف ثانٍ، حيث يقوم بجميع تكاليف التغذية والخدمة ويكون هو المستفيد الوحيد بإنتاجها من اللبن ولا أستفيد أنا إلا من نصف الربح من نتاجها كعجول أو عند بيعها، فآخذ نصف الربح الزائد على ثمنها الأصلي، وقد يدفع الطرف الثاني -الفلاح- قدرًا ولو ضئيلًا من ثمنها عند شرائي لهذه الماشية، وقد يكون الربع أو الثلث من ثمنها، أو قد لا يدفع شيئًا قط، وذلك هو الغالب. فهل في ذلك زكاة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :28