الأربعاء 19 نوفمبر 2025م – 28 جُمادى الأولى 1447 هـ

حكم بيع شعر الآدمي

تاريخ الفتوى: 03 أبريل 2018 م
رقم الفتوى: 4325
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم بيع شعر الآدمي

ما حكم بيع شعر الآدمي؛ فقد ظهر في الآونة الأخيرة عن طريق عددٍ من المواقع الإلكترونية والشركات والمحلَّاتِ التجارية عروضٌ لشراء وبيع الشعر الآدمي بمواصفاتٍ معينةٍ على حسب طوله وكثافته ولونه وغير ذلك من المواصفات المطلوبة كل حسب سعره. فما حكم الشرع في ذلك؟

 الالتعامل في شعر الآدمي بيعًا وشراءً حرامٌ شرعًا؛ سواء في ذلك المقصوص عن رأسه أو المتساقط عنه.

المحتويات

 

من مظاهر تكريم الشرع للإنسان 

لما كان الإنسان هو المستخلف في هذا الوجود كان لا بد من وضع منهجٍ له يسير عليه في حياته لتحقيق خلافته الشرعية عن الله في هذه الحياة، ولا يُترك لنفسه وهواه، فأحاطه الله بسياجِ العقلِ الذي ميزه به عن سائر المخلوقات، وعن طريقه يعرف الخيرَ من الشر والنافعَ من الضار، وأرسل إليه الرسل بالشرائع السماوية التي تنظِّمُ علاقةَ الإنسان بربِّهِ وعلاقته بنفسه وببني جنسِه، واختتمت الشرائع والرسالات السماوية كلها بدين الإسلام وشريعته الغرَّاء الذي كملت به الشرائع والأديان الإلهية السابقة، وارتضاه اللهُ للناس مكمِّلًا ومُتَمِّمًا لما سبقه من شرائع وأديان ومهيمنًا عليها؛ كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 48]، ولهذا كانت نصوصُ وقواعدُ ومبادئُ الشريعة الإسلامية كلياتٍ صالحةً للتطبيق العملي في كل زمانٍ ومكانٍ حتى يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها.

ولهذه المكانة الرفيعة للإنسان كَرَّمه اللهُ سبحانه وتعالى بأنواع التكريم فجعله نَفيسًا غيرَ مبذول؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّن خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، واعتبر جسده أمانةً؛ فلا يجوز التصرف فيه بما يسوؤه أو يرديه ولو كان التصرف من صاحب الجسدِ نفسِه، ومن هنا حَرَّم اللهُ تعالى إزهاقَ الروح وإتلافَ البدن إلا بالحقِّ؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا﴾ [البقرة: 195]، حتى نهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن التصرف بما يُلمَحُ منه معنى الدونية؛ فقال: فيما رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابرٍ رضي الله عنه: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ، فَلَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ، وَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرَّمَ».

حكم بيع شعر الآدمي

من مقتضيات تكريمِ الإنسانِ واحترامِ بنيانِ جسدِهِ حُرمةُ بيع جزءٍ منه أو عضوٍ من أعضائه، ويشمل ذلك الشَّعرَ عند جمهور الفقهاء، وذكروا في ذلك عدة معانٍ؛ منها:

- أولًا: أن بيع الإنسان شَعرَهُ الذي هو جزءٌ منه ينافي تكريم الله تعالى له، فليس الإنسان سلعةً تباع وتشترى، وشعر الإنسان جزءٌ محترمٌ من خلقته؛ سواء في ذلك المقصوص أو المتساقط؛ قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (6/ 425-426، ط. دار الفكر): [(ولا يجوز بيع شعور الإنسان..) لأن الآدميَّ مكرمٌ لا مبتذلٌ فلا يجوز أن يكون شيءٌ مِن أجزائه مُهانًا ومُبتذلًا] اهـ. قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (1/ 429، ط. دار الكتب العلمية) معلقًا: [(ولنا: أن عدم الانتفاع به والبيع لكرامته) ش: أي لأجل كرامته؛ لأن الآدميَّ مكرمٌ بالنص، والضميرُ في (به) يرجع إلى الشعر، وفي (كرامته) يجوز أن يرجع إلى الشعر أيضًا، ولكونه مكرمًا بكرامة صاحبه] اهـ.

وقال الإمام الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (6/ 425-426، ط. دار الفكر): [(قوله: ولا يجوز بيع شعر الإنسان) مع قولنا بطهارته (..لأن الآدمي مكرمٌ غير مبتذلٍ؛ فلا يجوز أن يكون شيءٌ من أجزائه مهانًا ومبتذلًا) وفي بيعه إهانة] اهـ.

وقال الإمام أبو الحسن العدوي المالكي [ت: 1189هـ] في "حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 83، ط. دار الفكر): [(تنبيه): سُئِلَ مالكٌ عن بيع الشعر الذي يُحلَقُ من رءوس الناس؟ فكرهه] اهـ.

والكراهة المنقولة هنا عن الإمام مالكٍ رضي الله عنه حَمَلَهَا بعضُ المالكية على التنزيه، وظاهر كلام الإمام ابن عبد البر يفيد حَمْلَهَا على التحريم -انظر: "الكافي" (ص: 328، ط. دار الكتب العلمية، بيروت)-، وهو ما رجّحه الإمامُ محمد الأمير في حاشيته "ضوء الشموع على شرح المجموع" (1/ 91-92، ط. المكتبة الأزهرية للتراث)؛ حيث لم يتحقق في الشعر كونه مالًا معتدًّا به شرعًا ولو كان شعرَ رقيقٍ؛ فقال معلقًا على متن "المجموع" على قوله: (فكأنه استبعد تَمَوُّلَهُ) بعد أن ذكر عن الإمام مالكٍ كراهةَ بيع الشعر: [أتى بالكأنية ولم يجزم بعدم المالية -فإن الآدميَّ الحرَّ لا يُباعُ منه شيءٌ- ليشمل شعر الأرقاء، وهذا يقتضي أن الكراهة للتحريم؛ حيث لم تتحقق فيه ماليةٌ معتدٌّ بها] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه لكرامته] اهـ.

وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يجوز استعمال شعر الآدمي) مع الحكم بطهارته (لحرمته) أي احترامه] اهـ.

وما حرم استعماله والانتفاع به حرم التعامل فيه بيعًا وشراءً.

- ثانيًا: أن من شروط البيع الصحيح أن يكون البائع مالكًا لما يبيع، وشعر الإنسان ليس ملكًا له؛ فلا يؤذَن له في بيعه ولا أن يُعَاوض عليه، فإن باعه كان بيعه داخلًا في "بيع ما لا يملك".

حكم التبرعِ بالشعر لمرضى السرطان

القول بحرمة بيع الشعر لا يعارض فتوى جوازِ التبرعِ بالشعر لمرضى السرطان المبتَلَين بسقوط شعرهم جرّاء العلاج الكيماوي؛ فهذا الجواز إنما هو على سبيل الإذن بالانتفاع لحاجةٍ معتبرةٍ شرعًا؛ هي المساعدة في تخفيف الضرر النفسي الواقع عليهم من سقوط شعورهم جَرَّاء العلاج الكيماوي.

الخلاصة

على ذلك وفي واقعة السؤال: فالتعامل في شعر الآدمي بيعًا وشراءً حرامٌ شرعًا؛ سواء في ذلك المقصوص عن رأسه أو المتساقط عنه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكم في أن كثيرًا من أصحاب محلات الذهب يتعاملون بشراء الذهب المستعمل -الكسر- ثم يذهبون إلى تاجر الذهب ويستبدلون به ذهبًا جديدًا مصنَّعًا وزنًا مقابل وزنٍ تمامًا، ويأخذون عليه أجرة التصنيع للذهب الجديد؟ وهذا التعامل يقاس عليه التعامل مع الزبون.


ما حكم البيع مع الاحتفاظ بحق التصرف إلى الممات؛ فامرأة باعت لزوجها فدانًا واحدًا بثمن قدره خمسون جنيهًا، وقد أبرأت البائعة المذكورة زوجها المشتري المذكور من قيمة ثمن هذا القدر، وقد تحرَّر بذلك عقد عرفيٌّ لا عن يد أحد قضاة المحاكم، وقد ذكر بصلب العقد: "ولي أنا البائعة المذكورة حق الانتفاع بالفدان المباع المذكور مدة حياتي، وما دمت على قيد الحياة، وبعد وفاتي ينتقل حق التصرف المذكور إلى زوجي المشتري المذكور".
والمشتري المذكور زوج البائعة المذكورة توفي إلى رحمة الله تعالى قبل وفاة زوجته البائعة المذكورة، وترك ذريةً من غير البائعة المذكورة -أي من زوجةٍ أخرى خلاف البائعة- فهل هذا العقد صحيح بجميع ما ذُكر فيه من الإبراء المذكور من قيمة هذا الثمن، ولا رجوع فيه؟ وهل ورثة المتوفى المذكورون يرثون في هذا القدر بعد وفاة زوجته البائعة المذكورة أم لا؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.


ما حكم زيادة البائع على السعر الذي اشترى به على الرغم من الاتفاق على عدم الزيادة؟ فهناك رجلٌ اشترى بهيمةً مِن السُّوق، وبعد شرائها بوقت قليل وقبل أن ينفضَّ السوقُ احتاج إلى المال، فعَرَضَها للبيع، فأقبَلَ عليه شخصٌ غيرُ الذي ابتاعَها منه ليشتريها منه، واتفَقَ معه على أنه سيبيعُها له بالثمن الذي اشتراها به مِن غير زيادة عليه، وأخبره بهذا الثمن، فوافَقَ المشتري على ذلك، وأعطاه الثمن الذي أخبره به، وأخذ البهيمة، وقبل أن يَنْفَضَّ السُّوقُ عَلِمَ هذا المشتري أن الثمن الذي اشترى به البهيمةَ أكثرُ مِن الثمن الذي اشتُرِيَت به، فاستحلَفَ ذلك الرجلَ، فأقرَّ بأنه قد زاد عليه في الثمن، لكن تَمَسَّك في الوقت ذاته بأن المشتريَ قد رَضِيَ بالثمن الذي أخبره به. والسؤال: هل للمشتري المذكور بعد تمام البيع أن يَستَرِدَّ الزيادة التي زادها عليه هذا الرجلُ (البائعُ) في ثمن البهيمة المذكورة؟


ما حكم المشاركة في دعوات الامتناع عن التجارة في أوقات الغلاء؟ فأنا صاحب نشاط تجاري وسمعت أنَّ هناك دعوات ومبادرات لبعض أصحاب المحلات التجارية التي تبيع المواد الغذائية وكذا محلات جزارة اللحوم والطيور لغلق النشاط والامتناع عن ممارسة التجارة بسبب غلاء الأسعار مدعين أن هذا هو مصلحة الفقير، فما حكم المشاركة في تلك المبادرات؟ وما التصرف الشرعي تجاه ذلك؟


ما حكم تصرفات الأب في مال ولده الصغير؟ فقد سُئِل بما صورته: المسألة الأولى: هل ينوب الأب عن ولده الصغير إنابةً مطلقةً من غير قيدٍ ولا شرطٍ في التصرفات الشرعية التي يعقدها مع الغير بشأن أموال ولده الصغير سواء كانت منقولًا أو عقارًا، فيعتبر الأب في هذه الحالة حالًّا محلَّ ولده الصغير حلولًا شرعيًّا يترتب عليه آثاره، فتنفذ تصرفات هذا الأب في مال ولده على اعتبار هذا الأخير كأنه غير موجود، ولا يجوز للصغير نقض ما حصل من هذه التصرفات بعد بلوغه سن الرشد؟
المسألة الثانية: هل إذا باع الأب بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير عقارًا للصغير بثمن لا غبن فيه ولم يقبض كل الثمن، ثم أهمل مطالبة المشتري بباقي الثمن حتى مضت المدة المانعة من سماع الدعوى، فهل للصغير بعد بلوغه الرشد أن يطالب المشتري بباقي الثمن الذي لم يمكن إلزامه به قضاء لمضي المدة المانعة من سماع الدعوى قبل بلوغ الصغير سن الرشد، أم يرجع الصغير على والده بحساب ما أضاعه عليه بسبب إهماله المطالبة قبل مضي المدة من سماع الدعوى ولا رجوع له على المشتري؟
المسألة الثالثة: هل للأب غير الفاسد بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير أن يبيع كلَّ أو بعضَ عقار ولده بثمن لا غبن فيه وفاءً لديون عليه شخصيًّا؟ وهل له أن يرهن كلّ أو بعض عقار ولده الصغير لوفاء ذلك؟ وهل ينعقد البيع أو الرهن ويصبح نافذًا على الصغير بعد بلوغه سن الرشد ولو كان المشتري أو المرتهن يعلم بأن ثمن البيع أو الرهن سيوفي به الأب ديونًا ترتبت في ذمته لحساب نفسه لا لحساب ولده الصغير؟ وهل ينعقد هذا الرهن ويصبح نافذًا على الصغير ولو بعد بلوغ سن الرشد إذا كان العقار المرهون يملك فيه الأب جزء على الشيوع والجزء الآخر لولده الصغير فخلط الأب قيمة الرهن التي قبضها من المرتهن عمّا يخصه بحسب نصيبه في العقار المرهون، وما يخص ولده الصغير وتصرف فيه لحساب نفسه بأن دفعه لديون شخصية عليه لآخرين، أو تصرف فيه لمصلحة نفسه أو أضاعه؟ وهل للصغير في هذه الحالة الرجوع على والده بحساب ما قبضه من قيمة الرهن أو البيع الذي لا غبن فيه، أم يرجع على المشتري والمرتهن؟ أفتونا بالجواب، ولكم الأجر والثواب.


سائل يقول: أنا تاجرٌ خُضَرِيٌّ أشتري محاصيل زراعية مِن الخضراوات التي تُنتِج عدة مرات خلال الموسم الواحد، كالطماطم والباذنجان والخيار، علمًا بأن التعاقد يكون على نتاج الموسم كلِّه بناءً على معاينة الثمرة في بشايرها في بداية الموسم، فما حكم هذا البيع شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :53
الشروق
6 :23
الظهر
11 : 40
العصر
2:37
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :18