حكم دفع الصدقات لفض المنازعات

تاريخ الفتوى: 07 سبتمبر 2011 م
رقم الفتوى: 4290
من فتاوى: أمانة الفتوى
التصنيف: الزكاة
حكم دفع الصدقات لفض المنازعات

ما حكم دفع الصدقات لفضِّ المنازعات؟

يجوز شرعًا دفع الصدقات لفضِّ المنازعات بين الناس، وهو أمر مطلوبٌ شرعًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، لكن إذا كان القائم على أمر الصدقة موكَّلًا من آخرين فليس له أن يدفعها في غير ما خصَّصها له أصحابُها.

المحتويات

 

بيان مصارف الزكاة والصدقة

ذكر الله سبحانه وتعالى مصارف الزكاة؛ فقال في كتابه العزيز: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

فالأصل في الزكاة ألَّا تعطى إلَّا إلى الأصناف الثمانية المنصوص عليها؛ قال الإمام البيضاوي في "تفسيره مع حاشية الخفاجي" (4/ 336، ط. دار صادر): [أي: الزكوات لهؤلاء المعدودين دون غيرهم] اهـ.

أما صدقة التطوع فبابها أوسعُ من باب الزكاة، من حيث إنه يجوز إعطاؤها لتلك الأصناف الثمانية ولغيرها، سواء أكانوا أغنياء أم فقراء، مسلمين أم غير مسلمين، بخلاف الزكاة، كما أن الزكاة يُشترط فيها ما لا يُشترط في الصدقة، كامتلاك أموال معينة، ومرور الحول، وبلوغ النِّصاب، وإخراج مقدار محدد منها؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 236، مكتبة الإرشاد): [تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها، ولكن المحتاج أفضل] اهـ.

حكم دفع الصدقات لفض المنازعات

حفظ الأمن في المجتمع من مقتضيات مقاصد الشريعة الإسلامية، ومن مظاهر حفظه: القضاء على المنازعات بين الناس؛ لأن صاحب الحقِّ لا يهدأ عادةً حتى يستردَّ حقَّهُ، وقد يضرُّ بمن عليه الحق أو بالمحيطين به حتى يُحصَّلَ له ذلك؛ ولذلك أَسَّس الشرع الشريف نظام القضاء وجعله من أُسُس قيام الدولة الإسلامية، فهو الوسيلة المشروعة التي يلجأ إليها صاحب الحقِّ لاسترداد حقِّه.

ودفع الصدقة لصاحب الحق إرضاءً له وتعويضًا له عن حقِّه المسلوب هو من حفظ الأمن، ومن التكافل الاجتماعي الذي حثَّ عليه الدين الإسلامي ورغَّب فيه، حتى وإن كان صاحب الحق غنيًّا أو غير مسلم؛ فقد أخرج مسلم في "صحيحه" (5/ 98، ط. دار الجيل، ودار الآفاق الجديدة، بيروت) عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنهما: أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ رضي الله عنهما انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِى النَّخْلِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ رضي الله عنهم إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ أَخِيهِ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «كَبِّرِ الْكُبْرَ -أَوْ قَالَ- لِيَبْدَأ الأَكْبَرُ» فَتَكَلَّمَا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ». قَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ، كَيْفَ نَحْلِفُ؟ قَالَ: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قِبَلِهِ.

قال الإمام النووي في "المنهاج" (11/ 147، ط. 2 دار إحياء التراث العربي، بيروت): [إنما وَدَاهُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطعًا للنزاع، وإصلاحًا لذات البين، فإنَّ أهل القتيل لا يستحقُّون إلا أن يحلفوا أو يستحلفوا المدعى عليهم، وقد امتنعوا من الأمرين، وهم مكسورون بقتل صاحبهم، فأراد صلى الله عليه وآله وسلم جبرهم وقطع المنازعة وإصلاح ذات البين بدفع ديته من عنده، وقوله: "فوداه من عنده" يحتمل أن يكون من خالص مالِه في بعض الأحوال صادف ذلك عنده، ويحتمل أنه من مال بيت المال ومصالح المسلمين] اهـ.

الخلاصة

عليه وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا أن تدفع الصدقات لفضِّ المنازعات بين الناس، وهو أمر مطلوب شرعًا؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، وقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وإن كان القائم على أمر الصدقة موكَّلًا من آخرين فلا يجوز له أن يدفعها في غير ما خصَّصها له أصحابُها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إخراج الزكاة لتوفير فرص العمل للشباب، ومساعدةً لهم في تعليمهم، ودفعًا لقيمة الإيجار لمَنْ عجز عن دفعها، ومساعدةً لمَنْ أراد الزواج وهو عاجز عن تكاليفه بشراء مستلزماته؟ وما حكم إقراضهم  بحيث يستثمر المقترض مبلغ القرض ويرده ولو على أقساط؟


هل التبرع للمجهود الحربي لتحرير الوطن والذود عن الدين ضد الاستعمار والصهيونية يمكن احتساب ذلك من زكاة المال، أو لا يجوز ذلك؟


ما مقدار الزكاة عن المال المدخر بدون استثمار؛ فأنا عندي مال مدخر بصندوق التوفير بدون فوائد قيمته تزيد عن 86 جرام من الذهب، فهل تجب الزكاة في هذا المال؟ وما مقدار الزكاة عنه؟


ما حكم دفع الزكاة للسجناء الفقراء المفرج عنهم؟ ففي إطار اهتمام وزارة الداخلية بالجوانب الإنسانية في مجال رعاية أسر السجناء المفرج عنهم باعتبارهم ركائز إعادة التأهيل في برامج إصلاح السجناء فقد تساءلت بعض الهيئات والأفراد عمَّا إذا كانت المساعدات التي تقدم لأسر السجناء والمفرج عنهم الفقراء المعدمين تدخل ضمن زكاة المال من عدمه؟ ويطلب السائل الرأي في ذلك.


ما حكم الزكاة في عيادات الأسنان؟ وما كيفيتها؟ فهناك طبيب أسنانٍ يَملِك عيادةً، ويشتري لنشاطها كافةَ اللوازم الطبية لإجراء الفحوصات للمرضى والعلاج، سواء في ذلك الأدوات، أو المواد المستعمَلة في العلاج كالحشو والتركيبات وغير ذلك، ويسأل: هل تجب عليه زكاة هذه العيادة بمشتملاتها؟ وإذا وَجَبَت فما آلية حساب الواجب عليه من الزكاة شرعًا؟


هل يجوز التفاضل بين المستحقين للزكاة؛ بحيث تكون الأولوية في الدفع إلى بعض الأصناف المستحقة دون بعضها أو لا بد من المساواة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 11 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :8
الشروق
6 :41
الظهر
11 : 48
العصر
2:37
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :18