ما حكم دفع الصدقات لفضِّ المنازعات؟
يجوز شرعًا دفع الصدقات لفضِّ المنازعات بين الناس، وهو أمر مطلوبٌ شرعًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، لكن إذا كان القائم على أمر الصدقة موكَّلًا من آخرين فليس له أن يدفعها في غير ما خصَّصها له أصحابُها.
المحتويات
ذكر الله سبحانه وتعالى مصارف الزكاة؛ فقال في كتابه العزيز: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
فالأصل في الزكاة ألَّا تعطى إلَّا إلى الأصناف الثمانية المنصوص عليها؛ قال الإمام البيضاوي في "تفسيره مع حاشية الخفاجي" (4/ 336، ط. دار صادر): [أي: الزكوات لهؤلاء المعدودين دون غيرهم] اهـ.
أما صدقة التطوع فبابها أوسعُ من باب الزكاة، من حيث إنه يجوز إعطاؤها لتلك الأصناف الثمانية ولغيرها، سواء أكانوا أغنياء أم فقراء، مسلمين أم غير مسلمين، بخلاف الزكاة، كما أن الزكاة يُشترط فيها ما لا يُشترط في الصدقة، كامتلاك أموال معينة، ومرور الحول، وبلوغ النِّصاب، وإخراج مقدار محدد منها؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 236، مكتبة الإرشاد): [تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها، ولكن المحتاج أفضل] اهـ.
حفظ الأمن في المجتمع من مقتضيات مقاصد الشريعة الإسلامية، ومن مظاهر حفظه: القضاء على المنازعات بين الناس؛ لأن صاحب الحقِّ لا يهدأ عادةً حتى يستردَّ حقَّهُ، وقد يضرُّ بمن عليه الحق أو بالمحيطين به حتى يُحصَّلَ له ذلك؛ ولذلك أَسَّس الشرع الشريف نظام القضاء وجعله من أُسُس قيام الدولة الإسلامية، فهو الوسيلة المشروعة التي يلجأ إليها صاحب الحقِّ لاسترداد حقِّه.
ودفع الصدقة لصاحب الحق إرضاءً له وتعويضًا له عن حقِّه المسلوب هو من حفظ الأمن، ومن التكافل الاجتماعي الذي حثَّ عليه الدين الإسلامي ورغَّب فيه، حتى وإن كان صاحب الحق غنيًّا أو غير مسلم؛ فقد أخرج مسلم في "صحيحه" (5/ 98، ط. دار الجيل، ودار الآفاق الجديدة، بيروت) عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنهما: أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ رضي الله عنهما انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِى النَّخْلِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ رضي الله عنهم إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ أَخِيهِ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «كَبِّرِ الْكُبْرَ -أَوْ قَالَ- لِيَبْدَأ الأَكْبَرُ» فَتَكَلَّمَا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ». قَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ، كَيْفَ نَحْلِفُ؟ قَالَ: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قِبَلِهِ.
قال الإمام النووي في "المنهاج" (11/ 147، ط. 2 دار إحياء التراث العربي، بيروت): [إنما وَدَاهُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطعًا للنزاع، وإصلاحًا لذات البين، فإنَّ أهل القتيل لا يستحقُّون إلا أن يحلفوا أو يستحلفوا المدعى عليهم، وقد امتنعوا من الأمرين، وهم مكسورون بقتل صاحبهم، فأراد صلى الله عليه وآله وسلم جبرهم وقطع المنازعة وإصلاح ذات البين بدفع ديته من عنده، وقوله: "فوداه من عنده" يحتمل أن يكون من خالص مالِه في بعض الأحوال صادف ذلك عنده، ويحتمل أنه من مال بيت المال ومصالح المسلمين] اهـ.
عليه وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا أن تدفع الصدقات لفضِّ المنازعات بين الناس، وهو أمر مطلوب شرعًا؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، وقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وإن كان القائم على أمر الصدقة موكَّلًا من آخرين فلا يجوز له أن يدفعها في غير ما خصَّصها له أصحابُها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إعانة الأبناء على الزواج من مال الزكاة؟ فالرجل له ابنان تخرجا في الجامعة، ويعملان في الأعمال الحرة، ومعيشتهما تستهلك كل دخلهما، وهما الآن يحتاجان إلى معونة لزواجهما. ويسأل: هل يجوز له أن يعطي ابنيْه من زكاة ماله، أم لا؟
رجل يعول أولاد بنته الفقراء حيث استشهد أبوهم في حرب أكتوبر وهم في سن التعليم العالي، ويقوم بكل ما يلزمهم. ويسأل: هل يجزئه ذلك عن زكاة ماله المفروضة؟
جمعية خيرية تم تسجيلها في وزارة الشؤون الاجتماعية، والغرض منها هو مساعدة المرضى غير القادرين للحصول على خدمات علاجية مميزة عن طريق العلاج في المركز الخيري الطبي الذي أنشئ خصيصًا لهذا الغرض.
والسؤال: هل يجوز للجمعية الصرف من أموال الزكاة لتسديد الديون المتراكمة على الجمعية لصالح كلٍّ من: التأمينات الاجتماعية، ووزارة الكهرباء، ومصلحة الضرائب؟
وهل يجوز للجمعية الصرف من أموال الزكاة على تطوير أماكن تقديم الخدمات الطبية للمرضى القادرين وغير القادرين، مثل: أماكن الإقامة، وغرف العمليات، والبنية التحتية؟
يقول السائل: لو نترك الناس في مدينتنا وهم مستحقون للزكاة ونعطي الزكاة للذين يسكنون في مدينةٍ أخرى ونحن لا نعرف إلا هم؛ الذين قالوا: إننا مستحقون، فهل في هذه الصورة تبرأ ذمَّتنا من الزكاة؟
سائل يسأل عن الحكمة التي من أجلها شرع الله تعالى فريضة الزكاة؟
ما حكم زكاة المال المودع في صندوق التوفير؟ وما هو النصاب؟ وهل تخرج على الأصل فقط أو مضافًا إليه الأرباح؟