حكم إزالة الشعر نهائيًّا بالوسائل الحديثة

تاريخ الفتوى: 03 يناير 2013 م
رقم الفتوى: 4147
من فتاوى: أمانة الفتوى
التصنيف: اللباس والزينة
حكم إزالة الشعر نهائيًّا بالوسائل الحديثة

هل يجوز إزالة شعر العانة والإبطين نهائيًّا ببعض الوسائل الحديثة؟

إزالة شعر العانة والإبطين مطلوبٌ شرعًا ومِن سنن الفطرة، ولم يُعيّن الشرع طريقةً للإزالة؛ فإزالته بأي طريقةٍ غير ضارةٍ مباحٌ، مع مراعاة الجنس عند فعل ذلك؛ فيفعل ذلك الرجلُ للرجل والمرأةُ للمرأة.

المحتويات

 

مظاهر التكريم الإلهي للإنسان

خلق الله تعالى الإنسان مفضلًا على غيره من جنس الحيوان، قال تعالى ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، وأباح له الزينة بضوابطها الشرعية، فقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 32].
وفي السنة النبوية المطهرة نجد ذلك جليًّا في حبِّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتزين، ولما سأله رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً؛ قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» أخرجه مسلم.

سنن الفطرة

بيَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن مِن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وكان عليها النبيون عليهم السلام، خصالًا ينبغي أن يأخذ الناس بها؛ فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ-: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» متفق عليه، وأخرج البخاري نحوه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وأخرج مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ». قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.
قال الإمام الخَطَّابي في "معالم السنن" (1/ 31، ط. المطبعة العلمية، حلب): [قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عشرٌ من الفطرة»، فَسَّر أكثرُ العلماء الفطرةَ في هذا الحديث بالسنة، وتأويله: أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين أُمرنا أن نقتدي بهم؛ لقوله سبحانه ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ [الأنعام: 90] اهـ. وأول مَن أُمِرَ بها إبراهيمُ صلوات الله عليه؛ وذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: 124].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمره بعشر خصالٍ ثم عددهن، فلما فعلهن قال: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾؛ أي ليُقتدى بك ويُستن بسنتك، وقد أمرت هذه الأمة بمتابعته خصوصًا، وبيان ذلك في قوله تعالى: ﴿إثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: 123]، ويقال إنها كانت عليه فرضًا وهن لنا سنة] اهـ.
ولا ريب أن فعل هذه السنن فيه التجمل، والبعد عن مشابهة غير الآدمي، والأثر الحسن في الدين والدنيا؛ قال الإمام القرطبي في "المُفهم" (1/ 511-512، ط. دار ابن كثير، ودار الكلم الطيب): [وهذه الخصال مجتمعة في أنها محافظة على حسن الهيئة والنظافة، وكلاهما يحصل به البقاء على أصل كمال الخِلقة التي خلق الإنسان عليها، وبقاء هذه الأمور وترك إزالتها يشوِّه الإنسان ويقبِّحه؛ بحيث يستقذر ويجتنب فيخرج عما تقتضيه الفطرة الأولى، فسميت هذه الخصال فطرة لهذا المعنى. والله أعلم] اهـ.
وقال الإمام المُناوي في "فيض القدير" (4/ 316، ط. المكتبة التجارية): [تنبيه: يتعلق بهذه الخصال مصالحُ دينيةٌ ودنيويةٌ تدرك بالتتبع، منها: تحسين الهيئة، وتنظيف البدن جملةً وتفصيلًا، والاحتياط للطهر، والإحسان إلى المخالط بكفِّ ما يتأذَّى بريحه، ومخالفة شأن الكفار من نحو: مجوس ويهود ونصارى، وامتثال أمر الشارع، والمحافظة على ما أشار إليه بقوله سبحانه: ﴿فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [غافر: 64]، فكأنه قال: حسَّنتُ صوركم فلا تشوِّهوها بما يقبِّحها. والمحافظة عليها محافظة على المروءة والتآلف؛ لأن الإنسان إذا كان حسن الهيئة انبسطت إليه النفوس فقُبل قوله، وحُمد رأيه، وعكسه عكسه] اهـ.

إزالة شعر العانة والإبطين بالوسائل الحديثة

من هذا يتبين أن ما سأل عنه السائل، وهو إزالة شعر العانة والإبطين مطلوب شرعًا، أما باقي السؤال، وهو أنه هل من الممكن الإزالة ببعض الوسائل الحديثة؟ فالإجابة أنه جائز، وما ورد في الحديث من تعيين الطريقة التي يزال بها الشعر ليست مقصودة في ذاتها، بل هي وسيلة ذُكرت للشائع، أو كمثال للطريقة، وعلى أقصى تقدير يكون المذكور أفضل من غيره، لا أن غيره غير جائز. وقد مثّلوا لذلك باستعمال النُّورة، بل قد رُوي ذلك في بعض الروايات من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيُروى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اطَّلَى بَدَأَ بِعَوْرَتِهِ فَطَلَاهَا بِالنُّورَةِ، وَسَائِرَ جَسَدِهِ أَهْلُهُ" أخرجه ابن ماجه.
كما رُوي أيضًا عن بعض الأنبياء؛ فعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ صُنِعَتْ لَهُ النُّورَةُ، وَدَخَلَ الْحَمَّامَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، فَلَمَّا دَخَلَهُ وَوَجَدَ حَرَّهُ وغَمَّهُ قَالَ: أَوَّهْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، أَوَّهْ، أَوَّهْ قَبْلَ أَنْ لَا يَنْفَعَ أَوَّهْ» أخرجه الطبراني في "الأوسط".
وفي "لسان العرب" (5/ 244، ط. دار صادر): [والنُّورَةُ من الحجر الذي يحرق ويُسَوَّى منه الكِلْسُ ويحلق به شعر العانة] اهـ.
وفي "المصباح المنير" (2/ 629، ط. المكتبة العلمية): [وَالنُّورَةُ بِضَمِّ النُّونِ حَجَرُ الْكِلْسِ، ثُمَّ غَلَبَتْ عَلَى أَخْلاطٍ تُضَافُ إلَى الْكِلْسِ مِنْ زِرْنِيخٍ وَغَيْرِهِ، وَتُسْتَعْمَلُ لإِزَالَةِ الشَّعْرِ، وَتَنَوَّرَ: اطَّلَى بِالنُّورَةِ، وَنَوَّرْتُهُ طَلَيْتُهُ بِهَا. قِيلَ عَرَبِيَّةٌ وَقِيلَ مُعَرَّبَةٌ] اهـ.
ثم إن تعليل العلماء -لما ورد في الحديث- بأنه أفضل على أساس أنه يضعف أصل الشعر كما في نتف الإبط، أو أنه أيسر على الإنسان كما في حلق العانة، يجرنا هذا التعليل إلى المقصود الأعظم من السؤال، وهو أن الإزالة النهائية تستفاد من كل ما ذكروا من تعليلات وحِكَم، فهي تستأصل أصل الشعر مع اليسر في الإزالة.
قال الإمام ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (1/ 124-125، ط. مطبعة السنة المحمدية): [والاستحداد استفعال من الحديد، وهو إزالة شعر العانة بالحديد، فأمَّا إزالته بغير ذلك، كالنتف وبالنُّورة: فهو محصل للمقصود، لكن السُّنة والأولى: الذي دلَّ عليه لفظ الحديث، فإن "الاستحداد" استفعال من الحديد... ونتف الآباط إزالة ما نبت عليها من الشعر بهذا الوجه، أعني النتف، وقد يقوم مقامه ما يؤدِّي إلى المقصود، إلا أن استعمال ما دلت عليه السنة أولى، وقد فرّق لفظ الحديث بين إزالة شعر العانة وإزالة شعر الإبط؛ فذكر في الأول الاستحداد وفي الثاني النتف، وذلك مما يدل على رعاية هاتين الهيئتين في محلهما، ولعل السبب فيه: أن الشعر بحلقه يقوى أصله، ويغلظ جِرْمه، ولهذا يصف الأطباء تَكرار حلق الشعر في المواضع التي يراد قوته فيها، والإبط إذا قوي فيه الشعر وغلظ جِرمه كان أفوح للرائحة الكريهة المؤذية لمن يقاربها، فناسب أن يسن فيه النتف المضعف لأصله، المقلل للرائحة الكريهة، وأما العانة: فلا يظهر فيها من الرائحة الكريهة ما يظهر في الإبط، فزال المعنى المقتضي للنتف، رجع إلى الاستحداد؛ لأنه أيسر وأخف على الإنسان من غير معارض] اهـ.
وقال الإمام العَيني في "شرح أبي داود" (1/ 166-165، ط. مكتبة الرشد، الرياض): [قوله: «ونتف الإبط» والأفضل فيه النتف لمن قوي عليه، ويحصل أيضًا بالحلق والنُّورة. وحكي عن يونس بن عبد الأعلى، قال: دخلت على الشافعي وعنده المزيِّن يحلق إبطه، فقال الشافعي: علمت أن السُّنّة النتف، ولكني لا أقوى على الوجع... قوله: "وحلق العانة" والمراد بالعانة: الشعر فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حوالي فرج المرأة. ونقل عن أبي العباس ابن سُريج: أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيجعل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، والأفضل فيه الحلق، ويجوز بالقص والنتف والنورة] اهـ.
وقال الإمام المُناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 346، ط. مكتبة الإمام الشافعي، الرياض): [(ونتف الإبط) أي إزالة ما به من شعر بنتفٍ إن قوي عليه، وإلا أزاله بحلق أو غيره (والاستحداد) حلق العانة بالحديد أي الموسَى، يعني إزالة شعرها بحديد أو غيره، وخص الحديد؛ لأن غالب الإزالة به] اهـ.
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 64، ط. مكتبة القاهرة): [وَالاسْتِحْدَادُ: حَلْقُ الْعَانَةِ. وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ؛ لأَنَّهُ مِنْ الْفِطْرَةِ، وَيَفْحُشُ بِتَرْكِهِ فَاسْتُحِبَّتْ إزَالَتُهُ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَزَالَهُ صَاحِبُهُ فَلا بَأْسَ؛ لأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَتُهُ، قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: تَرَى أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ سِفْلَتَهُ بِالْمِقْرَاضِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْصِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ -إنْ شَاءَ اللهُ-. قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ إذَا نَتَفَ عَانَتَهُ؟ قَالَ: وَهَلْ يَقْوَى عَلَى هَذَا أَحَدٌ؟! وَإِنْ اطَّلَى بِنُوْرَةٍ فَلا بَأْسَ، إلا أَنَّهُ لا يَدَعُ أَحَدًا يَلِي عَوْرَتَهُ، إلا مَنْ يَحِلُّ لَهُ الاطِّلاعُ عَلَيْهَا؛ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّسَائِيّ: ضَرَبْت لأَبِي عَبْدِ اللهِ نُورَةً، وَنَوَّرْته بِهَا، فَلَمَّا بَلَغَ إلَى عَانَتِهِ نَوَّرَهَا هُوَ. وَرَوَى الْخَلالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كُنْت أَطْلِي ابْنَ عُمَرَ، فَإِذَا بَلَغَ عَانَتَهُ نَوَّرَهَا هُوَ بِيَدِه. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ لا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ، وَإِذَا احْتَاجَ إلَى النُّورَةِ تَنَوَّرَ فِي الْبَيْتِ، وَأَصْلَحْت لَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ نُورَةً تَنَوَّرَ بِهَا، وَاشْتَرَيْت لَهُ جِلْدًا لِيَدَيْهِ ، فَكَانَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِيهِ ، وَيُنَوِّرُ نَفْسَهُ. وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِمُوَافَقَتِهِ الْخَبَرَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما هُوَ مِمَّا أَحْدَثُوا مِنْ النَّعِيمِ، يَعْنِي: النُّورَةَ] اهـ.

من خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم كون إبطيه لا شعر فيهما

هناك مدخل لطيف يشهد لما ذهبنا إليه، وهو ما ذكره بعض العلماء عن خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كون إبطيه لا شعر فيهما، ولذا ورد لفظ: (بياض إبطيه) في عدة روايات. ومعلوم أنه صلى الله عليه وآله وسلم الكامل في خَلقه وخُلقه، ولم يخلقه الله تعالى إلا في الكمال البشري. فدل ذلك على أن إزالة مثل ذلك من الإنسان مشروع إذا استطاعه الإنسان.
قال الإمام السيوطي في "الخصائص الكبرى" (1/ 107، ط. دار الكتب العلمية): [بَاب الْآيَة فِي إبطه الشريف صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم، أخْرج الشَّيْخَانِ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: "رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم يرفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء حَتَّى يُرى بَيَاضُ إبْطَيْهِ". وَأخرج ابْن سعد عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم إِذا سجد يُرى بَيَاضُ إبطَيْهِ". وَقد ورد ذكر بَيَاض إبطَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم فِي عدَّة أَحَادِيث عَن جمَاعَةٍ من الصَّحَابَة. قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ: من خصائصه صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم أن الْإِبْط من جَمِيع النَّاس متغير اللَّوْن غَيره، وَذكر الْقُرْطُبِيّ مثل ذَلِك وَزَاد: وَأَنه لَا شعر فِيهِ] اهـ.

حكم الاستعانة بالغير فى حلق العانة

لما تعرض الفقهاء لمسألة معالجة الحمامي -وهو عامل النظافة والزينة في الحمام العام-؛ حيث ورد عن بعض أهل العلم جواز قيامه بإزالة شعر العانة للمتنظف للضرورة. ولا شك أن كشف العورة مرة واحدة للإزالة النهائية أولى من كشفها للحمامي مرات عديدة، وقد يصيب الإنسان المرض أو الوهن أو الكبر فيحتاج إلى الاستعانة بغيره مرارًا.
قال العلامة الحصكفي في "الدر المختار" ومعه حاشية ابن عابدين (6/ 382): [عن أبي حنيفة: لصاحب الحمام أن ينظر إلى العورة وحجته الختان] اهـ.
قال الشيخ الطُّوري الحنفي في "تكملة البحر الرائق للطوري" (8/ 219، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وَفِي "التَّتِمَّةِ وَالإِبَانَةِ": كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لا يَرَى بَأْسًا بِنَظَرِ الْحَمَّامِيِّ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ. وَفِي "الْكَافِي": .. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: لا بَأْسَ أَنْ يَتَوَلَّى صَاحِبُ الْحَمَّامِ عَوْرَةَ إنْسَانٍ بِيَدِهِ عِنْدَ التَّنَوُّرِ إذَا كَانَ يَغُضُّ بَصَرَهُ. قَالَ الْفَقِيهُ أبو الليث: وَهَذِهِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لا فِي غَيْرِهَا] اهـ.

الخلاصة

الخلاصة: أنه لا بأس بإزالة الشعور التي شُرعت إزالتها بأي طريقةٍ مباحةٍ غير ضارة، ولو كانت الإزالة فيها دائمة، بشرط مراعاة الجنس عند فعل ذلك، فيفعل ذلك الرجلُ للرجل والمرأةُ للمرأة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم طاعة الزوج في عدم الالتزام بالحجاب؟ فقد وُلدت في بيت دِين، وكان أبي أحد رجال الدين البارزين، وكان جدي أكبر رجل ديني في مصر، وتوفيا قبل أن أبلغ مبلغ النساء.

وكنت أعيش مع والدتي وإخوتي، وتبعًا للظروف كنت ألبس الملابس القصيرة، وكنت أخرج بالكُمِّ النصفي ومن غير جورب، وكنت أضع على وجهي بعض الأحمر الخفيف، ومع ذلك كنت أؤدي فروض الصلاة، وكنت أخرج دائمًا مع أخي ووالدتي، وأعجب ابن خالتي بي فتزوجني لحسن أخلاقي، وكان فرحًا بي معجبًا يمدحني في كل وقت لما أنا عليه من جمال الخَلق والخُلق، ولكنه كان ينصحني بلبس الجورب والكُمِّ الطويل لكي أستر ما أمرنا الله بستره، وأحضر لي الكتب الدينية التي تحض على ذلك، ولما كنت قد ورثت حب التدين عن والدي فقد أطعته، بل زِدت على ذلك وأخذت ألبس إيشاربًا وهو أشبه بالمنديل الملون فوق رأسي وأعصبه من تحت الذقن، وهي طريقة تتبعها القرويات لكي يخفين شعر الرأس والعنق؛ وذلك ابتغاء مرضاة الله، فسُرَّ زوجي بذلك في مبدأ الأمر، ولكنه رجع فطالبني بأن أتزين وأتعطر له وألبس له الفساتين التي تكشف عن الساقين والذراعين، وأن أصفِّف شعري في أشكال بديعة كما كنت أفعل سابقًا، ولما كان ذلك متعذرًا لأن زوجي يسكن مع والديه وإخوته، وأحدهما في السادسة عشرة والثاني في الواحدة والعشرين؛ وذلك لأن ظروف زوجي لا تساعده على السكن وحده، فقد بينت له أن ذلك غير متيسر لأنني لا أستطيع أن أمنع أحدًا منهم من دخول حجرة أخيه في أي وقت، خصوصًا وأن لي أطفالًا صغارًا ومطالبهم تجعلني لا أستطيع أن أتقيد بحجرة خاصة؛ ولذلك فأنا ألبس في المنزل غطاء الرأس الذي وصفته وجلبابًا طويلًا يغطي إلى آخر الكعبين وأظل به طول النهار وبعضًا من الليل، وحين يراني زوجي بهذه الحالة يثور ويغضب ويقول إنه لا يسمح لي بهذا اللبس الذي أشبه فيه الغسالة أو كَدَادته العجوز، ولست أقول إنه يظلمني بهذا التشبيه، ولكني والحق أصبحت فتاة غريبة جدًّا عن تلك الفتاة التي كنتها والتي أعجب بها وتزوجها؛ لأن عدم التزين وهذه الملابس التي ألبسها جعلتني أشبه بالفلاحات، وحتى حين أراه غاضبًا وألبس بدل القميص فستانًا قصيرًا وشرابًا وجاكتًا لا يرضى بذلك، وأنا متأكدة أنه لو رآني كذلك قبل الزواج لما تزوجني، وقد تطورت الحالة في الشهور الأخيرة فأخذ يشتمني ويلعنني في كل وقت، ويقول إنه غير راضٍ عني أبدًا وإنني ملعونة من الله ومن الملائكة ومن كل شيء إلا إذا أطعته وأقلعت عن هذا الملبس ولبست ما كنت ألبس يوم تزوجني؛ لأنه تزوجني ليصون نفسه من الزلل، وإنه الآن في عنفوان شبابه وهو يرى في الخارج من المغريات كثيرًا، فإذا أنا لم ألبس له وأتزين كما كنت فيما مضى فسيضطر أن يمتع نفسه بطريقة أخرى، وإنه إذا زل فذنبه واقع عليَّ؛ لأنني لا أطيعه وأمتعه كما يريد. ولما قلت له إنني أخاف عقاب الله إذا أبديت زينتي ولبست الملابس التي تبين بعض أجزاء الجسم، قال لي: إنه سيتحمل الذنب وحده؛ لأنه هو الذي أمرني، وما أنا إلا مأمورة فلا عقاب علي؛ لأن الله يأمرنا بطاعة أزواجنا، وقد قال الرسول في ذلك: «لو كان السجود لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها». والآن الحالة بيننا على أشدها، وقد هددني بأن يحلف بالطلاق أني لا ألبس هذه الملابس، والآن أنا في حيرة لا أدري معها إن كنت على صواب أم على خطأ في مخالفته، خصوصًا أنه يطلب مني حين حضور أحد من أقاربنا أو حين الخروج للنزهة عدم لبس شيء على رأسي وعدم لبس جوارب وأكمام طويلة، وهو لا يطلب مني ذلك دائمًا، وإنما في بعض الأحيان فأرفض خوفًا من الله، فيقول: إنه يحب أن أكون على أحسن حال، وإنه يطلب مني طلبًا معقولًا فيجب أن أطيعه.
والآن أنا في أشد الحيرة: هل أطيعه في كل شيء طاعة عمياء؟ أم أطيعه في بعض النقاط دون بعضها؟ وهل إذا أطعته يكون لا ذنب علي؟ إن لي منه طفلة وطفلًا وهو شاب مهذب مؤدب دَيِّن، فأفتني بما يرضي الله ورسوله. هدانا الله وإياكم سواء السبيل.


ما حكم لُبس الثياب البيضاء للمرأة التي توفى عنها زوجها في أثناء مدة الحداد عليه؟ وهل تنحصر ثياب الإحداد في الثياب السوداء؟


ما حكم حلق اللحية؟ فمن المعروف أن اللحية -أيْ: إعفاء اللحية- وقص الشارب وتقصير الثوب سنة مؤكدة، ولكن هل يأثم تاركها؟


ما حكم إجراء عملية شد الوجه لإزالة تجاعيد؛ فزوجتي تعاني من ترهل شديد بجلد وجهها لتقدمها في السِّن ومن آثار الحمل والولادة، وهذا كثيرًا ما يضايقها نفسيًّا ويجعلها تلح في عمل عملية لشد هذه الترهلات، وقد سمعت أن هذه العملية ممنوعة؛ لأنها من تغيير خلق الله تعالى، فأرجو الإفادة عن الرأي الشرعي في ذلك.


سائلة تقول: يطلب مني زوجي أن أتزين وأتجمل له ونحن في المنزل. فما التوجيه الشرعي في ذلك؟


ما حكم زرع العدسات الملونة؟ حيث إنني جراح عيون؛ وردت لي الكثير من التساؤلات والطلبات من مرضى ومريضات يطلبون مني أن أقوم لهم بزرع عدسة داخل العين تؤدي إلى تغيير لون العين؛ هذه العدسة عبارة عن بلاستيكات طبية رقيقة السُّمْك، وقطرها يساوي قطر قزحية العين، والذي يحدد كثافة الصبغة بداخلها لونُ عيون الناس، هذه العدسة يمكن زرعها؛ أي: إدخالها داخل العين عن طريق عملية بسيطة يتم خلالها عمل جرح بسيط (حوالي 3 مم) تحت تأثير مخدر موضعي قطرة أو مرهم وبدون حقن، ويتم قبل العملية عمل فحوصات للعين للتأكد من صلاحيتها؛ مثل ضغط العين، وعدد خلايا بطانة القرنية، وعمق الخزانة الأمامية، وعدم وجود أمراض مثل السكر أو التهاب قزحي. هذه العملية لم يتم إجراؤها في مصر، لكن يتم إجراؤها في بعض الدل العربية وفي الدول الأجنبية. ويوجد أكثر من لون؛ يستطيع الإنسان قبل العملية اختيار اللون الذي يريده. ولقد قمت كثيرًا بزرع العدسات الشفافة المماثلة؛ للنظر، وليس لتغيير لون العين (ICL)، وامتعنت عن زرع العدسات الملونة خوفًا من أن يكون حرامًا، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لعن الله الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله».
وتذكرت من سنوات بعيدة أنني كنت أيضًا أرفض التعامل مع العدسات الملونة مخافة الحرام، حتى أتيح لي سؤال أحد المشايخ الأساتذة بجامعة الأزهر ولهم تفاسير مطبوعة باسمهم فأجاز أنها حلال، وكذلك سمعت فتوى أنها حلال ما دامت لم تستخدم في التدليس على الخاطب، وما دام أنها يمكن إزالتها وليست دائمة، وأنها تأخذ حكم ما يتم ارتداؤه.
وهذا النوع من العدسات التي تقوم بتغيير لون العيون يمكن إزالته من العين أيضًا بعملية جراحية بسيطة، لكن القيام بزرع العدسة أو إزالتها بعملية جراحية يمكن أن يحمل نسبة بسيطة من المخاطر، كما أن لبس العدسات الملونة الخارجية يمكن أن يحمل نسبة من المخاطر، ويتعامل بها ويستخدمها ملايين من الناس.
واليوم اتصلت بي سيدة تلح علىَّ أن أقوم لها بزرع هذه العدسات؛ لأن أمها سورية وأهلها كلهم عيونهم ملونة ما عدا هي، وحيث إن أباها مصري فعينها سوداء، وذلك يؤلمها نفسيًّا وتريد أن تكون مثل أهلها، قلت لها: أخاف الحرام، فجادلتني وأخبرتني أنها سألت فقيل لها: إنَّ ذلك حلالٌ؛ لأنه ليس تغييرًا دائمًا لخلق الله، وأنه مثل العدسات اللاصقة الملونة التي توضع على القرنية ويمكن خلعها في أي وقت؛ حيث إن العدسات التي يمكن أن تزرع يمكن أن تخلع من العين أيضًا إذا أراد الإنسان وبالتالي لها نفس حكم العدسات اللاصقة الواسعة الانتشار والاستخدام والتي أجاز استخدامها العلماء.
أيضًا جادلتني تلك السيدة وذكرتني بحالة نادرة أحيانًا تأتي إلينا وهم الناس الذين خلق الله لعيونهم أكثر من لون؛ فليست العينان شبيهتين في اللون بطريقة تشعر معها الإنسانة بأن شكلها قبيحٌ وغريبٌ، وفي ذلك ضرر نفسي كبير، وأصرت على أن زرع هذه العدسة لهؤلاء المرضى لا يمكن أن يكون حرامًا.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 13 مايو 2025 م
الفجر
4 :24
الشروق
6 :3
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 40
العشاء
9 :8