ما حكم دفع الزكاة للسجناء الفقراء المفرج عنهم؟ ففي إطار اهتمام وزارة الداخلية بالجوانب الإنسانية في مجال رعاية أسر السجناء المفرج عنهم باعتبارهم ركائز إعادة التأهيل في برامج إصلاح السجناء فقد تساءلت بعض الهيئات والأفراد عمَّا إذا كانت المساعدات التي تقدم لأسر السجناء والمفرج عنهم الفقراء المعدمين تدخل ضمن زكاة المال من عدمه؟ ويطلب السائل الرأي في ذلك.
نعم يجوز أن تدخل هذه المساعدات ضمن زكاة المال إذا كان هؤلاء السجناء المفرج عنهم فقراء معدمين كما ورد بالطلب، وكانوا غير قادرين على الكسب والعمل، ومن ذوي الأسر كثيرة العدد، وأولادهم في مراحل التعليم المختلفة، وليس لهم مصدر للرزق الحلال، وأغلقت أبواب الكسب الحلال دونهم.
المحتويات
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
خصَّ الله سبحانه وتعالى بعض الناس بالأموال دون بعض نعمة منه عليهم، وجعل شكر ذلك منهم إخراج سهم يؤدونه إلى من لا مال له نيابة عنه سبحانه باعتبارهم مستخلفين فيه، وقد تضمنت الآية الكريمة مصارف الزكاة وبينت أنها ثمانية أصناف؛ لما رواه أبو داود والدارقطني أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسأله عن الصدقات فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ»، والصدقة متى أطلقت في القرآن فهي صدقة الفرض؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمرتُ أَنْ آخُذْ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا إِلَى فُقَرَائِكُمْ» "تفسير القرطبي" (3/ 337).
من الآية الكريمة يتبين أن من بين مصارف الزكاة الثمانية الفقراء والمساكين وابن السبيل، وقد اختلف علماء اللغة والفقه في الفرق بين الفقير والمسكين على أقوال كثيرة، منها: أن الفقير هو الذي له بعض ما يكفيه ويقيمه، والمسكين هو الذي لا شيء له.
كما اختلف الفقهاء في حدِّ الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، فقالوا: من له دار وخادم لا يستغني عنهما جاز له أن يأخذ من الزكاة، وللمعطي أن يعطيه، وكان مالك يقول: "إن لم يكن في ثمن الدار والخادم فضلة عما يحتاج إليه منهما جاز له أخذ الزكاة، وإلا لم يجز" ذكره ابن المنذر، وبقول مالك: قال النخعي والثوري وقال أبو حنيفة: "من معه عشرون دينارًا أو مائتا درهم فلا يأخذ من الزكاة"، وقال الشافعي: "من كان قويًّا على الكسب والتحرف مع قوة البدن وحسن التصرف حتى يغنيه ذلك عن الناس فالصدقة عليه حرام؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَة لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأخرجه أبو داود والترمذي والدارقطني".
وروى جابر رضي الله عنه قال: جاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقة، فَرَكِبَهُ الناس -يعني اجتمعوا عليه- فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِصَحِيحٍ سَوِيٍّ، وَلَا لِعَامِلٍ قَوِيٍّ» "سنن الدارقطني".
وروى أبو داود عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع، وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها، فَرَفَعَ فِينَا الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ، فَرَآنَا جَلْدَيْنِ -يعني قويين-، فَقَالَ: «إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».
قال الإمام القرطبي معقبًا على الحديث في "تفسيره" (8/ 173، ط. دار الكتب المصرية): [وقال عبيد الله بن الحسن: من لا يكون له ما يكفيه ويقيمه سنة فإنه يعطى الزكاة] اهـ.
مما تقدم وفي واقعة السؤال: فإن دار الإفتاء ترى أن السجناء المفرج عنهم إذا كانوا فقراء معدمين كما ورد بالطلب، وكانوا غير قادرين على الكسب والعمل، ومن ذوي الأسر كثيرة العدد، وأولادهم في مراحل التعليم المختلفة، وليس لهم مصدر للرزق الحلال، وأغلقت أبواب الكسب الحلال دونهم، فإن ما يقدمه أهل الخير والهيئات من المساعدات يجوز أن تكون من زكاة أموالهم إذا كانت نيتهم عند الأداء لهذه الأموال أنها من الزكاة المفروضة عليهم، وعلى الجهات المعنية بهذا الأمر أن تبحث أحوال السجناء والمفرج عنهم قبل إعطائهم من هذه الزكاة ممن ثبت أنه مستحق، وتنطبق عليه شروط من هم من مصارف الزكاة، فإذا ثبت أنه مستحق أعطي منها، ومن لم يثبت استحقاقه الزكاة فلا يعطى منها إلا على سبيل التبرع والصدقة غير المفروضة؛ حتى لا تعطى الزكاة لمن لا يستحقها شرعًا. هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال. ومما ذكر يعلم عنه الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاقتصار في إخراج الزكاة على صنفٍ واحد من الأصناف الثمانية المستحقة للزكاة؟ وهل يجوز إخراجها لشخص واحد من هذا الصنف أو يجب استيعاب أهل هذا الصنف؟
ما حكم الزكاة على المال المودع في البنك؟ فعندي قطعة أرض وبعتها ووضعت ثمنها في البنك. فهل يجب عليَّ دفع الزكاة على أصل المبلغ والأرباح، أم على الأرباح فقط؟
ما حكم إخراج زكاة الفطر لأسر شهداء الشعب الفلسطيني في غزة هذه الأيام؟ وذلك بسبب الظروف القاسية التي يمرون بها من جراء الاعتداء الغاشم عليهم من العدو الإسرائيلي.
ما حكم بناء مسكن للطالبات من زكاة المال؟ فأنا سأقوم -بتوفيق الله تعالى- ببناء مسكن لطالبات جامعة الأزهر كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات فرع بورسعيد. ويطلب السائل الإفادة عما إذا كانت تكاليف هذا البناء الخيري تحسب من زكاة المال أم لا.
ما حكم إعطاء الزوج الفقير من الزكاة دون إخباره بذلك؛ فأنا أحيط فضيلتكم علمًا بأنني زوجة لموظف بدرجة مدير عام، وعندي ثلاثة أولاد في الكلية والثانوية العامة والمرحلة الابتدائية، وجميعهم يأخذون دروسًا خصوصية بمبالغ باهظة، بالإضافة إلى أن الابن الذي في الكلية مغترب، وله سكن خاص بالإضافة إلى مصاريف الكلية ومعيشته في الغربة، كل هذه التكاليف الضرورية تجعل دخل زوجي سواء كان مرتبًا أو مكافأة لا تكفي لهذه الاحتياجات الضرورية لتربية الأولاد، وليس لزوجي أي ممتلكات، أما أنا فأملك مبلغًا من المال قدره 100,000 أودعته بدفتر توفير في البنك، وأحصل منه على أرباح لأشتري منها مطالبي الخاصة. وسؤالي هو: هل يحق لي أن أوجه زكاة المال الخاصة بي للصرف منها على سد العجز الموجود بميزانية زوجي؟ علمًا بأنه في حالة الموافقة سأقوم بالصرف بمعرفتي دون أن أُعْلِم زوجي أنها زكاة مالي منعًا لإحراجه، وأيضًا في حالة عدم الموافقة سأكون مضطرة للصرف من مالي الخاص لسد العجز المذكور في ميزانية زوجي الذي لا يملك إلا مرتبه فقط.
جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة مُشهَرة بمديرية التضامن الاجتماعي، ومجال عمل الجمعية يتلخص في رعاية الفئات الخاصة والمعاقين، وتقديم الخدمات الثقافية والعلمية والدِّينية.
وحيث إن الجمعية تهدف إلى ممارسة العديد من الأنشطة تتمثل في الآتي: إقامة مراكز التثقيف الفكري، وإقامة فصول تعليمية وتربوية وتدريسية، وإقامة معارض تعليمية وتسويقية بالاشتراك مع الجهات المعنية والتأهيل للاندماج في المجتمع، وتيسير رحلات الحج والعمرة للأعضاء، وإنشاء المكاتب التثقيفية والعلمية والدِّينية، وفتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم، وإقامة الندوات والمحاضرات الثقافية والعلمية والدِّينية، وتنظيم الرحلات الثقافية والعلمية للأعضاء، وإصدار مجلة أو نشرة تعبر عن أنشطة الجمعية.
فما مدى شرعية قبول الجمعية زكاةَ المال من أهل الخير للصرف منها على أطفال الجمعية وأنشطتها المذكورة؟