ما حكم وجود طريق فاصل بين مصلى الرجال والنساء؟ مقدمه لسيادتكم إحدى الجمعيات الخيرية، والمشرفة على إدارة وصيانة مسجدين متواجدين أمام بعضهما، ويفصل بينهما شارع بعرض 15 مترًا، وتم تعيين إمام وخطيب واحدٍ لهما من قبل وزارة الأوقاف؛ نظرًا لقربهما الشديد من بعضهما، وتم تخصيص الدور الأرضي بالمسجد الأول للرجال، والثاني المقابل له كمصلى للسيدات، ووسيلة التواصل بينهما السَّمّاعات الداخلية الواضحة جدًّا للمصلين، سواء في إقامة شعائر صلاة الجمعة أم في الفروض وصلاة التراويح. لذا نرجو التكرم بإبداء الرأي في صحة الصلاة بالمسجد المخصص للسيدات، والمقابل للمسجد المخصص للرجال، والذي يؤم فيه الإمامُ المصلينَ، وذلك لوجود خلافٍ في الرأي بين المُصَلِّين.
ائتمام جماعةِ النساء في المكان المخصص لهنّ بصلاة إمام المسجد الكائن على ضفة الشارع الآخر: صحيحٌ شرعًا عند جماهير الفقهاء ما دامت متابعتُهن للإمام ممكنةً؛ سواء عن طريق سماع صوته وانتقالاته، أو معرفة ذلك عن طريق من خلفه من المصلين، ولا حرج عليهنّ في ذلك.
الأصل في المأموم أن يقتدي بإمامه، وأن يتبعه في أعمال الصلاة؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا» متفق عليه.
ومن شروط صِحَّةِ الاقتداء التي اشترطها العلماء: ألَّا يكون بين المقتدي والإمام فاصل كبير، وهو محل اتفاق بين الفقهاء أصحاب المذاهب في الجملة على اختلافٍ وتفصيلٍ بينهم فيما يتعلَّقُ بالمسافة بين المأموم والإمام، وفي التفرقة بين المسجد وغير المسجد، وفي التفرقة بين ما إذا كانت الصلاة في فضاءٍ يلي المسجد، أو في حجرة خارج المسجد الذي به الإمام بحيثُ يكون بين الإمام والمأموم حائطٌ أو سُترةٌ.
وقد أجاز جماعة من العلماء سلفًا وخلفًا صلاة المأموم خلف الإمام إن كان بينهما حائطٌ أو ساتر أو ممر أو طريق، سواء أكان في المسجد أم خارج المسجد:
فقد بوَّب الإمام البخاري في "الصحيح" بابًا أسماه: (باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سُترة)، وقال عقبه:
قال الحسن: "لا بأس أن تُصلي وبينك وبينه نهر"، وقال أبو مِجْلَزٍ: "يَأْتَمُّ بالإمام وإن كان بينهما طريقٌ أو جدارٌ؛ إذا سمع تكبير الإمام".
ثُمَّ ساق حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام الليلة الثانية، فقام معه أناسٌ يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا، حتى إذا كان بعد ذلك جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك الناس، فقال: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ».
وروى الإمام أحمد في "المُسند"، ومسلم في "الصحيح"، وأبو داود والنسائي في "سننهما"، وأبو عوانة في "المستخرج"، وابن حبَّان في "الصحيح"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "السنن الصغرى" و"الكبرى" و"شعب الإيمان" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجر حجرةً، وكان يُصلي فيها، ففطن أصحابه، فكانوا يصلون بصلاته".
وروى عبد الرزاق في "المصنف" عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت تصلي بصلاة الإمام في بيتها وهو في المسجد".
وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما" عن هشام بن عروة قال: "جئت أنا وأبي مرة، فوجدنا المسجد قد امتلأ، فصلينا بصلاة الإمام في دارٍ عند المسجد بينهما طريق".
وروى عبد الرزاق في "المصنف" عن صالح بن إبراهيم: "أنه رأى أنس بن مالك رضي الله عنه صلى الجمعة في دار حميد بن عبد الرحمن بصلاة الوليد بن عبد الملك وبينهما طريق".
وروى أبو عبد الله الفاكهي في "أخبار مكة": "أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما صلى في حجرة ميمونة رضي الله عنها بصلاة الإمام".
وقد نصَّ جماعة من الفقهاء على صحة صلاة من صلَّى خارج المسجد بصلاة الإمام إذا علم بصلاة الإمام؛ سواء أكان ذلك عن طريق رؤية الإمام أو رؤية من خلفه أو سماع صوته:
قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في "المبسوط" (1/ 197، ط. دار الفرقان): [قلت: أَرَأَيْت رجلًا صلى مَعَ الإِمَام وَبَينه وَبَين الإِمَام حَائِط؟ قَالَ: يجْزِيه] اهـ.
وقال العلَّامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 111، ط. المكتبة العصرية): [وعلى هذا: الاقتداء في الأماكن المتصلة بالمسجد الحرام وأبوابها من خارجه صحيحٌ إذا لم يشتبه حال الإمام عليهم بسماع أو رؤية ولم يتخلل إلا الجدار؛ كما ذكره شمس الأئمة فيمن صلى على سطح بيته المتصل بالمسجد أو في منزله بجنب المسجد وبينه وبين المسجد حائط مقتديًا بإمامٍ في المسجد وهو يسمع التكبير من الإمام أو من المكبر: تجوز صلاته] اهـ.
وجاء في "المدونة" (1/ 232، ط. دار الكتب العلمية): [وقال مالك: وما كان حول المسجد من أفنية الحوانيت وأفنية الدور التي تدخل بغير إذن؛ فلا بأس بالصلاة فيها يوم الجمعة بصلاة الإمام، قال: وإن لم تتصل الصفوف إلى تلك الأفنية فصلى رجل في تلك الأفنية؛ فصلاته تامة إذا ضاق المسجد..
قلت: وكذلك قول مالك في جميع الصلوات إذا ضاق المسجد بأهله، قال: هو قول مالك..
قال سحنون عن ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عبد الرحمن: أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كن يصلين في بيوتهن بصلاة أهل المسجد. قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة رضي الله عنهما وعمر بن عبد العزيز وزيد بن أسلم وربيعة مثله، إلا أنَّ عمر رضي الله عنه قال: ما لم تكن جمعة.
قال ابن وهب: قال مالك وحدثني غير واحدٍ ممن أثق به: أن الناس كانوا يدخلون حجر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام ويصلون فيها الجمعة، وكان المسجد يضيق على أهله فيتوسعون بها، وحجر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست من المسجد، ولكنها شارعة إلى المسجد، ولا بأس بمن صلى في أفنية المسجد ورحابه التي تليه، فإن ذلك لم يزل من أمر الناس لا يعيبه أهل الفقه ولا يكرهونه، ولم يزل الناس يصلون في حجر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى بني المسجد] اهـ.
وقال العلَّامة عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 375، ط. دار الفكر): [(و) جاز (فصل مأموم) عن إمامه (بنهرٍ صغير) أي: غير مانع من سماع أقوال الإمام، أو مأموميه، أو رؤية أفعاله، أو أفعال مأموميه..كذلك اللخمي: يجوز لأهل الأسواق أن يصلوا جماعة وإن فرقت الطريق بينهم وبين إمامهم] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "الروضة" (1/ 362، ط. المكتب الإسلامي): [ولو حال بين الإمام والمأموم، أو الصفين نهر يمكن العبور من أحد طرفيه إلى الآخر بلا سباحة، بالوثوب، أو الخوض، أو العبور على جسر: صح الاقتداء. وإن كان يحتاج إلى سباحة، أو كان بينهما شارع مطروق، لم يضر على الصحيح] اهـ.
وقال العلَّامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 491، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن كانا) أي الإمام والمأموم (خارجين عنه) أي: المسجد، (أو) كان (المأموم وحده) خارجًا عن المسجد الذي به الإمام ولو كان بمسجد آخر (وأمكن الاقتداء: صحت) صلاة المأموم (إن رأى) المأموم (أحدهما) أي: الإمام أو بعض من وراءه ولو كانت جمعة في دار أو دكان لانتفاء المفسد ووجود المقتضي للصحة وهو الرؤية وإمكان الاقتداء] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فائتمام جماعةِ النساء في المكان المخصص لهنّ بصلاة إمام المسجد الكائن على ضفة الشارع الآخر: صحيحٌ شرعًا عند جماهير الفقهاء ما دامت متابعتُهن للإمام ممكنةً؛ سواء عن طريق سماع صوته وانتقالاته، أو معرفة ذلك عن طريق من خلفه من المصلين، ولا حرج عليهنّ في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قراءةُ القرآن من خلال جهاز مكبر الصوت قبل صلاة الفجر والجمعة؟ فهناك مسجد مجاور لنا يتم فيه قراءة القرآن الكريم بشكلٍ يوميٍّ مِن خلال جهاز مكبِّر الصوت قبل أذان الفجر بعشر دقائق وكذلك قبل الأذان في صلاة الجمعة فقال البعض: إن هذا بدعة ويأثم من يفعل ذلك؛ فنرجو منكم بيان حكم ذلك.
ما حكم الصلاة بالقراءات الشاذة؟ فقد حكى لي بعض أصدقائي أنَّه شاهد أحد الناس يُصلِّي في الصلوات الجهرية ويقرأ بقراءة غير معتادة، وعندما سأله صديقي عن هذه القراءة أبلغه أنَّها قراءة شاذة، فهل تصح الصلاة بمثل هذه القراءة في الصلاة؟
ما حكم صلاة الجمعة لمَن أدرك الإمام في التشهد؟ حيث يوجد رجلٌ أدرك مِن صلاة الجمعة السجدتين والتشهد مع الإمام، فلما سلَّم الإمام أتمَّ صلاتَه ركعتين، فهل ما فعله صحيحٌ ومجزئٌ له عن الجمعة شرعًا؟
ما حكم الجمع في البلاد التي تنعدم فيها العلامات؟ فقد جاء في خطاب الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي، بشأن المقصود بجواز الجمع في البلدان الواقعة بين خطَّي عرض 48 و66 درجة شمالًا وجنوبًا، في القرار الثاني الخاص بمواقيت الصلاة في هذه البلدان:
أما البلدان الواقعة ما بين خطَّيْ عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا -وهي التي ورد السؤال عنها- فإن المجلس يؤكد على ما أقره بشأنها، حيث جاء في قرار المجمع في دورته التاسعة ما نصه: "وأما البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا، فيعين وقت صلاة العشاء والفجر بالقياس النسبي على نظيريهما في ليلِ أقربِ مكانٍ تتميز فيه علامات وقتَي العشاء والفجر، ويقترح مجلس المجمع خط عرض 45 درجة باعتباره أقربَ الأماكن التي تتيسر فيها العبادة أو التمييز، فإذا كان العشاء يبدأ مثلًا بعد ثلث الليل في خط عرض 45 درجة يبدأ كذلك بالنسبة إلى ليل خط عرض المكان المراد تعيين الوقت فيه، ومثل هذا يقال في الفجر".
وإيضاحًا لهذا القرار -لإزالة الإشكال الوارد في السؤال الموجه للمجمع- فإن مجلس المجمع يرى أن ما ذُكر في القرار السابق من العمل بالقياس النسبي في البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا إنما هو في الحال التي تنعدم فيها العلامة الفلكية للوقت، أمَّا إذا كانت تظهر علامات أوقات الصلاة، لكن يتأخر غياب الشفق الذي يدخل به وقت صلاة العشاء كثيرًا، فيرى المجمع وجوب أداء صلاة العشاء في وقتها المحدد شرعًا، لكن من كان يشق عليه الانتظار وأداؤها في وقتها -كالطلاب والموظفين والعمال أيام أعمالهم- فله الجمع عملًا بالنصوص الواردة في رفع الحرج عن هذه الأمة، ومن ذلك ما جاء في "صحيح مسلم" وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ"، فَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَرَادَ أَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ". على ألا يكون الجمع أصلًا لجميع الناس في تلك البلاد، طيلةَ هذه الفترة؛ لأن ذلك من شأنه تحويلُ رخصة الجمع إلى عزيمة، ويرى المجمع أنه يجوز الأخذ بالتقدير النسبي في هذه الحال من باب أولى.
وأما الضابط لهذه المشقة فمرده إلى العرف، وهو مما يختلف باختلاف الأشخاص والأماكن والأحوال". انتهى ما جاء في القرار.
والسؤال: هل يقتصر الجمع بين الصلاتين في هذا القرار على أفراد الناس ممن وجدت في حقهم المشقة؟ وهل يسري ذلك على المراكز والمساجد؟ أم أنها تقيم صلاة العشاء في وقتها ولو تأخر؛ كي لا يكون الجمع أصلًا؟
ما حكم الأذان الثاني يوم الجمعة؟
ما حكم المرور بين يدي المصلين؟ فأثناء صلاة العشاء جماعة بالمسجد قام أحد الأشخاص بالمرور أمام المأمومين، فأشار إليه أحد المأمومين ليمنعه من تخطي الصفوف والمرور أمام المصلين، ولكنه لم يستجب وقام بالمرور أمام المصلين، وبعد الصلاة حدثت تعنيفات من المصلين لهذا الشخص؛ لعدم استجابته للمصلين، رجاء التكرم بتوضيح الحكم.