من واقع عملنا في المجال الطبي كثيرًا ما نتعرض لسؤال عن شرعية صرف زكاة المال في دعم المستشفيات الحكومية المجانية التي جرى العرف أنها تعالج المرضى الفقراء. وقد يكون الدعم في شكل أجهزة طبية أو أدوية أو مستلزمات وأسرة أو صيانة للمباني.
يجوز صرف الزكاة في دعم المستشفيات المجانية بما يرجع بشكل مباشر في علاج المرضى؛ كالأجهزة الطبية والأدوية والمستلزمات والأَسِرَّة؛ وذلك عند عدم كفاية موارد التبرعات والصدقات الجارية بذلك؛ عملًا بقول بعض العلماء الذين جعلوا مصرف ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ مجالًا للتوسع في صرف الزكاة في كل القُرَب وسبل الخير ومصالح الناس عند الحاجة إلى ذلك.
الأصل أن الزكاة لا تكون إلا للأصناف الثمانية الواردين في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:60]، أي: إنها لبناء الإنسان قبل البنيان، واشترط العلماء فيها التمليك إلا حيث يعسر ذلك كما في مصرف (سبيل الله)، والمحققون من العلماء على قصر هذا المصرف على الجهاد والعلم والدعوة إلى الله تعالى؛ لأن الجهاد كما يكون بالسنان يكون باللسان أيضًا، كما قال تعالى في الجهاد بالقرآن: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 52]، غير أن بعض العلماء جعل مِن مصرف (سبيل الله) مجالًا للتوسع في صرف الزكاة عند الحاجة إلى ذلك في كل القُرَب وسبل الخير ومصالح الناس العامة، حتى مع انعدام شرط التمليك في ذلك.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع": [وأما قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ فعبارة عن جميع القُرَب؛ فيدخل فيه كل مَن سعى في طاعة الله وسبيل الخـيرات إذا كان محتاجًا] اهـ.
وقال الإمام الفخر الرازي عند تفسيره لهذه الآية: [واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ لا يوجب القصر على كل الغزاة؛ فلهذا المعنى نقل القفال في تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد؛ لأن قوله ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ عام في الكل] اهـ.
وبناءً على ذلك: فيمكن اللجوءُ إلى هذا القول عند الحاجة كما هو الحال في دعم المستشفيات المجانية بما يرجع بشكل مباشر إلى علاج المرضى؛ كالأجهزة الطبية والأدوية والمستلزمات والأَسِرَّة، أما ما يختص بالمباني وغيرها -إنشاءً أو صيانة- مما يرجع إلى العلاج بشكل غير مباشر فنرى عدم التوسع فيه من الزكاة إلا عندما تمس الحاجة ولا يتوفر من موارد التبرعات والصدقات الجارية ما يفي بذلك.
ومع أن الزكاة في الأصل يختص مصرفها بفقراء المسلمين، إلَّا أنه يمكن استفادة غير المسلمين من المواطنين وغيرهم بالمرافق الحيوية التي أجاز بعض العلماء إقامتها من الزكاة، كحال الطرق والجسور؛ لأن الاستفادة بالشيء بعد إنشائه غيرُ مِلكِيَّته من أول الأمر؛ فهو كالمسلم الذي استحق الزكاة فأخذها وضَيَّفَ بها غيرَ المسلم، وهو جائز بلا خلاف، وقد عبر العلماء عن ذلك بقولهم: يجوز في الدوام ما لا يجوز في الابتداء.
ويجب أن يوضع في الاعتبار أن كفاية الفقراء والمحتاجين في الملبس والمأكل والمسكن والمعيشة والتعليم والعلاج وسائر أمور حياتهم هي التي يجب أن تكون في المقام الأول عند صرف الزكاة؛ تحقيقًا لحكمتها الأساسية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» رواه البخاري، ودعم المستشفيات الخيرية وإن كان مآله يرجع إلى علاج فقراء المرضى إلَّا أنه ليس فيه تمليك الزكاة المباشر المخصوص للفقراء الذي هو المقصود الأصلي لها، ومن ثَم فقد أُجِيز ذلك استثناءً على خلاف الأصل للحاجة الداعية إليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على الرعاية الصحية للمرضى؟ فهناك مؤسسة للتنمية المجتمعية مقيدة بالإدارة العامة المركزية، ومشهرة بوزارة التضامن الاجتماعي، وتخضع لقانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية، وتمارس هذه المؤسسة العديد من الأنشطة، فقد أطلقت مشروعًا صحيًّا يهدف إلى تقديم الرعاية الصحية المجانية ذات الجودة العالية للفئات الأكثر استحقاقًا، من خلال قوافل طبية، حيث تقوم بتقديم الكشف الطبي، وصرف الأدوية، وإجراء العمليات الجراحية بالمجان، وذلك بالتنسيق مع المستشفيات والمراكز الطبية المختصة، وتحت إشراف طبي معتمد، فما مدى جواز الصرف من أموال الزكاة والصدقات على هذا المشروع الصحي؟
ما هو نصاب زكاة المال؟ وما هو القدر الذي يجب إخراجه منه؟
ما حكم بناء منازل الأيتام أو ترميمها من الصدقة الجارية؟ حيث رغب بعض المتبرعين من دولة الكويت في بناء منازل أو ترميم منازل لبعض أسر الأيتام المكفولين لدى المكتب الكويتي للمشروعات الخيرية بالقاهرة. والمطلوب الإفادة حول كون هذه الأعمال من الصدقات الجارية أم لا؟
ما حكم دفع الصدقات لخدمة ذوي الهمم؛ حيث توجد جمعية للأعمال الخيرية تقوم بالعديد من الأنشطة، منها مساعدة فئات من ذوي الهمم، مع اختلاف قدراتهم المادية، ويتمُّ ذلك عن طريق مساعدتهم علميًّا أو اجتماعيًّا عن طريق مسؤول النشاط يعاونه المتطوعون، ويتطلب ذلك مصاريف مالية للدراسة، وجلسات تأهيلية، ورسوم اشتراكهم في مسابقات رياضية، ونقوم بالصرف على ذلك من الصدقات؛ فهل هذا جائز شرعًا؟
هل زكاة المال 2.5 بالمائة على الأرباح أم 10 بالمائة على الأرباح؟
ما حكم سداد دين الغارم من أموال الزكاة أو الصدقات حيث توجد امرأة عليها دين لأحد البنوك؛ فما حكم سداد هذا الدين من أموال الزكاة أو الصدقات؟