من هو أولى الناس بالصلاة على الميت؟ حيث إن إحدى الجماعات في قريتنا يزعمون أن الأحق بالصلاة على المتوفى إمام المسجد مع أن فضيلتكم وضحتم الأمر: وهو أن الرجل يجوز له تغسيل زوجته والزوجة تغسل زوجها؛ فهلَّا كان مِن الأولى الصلاة على زوجته أو أمه أو أبيه، هل هذا مِن حقه أو مِن حق إمام المسجد؟
المساجد التي لها أئمة ثابة لقيام الشعائر ينبغي أن يُستأذَنوا في صلاة الجنازة، فإن أذنوا تقدم للصلاة مَن أذنوا له، وإلا قُدِّم حقُّهم في إمامتهم في سلطانهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سُلطَانِه» رواه مسلم، وسدًّا لباب النزاع والشقاق بين المسلمين.
اختلف العلماء في ترتيب الناس في أحقيتهم بالصلاة على الميت؛ فمن قائل بتقديم ذي الولاية؛ كالإمام الذي ولَّاه صاحب السلطة القيام بأمر المسجد من صلاة وخطابة وغير ذلك؛ إذ إن ذلك من سلطانه الذي أقيم فيه؛ فهو أضبط للأمر، وأقطع للنزاع والشقاق، وقد ثبت في "صحيح مسلم" وغيره من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه مرفوعًا: «لا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سُلطَانِه»، ومن قائل بأن أحق الناس بالصلاة عليه هم أولياؤه من أقاربه.
وليس الأمر في إمامة صلاة الجنازة كالأمر في القيام على غسل الميت؛ إذ الصلاة على الميت في المسجد بعد تغسيله وتكفينه: انتقالٌ من شأن إلى شأن؛ فالمسجد يكون اجتماع الناس فيه أكبر، وهذا مظنة لحدوث الاختلاف والنزاع خاصةً إذا اجتمعت أكثر من جنازة في مسجد واحد، ومن ثم كان إسناد الأمر لذي السلطان أَوْلى، بخلاف تغسيل الميت وتكفينه؛ فالاجتماع أقل وولاية ذوي القربى أمر مَيِّتِهم أيسرُ.
قال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 19، ط. مطبعة السعادة): [الجنازة يصلى عليها بثلاثة معانٍ: الولاية وهي الإمارة، والثاني: الولاء والتعصيب، والثالث: التعصيب والدين؛ فإذا انفرد كل واحد من هذه المعاني، مثل أن يموت أحد من المسلمين فلا يكون له ولي ولا يحضر من يشار إليه بصلاح ويحضر الوالي فلا خلاف أنه يصلي عليه؛ لأن هذه صلاة جماعة يحضرها الوالي فكان أحق بالتقدم عليها كصلاة الفرض، وإن حضره وليٌّ ولم يحضره والٍ ولا رجلٌ مشهور بالصلاح، فإن الولي أَوْلى بالصلاة عليه؛ لأن الصلاة على الجنائز من حقوق الميت ومن حقوق الولي؛ فإنه أحق بالقيام بها من الأجانب كسائر أموره من مواراته، وكذلك إن حضره رجل مشهور بالصلاح، ولم يحضره والٍ ولا وليٌّ؛ فإن أحق الناس بالصلاة عليه الرجل الصالح لما يُرجَى من بركة دعائه وفضله وصلاته للميت.. فإن اجتمع هؤلاء ثلاثتهم في جنازة؛ فأحقهم بالصلاة عليه الوالي، وبه قال أبو حنيفة والشافعي والدليل على ذلك ما روي عن أبي حازم قال: شهدت حسينًا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص وهو يقول تقدم فلولا السنة ما قدمناك، وسعيد أمير المدينة يومئذٍ. ودليلنا من جهة القياس أن هذه صلاة سُنَّ لها الجماعةُ فكان الوالي أحق بإمامتها كصلاة الجمعة والعيدين. الوالي الذي يستحق الصلاة على الجنازة ويكون أولى بها من الولي] اهـ.
وقد ذكر العلامة المواق المالكي الحكمة من ذلك؛ وهي ضبط الأمر وقطع باب النزاع وذلك مقصود شرعي مرعيٌّ في التعامل بين الناس حيث قال في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (3/ 72، ط. دار الكتب العلمية): [والأَوْلَى بالصلاة وَصِيٌّ رُجِيَ خيرُه، ثم الخليفة. قال في الذخيرة ما نصه: (قاعدة) ضبط المصالح العامة واجب، ولا تنضبط إلا بعظمة الأئمة في نفوس الرعية، ومهما أهينوا تعذرت المصلحة؛ فلذلك لا يتقدم في صلاة الجنازة، ولا في غيرها؛ لأن ذلك يخل بأئمتهم، وروى ابن غانم: وَصِيُّ الميت بالصلاة عليه أحقُّ من الولي] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 217، ط. دار الفكر): [وإن اجتمع الوالي والولي المناسب ففيه قولان؛ قال في القديم: الوالي أولى.. وقال في الجديد: الولي أولى؛ لأنه ولاية تترتب فيها العصبات فقُدِّم الولي على الوالي؛ كولاية النكاح] اهـ.
وعليه: فالمساجد التي لها أئمة عينتهم الدولة للقيام بالشعائر ينبغي أن يراعى حقُّهم فيُستأذَنوا في ذلك، فإن أذنوا تقدم للصلاة مَن أذنوا له، وإلا قُدِّم حقُّهم في إمامتهم في سلطانهم؛ سدًّا لباب النزاع والشقاق بين المسلمين، ويكون لأهل الميت بعد ذلك أن يَلوا شؤون دفنه والدعاء له والصدقة عنه بما يجلب الرحمة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم المشاركة في نظام تأميني لتغطية نفقات الدفن عند الوفاة؟ ففي بعض البلدان الأجنبية ترتفع نفقات دفن الميت بشكل كبير، وقد لا تستطيع أسرة الميت تحمل تلك التكاليف، ومن ضمن الحلول لهذه المشكلة، المشاركة في التأمين الخاص بترتيبات الدفن، وهذا التأمين عبارة عن مبلغ شهري يُدفع لمكان الدفن، بحيث إذا توفى شخص ما من أسرة دافع التأمين يتم دفنه مباشرة دون طلب نفقات للدفن، فما حكم الشرع في المشاركة في هذا النوع من التأمين؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
سائل يسأل عن كيفية التعامل مع رُفَات الموتى عند تجديد المقابر؟ وما الحكم عند وجود أموات حديثي الدفن فيها؟
ما حكم تكرار صلاة الجنازة على الميت؟ حيث توفي شخص، وقام أهله على تكفينه وتغسيله وصلوا عليه في المسجد المجاور لهم، ثم سافروا بالميت إلى مكان آخر حيث مقابر العائلة ووجدوا في انتظاره أهل القرية فأرادوا الصلاة عليه ثانية حيث العدد الأكبر، فهل يجوز لمَن صلى أولًا أن يصلي عليه مرة أخرى؟
ما حكم رفع الصوت بالتهليل أثناء السير بالجنازة؟ فبعض الناس ينقرون الطبول أمام الجنازة، وبعضهم يقول: "لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله" بصوت مرتفع أثناء سير الجنازة. ويطلب بيان الحكم الشرعي.
سائل يقول: ما الحكمة من اختلاف صلاة الجنازة عن صلاة الفريضة في هيئتها من حيث كونها لا أذان فيها ولا إقامة، ولا ركوع ولا سجود؟
ما هو الحكم الشرعي في تلقين المتوفَّى بعد دفنه وفي إلقاء درس على القبر والدعاء له؟