السائل يطلب حكم الشرع في زواج المتعة؟
زواج المتعة حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت من نسخه وتحريمه تحريمًا مؤبدًّا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجه. ونهى عنها ست مرات في ست مناسبات ليؤكد النسخ والإلغاء، وكان ذلك في مواقع ستة: أحدها في خيبر، والثانية في تبوك، والثالثة يوم الفتح، والرابعة بعد ذلك في عام الفتح، والخامسة في عمرة القضاء، والسادسة في حجة الوداع. وما روي عن بعض الصحابة من إباحته قد ثبت رجوعهم عن ذلك، وإذا تمَّ فإنه لا يُعدُّ نكاحًا ولا تترتب عليه آثار النكاح الشرعية.
المحتويات
زواج المتعة هو أن يقول الرجل للمرأة: أتمتع بك مدة كذا بكذا من المال، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن فيها في غزوة غزاها، واشتد على الناس فيها العزوبة، ثم ثبت ثبوتًا قاطعًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها ونسخ هذه الإباحة؛ ثبت ذلك بطريقة تبلغ حد التواتر؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عنها ست مرات في ست مناسبات ليؤكد النسخ والإلغاء، وكان ذلك في مواقع ستٍّ: أحدها في خيبر، والثانية في تبوك، والثالثة يوم الفتح، والرابعة بعد ذلك في عام الفتح، والخامسة في عمرة القضاء، والسادسة في حجة الوداع.
قال جمهور الصحابة والتابعين والفقهاء: إن نكاح المتعة باطلٌ لا ينعقد أصلًا؛ لنهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولأنه لم يكن زواجًا بإجماع علماء المسلمين، والله سبحانه وتعالى قال في وصف المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 5-6].
والمعقود عليها عقد متعة ليست زوجًا باتفاق المسلمين حتى عند الشيعة؛ فإنهم لا يرتبون لها حقوق الزوجة من نفقة وميراث، كما أن الجمهور استدلوا على بطلانه بما يأتي:
أولًا: إن الأحاديث جاءت مصرحة بتحريمه؛ فعن سبرة الجهني رضي الله عنه: "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء. قال: فلم أخرج حتى حرَّمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" رواه مسلم. وفي لفظ رواه ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرَّم المتعة فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وعن عليٍّ رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية" رواه البخاري.
ثانيًا: إن عمر رضي الله عنه حرَّمها وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة رضي الله عنهم وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئًا.
ثالثًا: نقل عن البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سُئل عن المتعة فقال: هي الزنا بعينه.
رابعًا: ولأنه يقصد به قضاء الشهوة ولا يقصد به التناسل ولا المحافظة على الأولاد وهي المقاصد الأصلية للزواج، فهو يشبه الزنا من حيث قصد الاستمتاع دون غيره، ثم هو يضر بالمرأة؛ إذ تصبح كالسلعة التي تنقل من يد إلى يد، كما يضر بالأولاد حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه ويتعهدهم بالتربية والتأديب.
قد روي عن بعض الصحابة وبعض التابعين أن زواج المتعة حلال، واشتهر ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما الذي ثبت رجوعه عن فتواه، فقد جاء في "تهذيب السنن": [وأما ابن عباس فإنه سلك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة، ولم يبحها مطلقًا، فلما بلغه إكثار الناس منها رجع عنها، وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها] اهـ.
قال الخطابي في "معالم السنن" (3/ 191، ط. المكتبة العلمية): [إن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: هل تدري ما صنعت وبما أفتيت؟ قد سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء. قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال محبسه .. يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس؟
هل لك في رَخْصَة الأطراف آنسة .. تكون مثواك حتى رجعة الناس؟
فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما بهذا أفتيت، ولا هذا أردت، ولا أحللت إلا مثل ما أحل الله الميتة والدم ولحم الخنزير وما يحل للمضطر] اهـ.
وقد قال الشوكاني عنه في "نيل الأوطار" (6/ 164، ط. دار الحديث): [وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صحَّ لنا عنه التحريم المؤبد، ومخالفة طائفة من الصحابة غير قادحة في حجيته ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به، كيف وإن الجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ورووه لنا حتى قال ابن عمر رضي الله عنهما فيما أخرجه عنه ابن ماجه بإسناد صحيح: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدًا تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة"] اهـ.
تأسيسًا على ما تقدم: فإن زواج المتعة حرام باتفاق علماء المسلمين وإجماعهم، وهو يعتبر زِنًا والعياذ بالله، وليس نكاحًا صحيحًا تترتب عليه آثاره، كما أن الداعين إلى مثل هذا يجب عليهم أن يخافوا الله ويتقوه في دينهم؛ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيَامَةِ» رواه مسلم. ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قدم السائل تصريحًا من المحكمة تطلب فيه الحصول على فتوى من دار الإفتاء المصرية عمَّا إذا كان يصح استمرار زواج المسلمة من مسيحي، وذلك بعد إشهار إسلامها.
ما موقف الإسلام من الفحوصات الطبية للمقبلين على الزواج؟ وهل الالتزام بها أمر واجب شرعًا؟
ما حكم الجمع بين المرأة وبنت أخيها؛ حيث يوجد رجل متزوج بامرأة، ويريد أن يتزوج عليها بنت أخيها، فهل يجوز الجمع بينهما، أم ما الحكم؟ أفيدوا الجواب ولكم الثواب.
سائلة تقول: يطلب مني زوجي أن أتزين وأتجمل له ونحن في المنزل. فما التوجيه الشرعي في ذلك؟
من هو مأذون الأنكحة الشرعية؟ وما مهمته؟ وهل مهمته دينية أم إدارية؟ وما الجهة المختصة بتعيينه للقيام بهذه المهمة؟ أهو القاضي الشرعي أم غيره؟ وما هي المواصفات التي يجب أن تتوفر فيه؟
ما مدى تأثير مرض اضطراب ثنائي القطب على عقد الزواج؟ فقد تزوجت امرأةٌ، وبعد الزواج اكتشَفَت أن زوجها يعاني مرضًا يُسمَّى بـ"اضطراب ثنائي القطب"، مما يُصيبه أحيانًا بأعراض من العنف والهوس في العلاقة الخاصة، وأحيانًا بالهدوء والاكتئاب والانعزال، فهل يُعدُّ ذلك مُسَوِّغًا شَرعيًّا لطلب التفريق؟