شخصٌ يقول إنه يشتغل في شركة قطاع خاص، وقد اتفق معه صاحب العمل على أجرٍ إضافيٍّ بواقع 50% من الأجر الأصلي إذا مكث في العمل من الساعةِ السابعةِ صباحًا حتى الساعة السادسة مساءً، وأنه قَبِل ونفَّذَ العمل في هذه المدة طوال أيام الشهر، وأنه في نهاية الشهر صرف له صاحبُ العمل المرتبَ فقط، وامتنع عن صرف الـ 50% المتَّفقِ عليها أجرًا إضافيًّا، وأن السائل -بحكم وضعه في العمل- قبض مبلغ 130 جنيهًا لشراء مستلزماتٍ للورشة مع أن الورشة في غير حاجةٍ إلى شراء هذه المستلزمات، وبعد أن قبض هذا المبلغ في يده ذهب إلى الإدارة المالية بالشركة لحساب قيمة الأجر الإضافي وهو الـ 50% فبلغ 95 جنيهًا أَخذَهَا من المبلغ الذي كان قد قبضه لحساب شراء المستلزمات وردَّ إلى إدارة الشركة الباقي وهو 35 جنيهًا؛ إعلامًا لصاحب العمل بأنه قد فعل ذلك لهذا الغرض.
والسؤال: ما رأي الدين، هل طريقة أخذه للمبلغ والحصول عليه مُحرَّمَةٌ، أو حلال؟
ما فعله السائل يُعَدُّ حيلةً غير مشروعة؛ لأنه أَخَذَ المال من صاحب العمل لشراء بعض المستلزمات نيابةً عنه، فصار في هذه الحالة وكيلًا في الشراء وأمينًا على المال، فإذا ما أخذ السائلُ من هذا المبلغ المالَ الذي يعتبره دَيْنًا لنفسه على صاحب العمل فإنه يكون قد نَصَّب نفسه خصمًا وحَكَمًا في آنٍ واحد، وهذا لا يجوز شرعًا، ولكن يسلك الطريق القانوني للحصول على حقه إن كان له حقٌّ.
المحتويات
في "لسان العرب" لابن منظور: أن الحِيلة –بالكسر- الاسم من الاحتيال، ويقال: لا حيلة له، ولا احتيال ولا مَحالة ولا مَحيلة، والاحتيالُ: مطالبتُك الشيءَ بالحِيَل.
قال الشاطبي في كتاب "الموافقات في أصول الشريعة": [التَّحَيُّلُ بِوَجْهٍ سَائِغٍ مَشْرُوعٍ فِي الظَّاهِرِ أَوْ غَيْرِ سَائِغٍ عَلَى إِسْقَاطِ حُكْمِ أَوْ قَلْبِهِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ، بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ أَوْ لَا يَنْقَلِبُ إِلَّا مَعَ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ، فَتُفْعَلُ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى ذَلِكَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ، مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهَا لَمْ تُشْرَعْ لَهُ؛ فَكَأَنَّ التَّحَيُّلَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: قَلْبُ أَحْكَامِ الْأَفْعَالِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي ظَاهِرِ الْأَمْر. وَالْأُخْرَى: جَعْلُ الْأَفْعَالِ الْمَقْصُودِ بِهَا فِي الشَّرْعِ مَعَانٍ وَسَائِلَ إِلَى قَلْبِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ. -ثم قال-: الحيل فِي الدِّينِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَا يَنْحَصِرُ من الكتاب والسنة، لكن في خُصُوصِيَّاتٍ يُفْهَمُ مِنْ مَجْمُوعِهَا مَنْعُهَا وَالنَّهْيُ عَنْهَا عَلَى الْقَطْعِ. -وساق الشاطبي الأدلة على هذه القاعدة التي قررها. إلى أن قال-: لما ثَبَتَ أَنَّ الْأَحْكَامَ شُرِعَتْ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ كَانَتِ الْأَعْمَالُ مُعْتَبَرَةً بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الشَّارِعِ فِيهَا كَمَا تَبَيَّنَ، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ عَلَى أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ؛ فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مُوَافِقًا وَالْمَصْلَحَةُ مُخَالِفَةً؛ فَالْفِعْلُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَغَيْرُ مَشْرُوعٍ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الشَّرْعِيَّةَ لَيْسَتْ مقصودةً لأنفسها، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهَا أُمُورٌ أُخَرُ هِيَ مَعَانِيهَا، وَهِيَ الْمَصَالِحُ الَّتِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهَا؛ فَالَّذِي عَمِلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَضْعِ فَلَيْسَ عَلَى وَضْعِ الْمَشْرُوعَاتِ] اهـ. (2/ 378، 380: 385 وما بعدها، تحقيق المرحوم الشيخ عبد الله دراز، ط. المكتبة التجارية).
وقد أقام الشاطبيُّ حكمَه هذا -على الاحتيال والحيلة- على جملةٍ من الأصول الشرعية الكلية والقواعد القطعية، موجزها:
أولًا: الاحتيال ومخالفة قصد الشارع؛ ذلك أن المحتال قد قصد إلى ما ينافي قصد الشارع فبطل عمله؛ لأن قصد المكلف ينبغي أن يكون موافقًا لقصد الشارع، ومن ابتغى غير هذا فأولئك هم العادون؛ لأنه ناقض الشريعة، وكل من ناقضها كان عمله النقيض باطلًا، وقد أقام الشاطبيُّ الأدلة على أن مخالفةَ قصد الشارع مبطلةٌ للعمل، باعتبار أن هذه المقاصد مشروعةٌ للامتثال. "الموافقات" (2/ 231 وما بعدها).
ثانيًا: الاحتيال وقاعدة اعتبار المآل: فقد بيَّن الشاطبيُّ أن تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي أو تحويله في الظاهر إلى حكم آخر كان مآل العمل خَرم قواعد الشريعة في الواقع. المرجع السابق (4/ 201).
إذ إن هذا العمل مناقضٌ لقاعدة "المصالح" مع أنها معتبرة في الأحكام وهو أيضًا مضادٌّ لقصد الشارع من جهةِ أن السبب لمَّا انعقد سببًا وحصل في الوجود صار مقتضيًا شرعًا لمسببه لا لغيره، وما كان مضادًّا لقصد الشارع كان باطلًا. ذات المرجع (2/ 278).
ثالثًا: في الاحتيال انعدام الإرادة في العقد المتحيل به؛ ذلك أن ركن العقد هو الرضا، وإذ كانت الإرادة أمرًا خفيًّا لا يطَّلع عليه أحدٌ جعل الشارعُ مظنةَ الرضا -وهو صيغة العقد- قائمةً مقام الرضا، وإذا قصد العاقد خلاف معنى لفظ العقد لم يصح القول بأنه قاصد لمدلوله حكمًا، وترتب الأثر إنما يكون بحكم الشارع لا بإرادة العاقد. المرجع السابق (1/ 216، 2/ 330)، و"إعلام الموقعين" لابن القيم (3/ 95 وما بعدها، ط. إدارة الطباعة المنيرية).
قد أفاض ابن القيم في الحديث عن الحيل مبينًا منها المحرَّم، والمباح مُوردًا أمثلةً شتى بلغت المائة وستة عشر مثالًا. المرجع السابق (3/ 140 وما بعدها حتى نهاية الجزء، وج 4 من افتتاحه حتى ص 101)، و"إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (ج 2).
هذا، ولما كان قد تردد في بعض النقول السابقة أن الحيلة قد تكون مباحةً لا سيما بعد ما سلف من أن ابن القيم قد أورد أمثلةً للمباح منها في كتابيه "إعلام الموقعين"، و"إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لزم أن نشير إلى ضابطٍ عامٍّ للحِيل المشروعة؛ ذلك أن الحيل التي جاء الشرع بذمها والتحذير منها -بل وإبطالها- هي ما هدم أصلًا شرعيًّا، أو نقض مصلحةً شرعيةً، فإن كانت الحيلة لا تهدم أصلًا شرعيًّا، ولا تناقض مصلحةً شهد الشارع باعتبارها، فهي غير داخلة في النهي وغير باطلة.
وقد وقع اختلاف الفقهاء في بعض مسائل الحيل من جهة أنه لم يتبين فيها بدليلٍ واضحٍ أنها من النوع المحظور، أو من ذلك النوع المشروع، ومن ثَمَّ يُلحقها بعضهم بالأول، بينما قد يلحقها بعضهم بالثاني، والحيل المشروعة هي ما كان المقصود بها إحياءُ حقٍّ أو دفع ظلمٍ أو فعل واجبٍ أو ترك محرَّمٍ أو إحقاق حقٍّ أو إبطال باطلٍ، ونحو ذلك مما يحقِّقُ مقصود الشارع الحكيم إذا كان الطريق سائغًا مأذونًا فيه شرعًا.
وبهذا الاعتبار يمكن تعريف الحيلة الجائزة بأنها: طريقٌ خفيٌّ مأذونٌ فيه شرعًا يتوصل به إلى جلب مصلحةٍ أو درء مفسدةٍ لا تتنافى ومقاصدَ الشرع.
ولا بد فيها من توافر ثلاثة أمور:
أحدها: أن يكون طريقُها خفيًّا؛ إما لأن ظاهره خلاف باطنه أو لأن الذهن لا يلتفت إلى هذا الطريق عادةً وإن لم يكن له ظاهر وباطن.
الثاني: أن يكون الطريقُ مأذونًا فيه شرعًا؛ بألا يكون فيه تفويتُ حقٍّ لله أو للعباد.
الثالث: أن يكون المقصود الذي يراد التوصُّل إليه مشروعًا.
ومع هذه الأمور قد قسَّموا الحيل الجائزة إلى قسمين:
الأول: أن يكون الطريق التي سلكها المحتال مفضيةً إلى المقصود شرعًا، ولكن في إفضائها إليه نوع خفاء، أما إذا كانت مفضيةً إلى المقصود إفضاءً ظاهرًا بوضع الشارع لها فليست من الحيل عند الإطلاق لغةً؛ كالعقود الشرعية التي تترتب عليها أحكامها؛ مثل البيع، والإقالة، والكفالة، والحوالة، والإجارة، والسَّلَم، والخيارات، فإن أحكامها تترتب عليها بحكم الشارع وإذنه، وهي في الأحكام التشريعية، وإن الأسباب الحسيَّة في الأحكام القدرية كلٌّ يفضي إلى المقصود، وسالكه سالكٌ للطريق المشروع.
الثاني: أن تكون الطريق التي يسلكها المحتال لمقصوده قد وُضعت في الشرع لمقصود آخر غير أن ما يقصده المحتال منها لا يتنافى مع ما يقصده الشارع، فإن حصلت المنافاة بين المقصودين كانت الحيلة من الطريق المحظور. (هذا التقسيم وما قبله من سمات الحيل الجائزة مستخلصٌ من المراجع السابقة).
وقد قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (2/ 69) بعد إيراده لأمثلة من الحيل الجائزة بلغت ثمانين مثالًا: [والمقصود بهذه الأمثلة -وأضعافها مما لم نذكره- أن الله سبحانه أغنانا بما شرعه لنا من الحنيفية السمحة، وما يسَّره من الدين على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسهَّله للأمة عن الدخول في الآصار والأغلال وعن ارتكاب طرق المكر والخداع والاحتيال، كما أغنانا عن كل باطل ومحرم وضار بما هو أنفع لنا منه من الحق والمباح النافع] اهـ.
لما كان ذلك وكان بناءُ الشريعة على مصالح العباد في العاجل والآجل وهذا ثابت بالعدد الوفير من آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت الأعمال معتبرةً بذلك؛ لأنه مقصود الشارع فيها، فإذا كان الأمر في ظاهره وباطنه على أصل المشروعية كان موافقًا لأحكام الشرع دون إشكال، وإن كان الظاهر موافقًا والباطن مخالفًا فالعمل غيرُ صحيحٍ وغير مشروعٍ؛ لوجوه:
الأول: أن الشارع لـمَّا لم يشرع هذا السبب لذلك المسبب المعين دلَّ على أن ذلك التسبب مفسدةٌ لا مصلحةٌ، وأن المصلحة المشروع لها المسبب منتفيةٌ بذلك التسبب، فيصبح العمل باطلًا؛ لمخالفته لقصد الشارع.
الثاني: أن هذا السبب بالنسبة إلى المقصود غير مشروع، فصار كالسبب الذي لم يشرع أصلًا، وإذا كان السبب الذي لم يشرع أصلًا لا يصحُّ فكذلك ما شرع إذا أُخذ لما لم يُشرع له.
الثالث: أن الأعمال الشرعية ليست مقصودةً لذاتها، وإنما المقصود بها أمور أخرى هي معانيها، وهي المصالح التي شُرعت لأصلها، فما يفعل على غير وضعه الشرعي لا يكون مشروعًا.
من أجل ذلك كانت قاعدة "سد الذرائع" من قواعد الشريعة الثابتة قطعًا بالكتاب والسنة؛ لأن من الأفعال ما يكون مباحًا في ذاته، ولكنه يؤدي إلى الإضرار بالدين أو بالعباد، فإجازة الحيل بإطلاق فيه عبثٌ ظاهرٌ بالحقوق، فوق ما فيه من مناكير أخرى يأباها الإسلام.
وإذا كانت العقود الشرعية معتبرةً و"سد الذرائع" قاعدة سديدة ثابتة وفق الأدلة المشروحة في مواضعها والمشار إلى بعضها فيما تقدم؛ كان ما فعله السائل داخلًا في نطاق الحيلة غير المشروعة؛ لأنه قد اقتضى من صاحب العمل مبلغًا من النقود نقدًا بقصد شراء مستلزمات للعمل الذي يقوم به لحساب ربِّ العمل، وتكييف هذا أنه صار وكيلًا في هذا الشراء وأمينًا على ما أقبضه إياه، وهذا هو القصد المشروع من هذا الفعل، والذي يقرُّه الشرع حين أقبضه المبلغ 130 جنيهًا، فإذا ما اقتضى السائل من هذا المبلغ ما اعتبره دَينًا له على ربِّ العمل فقد احتال إلى هذا بطريق مشروع لغير اقتضاء الدين الذي قد يكون محل منازعة، وقد انقلب السائل بهذا العمل إلى قاضٍ قضى لنفسه في خصومة هو مُدعيها دون رضاء أو استماع لأقوال المُدَّعَى عليه -رب العمل- وبذلك فقد ظفر السائل -بغير اختيار مَن عليه الحقُّ- بما يدعيه حقًّا له مع أن سبب الحقِّ في هذه الواقعة ليس ثابتًا قطعًا، والآخذ بهذا الطريق ظالمٌ في الظاهر، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا الفعل، وسمَّى الآخذ بهذا الطريق خائنًا في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ». "الكنز الثمين في أحاديث النبي الأمين" برقم 109 ومراجعه في كتب السنة.
ونزولًا على هذا الحديث كان على السائل سلوكُ الطريق القانوني لاقتضاء الحقِّ إن كان.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم حجز الذهب بدفع بعض قيمته؟ فقد ذهبتُ مع زوجتي إلى تاجر المشغولات الذهبية وقد أعجبها أحد المنتجات المعروضة، وقد أخبرنا التاجر أن ما اخترناه قد بِيع بالفعل، وأنه سَيجلب مثلَه في غضون ثلاثة أيامٍ، لكن لا بد من دفع جزءٍ مِن الثمن، فتم الاتفاق على شراء المنتج مع تحديد جميع الأمور المتعلقة بذلك من صفة المنتج ووزنه وثمنه وموعد تسليمه وتمَّ تحرير فاتورة بيع بذلك، على أن نستلمه بعد ثلاثة أيام ونسدِّد عند ذاك باقي الثمن، فهل تجوز هذه المعاملة شرعًا؟
ما حكم الشركة عند موت أحد الشريكين؟ فوالدي رحمه الله كان شريكًا لأحد أصدقائه في مالٍ للتجارة فيه، ثم توفي والدي، فما الحكم في هذه التجارة؟ علمًا بأن عليه بعض المتأخرات من حصته في الإيجارات التي يتحملها هو وشريكه، كما أن هناك بعض البضائع في المخازن.
سائل يقول: ورد في كتب الحديث أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؛ فما الحكمة من ذلك؟ وكيف نفهم هذا الحديث فهمًا صحيحًا؟
ما حكم الشرع فيما يعرف بين الناس بـ"النقوط" الذي يُقدَّم عند حدوث مناسبة عند إنسان آخر، هل هو دَيْنٌ واجب الرد أو هديةٌ لا يجب رَدُّها؟
ما حكم انتقال الدين من ذمة المتوفى إلى ذمة أحد أقاربه؟ فقد توفي أخي، وقلت عند الصلاة عليه: "أيُّ دَيْنٍ على المرحوم في ذمَّتي"، وبعد الدفن صرفت أرملته مستحقاته من عمله بخلاف ما ترك من أموال وهي سيارة خاصة، فهل يسدد الدين من ماله أم أنا ملزم به؟ ويطالبني أخوها بمؤخر الصداق وعدَّه دَينًا على المتوفى وألزمني به، فهل أسدده، أم يؤخذ من ماله؟
أرجو التفضل بالإحاطة بأنه صدر لصالحي عدة أحكام قضائية نهائية بضم ابنتي الصغيرة منذ عام 2001م ولكن السيدة والدتها -مطلقتي- ممتنعة عن تنفيذ تلك الأحكام، وكَيدًا لي فقد أقامت ضدي دعوى حبس نظير متجمد نفقة الصغيرة عن فترة كان من المفترض أن تكون فيها ابنتي في يدي تنفيذًا لأحكام الضم الصادرة لصالحي، واستصدرَت ضدي حكمًا بالحبس ثلاثين يومًا إذا لم أدفع مبلغ سبعة آلاف ومائة جنيه متجمد نفقة الصغيرة.
ولما كان قد صدر لصالحي حكم نهائي باسترداد مبلغ تسعة عشر ألفًا ومائة وعشرين جنيهًا متجمد نفقة زوجية سبق أن تقاضته مني مطلقتي دون وجه حق تنفيذًا لأحكام حبس مماثلة رغم صدور حكم بالتطليق وبإسقاط كافة حقوقها الشرعية المترتبة على الزواج والطلاق؛ لأن الإساءة من جانبها.
وحيث إن والدة ابنتي موسرة وليست معسرة أو محتاجة، بل تستطيع أداء الدَّين من مالها؛ لأنها تعمل براتب شهري كبير إضافة إلى أنها متزوجة بزوج يقوم بالإنفاق عليها، وبالتالي فإن طلب المقاصة لن يكون فيه مضرة بها، وقضاء الدَّين إنما يجب بما فضل عن الكفاية، خاصة وقد استقر الفقه على أن دَين الزوجة في غير حال الاستدانة لا يكون دَينًا قويًّا، وأنه إذا كان الزوج هو طالب المقاصة، فإنه يُجاب إلى طلبه في جميع الأحوال؛ لأنه يتنازل عن قوة دَينه، ولأنه قد رضي بذَهاب دَينه القوي في الدَّين الضعيف. "الأحوال الشخصية لمحمد أبو زهرة".
فأرجو من سيادتكم التفضل بإفادتي عن الوجه الشرعي في طلب إجراء مقاصة بين دَين متجمد نفقة ابنتي الممتنعة بإيعاز من والدتها عن أحكام الضم النهائية الصادرة لصالحي، والدَّين الذي لي على أمها الموسرة التي تستطيع أداء الدَّين من مالها البالغ تسعة عشر ألفًا ومائة وعشرين جنيهًا؛ وذلك طبقًا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الصحيحة وطبقًا لما تُقِرُّه قواعد فقه المذهب الحنفي؛ حيث إن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية مع اعتبار الأمر مهمًّا وعاجلًا؛ حيث إني مهدد بالحبس بينما أنا الدائن ولست المَدِين.