ما حكم الجهر بالنية عند الصلاة؛ كأن يقول المصلي: أصلي صلاة الصبح فرضًا لله تعالى نويت الله أكبر؟
النية محلها القلب، والتلفظ بها مشروع ومستحب، خاصةً إذا كان ذلك يساعد المصلي على استحضار النية وجمع الهمة على الصلاة، ولكن لا ينبغي الجهر بالنية إلا بمقدار ما يُسمِع الإنسان نفسه، فلا يرفع صوته بها بطريقة تشوِّش على إخوانه وتثير البلبلة في جماعة الصلاة.
المحتويات
النية هي قصد الشيء مقترنًا بفعله، والقصدُ عمل قلبي، فلا يشترط لها النطق باللسان، فلو اكتفى الناوي بعَقْد قلبه على العبادة التي ينويها من صلاة وغيرها كفى، لكن يُسَنُّ التلفظ باللسان لمساعدة القلب على ذلك كما قال جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة؛ كأن يقول: نويت أن أصلي فرض الظهر، ولكن اللفظ يكون سابقًا على تكبيرة الإحرام، أما النية القلبية فتكون مقارنة لها؛ لأنها أول الصلاة، والأصل في النية مقارنتها للفعل كما سبق، وأول الصلاة تكبيرة الإحرام، وقد ورد الشرع باستحباب التلفظ بالنية في بعض المواطن كالحج وغيره.
بينما يرى بعض العلماء -كابن تيمية وغيره- أن ذلك مكروه أو بدعة؛ لأنه لم يُنقَل فعلُه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أصحابه، وأن التلفظ بها في الحج خصوصية له.
وفي ذلك نظر؛ فإن الترك بمجرَّده ليس بحجة عند الأصوليين، ولا يحسُن الاستدلال بعدم الحصول على عدم الجواز، ولا سيما إذا كان هذا الفعل مما تشهد له أصول الشرع ولا يخالف شيئًا من قواعده، ودعوى الخصوصية في الحج على خلاف الأصل، ولا دليل عليها.
أما إذا لم يتمكن المكلف من استجماع النية إلا بالتلفظ بها فلا ينبغي أن يُختلَفَ أنها حينئذٍ واجبة؛ إذ من المقرر في أصول الفقه أن "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، و"الوسائل لها أحكام المقاصد"؛ فوسيلة الواجب واجبة، ووسيلة المندوب مندوبة، وهكذا.
قال الإمام أبو بكر السرخسي الحنفي في "المبسوط": [والتكلم بالنية لا مُعتَبَرَ به، فإنْ فَعَلَه ليجتمع عزيمةُ قلبه فهو حَسَنٌ] اهـ.
وقال في "البحر الرائق شرح كنْز الدقائق": [وقد اختَلَفَ كَلامُ المَشايِخِ في التَّلَفُّظِ باللِّسانِ؛ فذَكَرَهُ في "مُنيةِ المُصَلِّي" أَنَّه مُستَحَبٌّ، وهو المُختارُ، وصَحَّحَه في "المجتَبى"، وفي "الهِدايةِ" و"الكافي" و"التَّبيِينِ" أَنه يَحسُنُ؛ لاجتِماعِ عَزِيمَتِه، وفي "الاختِيارِ" مَعزِيًّا إلى مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ أَنَّه سُنَّةٌ، وهكذا في "المُحِيطِ" و"البَدائِعِ"، وفي "القنية" أَنه بِدعةٌ، إلا أَن لا يُمكِنَه إقامَتُها في القَلبِ إلا بإجرائِها على اللِّسانِ فحِينَئِذٍ يُباحُ، ونُقِلَ عن بَعضِهم أَنَّ السُّنَّةَ الاقتِصارُ على نِيَّةِ القَلبِ، فإن عَبَّرَ عنه بلِسانِهِ جازَ، ونُقِلَ في "شَرحِ المُنْيةِ" عن بعضِهم الكَراهةُ. وظاهِرُ ما في "فَتحِ القَدِيرِ" اختِيارُ أَنَّه بِدعةٌ؛ فإنَّه قال: قال بعضُ الحُفَّاظِ: لم يَثبُت عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِن طَرِيقٍ صَحِيحٍ ولا ضَعِيفٍ أَنَّه كان يقولُ عندَ الافتِتاحِ: أُصَلِّي كذا، ولا عن أَحَدٍ مِن الصَّحابةِ والتَّابِعِينَ، بل المَنقُولُ أَنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قامَ إلى الصَّلاةِ كَبَّرَ، وهذه بِدعةٌ. اهـ. وقد يُفهَمُ مِن قَولِ المُصَنِّفِ لاجتِماعِ عَزِيمَتِه أَنَّه لا يَحسُنُ لِغيرِ هذا القَصدِ؛ وهذا لأَنَّ الإنسانَ قد يَغلبُ عليه تَفَرُّقُ خاطِرِه، فإذا ذَكَرَ بلِسانِه كان عَونًا على جَمعِه، ثُم رَأَيته في "التَّجنِيسِ" قال: والنِّيَّةُ بالقَلبِ؛ لأَنَّه عَمَلُه، والتَّكَلُّمُ لا مُعتَبَرَ به، ومَن اختارَه اختارَه لتَجتَمِعَ عَزِيمَتُه. اهـ. وزادَ في "شَرحِ المُنيةِ" أَنَّه لم يُنقَل عن الأَئِمَّةِ الأَربَعةِ أيضًا، فتَحَرَّرَ مِن هذا أَنَّه بِدعةٌ حَسَنةٌ عندَ قصدِ جَمعِ العَزِيمةِ، وقد استَفاضَ ظُهُورُ العَمَلِ بذلك في كَثِيرٍ مِن الأَعصارِ في عامَّةِ الأَمصارِ فلَعَلَّ القائِلَ بالسُّنِّيَّةِ أَرادَ بها الطَّرِيقةَ الحَسَنةَ، لا طَرِيقةَ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
وقال الإمام أبو الحسن الماوردي الشافعي في "الحاوي": [مَحَلُّ النِّيَّةِ في الصلاة هو القَلبُ، ولذلك سُمِّيَت به؛ لأَنَّها تُفعَلُ بأَنأى عُضوٍ في الجَسَدِ وهو القَلبُ، وإذا كان ذلك كذلك فلَه ثَلاثةُ أَحوالٍ: أَحَدُها: أَن يَنوِيَ بقَلبِه ويلفظَ بلِسانِه، فهذا يُجزِئُه، وهو أَكمَلُ أَحوالِه، والحالُ الثَّانِيةُ: أَن يلفظَ بلِسانِه ولا يَنوِيَ بقَلبِه، فهذا لا يُجزِئُه؛ لأَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ الاعتِقادُ بالقَلبِ، والحالُ الثَّالِثةُ: أَن يَنوِيَ بقَلبِه ولا يَتَلَفَّظَ بلِسانِه، فمَذهَبُ الشَّافِعِيِّ: يُجزِئُه] اهـ بتصرف.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني": [ومعنى النية القصد، ومحلها القلب، وإن لفظ بما نواه كان تأكيدًا] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "شرح العمدة": [وإن لفظ بما نواه: فقال القاضي وخلائق من أصحابنا: هو أوكد وأفضل؛ ليجمع بين القلب واللسان. وقال ابن عقيل: إن كان ممن يعتريه الوسواس ولا تحصل له نية بقلبه إلا أن يستنهضها بلسانه فعل ذلك؛ لأن عليه تحصيل العقد بأي شيء يحصل له؛ كما يجب عليه تحصيلُ الماء بالشراء، والسعي إليه إذا بَعُدَ، واستقاؤه إذا كان في قعر بئر، وغير ذلك من التسبب إلى العبادات] اهـ.
بناءً على ذلك: فإن النية محلُّها القلب، وهذا لا ينافي أن التلفظ بها مشروع، بل هو مستحب، خاصةً إذا كان ذلك يساعد المصلي على استحضار النية وجمع الهمة على الصلاة.
أما الجهر بالنية فلا ينبغي إلا بمقدار ما يُسمع الإنسان نفسه، ولا يجوز له أن يرفع صوته بها بطريقة تشوِّش على إخوانه وتثير البلبلة في جماعة الصلاة كما يحصل في كثير من الأحيان.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
متى يبدأ ومتى ينتهي وقت صلاة الضحى؟ حيث يوجد رجلٌ يسكن في القاهرة، ويخرج إلى عمله مُبَكِّرًا عند طلوع الشمس، وقد يسافر إلى بعض المحافظات، ويريد أن يصلي الضحى، ويسأل: متى يبدأ وقتُها ومتى ينتهي حتى يراعي هذا الوقت عند أدائها؟
أحيانًا أدخل المسجد وقد اكتمل الصف أو الصفان خلف الإمام، فمن أين نبدأ بناء الصف الجديد؛ هل من الوسط أم اليمين؟
خطيب مأذون له من السلطان بإقامة الجمعة بالناس في أحد المساجد، فاستخلف المأذون له رجلًا يجمع بالناس، فجمع خليفته بالناس في حياته، ثم مات المأذون له، فهل والحالة هذه للخليفة أن يجمع بالناس بعد موت المأذون؟ أفيدونا بالجواب.
جرت العادة في مساجدنا في فلسطين المداومة على قراءة القرآن الكريم قبل الأذان بحوالي عشر دقائق، والحجة هي من أجل تنبيه الناس إلى قرب موعد الأذان.
والسؤال هو: ما حكم هذه العادة؟ وهل هي من البدع الحسنة في الدين كما يقول الكثير من مشايخ الأقصى لدينا في فلسطين؟
ما حكم الصلاة فوق خزان صرف صحي؟ ففي قريتنا مسجد قمنا بتوسيعه، وكان بجواره خزان مساحته متران في ثلاثة أمتار يتجمع فيه ما يخرج من دورات المياه ومن القاذورات من البول والغائط، فأدخلنا هذا الخزان ضمن المسجد، وأصبح الناس يصلون فوق هذا الخزان الممتلئ بالمياه والقاذورات. فهل الصلاة فوق هذا الخزان تجوز أم لا؟
سائل يقول: يحدث أثناء المحاضرة أن يقوم بعض الطلبة بترك المحاضرة للصلاة بعد الأذان مباشرة، ولما نبهت إلى أنه يمكن تأجيل الصلاة إلى ما بعد المحاضرة، فقام بعض الطلاب بكتابة رد يتضمن بعض المناقشات.
والسؤال: هل لا بد أن تؤدى الصلاة بعد وقت الأذان مباشرة؟ وهل واجب الإدارة أن تقوم بتوفير أوقات الصلاة وعدم شغلها بالمحاضرات؟ وهل أترك المحاضرة وقت الصلاة؟
وما الرأي في الآيات والأحاديث والحُجج التي أوردَها بعض الطلاب والتي ظاهرها يؤيد هذا الرأي وهي: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]؟
وحديث: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ»
وأنه لو أبيح تأخير الصلاة عن وقتها ولو قليلًا لكان الأمر أولى أثناء الحروب، وهو ما لم يحدث فكانت صلاة الخوف.