هل يجوز للمرتهن الانتفاع بالأرض الزراعية المرهونة إليه؟ وما رأي فضيلتكم فيما ورد في المجلد الثاني من كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" في الصفحات 332: 337؟
يجوز للمرتهن شرعًا أن ينتفع بالعين المرهونة إذا أذِنَ الراهن، على أن يكون ذلك لمدة محددة، سواء اشترط ذلك في عقد الرهن أم لم يشترط؛ وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة ويملك منفعتها، فإذا أذن للمرتهن في الانتفاع فقد ملَّكه بعض ما يملك.
وما ورد في الكتاب المذكور في الصفحات المشار إليها صحيح.
المحتويات
المقرر فقهًا أن عقد الرهن هو عقد استيثاق لا استثمار واسترباح، وعلى هذه المشروعية العامة اتفق الفقهاء، ويكون عقد الرهن بناءً على هذا هو عقد ضمان للدين بمعنى الصكِّ والكفيل، كما اتفق الفقهاء أيضًا على أنه ليس للدائن بمقتضى هذا العقد أن ينتفع بشيء من العين المرهونة، ولا نزاع في أنه لا يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، فقد اتفق الفقهاء على ذلك واختلفت كلمتهم في حل انتفاعه بإذنه.
الأحناف يتلخص رأيهم فيما يأتي:
أولًا: لا يجوز أن ينتفع المرتهن بالرهن دون إذن الراهن سواء أكان سببه قرضًا أم ثمن بيع أم غيرهما.
ثانيًا: يحل للمرتهن أن ينتفع بالرهن بإذن الراهن بكافة الانتفاعات سواء أكان عقارًا أم غيره، وعليه المعتبرات.
ثالثًا: لا يحل للمرتهن أن ينتفع بشيء منه بأي وجه من الوجوه ولو أذن له الراهن وذهب إلى هذا الرأي محمد بن أسلم السمرقندي.
رابعًا: إذا كان الانتفاع مشروطًا لا يحل وإن لم يكن مشروطًا يحلُّ، روي ذلك عن "جواهر الفتاوى".
خامسًا: قال ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (6/ 482، ط. دار الفكر): [إن هذا الرأي الأخير يصلح للتوفيق بين الرأيين السابقين] اهـ بتصرف. وهو يشير بهذا إلى ترجيحه له.
وعليه: فإذا كان الانتفاع مشروطًا لم يحل ولو أذن الراهن، وإذا لم يكن مشروطًا يحل بإذن الراهن، ومثل الانتفاع المشروط في هذا الحكم ما إذا كان معروفًا بين الناس أنهم لا يقرضون أموالهم إلا في مقابلة منفعتهم بالرهن، فإنه يحرم الانتفاع بالرهن في هذه الحالة كما يحرم انتفاعه به إذا اشترط ذلك في العقد.
وعلى ذلك يحلُّ للمرتهن الانتفاع بالمرهون بإذن الراهن إذا كان الانتفاع غير مشروط ولم يكن متعارفًا عليه بين الناس، ويحرم فيما عدا ذلك على ما استظهره العلامة ابن عابدين.
يتلخص رأي الحنابلة فيما يأتي:
أولًا: إذا كان دين الرهن قرضًا لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن مطلقًا ولو أذن له الراهن.
ثانيًا: إذا كان الرهن بدين غير القرض أو بثمن بيع أو بأجر دار؛ فإنه يجوز للمرتهن الانتفاع به بإذن الراهن.
ثالثًا: إذا كان الرهن حيوانًا مما يركب أو يحلب وله مؤنة فإنه يجوز للمرتهن إذا أنفق عليه أن ينتفع به فيركبه ويشرب لبنه ولو لم يأذن له الراهن ويتحرى العدل في ذلك فينتفع بقدر إنفاقه عليه، وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره بعض فقهاء الحنابلة، وفي الرواية الأخرى للإمام أحمد أن المرتهن لا ينتفع به بدون إذن الراهن وهو متبرع بما أنفقه، وإليه ذهب الحنفية والشافعية والمالكية.
يتلخص رأي المالكية فيما يلي:
أولًا: إذا كان دين الرهن قرضًا واشترط المرتهن الانتفاع به لم يجز.
ثانيًا: إذا كان دَين الرهن ثمن مبيع أو نحوه واشترط المرتهن الانتفاع به فلا بأس في الدور والأرَضين وغيرها إن حدد مدة الانتفاع، وإلا لا يجوز.
يتلخص رأي الشافعية فيما يلي:
أولًا: يبطل الرهن إذا اشترط المرتهن منفعة الرهن بدون تحديد أجل الانتفاع.
ثانيًا: يصح الرهن المشروط في بيع ويجوز انتفاع المرتهن به إذا كانت مدة محددة.
هذه هي آراء المذاهب الفقهية في حكم انتفاع المرتهن صاحب الدَّين بالرهن، ونحن نرى أنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، ويجوز انتفاعه به مطلقًا سواء أكان حيوانًا أم عقارًا أم أرضًا أم غيرها متى أذن الراهن له بالانتفاع بالعين المرهونة إلى أجل محدد معين سواء اشترط ذلك في عقد الرهن أم لم يشترط؛ وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة ويملك منفعتها فإذا أذن للمرتهن في الانتفاع فقد ملَّكه بعض ما يملك، ولا حرج في ذلك شرعًا، وهذا موافق لما ذهب إليه الحنفية مع الأخذ بما ذهب إليه الشافعية والمالكية في تحديد مدة الانتفاع.
وإن ما جاء بالجزء الثاني من كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" في الصفحات من (332: 337) صحيح شرعًا. ومما ذكر يعلم الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي كيفية سداد الدين المرهون بالذهب؟ وما حكم أخذ الأجرة على حفظه؟ فقد اقترض رجلٌ من صاحِبٍ له مبلغًا قدرُه سبعة آلاف جنيه، ورهن بهذا الدَّين مشغولاتٍ ذهبيةً قيمتُها وقت الاقتراض اثنا عشر ألف جنيه، وقبل حلول أجَل الدَّين عَرَض على الدائن أن يدفع ما عليه من الدَّين، فقال له: إن سعر الذهب قد ارتفع كثيرًا، وإنه يريد منه زيادة على المال المقتَرَض بما يساوي نسبته من الذهب وقت الاقتراض، فما حكم ذلك شرعًا؟ وهل يجوز له أن يطلب أجرةً مقابل حفظ الذهب المرهون؟
ما حكم الانتفاع بالمرهون؛ فقد رهن رجلٌ جزءًا من منزله لآخر على مبلغ معين، واشترط المُرتهِن أخذ الجزء المرهون تحت يده إلى أن يُوفِّيه الراهن بالدين، ولم يُعَيِّن الراهن والمُرتَهِن مدة معينة لسداد الدين، فهل يجوز للمُرتهن أخذ ريع الجزء المرهون شرعًا أم لا؟
هل يجوز انتفاع الدائن بالأرض المرهونة في مقابل مبلغٍ اقترضَه منه صاحبُ الأرض إلى أن يتم السداد؟ وهل رفض مالك الأرض المدين تسديد الدين في ميعاده يُعَدُّ مبررًا للدائن المرتهن في استغلال الأرض لحين السداد؟
سئل في تاجر اقترض مبلغًا، ورهن عليه عند دائنه بضاعة -منقولات- تساوي أكثر من قيمة الدين وقت الرهن بكثير كما هي العادة المتبعة في مثل ذلك، وقد اتفق المدين مع الدائن المرتهن على أن يرسل الدائن البضاعة المرهونة لخارج القُطر لأجل بيعها هنالك، وفعلًا شُحِنت البضاعة بعد أن ضمنت إحدى شركات التأمين أخطار البحر كما جرت العادة بذلك، وبعد هذا حصلت عوارض بحرية للبضاعة المرهونة لم تنقص بها قيمة البضاعة عن مقدار الدين، بل ظلت زائدة عليه، وعلم بذلك التاجر، فطالب شركة التأمين بالتعويض عن الضرر الذي نتج من العوارض المذكورة، وقد حصل في أثناء المطالبة أن المدين مالك البضاعة وقف ما كان يملكه من العقارات التي لا علاقة لها بالدين مباشرة، وفي وقت الوقف كانت قيمة البضاعة لا تزال أكثر من مقدار الدين، ثم إنه قد ظهر أخيرًا بعد مضي مدة تغيرت فيها الأسعار وحالة البضاعة أن عملت التصفية بين الدائن والمدين، فتبين منها أن قيمة الأشياء المرهونة والتعويض لا يكفي لسداد الدين والمصاريف والملحقات.
فهل والحالة هذه يكون الوقف صحيحًا؛ لأن الدائن كان معتمدًا وقت الإدانة على البضاعة المرهونة وعلى مركز التاجر الذي كان متينًا وقتئذٍ، ولأن الوقف حصل في وقت كانت فيه البضاعة المرهونة أكثر قيمة من الدين خصوصًا إذا ضم إليها التعويض الذي كان مطلوبًا من شركة التأمين، أو أنه يكون باطلًا؟ وإذا كان صحيحًا فهل يمكن إبطاله والعود على أعيانه بما بقي من الدين بعد المحاسبة واستنزال ما تحصل من التعويض وقيمة الدين المرهونة على حسب ما تساويه الآن لا وقت الاستدانة ولا وقت الوقف؟ أرجو أن تفيدونا بالجواب، ولفضيلتكم الثواب.
هل يجوز للمرتهن الانتفاع بالأرض الزراعية المرهونة إليه؟ وما رأي فضيلتكم فيما ورد في المجلد الثاني من كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" في الصفحات 332: 337؟
يرغب أحد الأشخاص [طرف ثان] في الحصول على آلات وأجهزة ما؛ لاحتياجه إليها في مشروع أقدم عليه، لكنه لا يمتلك ثمنها، ولديه صديق [طرف أول] يتعامل بنظام الإجارة المنتهية بالتمليك، فطلب الطرف الثاني من الطرف الأول أن يوفر له تلك الآلات والأجهزة، ثم حررا عقد إجارة اشتمل على الآتي:
1- يدفع الطرف الثاني ثمن الآلات والأجهزة على مدى عشر سنوات في صورة أجرة شهرية تزيد قيمتها عن أجرة المثل، زيادة متعارف عليها بسعر السوق والعرف بين التجار؛ نظرًا لتملك الطرف الثاني لها بعد مرور السنوات العشر دون دفع أي زيادة.
2- ضمان الآلات والأجهزة طوال السنوات العشر من مسئولية الطرف الثاني.
3- لا يحق للطرف الثاني التصرف في الآلات والأجهزة بالبيع أو الهبة أو أي تصرف فيه نقل للملكية طوال السنوات العشر.
4- العقد ملزم للطرفين، ليس لأحدهما فسخه أو الرجوع فيه إلا بالاتفاق والتراضي مع الطرف الآخر.
والسؤال: هل هذه الصورة التعاقدية جائزة شرعًا أو لا؟