حكم بلع البلغم أثناء الصيام

تاريخ الفتوى: 05 يوليو 2021 م
رقم الفتوى: 7575
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم بلع البلغم أثناء الصيام

ما حكم بلع البلغم أثناء الصيام؟ حيث يضطر الصائم أحيانًا إلى فعل ذلك، وهل هناك فرق في ذلك بين أن يكون البلغم كبيرًا أو صغيرًا؟ وهل يختلف ذلك إذا كان البلغم في الفم أو على طرف اللسان؟

ابتلاع الصائم للبلغم أو النخامة لا يفطر عند جماعة من الفقهاء، ولا يضر الصائم أن يبتلع بلغَمَهُ أو نخامته، سواء كان البلغم صغيرًا أم كبيرًا، وسواء كان في الفم أم على طرف اللسان، والصوم صحيحٌ، ولا قضاء على فاعل ذلك؛ عملًا في هذه المسألة بمذهب من أجازها من فقهاء المسلمين.

المحتويات

 

حكم بلع البلغم أثناء الصيام

ذهب فقهاء الحنفية والمالكية، ورواية عند الحنابلة، إلى أنَّ الصائم إذا ابتلعَ بلغمًا أو نخامةً لم يفطر به، على اختلافٍ وتفصيلٍ بينهم:

بيان مذهب السادة الحنفية في هذه المسألة

نصَّ الحنفية على أن البلغم إن كان أقل من ملء الفم لا ينقض الصوم بالإجماع، أمَّا إذا كان ملء الفم: فالإمام أبو حنيفة على أنه لا ينقض، وهو المعتمد.

قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "حاشيته على درر الحكام" (1/ 202، ط. دار إحياء الكتب العربية): [ولم أرَ حكم البلغم إذا ابتلعه بعد ما تخلص بالتنحنح من حلقه إلى فمه، ولعله كالمخاط، فلينظر. ثم وجدتها بحمد الله في "التتارخانية": سُئل إبراهيم عمن ابتلع البلغم قال: إن كان أقل من ملء فيه لا ينقض إجماعًا، وإن كان ملء فيه ينتقض صومه عند أبي يوسف، وعند أبي حنيفة لا ينتقض] اهـ.

وقال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 662، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: "وعند أبي حنيفة لا ينقض" هو المعتمد] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (2/ 400، ط. دار الفكر): [هذه الفائدة نبَّه عليها ابن الشحنة، ومفاده: أنه لو ابتلع البلغم بعدما تخلص بالتنحنح من حلقه إلى فمه لا يفطر عندنا.

قال: في "الشرنبلالية": ولم أره، ولعله كالمخاط، قال: ثم وجدتها في "التتارخانية"] اهـ.

بيان مذهب السادة المالكية في المسألة

نصَّ المالكية في المختار عندهم أن البلغم لا يُفطِّرُ مُطلقًا، حتى ولو أمكن طرحه، وكذلك لو كان بعد وصوله إلى طرف اللسان.

قال العلامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل" (3/ 348، ط. دار الكتب العلمية): [وأما البلغم فقال اللخمي: لا شيء في البلغم إذا نزل إلى الحلق، وإن كان قادرًا على طرحه.

القباب –أبو العباس أحمد-: بعض من لم يقف على هذا كان يتكلف في صومه إخراج البلغم مهما قدر عليه، فلحقته بذلك مشقة لتكرره عليه] اهـ.

وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 250، ط. دار الفكر): [المختار: أنه لا قضاء في البلغم، ولو أمكن طرحه، ولو بعد وصوله إلى طرف لسانه] اهـ.

وقال العلم شهاب الدين النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 309، ط. دار الفكر): [البلغم يخرج من الصدر إلى طرف اللسان ويبلعه لا قضاء عليه، ولو تمكن من طرحه، ومثله النخامة ولو وصلت إلى طرف اللسان وتعمد ابتلاعها لا قضاء عليه في شيء من ذلك] اهـ.

بيان مذهب السادة الحنابلة في هذه المسألة

ذهب الإمام أحمد في رواية إلى أن الصائم لو ابتلع النخامة لا يفطر؛ لأنه معتادٌ في الفم، غيرُ واصلٍ من خارج الفم، فأشبهَ الريق.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي في "المسائل الفقهية" (1/ 258، ط. مكتبة المعارف): [مسألة: واختلف في النخامة إذا ازدردها بعد أن حصلت في فيه هل يفطر أم لا؟

نقل المروزي، وأبو طالب: لا يفطر، وهو اختيار أبي بكر؛ لأنَّ الفطر إنما يحصل بالازدراد، دون ما يحصل في فيه، ولو ازدرد ما اجتمع في فيه من غير جمعه لم يفطر كذلك إذا ازدرد ما جمعه، وهذا التعليل في الريق إذا جمعه، وحكمه وحكم النخامة سواء] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 36، ط. دار الفكر): [فصل: وإن ابتلع النخامة ففيها روايتان.. الثانية: لا يفطر، قال في رواية المروزي: ليس عليك إذا ابتلعت النخامة وأنت صائم؛ لأنه معتادٌ في الفم، غيرُ واصلٍ من خارج، أشبهَ الريق] اهـ.

تصحيح أفعال المكلفين مقصد شرعي معتبر في الشريعة الإسلامية

مظنة الحرج تفتح باب الرخصة والتيسير، وقد نصَّ الفقهاء والأصوليون على أن للمكلف أن يقلد من أجاز، وعلى أن أفعال العوام بعد صدورها منهم محمولة على ما صح من مذاهب المُجتهدين ممن يقول بالحل أو بالصِّحة؛ فإن مراد الشرع الشريف تصحيح أفعال المكلَّفين وعباداتهم وعقودهم ومعاملاتهم مهما أمكن ذلك؛ حتى تقرر في قواعد الفقه أن "إعمال الكلام أولى من إهماله"، فإذا صدر من العامي فعلٌ مُعين: فيكفي في صحة فعله أن يوافق أحد آراء المذاهب وأقوال المُجتهدين، وهو الذي جرت عليه الفتوى.

قال العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة): [متى وافق عمل العامي مذهبًا من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحل أو بالطهارة كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه اتفاقًا] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك: فابتلاع الصائم للبلغم أو النخامة لا يفطر عند جماعة من الفقهاء، ولا يضر الصائم أن يبتلع بلغَمَهُ أو نخامته، سواء كان البلغم صغيرًا أم كبيرًا، وسواء كان في الفم أم على طرف اللسان، والصوم صحيحٌ، ولا قضاء على فاعل ذلك؛ عملًا في هذه المسألة بمذهب من أجازها من فقهاء المسلمين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم صيام كبير السن المريض؟ فأنا عمري 84 عامًا، ومريض بالقلب ولا أقدر على الصيام.


هل للصيام درجات؟ وما هي تلك الدرجات؟


ما حكم الاجتماع في ليالي رمضان للاستماع لقراءة القرآن من القراء الذين يحسنون أداءه، وإنشاد المدائح والقصائد الدينية؟ حيث اعتدنا في قريتنا أن نجتمع بعد صلاة التراويح للاستماع لقارئ يقرأ القرآن الكريم، وأحيانًا يتبعه شيء من المديح النبوي وإنشاد القصائد الدينية، ويصحب ذلك تقديم بعض المأكولات والحلويات والمشروبات، وأحيانًا تقديم وجبة السحور؛ فرحًا بالشهر الكريم من ناحية، وفرحًا لتجمع الأهل والأحباب والجيران كبارًا وأطفالا أغنياء وفقراء من ناحية أخرى، ونسمي ذلك "سهرات رمضان"، فهل هذا يعد من إحياء ليالي رمضان؟ وهل نثاب عليه؟ وهل هو موافق أو مخالف للسنة النبوية؟


هل يجب تبييت النية في قضاء صيام رمضان؟ فقد أفطرتُ يومًا في رمضان لعذرٍ، وفي أحد الأيام استيقظتُ عند الساعة العاشرة صباحًا ولم أكن قد تناولتُ شيئًا من طعامٍ أو غيره أو فعلتُ أمرًا ينافي الصيام؛ فهل يجوز أن أنوي الصيام في هذا الوقت بنية قضاء اليوم الذي عليَّ وأُكمل بقية اليوم صائمًا؟


ما حكم صيام تارك الصلاة؟ وهو الذي يصوم ولا يصلي؟ وهل يؤثر تركه الصلاة على صيامه؟


ما مدى جواز العمل بالأحاديث الواردة في صيام شهر رجب؟ حيث يقول بعض الناس إن الفقهاء الذين استحبوا الصيام في شهر رجب قد جانبهم الصواب، وإنهم استندوا في قولهم هذا على أحاديث ضعيفة وموضوعة، ومنهم فقهاء الشافعية، فهل هذا صحيح؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 25 أبريل 2025 م
الفجر
4 :44
الشروق
6 :17
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 29
العشاء
8 :52