23 نوفمبر 2023 م

قبة الصخرة

قبة الصخرة

قبة الصخرة من العوامل التي يستخدمها العدو في تشويه الصورة الذهنية لدى المسلمين، من جهة ترسيخ صورته في أذهان المسلمين والعرب، على أنه هو المسجد الأقصى؛ ليكون بإمكانهم أن يتحركوا بحرية تامة شيئًا فشيئًا نحو التعدي على المسجد الأقصى الذي هو قضية جميع المسلمين على ظهر الأرض؛ فمعرفة مسجد قبة الصخرة أو مصلى قبة الصخرة مهمة من جهتين؛ الأولى: لتمييز المسجد الأقصى، الثانية: لكونه معلمًا من معالم المسلمين في هذه البقاع الطاهرة المقدسة.

فقبة الصخرة لها مكانة عظيمة جدًّا، وإنها مبنية على بيت مكون من أربعة أبواب على الْجِهَات الْأَرْبَع الْأَصْلِيَّة: الشرق، والغرب، والشمال، والجنوب، وهي: الباب القبليّ وباب إسرافيل وباب الصور وباب النساء، والعُمُد التي في قبة الصخرة ثلاثون عمودًا، وقد بُني هذا المسجد على صخرة محيطها: مائة ذراع، يعني 48 مترًا تقريبًا، وهي غير منتظمة الشكل، لا هي مدورة ولا مربعة ولكنها حجر غير منتظم كحجارة الجبل، وقد بنوا على جوانب الصخرة الأربعة أربعة دعائم مربعة: ركن القبة وهو ما يشبه العمود، بارتفاع حائط البيت المذكور، وبين كل دعامتين على الجوانب الأربعة عمودان أسطوانيان من الرخام بنفس الارتفاع، وعلى قمة تلك الدعائم وهذه الأعمدة الاثني عشر بنوا القبة التي تحتها الصخرة، والتي يبلغ محيطها مائة وعشرين ذراعًا، يعني 57 مترًا تقريبًا.

ولمسجد قبة الصخرة قدسية ومكانة إسلامية في نفوس جميع المسلمين؛ لأنه هو الموضع الذي عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم منه؛ فبه الصخرة التي عُرج به صلى الله عليه وسلم من عليها وقدمه فيها؛ ومن هنا استمدت هذه الصخرة مكانتها الرفيعة وقدسيتها الشريفة.

ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا المسجد حسن الصورة، وقبته بهية المنظر، حتى إن كثيرًا من الناس كان يتمنى أن هذا الشكل لو كان هو شكل المسجد الأقصى، ومن أروع ما قيل في وصفها ما قاله ابن بطوطة عنها: "هي من أعجب المباني وأتقنها وأغربها شكلًا قد توفر حظها من المحاسن، وأخذت من كل بديعة بطرف، وهي قائمة على نشز في وسط المسجد يصعد إليها في درج رخام.. والدائر بها مفروش بالرخام أيضًا محكم الصنعة، وكذلك داخلها وفي ظاهرها وباطنها من أنواع الزواقة، ورايق الصنعة، ما يعجز الواصف، وأكثر ذلك مغشى بالذهب؛ فهي تتلألأ نورًا وتلمع لمعان البرق، يحار بصر متأملها في محاسنها ويقصر لسان رائيها عن تمثيلها" اهـ.

فيبدو واضحًا مما ذكرنا أن قبة الصخرة من المقدسات الإسلامية ذات الشأن، وأنها من معالم فلسطين التي ينبغي أن ينتشر التعريف بها وبمكانتها، وأن يُنشر ذلك بين أبناء وربوع الإسلام.

المراجع:

  • الروض المعطار في خبر الأقطار، ابن عبد المنعم الحميري [المتوفى: 900 هـ]، ص 69، ط. مؤسسة ناصر للثقافة.
  • معجم البلدان، لياقوت الحموي، 5/ 170، ط. دار صادر.
  • سفر نامه، للعلامة ناصر بن خسرو، [المتوفى: 481هـ]، ص 66، ط. دار الكتاب الجديد.
  • رحلة ابن بطوطة، 1/ 247، ط. دار الكتاب الجديد.

مما يؤكد كون المسْجد الأقصى معلمًا إسلاميًّا رفيع المستوى أنَّه مسرى نبي الإسلام وخاتم النبيين، وخطُّ سير أقدامه صلوات الله وسلامه عليه؛ كما جاء في القرآن الكريم فقال عزَّ وجلَّ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الإسراء: 1]، وقد أكد العلماء على ما نصَّت عليه الآية الكريمة من أنه المكان الذي توجه إليه رسول الإسلام عليه السلام في مسراه، ومن ذلك ما قاله ابن إسحاق في «السيرة النبوية»: "أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى- وهو بيت المقدس- وقد فشا الإسلام بمكة، وفي القبائل كلها".


نال المسجد الأقصى -باعتباره أهم معالم الإسلام في فلسطين- اهتمامًا بالغًا من نصوص الشريعة الإسلامية؛ إذ هو مَسْرَى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الإسراء والمعراج، وإنَّ كل النصوص الواردة في فضيلة هذا المسجد الميمون لا تُعادل النص القرآني الذي أثبت للمسجد ولكل ما حوله ما ليس لغيره من بقاع الدنيا من الفضل والبركة، وهو ما بيَّنه القرآن الكريم في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].


لمَّا كانت دولة فلسطين محلَّ اهتمامٍ من الملوك والولاة المسلمين عبر العصور، قاموا بتشييد المباني العمرانية الكبيرة، المُزيَّنة بالزخارف والفنون الجميلة، فأنشأوا العديدَ من المباني الأثرية، كالمساجد والزوايا والتَّكَايا وغير ذلك، ومن بين هذه المباني التاريخية العريقة: "الجامع العمري الكبير" الموجود بقطاع غزة، والذي يُعد جزءًا مهمًّا من تاريخ المدينة المباركة؛ لأن قطاع غزة له موقع جغرافي متميِّز؛ إذ هو يقع عند ملتقى قارتي آسيا وإفريقيا؛ ذلك الموقع الذي جعل لغزة أهميةً إستراتيجية وعسكرية فائقة، فتُعدُّ بمثابة الخط الأمامي للدفاع عن فلسطين، بل والشام جميعها جنوبًا.


المسجد الأقصى له أسماء كثيرة؛ لشرفه ورفعة مكانته، وقد ذُكر في أسمائه سبعة عشر اسمًا، وأشهرها: المسجد الأقصى، والقدس، أو بيت المقدس، وغيرها. وفلسطين تشتمل على مساجد كثيرة رغم أن موقعها ليس كبيرًا، والمسجد الأقصى من أهمها، وهو الذي أشار الله تعالى إليه في القرآن الحكيم في قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء: 1]، ومن هنا تظهر قدسية المسجد الأقصى من جهة، ويظهر ارتباطه وارتباط المسلمين به من جهة أخرى.


الواقع المعاصر يضطرنا إلى أن نقرر أنَّ ساحة المسجد الأقصى المبارك بكلِّ ما تشمله مِن معالم وآثار تُمثل جزءًا لا يتجزأ مِن تراث المسلمين ومعالم دينهم الواضحة، وأنَّ الحائط الغربي هو أحد هذه المعالم، وإنه لتعود ملكيتُه إلى المسلمين وحدهم؛ لأنه يُمثل جزءًا لا يتجزأ مِن الحرم القدسي الشريف الذي هو من أملاك الوقف الإسلامي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 26 أبريل 2025 م
الفجر
4 :43
الشروق
6 :16
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 29
العشاء
8 :53