25 أغسطس 2019 م

صفة القدم

صفة القدم

الإنسان العاقل توقن نفسه بأنه صنعة الله تعالى الذي خلقه بقدرته، ووهبه الحياة وأسبابها، وهيأ له سبل العيش في هذا الكون الفسيح، وتوقن نفسه أيضًا بأن كل شيء في الكون من سماء وأرض ونجوم وأفلاك وبحار وأنهار وكائنات لا تحصى مفتقرة محتاجة في وجودها إلى الله تعالى الذي أوجدها من العدم.
وهذا اليقين يأخذ العقل إلى التسليم بأن الله العظيم لم يكن أبدًا عدمًا؛ وإنما هو الأول الذي ليس قبله شيء؛ لأن من يقبل العدم لا يستطيع أن يوجد نفسه ولا أن يوجد غيره، وإنما يكون مفتقرًا إلى من يخرجه من العدم إلى الوجود، ومن المستحيل أن يفتقر الله تعالى إلى غيره، فهذا شيء باطل لا يسلم العقل بنتائجه، ولا يليق بمقام الألوهية الذي يجب له القدرة والغنى المطلق. فالواجب أن يوصف الله تعالى بالقدم، وهو في حق الله تعالى معناه أنه لا أول لوجوده تعالى ولا بداية ولا افتتاح. وليس المراد أنه مضى على وجوده زمان طويل، لأن الله تعالى لا يحويه زمان ولا يحيط به مكان.
وقد اضطرب الفكر لدى بعض الناس فقاسوا وجود الله عز وجل بمقاييس العالم، فقالوا -بجهلهم- إذا كان كل شيء حولنا قد وُجِدَ بعد عدم فينبغي أن يثبت هذا لله تعالى فيكون موجودًا بعد عدم.
والجواب أولًا: أن هناك فارقًا بين المخلوق والخالق؛ فالمخلوق عبدٌ تجري عليه أحكام العبودية من الافتقار والاحتياج الدائمين، والرب رب يتصف بالغني المطلق والقدرة النافذة والعظمة الباهرة، وإلا لما كان إلهًا وربًا وخالقًا لهذا الكون.
والجواب ثانيًا: أن مُسَبِّبَ العالم يجب أن يكون خارج عن حقيقة العالم مخالف له لا تسري عليه القوانين التي تحكم العالم، فإذا سلم العقل أنه رب العالمين فليسلم ضرورة أنه لا بداية لوجوده ولم يسبقه عدم، وهو معنى اتصاف الله تعالى بصفة القدم، فهذه الصفة تنفي عن الله تعالى أن يكون حادثًا بعد عدم؛ لأن هذا معنى لا يليق به عز وجل.
والجواب ثالثًا: أنكم لو فرضتم أن الله تعالى مسبوق بالعدم وجب أن تبحثوا عن من أوجده، فيكون البحث عن الموجد الحقيقي لهذا الكون، وكلما وصلتم إلى موجد سُبق بالعدم بحثتم عمن أوجده، وهكذا يتسلسل الأمر بلا انقطاع، وساعتها لن تجدوا مفرًا من أن تثبتوا لله تعالى صفة القدم.
ولا يصح عقلًا ولا شرعًا أن يقال إن الله تعالى خلق نفسه، لأن هذا كلام باطل من أصله؛ فإن الذي يحتاج إلى الخلق هو المعدوم، فكيف يُوجِدُ المعدوم ذاته المعدومة، هذا من المحال، والقول به كفر.
ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الانحدار الفكري فقال: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ» رواه مسلم.

المراجع:
"تحفة المريد" لشيخ الإسلام الباجوري.
"شرح الإمام الدردير على الخريدة".
"فتح الباري" لابن حجر.
 

إذا تأمل الإنسان في أطوار حياته عبر العصور، وما صاحب التقدم الزماني من عوامل تغير شملت مناحي حياة الإنسان، فإنه سيلاحظ أن ما يسخر له في الكون في كل مرحلة إنما يلائم احتياجات عصره ويوافقها، وسيعلم أن كل شيء بقدر، وإلا فلينظر إلى منتجات هذا العصر، ويبحث عنها نفسها في القرون الماضية، ويقارن مدى احتياج الناس إليها في كل زمان؛ ليعلم أنها لم تظهر إلا عندما احتيج إليها.


كلما تقدم الزمان بالإنسان واتسعت إمكاناته البحثية وقدراته الاستكشافية وقف على ما لا يحصى من العجائب في نفسه وفي العالم من حوله، وليس ازدياد المراكز البحثية والمختبرات الكشفية والتخصصات العلمية والأجهزة التقنية والتنافس الدولي في هذا كله إلا دليلًا على إعجاز خارق في تكوين كل فرد من أفراد هذا العالم.


أول الصفات الواجب اعتقادها في جانب الحق سبحانه وتعالى صفة الوجود؛ فلولا وجود الله ما وجد من العالم شيء، ولولا وجود الله ما تحرك ساكن ولا سكن متحرك، ولولا وجود الله ما بدأت حياة ولا انتهت أخرى، ولولا وجود الله ما انفلق عن الطين الضعيف شجر، ولا نبت في الشجر الجامد ثمر، ولا تعددت في البشر ألوانهم واختلفت ألسنتهم وتباينت آراؤهم وتنوعت أذواقهم وكلهم من جنس واحد وأفراد لنوع واحد.


التدين أصيل في النفس الإنسانية، قديم قدم البشرية، وقد كشفت بعض الدراسات التي أجريت في مجال علم النفس وعلم الأديان وغيرهما أنه ما من جماعة إنسانية عاشت على هذه الأرض إلا وكان لها دين ومعبود تتجه إليه بالعبادة والتقديس، وتضافرت هذه البحوث لتثبت أن عقيدة الإيمان بوجود "الإله الأعلى" كانت موجودة عند القبائل البدائية في أستراليا وإفريقيا وأمريكا، وكذلك عند الأجناس الآرية القديمة،


تساءل الفيزيائي السويسري الشهير تشارلز يوجين جاي (1866-1942م): هل من الممكن أن تصنع الصدفةُ الكائنات الحية؟ وما نسبة الخطأ في احتمالات هذه العملية الكبيرة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 مايو 2025 م
الفجر
4 :23
الشروق
6 :2
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 41
العشاء
9 :9