08 يوليو 2019 م

نظام الحسبة في الإسلام

نظام الحسبة في الإسلام

 حرص الإسلام منذ ظهوره على إقامة مجتمع ذي طابع خاص، تكتنفه الأخلاق الكريمة، وتحكمه المبادئ العليا والقيم السامية، وحرص كذلك على أن يشتمل المجتمع على العوامل التي تدعم استقراره وتعمل على شيوع الفضائل بين أهله وتنبذ كل خلق معوج وانحراف في القول أو العمل؛ فكان من أهم المبادئ الأصيلة التي شرعها الله عز وجل وجعلها أساسًا لخيرية أمة الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [آل عمران: 110].
وتطبيقًا للأمر الإلهي بنشر المعروف ومواجهة المنكر في كافة مناحي الحياة ظهر مصطلح الحسبة، معبرًا عن ما يقوم به المسلمون داخل الجماعة المسلمة من أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، أو نهي عن المنكر إذا ظهر فعله.
وقد أخذت الحسبة تطبيقًا شكلين أساسيين؛ هما: الحسبة الفردية التطوعية التي يقوم بها أفراد المجتمع بعضهم مع بعض نصحًا وتذكيرًا وتقويمًا وزجرًا، والحسبة النظامية "ولاية الحسبة".
أما الحسبة الفردية: فقد ابتدأت مع البدايات الأولى لنشأة المجتمع الإسلامي بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وقد كانت ولا تزال وظيفة اجتماعية وواجبًا شرعيًّا يتعلق بعموم المسلمين، بشرط التزام الضوابط التي تحكُم باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لا تؤدي الحسبة إلى نتائج عكسية تكر على مقصود الشرع بالبطلان، فليست الحسبة دائمًا لكل أحد، وليس كل ما يظنه المرء منكرًا يكون منكرًا في الشرع متفقًا على حرمته، وليس كل ما يظنه المرء معروفًا يكون معروفًا في الشرع متفقًا على وجوبه أو ندبه، كما أن مراتب الإنكار متعددة، لا تصلح كلها لكل موقف، ولا تجب -بل لا تباح-كلها لكل موقف، وإنما لكل حال ما يناسبه، فالأمر خطير.
وأما الحسبة النظامية: فالمراد منها تكليف ولي الأمر من يراه أهلًا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن يتولى أمر الحسبة؛ بحيث تكون وظيفة متعينة في حقه، لا عملًا تطوعيًّا.
وقد كانت البدايات الأولى لهذا في عهد النبوة والخلافة الراشدة، ولكن بصورة ضيقة، اتسعت بعد ذلك باتساع الدولة في العهدين الأموي والعباسي، حتى أصبح للحسبة ولاية خاصة كولاية القضاء وولاية المظالم، ووضعت لها القواعد، وحددت لها الاختصاصات، وامتدت ولاية الحسبة في العالم الإسلامي ملقية بظلالها على الفاطميين بمصر والشام والأمويين بالأندلس، وظلت ممتدة لقرون، فاستمر المحتسب في مصر مثلًا يؤدي وظيفته حتى سنة 1805م.
وبذلك صار المحتسب الوالي موظفًا عامًّا يكلفه ولي الأمر للقيام بهذا الواجب، فكانت له اختصاصات وصلاحيات ليست لغيره من الأفراد، فكان له -مثلًا- أن يبحث عن المنكرات للنهي عنها والزجر، بخلاف غيره من المسلمين فليس لهم ذلك، كما كان له سلطة التعزير عقابًا وتأديبًا بما يخوله له ولي الأمر، وليس ذلك لغيره من المسلمين.
ولقد اتسعت اختصاصات المحتسب في ظل اتساع المصالح والمعايش حتى ذكر ابن الْأُخُوَّةِ في كتابه عن الحسبة سبعين بابًا تقريبًا فيما تقع عليه الحسبة من المهن والأعمال، والتي يمكن إرجاعها إلى نوعين كبيرين؛ أحدهما الحسبة على السلطات العامة وهذه يدخل فيها الحسبة على الأمراء والولاة والقضاة، والآخر الحسبة على الأفراد، ويدخل فيها الحسبة على العلماء والمعلمين، ويدخل فيها الحسبة على غيرهم من أصحاب المهن والأعمال، كالحسبة على البياطرة والجزارين، والحسبة على الأطباء، ، والحسبة على قلايين السمك، والحسبة على الدباغين.
وإذا راجعنا تاريخ الحسبة في مصر حاضرة الإسلام نجد أن أكثر من تولى الحسبة كانوا من كبار العلماء المشهود لهم بالتحقيق كابن الجوزي (ت653هـ) والمقريزي (ت845هـ) والبدر العيني (ت855هـ)، مما يدلُّ على عظم شأن الحسبة وخطورتها، حتى وضع المسلمون لها علمًا خاصًّا سيكون محورَ حديثنا في مقال قادم إن شاء الله تعالى.
المراجع:
- "معالم القربة في أحكام الحسبة" لمحمد بن محمد القرشي بتحقيق د/ محمود شعبان.
- "أصول الحسبة في الإسلام" للأستاذ الدكتور/ محمد كمال الدين إمام.

من العلوم التي أسهم فيها المسلمون بإسهام وافر وبارز علوم الحكمة أو الفلسفة كما هو شائع، وتهتم علوم الحكمة بالنظر العقلي البحت لتكوين رؤية كلية للكون وللحياة، ومصطلح الفلسفة الإسلامية يوحي بارتباط هذا المفهوم بالقيم القرآنية والنبوية، فهو يكون رؤية شاملة للكون والخلق والحياة والخالق لا تتعارض مع كليات العقيدة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الآن نظرية المعرفة في الحضارة الإسلامية،


الحضارة مشتقة من (الحضر) وهو المكان الذي يكون فيه عمران واستقرار لأهله من ساكني المدن، بخلاف أهل البداوة الذين يعيشون على التنقل في الصحراء وبواديها بحسب الظروف المعيشية المتوفرة لهم. ومفهوم الحضارة واسع يشمل مختلف أنواع وعوامل التقدم والرقي، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية أو متعلقة بنظم الإدارة وممارسات الحياة العامة بأشكالها المتنوعة. ومن المظاهر الحضارية التي اعتنى بها المسلمون الاهتمام بالطب والتداوي، فلم يكن المسلمون في ميادين الطب والصيدلة مجرد ناقلين ومقلدين لخبرات الأمم الأخرى في هذا المجال، بل ترجموا ونقلوا وجربوا وهذبوا وابتكروا


التكايا والزوايا من المؤسسات المهمة التي أنتجتها الحضارة الإسلامية؛ لتقدم نموذجًا فريدًا في خدمة المجتمع والرسالة الدينية والقيم الإنسانية، وقد كانت –تحديدًا- من ثمار التفاعل الصوفي مع الواقع وتيسير أفضل السبل لتحقيق الغاية من سلوك طريق التصوف. وهناك عددٌ من المفاهيم لا بد من بيانها قبل الحديث عن أثر هذه المؤسسات الصوفية في الحضارة الإسلامية


لم تكن الرِّسالةُ الإِسلاميَّة داعيةً للانغلاق والانكفاء على الذَّات، بل إنَّ هذا الانغلاقَ والانكفاءَ يتناقضُ مع كونها دعوةً للعالمين، تخاطب كافَّة الأجناس وتتواصل مع مختلف الثَّقافات، وهذا التَّواصل مُنبنٍ على أساسٍ راسخٍ من رؤية نقيَّةٍ للكون والحياة والوجود، ثم بعد ذلك يمكن أن يتم تطعيم أدوات هذه الرؤية ووسائلها بما توصَّلت إليه من أدوات ووسائل تنفع ولا تخالف هذه الرؤية الذَّاتيَّة الإسلاميَّة.


"الأدب" كلمةٌ ترجع إلى معنى الاجتماع والضيافة والكرم، ومن ذلك تسمية العرب للمأدبة، فكان العرب يقولون: أدِبَ القومَ يأدبهم أدبًا، إذا دعاهم إلى طعامٍ يتَّخذه، وكان إقراءُ الضيوف وتقديمُ الطعام لهم من أرقى الخصال التي يتحلَّى بها المرءُ في هذه البيئَة الصَّحراويَّةِ المُقْفِرَةِ؛ حيث كان امتلاكُ الطَّعام هو السبيلُ الدُّنيويُّ الوحيد تقريبًا للحياة، فكان تقديمُه للضيوف دليلًا على رُقِيٍّ أخلاقيٍ عالٍ، وَسُمُوِّ نفسٍ كبيرٍ.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 مايو 2025 م
الفجر
4 :15
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 52
العصر
4:28
المغرب
7 : 47
العشاء
9 :17