09 يونيو 2019 م

عام الحزن (1)

عام الحزن (1)

كان انتهاء حصار الشِّعْبِ في المحرم من السنة العاشرة للبعثة، وتُوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر أي في شهر رجب، فلم يمض على خروجه من الشِّعْبِ إلا أشهر معلومات حتى أصابه مرض الوفاة ثم توفي.

لقد كان أبو طالب في حياته يدعم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحميه ويذود عنه، متحملًا للأذى والملامة بدلًا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويشهد كل قارئ لسيرة الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه ما وجد أب أحنى على ولده من أبي طالب على ابن أخيه؛ بحيث إننا لو أخذنا بالقرائن أو بالأمارات على ما يستكن في القلوب لما وسعنا إلا القول بأنه مؤمن، والله أعلم بما هنالك.

ولقد نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بعد وفاة أبي طالب ما لم تنله منه في حياته، ولقد روى ابن سعد عن حكيم بن حزام وثعلبة بن صعير رضي الله عنهم قالا: لما توفي أبو طالب وخديجة رضي الله عنهما اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم مصيبتان، فلزم بيته وأَقَلَّ الخروج، ونالت قريش منه ما لم تكن تنال ولا تطمع فيه، فبلغ ذلك أبا لهبٍ فجاء فقال: يا محمد، امض لما أردتَ، وما كنتَ صانعًا إذ كان أبو طالبٍ حيًّا فاصنعه، لا واللات والعزّى لا يوصل إليك حتى أموت.

بل قد ورد على لسان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قوله: «مَا نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ» رواه البيهقي في "دلائل النبوة".

ولقد اشتد الأذى، وكان الاعتداء بالقول والفعل، حتى اضطر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى أن يطلب الجوار ليدخل مكة المكرمة، فأجاره مطعم بن عدى.

ولقد زاد من حزن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أعقب وفاتهما من انغلاق معظم أبواب الدعوة إلى الدين الحق على ما كان يبدو ظاهرًا، وكان حزنه على ألا يؤمن الناس بالحق الذي جاء به شيئًا غالبًا على نفسه صلى الله عليه وآله وسلم. ومن أجل تخفيف هذا الحزن عليه كانت تنزل الآيات مواسية له ومسلية، ومذكّرة إياه بأنه ليس مكلفًا بأكثر من التبليغ، فلا داعي إلى أن يذهب نفسه عليهم حسرات إذا لم يستجيبوا ولم يؤمنوا؛ كما قال تعالى: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ۞ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ۞ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأنعام: 33-35].

ولقد كان من آثار ذلك أن مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لدعوته لا يلوي على شيء، ولا يصده إيذاء مهما بلغ.

المصادر

- "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" للصالحي.

- "السيرة النبوية" لأبي شهبة.

- "خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم" لأبي زهرة.

 

 

 

لقد أعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأمر عدَّته، وفكَّر في بَيْعَةٍ ثانيةٍ أعظم من البيعةِ الأولى، وأوسع مما كان يدعو إليه أهل مكة ومن حولها.


لِخُلُقِ الحياء عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آفاق ومعاني لا تَخْلَق عن كثرة المواقف التي تكشف عن مدى عمق هذا الخلق في كيان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، فمما قاله واصفوه فيما رواه الثقات من الرواة بالسند إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال يصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ" متفق عليه.


ولما نالت قريش من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، خرج إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف ويرجو أن يقبلوا منه ما جاءهم به من عند الله عز وجل؛ يقول موسى بن عقبة وابن إسحاق وغيرهما: "ولما توفي أبو طالب، ونالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم تكن تنال منه في حياته، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الطائف وحده ماشيًا".


قضى الحبيب صلى الله عليه وسلم قرابة خمس سنوات في أجواء الصحراء المفتوحة حيث الطبيعة النقية والتنشئة الصحية، يقول الشيخ محمد الغزالي: "وتنشئة الأولاد في البادية، ليمرحوا في كنف الطبيعة، ويستمتعوا بجوِّها الطلق وشعاعها المرسل، أدنى إلى تزكية الفطرة، وإنماء الأعضاء والمشاعر، وإطلاق الأفكار والعواطف". [فقه السيرة].


روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه، والنسائي والبيهقي والضياء المقدسي عن ابن عباس وابن جرير والبيهقي من وجه آخر عنه، وابن جرير عن ابن مسعود وأبو يعلى وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب، والترمذيّ وصححه والطبراني عن نيار ابن مكرم وابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن أبي حاتم عن ابن شهاب، وابن جرير عن عكرمة: أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض، وأدنى الأرض يومئذ أذرعات بها التقوا، فهزمت الروم،


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 يوليو 2025 م
الفجر
4 :20
الشروق
6 :3
الظهر
1 : 1
العصر
4:37
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :29