18 يناير 2018 م

من مكفرات الخطايا

من مكفرات الخطايا

 قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رواه البخاري، وأخرجه مسلمٌ من طريق هشام بن عروة رضي الله عنه عن أبيه بلفظ: «لَا تُصِيبُ الْمُؤْمِنَ شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا قَصَّ اللهُ بِهَا مِنْ خَطِيئَتِهِ». ومن طريق يزيد بن حصيفة عن عروة رضي الله عنه بلفظ: «لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ مُصِيبَةٍ، حَتَّى الشَّوْكَةِ، إِلَّا قُصَّ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ، أَوْ كُفِّرَ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» لَا يَدْرِي يَزِيدُ أَيَّتُهُمَا قَالَ عُرْوَةُ.
ومن طريق منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا، إِلا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ».
ومن طريق الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: «إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيْئَةً».
ومن طريق أبي بكرٍ بن حزم عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: «إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ». وقد أخرج الترمذي رواية الأعمش عن إبراهيم رضي الله عنهما بلفظ: «وَحَطَّ» بالواو.
ورواه الطبراني في معجمَيْهِ "الأوسط" و"الصغير" من روايةِ حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً إِلا كتبَ اللهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَكَفَّرَ عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ».
وروى الطبراني في "الأوسط" بإسنادٍ جيِّدٍ من رواية سالم عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: «مَا ضُرِبَ عَلَى مُؤْمِن عِرْق قَطُّ إِلَّا حَطَّ الله بِهِ عَنْهُ خَطِيئَة، وَكَتَبَ لَهُ حَسَنَة، وَرَفَعَ لَهُ دَرَجَة».
- أولًا: ما هو النَّصَبُ؟ وما هو الوَصَبُ؟ وما المراد بالهَمِّ والحَزَنِ والأَذَى والغَمِّ؟
قال في "شرح مصابيح السنة" لابن الملك الرومي: [وعنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ». وهو: الألم الذي يصيب الأعضاء من جراحة وغيرها.
«وَلَا وَصَبٍ». وهو: السقم اللازم.
«وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ». قيل: الهمُّ ما يذيب الإنسان من الحزن. والغَمُّ: أشدُّ منه. والحزن: أسهلُ منهما، وهو خشونة في النفس منه، وقيل: الهمُّ يختصُّ بما هو آتٍ، والحزن بما مضى.
وأما «الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا». فهو تمثيلٌ بأصغرِ البَلايَا.
ومن المعلوم أن البليَّة قد تنزل بالمؤمن ابتلاءً واختبارًا ورفعًا لدرجاته؛ كما في الحديث: «أشَدُّ الناسِ بَلاءً الأنبياءُ، ثم الأمثل فالأمثل، يُبْتَلَى الرجلُ على حسبِ دينه، فإِن كان في دينه صُلْبا، اشتد بلاؤُه، وان كان في دينه رِقَّةٌ، ابْتُلِيَ على قَدْرِ دينه. فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ، حتى يتركه يمشي علَى الأرضِ وما عَلَيْه خَطِيئَةٌ».
وقد تنزل المصائب بالمؤْمن تكفيرًا لما عساه يكون قد وقع من الذنوب؛ كما جاءَ في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»] اهـ.
يقول الشيخ الشعراوي: [وهذه معاملة للأخيار، عندما يرتكب ذنبًا يؤاخذ به على الفور حتى تصير صفحته نظيفة دائمًا. قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ مُصِيبَةٍ، حَتَّى الشَّوْكَةِ، إِلَّا قُصَّ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ، أَوْ كُفِّرَ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»؛ فإذا فعل العبد من أهل الخير بعضًا من السيئات، يوفيّه الحقُ جزاءَهُ من مرضٍ في جسمه أو خسارةٍ في ماله، كذلك المسيءُ الذي لا يريد له الله النكال في الآخرة، يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم َ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا»، وفي الحديث: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبدًا اِبتَلاهُ لِيَسمَعَ تَضَرُّعَهُ»] اهـ.
وهنا تساؤل: هل نيل الثواب وتكفير الخطايا هنا مقيد بحصول الصبر؟
ويجيب على ذلك الحافظ العراقي بقوله: [ظاهره ترتب تكفير الذنب على مجرد المرض أو الوجع سواءٌ انضم إليه صبرٌ أم لا، واعتبر أبو العباس القرطبي في حصول ذلك وجود الصبر فقال: لكن هذا كله إذا صبر المصاب، واحتسب، وقال ما أمره الله به في قوله: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: 156]، فإذا كان كذلك وصل إلى ما وعده الله، ورسوله من ذلك انتهى.
وهو مطالبٌ بالدليل على ذلك فإن ذكر أحاديث فيها التقييد بالصبر فجوابه: أن تلك الأحاديث أكثرها ضعيفٌ، والذي صح منها فهو مقيدٌ بثواب مخصوص فاعتبر فيها الصبر لحصول ذلك الثواب المخصوص، ولن تجد حديثًا صحيحًا رتب فيه مطلق التكفير على مطلق المرض مع اعتبار الصبر في ذلك، وقد اعتبرت الأحاديث في ذلك فتحرر لي ما ذكرته.
وروى الطبراني في "معجمه الكبير" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ، ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، سلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ، رَضِيَ أَوْ لَمْ يَرْضَ، صَبرَ أَوْ لَمْ يَصْبرْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوَابٌ دُونَ الجَنَّة».
ويناقش القرطبي في قوله ما أمره الله به في قوله: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ﴾ [البقرة: 156] الآية، وليس في هذه الآية أمرٌ. والله أعلم] اهـ.
المصادر:
- "شرح المصابيح" لابن ملك.
- "تفسير الشعراوي".
- "طرح التثريب" للحافظ العراقي.

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا، وَإِنْ كَانَتْ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ فِيهِ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ» رواه الترمذي. في هذا الحديث الشريف يبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصال النفاق، وهنا يظهر هذا التساؤل: هل المقصود هنا في الحديث نفاق الاعتقاد؛ بمعنى أنه يعدُّ من المنافقين الذين هم في الدَّركِ الأسفل من النَّار؟ أم هو نفاق وراء ذلك أو دون ذلك؟


إنَّ في التزوُّجِ بركة عامة لمن طلبه لتحقيق العفاف؛ قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 32]. وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه في "سننهم" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمُ: الْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ».


عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه. يعدُّ هذا الحديث قاعدةً من قواعد الإسلام؛ قال الإمام أبو داود السِّجسْتاني رحمه الله: [يدور -أي الإسلام- على أربعة أحاديث: ...، -منها- حديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»] اهـ.


"كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ". هذه جملةٌ جامعةٌ صيغت برهافةِ الحسِّ ووجدانيَّةِ النَّفس ونُورَانيَّة الرُّوح تحاول تلخيص بركات الصَّلاة في عبارةٍ رائقةٍ وبلاغةٍ سابقةٍ، وإلا فإنَّ بركات الصلاة لا يعلم كُنْهَهَا وحقيقتَها وحصرهَا إلا رب البشرِ سبحانه وتعالى: قال الإمام/ ابن عجيبة في "البَحر المديد": [وفي الصَّلاة قضاءُ المآربِ وجبرُ المصائب؛ ولذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصَّلاة، ﴿وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ﴾ [البقرة: 45]، أي: شاقَّةٌ على النَّفس؛ لتكريرِها في كلِّ يومٍ، ومجيئِها وقت حلاوةِ النَّومِ، ﴿إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ﴾ الذين سكنت حلاوتُها في قلوبِهم، وتناجَوا فيها مع ربِّهم، حتى صارت فيها قُرَّة عينهم] اهـ.


عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال عَقِبَهُ: [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ] اهـ.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 يونيو 2025 م
الفجر
4 :10
الشروق
5 :56
الظهر
12 : 58
العصر
4:34
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :34