17 ديسمبر 2017 م

بركةُ الاجتماعِ على الطَّعام

بركةُ الاجتماعِ على الطَّعام

عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعًا أنه قال: "كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ" أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه".
وعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي رضي الله عنه، أن أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: «فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ؟»، قالوا: نعم، قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» أخرجه الإمامان أبوداود وابن ماجه في "سننهما".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ» أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في "صحيحه".
تجمع كل الروايات السَّابقة على إظهار البركة عند الاجتماع خاصة على الطعام؛ إظهارًا بيِّنا قاطعًا يصل إلى درجة اليقين؛ فالطعام الذي يكفي الأقل من العدد هو الآن بفضل بركة الاجتماع عليه يكفي الأكثر، إلى درجة كفايته للضّعف من أي عدد.
يقول الإمام البغوي رحمه الله تعالى: [حكى إسحاق بن راهويه عن جرير في تفسير هذا الحديث، قال: تَأْوِيلُهُ: شِبَعُ الْوَاحِدِ قُوتُ الاثْنَيْنِ، وَشِبَعُ الاثْنَيْنِ قُوتُ أَرْبَعٍ، قَالَ عبْد الله بْن عُرْوَة: تَفْسِير هَذَا مَا قَالَ عُمر عَام الرَّمَادَة: لقدْ هممتُ أَن أُنْزِل على أهل كلِّ بيتٍ مثل عَددهمْ، فإِن الرجل لَا يهلِك على نصف بَطْنه.] اهـ.
ويقول المهلب في تفسير الحكمة من هذه الأحاديث: [المراد بهذه الأحاديث الحضُّ على المكارِم، والتقنُّع بالكفاية، يعني وليس المراد الحصر في مقدار الكفاية، وإنما المراد المواساة، وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامها، وإدخال رابع أيضًا، بحسب من يحضر] اهـ.
ويقول الإمام النووي رحمه الله: [فيه الحث على المواساة في الطعام، فإنه وإن كان قليلًا حصلت منه الكفاية المقصودة، ووقعت فيه بركة تعم الحاضرين] اهـ.
ويقول شيخ الإسلام ابن حجر رحمه الله: [يؤخذ منه أن الكفاية تنشأ عن بركة الاجتماع، وأن الجمع كلما كثر ازدادت البركة] اهـ.
ثم يضيف رحمه الله: [وفي الحديث أيضًا الإشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصلت معها البركة فتعم الحاضرين.
وفيه أنه لا ينبغي للمرء أن يستحقرَ ما عنده فيمتنع من تقديمه؛ فإنَّ القليل قد يحصل به الاكتفاء بمعنى حصول سدِّ الرَّمق وقيام البنية لا حقيقة الشبع] اهـ.
يقول الإمام القرطبي رحمه الله صاحب "المفهم": [شهوات الطعام سبع : شهوة الطبع ، وشهوة النفس ، وشهوة العين ، وشهوة الفم ، وشهوة الأذن ، وشهوة الأنف ، وشهوة الجوع ، وهي الضرورية التي يأكل بها المؤمن] اهـ.
المصادر:
- "السنن" للإمام أبو داود السجستاني (5/ 588، ط. دار الرسالة العالمية).
- "السنن" للإمام ابن ماجة القزويني (4/ 418، ط. دار الرسالة العالمية).
- "شرح السنة" للإمام البغوي (11/ 321، ط. المكتب الإسلامي دمشق، بيروت).
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لشيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني.
- "شرح النووي على مسلم" للإمام شرف الدين النووي.
- "المفهِم لما أُشْكل من تلخيص كتاب مسلم" للإمام القرطبي.

 

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا، وَإِنْ كَانَتْ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ فِيهِ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ» رواه الترمذي. في هذا الحديث الشريف يبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصال النفاق، وهنا يظهر هذا التساؤل: هل المقصود هنا في الحديث نفاق الاعتقاد؛ بمعنى أنه يعدُّ من المنافقين الذين هم في الدَّركِ الأسفل من النَّار؟ أم هو نفاق وراء ذلك أو دون ذلك؟


عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه الترمذي.


عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنه، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا» متفق عليه.


عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، رواه البخاري ومسلم.


يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا» رواه أحمد. حرص الإسلام على دفع الإنسان دفعًا متواصلًا وحثيثًا لتحقيق عمارة الأرض التي استُخْلِفَ فيها، والاستفادة مما سخَّره الله فيها لينفع نفسه وغيره في تحقيق حاجاته وإشباعها؛ قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، فــقوله: ﴿اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ أي: جعلكم عُمَّارها وسكَّانها؛ قال الإمام الضحاك: [أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها من بناء مساكن وغرس أشجار] اهـ، وقال الإمام ابن العربي: [قال بعض علماء الشافعية: الاستعمار طلب العمارة، والطلب المطلق من الله تعالى على الوجوب] اهـ. فالآية تؤكد وجوب عمارة الأرض.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 22 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :34
الشروق
7 :2
الظهر
12 : 39
العصر
3:51
المغرب
6 : 17
العشاء
7 :35