14 سبتمبر 2017 م

من أفضل الدُّعاءِ: "سؤالُ اللهِ العافية في الدُّنيا والآخِرة"

من أفضل الدُّعاءِ: "سؤالُ اللهِ العافية في الدُّنيا والآخِرة"

 عَنِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ الله عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: «سَلِ اللهَ العَافِيَةَ»، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللهَ، فَقَالَ لِي: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ، سَلِ اللهَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه الترمذي، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".
وفي روايةٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «سَلْ رَبَّكَ الْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ». ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: «فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ جِدًّا؛ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي "عِدَّةِ الْحِصْنِ الْحَصِينِ" (ص: 462): [لَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم دعاءه بِالْعَافِيَةِ، وَوَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ لفظًا ومعنىً من نحو خَمْسِينَ طَرِيقًا] اهـ.
أولًا: ما هي العافية؟
قال في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1531): [اتَّفَقَ الشُّرَّاحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَافِيَةِ الصِّحَّةُ، وَهَذِهِ عِبَارَةُ الطِّيبِيِّ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعَافِيَةُ أَحَبَّ لِأَنَّهَا لَفْظَةٌ جَامِعَةٌ لِخَيْرِ الدَّارَيْنِ مِنَ الصِّحَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالسَّلَامَةِ فِيهَا وَفِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الْعَافِيَةَ أَنْ يَسْلَمَ مِنَ الْأَسْقَامِ وَالْبَلَايَا، وَهِيَ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْمَرَضِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُفُوسِ الْعَامَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، بَلِ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَافِيَةِ السَّلَامَةُ مِنَ الْبَلَاءِ فِي أَمْرِ الدِّينِ، سَوَاءٌ يَكُونُ مَعَهُ صِحَّةُ الْبَدَنِ أَمْ لَا... وقال أيضًا: وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْعَافِيَةُ دَفْعُ الْعَفَاءِ وَهُوَ الْهَلَاكُ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ كَفَافٌ مِنَ الْقُوتِ، وَقُرَّةٌ لِلْبَدَنِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَاشْتِغَالٌ بِأَمْرِ الدِّينِ عِلْمًا وَعَمَلًا، وَتَرْكُ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ، وَلَا كَلِمَةَ أَجْمَعُ لِذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْعَافِيَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا سَأَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ أَنْ يُعَلِّمَهُ دُعَاءً يَدْعُو بِهِ اخْتَارَ لَفْظَهَا فَقَالَ: «يَا عَمِّ إِنِّي أُحِبُّكَ، سَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ] اهـ.
وقال في "تحفة الأحوذي" (9/ 348): [قَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْعَافِيَةِ، أَنَّهَا دِفَاعُ اللهِ عَنِ الْعَبْدِ، فَالدَّاعِي بِهَا قَدْ سَأَلَ رَبَّهُ دِفَاعَهُ عَنْ كُلِّ مَا يَنْوِيهِ] اهـ.
ثانيًا: أهميَّة الدعاء بالعافية:
قال في "تحفة الأحوذي" (9/ 348): [سُؤَالَهُ بِأَنْ يُعَلِّمَهُ شَيْئًا يَسْأَلُ اللهَ بِهِ دَلِيلٌ جَلِيٌّ بِأَنَّ الدُّعَاءَ بِالْعَافِيَةِ لَا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَدْعِيَةِ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي يُدْعَى بِهِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ... وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يُنْزِلُ عَمَّهُ الْعَبَّاسَ مَنْزِلَةَ أَبِيهِ وَيَرَى لَهُ مِنَ الْحَقِّ مَا يَرَى الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ فَفِي تَخْصِيصِهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَقَصْرِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ تَحْرِيكٌ لِهِمَمِ الرَّاغِبِينَ عَلَى مُلَازَمَتِهِ وَأَنْ يَجْعَلُوهُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَوَسَّلُونَ بِهِ إِلَى رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيَسْتَدْفِعُونَ بِهِ فِي كُلِّ مَا يُهِمُّهُمْ. ثُمَّ كَلَّمَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «سَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»؛ فَكَانَ هَذَا الدُّعَاءُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ قَدْ صَارَ عُدَّةً لِدَفْعِ كُلِّ ضُرٍّ وَجَلْبِ كُلِّ خَيْرٍ] اهـ.
وقال في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1531): [إِنَّمَا كَانَتِ الْعَافِيَةُ أَحَبَّ لِأَنَّهَا لَفْظَةٌ جَامِعَةٌ لِخَيْرِ الدَّارَيْنِ مِنَ الصِّحَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالسَّلَامَةِ فِيهَا وَفِي الْآخِرَةِ] اهـ.
ونظرًا لأهميَّةِ هذا الدعاء فقد خصّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم عمَّه العباس -الذي كان يُنْزِلُهُ مَنْزِلَةَ أَبِيهِ وَيَرَى لَهُ مِنَ الْحَقِّ مَا يَرَى الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ- بهذا الدعاء، وفي تَخْصِيصِهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَقَصْرِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ تَحْرِيكٌ لِهِمَمِ الرَّاغِبِينَ عَلَى مُلَازَمَتِهِ وَأَنْ يَجْعَلُوهُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَوَسَّلُونَ بِهِ إِلَى رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيَسْتَدْفِعُونَ بِهِ فِي كُلِّ مَا يُهِمُّهُمْ.
- العافية عند العارفين:
يتجاوز معنى العافية عند العارفين العافيةَ الظاهرية إلى معانٍ أعمق وأدق، لذلك دلَّت أفعالهم وأقوالهم أنه ليس بالضرورة توقف معنى العافية على المعاني الظاهرية، بل كان عندهم -بفضل التسليم لله سبحانه وتعالى- كل ما يأتي به الله سبحانه وتعالى فيه العافية لهم؛ وينقلون في ذلك إشارة العارف بالله ابن عطاء الله السكندري إلى هذا المعنى حينما قَالَ: "دَخَلَ عَلَيَّ سَيِّدِي الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُرْسِي، وَكَانَ بِهِ أَلَمٌ، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: عَافَاكَ اللهُ يَا سَيِّدِي. فَسَكَتَ وَلَمْ يُجَاوِبْهُ، ثُمَّ أَعَادَ الْكَلَامَ، فَقَالَ: أَنَا مَا سَأَلْتُ اللهَ الْعَافِيَةَ، قَدْ سَأَلْتُهُ الْعَافِيَةَ، وَالَّذِي أَنَا فِيهِ هُوَ الْعَافِيَةُ، وَقَدْ سَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ الْعَافِيَةَ وَقَالَ: «مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي فَالْآنَ قَطَعَتْ أَبْهَرِي»، وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه سَأَلَ الْعَافِيَةَ وَمَاتَ مَسْمُومًا، وَعُمَرُ سَأَلَ الْعَافِيَةَ وَمَاتَ مَطْعُونًا، وَعُثْمَانُ سَأَلَ الْعَافِيَةَ وَمَاتَ مَذْبُوحًا، وَعَلِيٌّ سَأَلَ الْعَافِيَةَ وَمَاتَ مَقْتُولًا، فَإِذَا سَأَلْتَ اللهَ الْعَافِيَةَ فَسَلْهُ الْعَافِيَةَ مِنْ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَكَ عَافِيَةٌ" اهـ.
وَنُقِلَ عَنِ الشِّبْلِيِّ أَنَّهُ مَتَى رَأَى وَاحِدًا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا قَالَ: "أَسْأَلُ اللهَ الْعَافِيَةَ".
المصادر:
- "عدة الحصن الحصين" للجزري.
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري.
- "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" للمباركفوري.
- "لطائف المنن" لابن عطاء الله السكندري.

جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً». يبين الحديث الشريف أن الكامل في الخير والزهد في الدنيا مع رغبته في الآخرة والعمل لها قليل، كما


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ». ويبين لنا هذا الحديث النبوي الشريف حقيقتين اثنين: الحقيقة الأولى: هي قابلية البشر للوقوع في المعصية؛ فمنطوق الحديث يدل على كثرة وقوع الذنوب من


عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عنه أَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله وسَلَّم لَقِيَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ حَارِثَةُ رضي الله عنه فِي بَعْضِ سِكَكِ المدينة، فقال: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟» فَقَالَ أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا بِاللهِ تَعَالَى حَقًّا، قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَا تَقُولُ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، فَكَأَنِّي بِعَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَعَاوُونَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ -وَفِي رِوَايَةٍ: أَصَبْتَ فَالْزَمْ-، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ تَعَالَى الإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ» أخرجه الإمام الطبراني "في الكبير".


عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقُولُ: «الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ» متفق عليه. وفي روايةٍ لمسلمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقُولُ: «إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ، ثُمَّ يَمْحَقُ».


عَنْ سَهْلٍ أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»، رواه البخاري.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :21
الشروق
6 :47
الظهر
12 : 45
العصر
4:9
المغرب
6 : 43
العشاء
8 :0