26 يوليو 2017 م

إسهامات علماء المسلمين في علم الِحيَلِ (الميكانيكا)

إسهامات علماء المسلمين في علم الِحيَلِ (الميكانيكا)

 علم الحيل هو الاسم العربي لما يُسمَّى بعلم الميكانيكا، والهدف منه معرفة كيفية الحصول على فعلٍ كبيرٍ بجهدٍ يسيرٍ، ولهذا سمَّاه العرب بالحيل، أي استخدام الحيلة مكان القوة، والعقل مكان العضلات، والآلة بدل البدن.
وقد كان لِقِيَمِ رسالةِ الإسلام وآدابها دورٌ كبيٌر في دفع المسلمين للاهتمام بهذا العلم وتطوير الآلات لتوفير المزيد من الإمكانات والطاقات، فإذا كانت الحضارات الأخرى قد اعتمدت على السُّخرة في تحصيل المنافع للنُّخَبِ والطَّبقاتِ العُليا بها من الحكام والأمراء وذوي الجاه، فإنَّ الإسلامَ نهى عن التَّكليفِ بما لا يطاق، وإرهاق الخدم والعبيد، بل والحيوانات أيضًا، فبدت الحاجة ملحَّةً في استخدام آلاتٍ توفِّرُ الجهد والطَّاقة وتحقِّقُ إنتاجًا كبيرًا بأقل مجهود ممكن.
وقد اعتَبرَ الخوارزميُّ علمَ الحيل من العلوم الثمانية الرئيسية، وقسَّمَهُ إلى فرعين: جرِّ الأثقال بالقوة اليسيرة، وحيل حركات الماء وصنعة الأواني العجيبة وما يتصل بها من صنعة الآلات المتحركة بذاتها.
ومن أهم الكتب التي أُلِّفَتْ في علم الحيل كتاب "الِحيَلِ" لأبناء موسى بن شاكر، في القرن الثالث الهجري، وقد كوَّنوا فريقًا علميًّا فيما بينهم، وألَّفوا هذا الكتاب الذي يحتوي على مائة تركيب ميكانيكي مع شروح ورسوم توضيحية لطرق التشغيل والتركيب، ثمانون منها من النوع الذي سمَّاه العرب "الأواني العجيبة" وهي أجهزة تعمل تلقائيًّا، والباقي من الفوَّارات التي تتغير أشكالها تلقائيًّا في فترات زمنيَّة معيَّنة، ومن المصابيح التي تغذي نفسها تلقائيًّا ومن أجهزة أخرى، ومنها جرافة ميكانيكية لالتقاط الأشياء من قاع البحار أو الأنهار، وكانت هذه الأجهزة النواة التي تطوَّر منها علم التحكم الآلي.
وكتاب "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" لبديع الزمان أبي العز بن إسماعيل الرزاز الجزري، الذي عاش في القرنين السادس والسابع الهجريين، من الكتب المهمة أيضًا في هذا المجال، ويعتبر هذا الكتاب أعظم كتاب من نوعه في الهندسة الميكانيكية حتى العصور الحديثة، وتضمَّن هذا الكتاب تصميمات متنوعة لساعات وروافع آلية؛ يتمُّ فيها نقل الحركة الخطيَّة إلى حركة دائريَّة بوسطة تروس مُسَنَّنَة، وهو الأساس الذي تقوم عليه المحركات العصرية.
وهناك كتاب "الأسرار في نتائج الأفكار" لأحمد بن خلف المرادي، الذي عاش في القرن الخامس الهجري، ويتضمَّن شرحًا لأكثر من ثلاثين نوعًا من الآلات الميكانيكية، وساعة شمسيَّة متطورة جدًّا، وأجزاء مهمة حول الطَّواحين والمكابس المائيَّة.
وكتاب "الطرق السَّنِيَّة في الآلات الروحانيَّة" لتقي الدين بن معروف الدِّمشقي، الذي عاش في القرن العاشر الهجري، وفي هذا الكتاب وصفٌ للعديد من الأجهزة الميكانيكية؛ مثل السَّاعات الرمليَّة والمائيَّة والآليَّة والرَّوافع بالبكرات والتِّروس والنَّافورات المائيَّة وآلات الدَّوران، ولهذا الكتاب أهميَّةٌ خاصَّةٌ؛ حيث إنه كُتِبَ في عصر النَّهضة الأوروبيَّة ولكن تاريخ الكتاب سابق على تواريخ الكتب التي كتبت في أوروبا عن نفس الموضوع؛ فقد انتهى مؤلِّفُ الكتاب منه سنة 1552م، أي قبل ظهور كتاب "أجريكولا" سنة 1556م، وكتاب "راميللي" سنة 1588م، وبكتاب "الطرق السَّنِيَّة" وصف لآلات ميكانيكية قبل أن يَرِدَ وصفُ ما يماثلها في المراجع الغربيَّة، وكان مؤرِّخو التكنولوجيا يظنُّون أنَّ أوَّل وصف ٍلهذه الآلات كان في كتابَي أجريكولا وراميللي.
لقد تأكد سبق علماء المسلمين إلى وضع الأسس العلميَّة السليمة لقوانين الحركة الثلاثة التي صاغها نيوتن، وتعامل المسلمون مع قوانين علم الحِيل أو الميكانيكا بصورة علمية، لا من باب الخرافة والكهانة والاتصال بعالم الجنِّ والشياطين، أو قوى الآلهة الخارقة كما كان يحدث في أممٍ أخرى من أجل السيطرة على الشعوب وضمان خدمتها لطبقةٍ صغيرةٍ من الحكَّامِ والكُهَّانِ.
إن مآثرَ علماءِ المسلمين في مجال علم الحيل صفحةٌ من صفحات تاريخ المسلمين المشرق، الذي يحتاج إلى بعثٍ جديدٍ يهتمُّ فيه المسلمون بعلوم الكون المختلفة من أجل تحقيق التقدم الحضاري المساعد على تحقيق خيرية هذه الأمة، والمؤهِّل لبقائها في منافسة غيرها من الأمم والحضارات المختلفة.
المصادر:
- "الحيل" للدكتور أحمد فؤاد باشا، ضمن "موسوعة الحضارة الإسلامية" (ص: 563-566، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
- "مراجعة وعرض ترجمة دونالد هيل لكتاب "الحيل" للدكتور أحمد يوسف الحسن، مجلة "تاريخ العلوم العربية"، إصدار معهد التراث العلمي العربي -جامعة حلب-، سوريا، (ص: 68-71، مجلد: 3 عدد: 1، سنة 1979م).
- "نماذج من الإبداع التكنولوجي في الحضارة العربية والعوامل التي كانت وراء ذلك الإبداع" للدكتور أحمد يوسف الحسن، بحث مقدم إلى ندوة "الإبداع الفكري الذاتي في العالم العربي" بالكويت، مارس 1981م، ونشرت بمجلة "المستقبل العربي" لبنان، عدد مارس 1982م (ص: 73-84).
- "التراث العلمي للحضارة الإسلامية" للدكتور أحمد فؤاد باشا (ص: 74).

من أبرز العلوم التجريبية التي أسهمت فيها الحضارة الإسلامية بالنصيب الأوفر هو علم الطب، ذلك العلم الذي يهتم بصحة الإنسان ويضع له طرق الوقاية والعلاج من الأمراض، ولم يقتصر إسهام الحضارة الإسلامية في مجال العلوم الطبية على اكتشاف الأمراض المختلفة، ووصف الأدوية المناسبة لعلاج هذه الأمراض، بل اتسع وامتد إسهام المسلمين في الحضارة الطبية حتى بلغ مرحلة التأسيس لمنهج تجريبي دقيق يتفوق ويسمو على مناهج المدارس الطبية التقليدية التي كانت سائدة قبل الإسلام، كالصينية والهندية والبابلية والمصرية واليونانية والرومانية بل والمدرسة العربية قبل الإسلام، فعلى الرغم مما وصلت إليه


"الأدب" كلمةٌ ترجع إلى معنى الاجتماع والضيافة والكرم، ومن ذلك تسمية العرب للمأدبة، فكان العرب يقولون: أدِبَ القومَ يأدبهم أدبًا، إذا دعاهم إلى طعامٍ يتَّخذه، وكان إقراءُ الضيوف وتقديمُ الطعام لهم من أرقى الخصال التي يتحلَّى بها المرءُ في هذه البيئَة الصَّحراويَّةِ المُقْفِرَةِ؛ حيث كان امتلاكُ الطَّعام هو السبيلُ الدُّنيويُّ الوحيد تقريبًا للحياة، فكان تقديمُه للضيوف دليلًا على رُقِيٍّ أخلاقيٍ عالٍ، وَسُمُوِّ نفسٍ كبيرٍ.


من العلوم التي أسهم فيها المسلمون بإسهام وافر وبارز علوم الحكمة أو الفلسفة كما هو شائع، وتهتم علوم الحكمة بالنظر العقلي البحت لتكوين رؤية كلية للكون وللحياة، ومصطلح الفلسفة الإسلامية يوحي بارتباط هذا المفهوم بالقيم القرآنية والنبوية، فهو يكون رؤية شاملة للكون والخلق والحياة والخالق لا تتعارض مع كليات العقيدة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الآن نظرية المعرفة في الحضارة الإسلامية،


من المعالم الحضارية في الإسلام التكافل الاجتماعي الذي يوفر الحماية والرعاية والأمن والأمان النفسي للفرد في هذا المجتمع. والتكافل في الإسلام مظلة طمأنينة تشمل المجتمع كله؛ ذلك أن الإنسان كائن مدني بطبعه، لا يستطيع أن يحيا فردًا ولا تستقيم له حياة إلا في جماعة متعاونة متكافلة تحافظ على كرامة هذا الإنسان أيًّا ما كان دينه أو انتماؤه.


عرفت الحضارة الإسلامية القضاء منذ ظهور الإسلام؛ فلقد حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وخلفاؤه الراشدون بين الناس، وبعث النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم عليًّا رضي الله عنه إلى اليمن للقضاء بين الناس، وبعث كذلك معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، وبعث الخليفةُ الصدِّيقُ أبو بكر رضي الله عنه أنسَ بن مالك إلى البحرين ليقضي بين الناس، وبعث الفاروقُ عمر رضي الله عنه أبا موسى الأشعري إلى البصرة قاضيًا، وبعث عبدَ الله بن مسعود إلى الكوفة قاضيًا.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55