26 يوليو 2017 م

احترام الكبير

احترام الكبير

 أقام الإسلام العلاقات بين الناس على نظامٍ من الاحترام المتبادل والقِيَم النَّبيلة، ويُعدُّ احترامُ الكبير في النَّظر الإسلامي من الأمور المهمة في منظومته الأخلاقيَّة.
بَيَّنَ الله سبحانه وتعالى أنَّ سُنَّته في الخلق مرورُ الإنسان بأطوار متعدِّدة في حياته؛ فإنَّه ينشأُ طفلًا ضعيفًا ثم شابًّا قويًّا ثم يصير شيخًا ضعيفًا؛ فقال تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ [الروم: 54]، فالإنسان عليه أن يُدرك أنه كما كان طفلًا ضعيفًا يحتاج للرعاية والاهتمام والملاطفة وحسن المعاملة ممن هم أقدر منه وأقوى، ثم بلغ شابًّا فتيًّا يقوى على فعل الكثير من الأشياء دون مساعدةٍ أو معونةٍ كبيرةٍ من غيره، فإنَّه لا يجب أن يفوته أنه بعد حين سيصير شيخًا ضعيفًا مفتقرًا لمساعدة الآخرين ومعونتهم، فعليه أن يقدِّرَ هذا المآلَ، ويُقدم من أعمال الخير والبرِّ، ومنها حسن معاملة غيره من كبار السن، حتى إذا ما انتهى إلى هذه المرحلة العمريَّة وجد من يقدِّره ويحترمه؛ فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ» رواه الترمذي، أي يجد من يكرمه حين يكبر كما كان يفعل مع كبار السن وهو صغير، والوالدان من هذا الباب الخاص باحترام الكبير وتقديره، وقد قال الله تعالى في حَقِّهما: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24].
لقد أكَّدَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الأمر في أحاديثه التي أرشد بها المسلمين لأهمية قيمة احترام الكبير؛ فقال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» رواه الترمذي.
وأرشدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أنَّ عامل السِّنِّ له اعتباره في تحديد مكانة الأشخاص، وأنه يجب أن يُراعى، وجعل إكرام الكبير بمنزلة إجلال الله تعالى؛ فقال: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» رواه أبو داود، ولذلك جعل النبيُّ لعامل السِّنِّ دوره في أولويَّة الإمامة، فإذا وُجدَ من يتساوى في الفقه وقراءة القرآن مع غيره، قُدِّمَ الأكبر سنًّا؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم لمالك بن الحويرث رضي الله عنه وصاحب له: «أَذِّنَا، وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» رواه البخاري، وهذا من المنزلة التي وضعها الإسلام للكبير؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو القائل: «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» رواه أبو داود، ومن المواقف ذات الدلالة على هذا التكريم والتوقير للكبير، ما وقع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين فتح مكة، فلمَّا دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة، ودخل المسجد، أتاه أبو بكر بأبيه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ» رواه أحمد.
يحافظ الإسلام أيضًا على اجتماع المجتمع بكلِّ تنوُّعاتِه، خاصةً في أداء العبادات، وإذا كان أداء الكبار لهذه العبادات قد يتضمَّنُ مشقَّةً وكُلفَةً فإنَّ الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم نبَّهَ إلى خطورةِ الأفعال التي تؤدِّي إلى حرمانهم من نَيْلِ ثواب حضور الجماعات وتحوُل دونَ اجتماعهم لأداء هذه العبادات، مثل الإطالة في الصلاة، التي ترهق الكبار والمرضى والضعفاء، وبإمكان من يرى في نفسه قدرةً على التَّطويلِ في أداء الصَّلاة أن يُطَوِّلَ كيفما شاء في صلاة التَّطوع بمفرده أو مع من يتَّفق معهم على هذا التَّطويل؛ فقد جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: "والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان ممَّا يُطيل بنا"، قال ابن مسعود: "فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في موعظةٍ أشد غضبًا منه يومئذٍ"، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ» وفي رواية أيضًا: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» رواهما البخاري.
لقد أحاط الإسلام الكبير بالعناية اللازمة وأنزله المنزلة اللائقة به، ووجَّهَ أتباعه لصيانة هذه المنزلة ومنحه ما يستحقُّ من تقديرٍ واحترامٍ.

التواضع من الأخلاق الفاضلة التي تسمو بها النفس، وتصلح بها علاقات الناس، وتبعث على المحبة والتآلف بينهم. والتواضع هو: لين المعاملة، وعدم التكبر والتعالي على الناس. وقد حرص القرآن الكريم على بيان فضل التواضع، ومدح من يتحلى به؛ فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]،


مَنَحَ الله الإنسانَ نعمًا شتى لا تحصى، ومِنْ شُكْرِ الله على نِعَمِه استخدامها فيما أمر به، وإمساكها عن ما نهى عنه، واللسان من هذه النعم العظيمة، التي يعبر بها الإنسان عن نفسه وأفكاره وأحواله المختلفة، فبه ينطق بكلمة الإيمان


قدَّمَ الإسلام نموذجًا فذًّا فريدًا في التعامل مع أتباع غيره من العقائد والديانات؛ فعلى خلاف غيره من بعض العقائد التي تنتشر بين كثيرٍ من البشر، والتي تنظر لغيرها نظرة صراعٍ، وإقصاءٍ، واستئصالٍ، نجد الإسلام يقدم وجهةَ نظرٍ مختلفة، تنطلق من الدعوة منهجًا، للاتفاق مع أتباع غيره على "كلمةٍ سواء" تؤكد على أدنى قدرٍ من الثوابت المهمة التي تجمع بين البشر، وفي الوقت ذاته أيضًا تقوم هذه الرابطة بتقليل فرص النزاع والشقاق.


تُعَدُّ الغَيْرَةُ من الأخلاق المهمة التي ينبغي على الإنسان المسلم أن يتحلَّى بها، لكن عليه أن يُراعي أن لهذه الغَيرة ضوابط وحدود تجعلها غَيرة نافعة، تحافظ على الفضائل وتأبى الرذائل، أما الغَيرة المذمومة فهي تلك التي تدَّعي الحفاظ على الفضائل، ثم ترتكب في سبيل الحفاظ عليها مخالفات شرعية، كالحقد والحسد والإيذاء والاعتداء على الغير، فينقلب الحفاظ -الزائف- على الفضائل إلى رذيلة بما تتضمنه من مخالفات للشرع الشريف وللآثار النفسية والاجتماعية الضارَّة التي تترتب عليها.


يقدِّرُ الإسلام نوازع النفس البشرية التوَّاقة إلى تحصيل الخير والمحتاجة إلى تقويم الانحراف في آنٍ واحد، لذا فإن الإسلام يقدِّر أهمية الجزاء أو المكافأة على العمل، ويوليها ما تستحق من اهتمام؛ تحفيزًا للنفس البشرية على فعل الخيرات واجتناب المنكرات.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :31