19 يوليو 2017 م

من عدالة شريك بن عبد الله

من عدالة شريك بن عبد الله

شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي، ولد في بخارَى سنة 95ه تقريبًا، كان فقيهًا وعالمًا بالحديث، اشتهر بقوَّة ذكائه وسرعة بديهته، ولَّاهُ المنصور العباسي القضاءَ على الكوفة سنة 153ه ثم عزله، وأعاده المهدي، فعزله موسى الهادي، وكان عادلًا في قضائه، ويقال إنه قال: ما وَليتُ القضاء حتى حَلَّت لي الميتة.
قال عيسى بن يونس: ما رأيت أحدًا أورع في علمه من شريك.
ومن المواقف الطريفة التي رُويت عن شريك بن عبد الله، هذا الموقف الذي يُبَيِّن مدى تمسكه بإجراءات التقاضي العادلة، التي لا تُميِّز بين متحاكم وغيره مهما كانت منزلة أو رتبة أحدهما، فقد أتته امرأة يومًا وهو في مجلس الحكم، فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي، فقال: مَنْ ظَلَمَكِ؟ قالت: الأمير عيسى بن موسى؛ كان لي بستان على شاطئ الفرات، لي فيه نخلٌ، ورثتُه عن آبائي، وقاسمتُ إخوتي، وبنيتُ بيني وبينهم حائطًا، وجعلتُ فيه رجلًا فارسيًّا في بيتٍ يحفظ لي النخل ويقومُ ببستاني، فاشترى الأمير عيسى من إخوتي جميعًا، وسامَني فأرغَبَنِي، فلم أبِعْهُ، فلمَّا كان في هذه الليلة بعث خمسمائة فاعل فاقتلعوا الحائط؛ فأصبحت لا أعرف من نخلي شيئًا، واختلطَ بنخلِ إخوتي، فطلب منها أن تذهب له ليحضر مجلس القضاء ويُحاكم، فلم يستجب الأمير لها، فأرسل شريك صاحب الشرطة، فذهب إلى الأمير، فقال له الأمير: امض إلى شريك فقل له: يا سبحان الله! ما رأيت أعجب من أمرك، امرأة ادَّعَتْ دعوى لم تصح، أعديتها عليَّ؟ فقال: إن رأى الأمير أن يعفيني فليفعل، فقال: امض ويلك.
فخرج صاحب الشرطة، فأمر غلمانه أن يتقدموا إلى الحبس بفراش وغير ذلك من آلة الحبس -استعدادًا لأمر القاضي بحبسه-، فلما جاء وقف بين يدي شريك القاضي فأدَّى الرسالة، فقال لصاحبه: خذ بيده فضعه في الحبس، قال: قد والله يا أبا عبد الله عرفت أنك تفعل بي هذا، فقدَّمْتُ ما يصلحني إلى الحبس.
قال: وبلغ عيسى بن موسى ذلك فأرسل حاجبَه إليه، فألحقه بصاحبه فحُبِسَ.
فلما صلى الأمير العصر بعث إلى إسحاق بن صباح الأشعثي، وإلى جماعة من وجوه الكوفة من أصدقاء شريك، فقال: امضوا إليه وأبلغوه السلام وأَعْلِمُوه أنَّه قد استخفَّ بي، فإني لستُ كالعامَّة.
فمضوا إلى شريك بن عبد الله، وهو جالس في مسجده بعد العصر، فدخلوا إليه فأبلغوه الرسالة، فلما انقضى كلامهم، قال لهم: مالي لا أراكم جئتم في غيره من الناس؟! مَنْ هاهنا مِن فتيان الحي؟ فجاء إليه الفتيان، فقال لهم: يأخذُ كلُّ واحدٍ منكم بيد رجلٍ من هؤلاء فيذهبُ به إلى الحبس، لا بِتُّمْ -والله- إلا فيه، قالوا: أجَادٌّ أنت؟ قال: حقًّا، حتى لا تعودوا تحملوا رسالة ظالمٍ، فَحَبَسَهُمْ.
فركب الأمير عيسى بن موسى في الليل إلى باب الحبس، ففتح الباب وأخذهم جميعًا، فلما كان من الغد وجلس شريك للقضاء، جاء السجَّان وأخبره، فقال لغلامه: الحقني بثقلي إلى بغداد، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم، ولكن أكرهونا عليه، ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه.
ومضى نحو قنطرة الكوفة يريد بغداد، وبلغ عيسى بن موسى الخبر، فركب في موكبه فلحقه، وجعل يناشده الله ويقول: يا أبا عبد الله! تثبت، انظرْ إخوانك تحبسْهم؟ دعْ أعواني، قال: نعم، لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم المشي فيه، ولستُ ببَارِحٍ أو يُرَدُّوا جميعًا إلى الحبس، وإلا مضيت من فوري إلى أمير المؤمنين فاستعفيتُه فيما قلَّدَنِي.
فأمر الأمير عيسى بردهم جميعًا إلى الحبس، وهو -والله- واقف مكانه حتى جاء السجَّان، فقال: قد رجعوا إلى الحبس، فقال لأعوانه: خذوا بلجامه قودوه بين يدي إلى مجلس الحكم، فمروا به بين يديه حتى دخل المسجد، وجلس مجلس القضاء، ثم نادى على المرأة فجاءت، فقال: هذا خصمُك قد حَضَرَ، فلمَّا جلسَ معها الأمير بين يدي شريك بن عبد الله قال: يخرجُ أولئك من الحبس قبل كلِّ شيء، ثم قال له شريك: ما تقول فيما تدَّعيه هذه؟ قال: صدَقَتْ، فقال: ترُدُّ جميعَ ما أُخِذَ منها إليها، وتبني حائطها في أسرع وقت كما هُدم، قال: أفعل، أبقي لك شيءٌ؟ قال: تقول المرأة: نعم، وبيت الفارسي ومتاعه، قال: وبيت الفارسي ومتاعه، فقال شريك: أبقي شيءٌ تدَّعِينَه عليه؟ قالت: لا، وجزاك الله خيرًا، قال: قومي، ثم وَثَبَ من مجلسه فأخذ بيد الأمير عيسى بن موسى فأجلسَه في مجلسِه، ثم قال: السلام عليك أيها الأمير، تأمر بشيءٍ؟ قال: بأي شيء آمر؟ وضحك.
فكان لتمسُّكٍه بإحقاق الحقِّ، وتحقيق الإجراءات، وتوفير ضوابط المرافعات بحضور الخصوم، وعدم التفريق بينهم، أثر ٌكبيرٌ في الإقرار بالحقِّ، وإعادته لأصحابه.
وقد توفي رحمه الله تعالى حوالي سنة 177ه.
المصادر:
- "سير أعلام النبلاء" (7/ 246) وما بعدها.
- "الأعلام" للزركلي (3/ 163).
- "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي" للنهرواني (ص: 213-214).
- "الوافي بالوفيات" للصفدي (16/ 87).
 

الإمام الليث بن سعد يكنى أبا الحارث، الحافظ، شيخ الإسلام، وعالم الديار المصرية، ولد سنة 94ه، واستقل بالفتوى والكرم بمصر، مات سنة 175هـ، وقد حضر جنازته خالد بن عبد السلام الصدفي فقال: ما رأيت جنازة قط أعظم منها، رأيت الناس كلهم عليهم الحزن، وهم يعزي بعضهم بعضًا، ويبكون، فقلت: يا أبت! كأن كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازة. فقال: يا بني! لا ترى مثله أبدًا. وكان من أبرز صفات الإمام الليث بن سعد صفة الكرم والسخاء، فمع كثرة علمه وفقهه وورعه كان


الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد (مدينة تقع الآن في تركستان) ولقد كان الفُضيْل من الصالحين الزاهدين العابدين، ويذكر العلماء موقفًا له حصل به تحوُّلٌ كبيرٌ في حياته، واتَّجه نحو الانشغال بالعبادة والزهد وملازمة البيت الحرام؛ ذلك أنه كان شاطرًا (يعني من أهل النهب واللصوصية) يقطع الطريق بين أبيورد، وسَرَخْس، وكان سبب توبته أنه عشق جاريةً، فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع تاليًا يتلو: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ﴾ [الحديد: 16]، فقال: "يا رب، قد آن"، فرجع فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: "نرتحل"، وقال قوم: "حتى نصبح، فإن فضيلًا على الطريق يقطع علينا"، فتاب الفضيل وأمَّنَهم وجاور الحرم حتى مات" رضي الله عنه.


الإمام سعيد بن المسيب هو الإمام العَلَم، عالم أهل المدينة، وسيد التابعين في زمانه، رأى جمعًا من الصحابة رضوان الله عليهم، وروى عن كثير منهم، وجده كان يُسمى حَزَنًا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: «ما اسمك؟» قال: حزن. قال: «أنت سهل»، فقال: لا أغير اسمًا سمانيه أبي. قال سعيد: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد. وقد كان لسيدنا سعيد بن المسيب مواقف مع خلفاء بني أمية مع عبد الملك بن مروان ومن بعده مع


الإمام خيثمة بن سليمان: هو الإمام الثقة المعمر، محدث الشام، أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة بن سليمان القرشي الشامي الطرابلسي، ولد سنة 250ه على الأصح، وتوفي سنة 343ه، أحد الثقات المكثرين الرحالين في طلب الحديث سمع بالشام واليمن وبغداد والكوفة وواسط، جمع فضائل الصحابة، وكانت له رحلات في طلب الحديث، من هذه الرحلات رحلته إلى جبلة ومنها إلى أنطاكية وقد أُسر فيها وتعرض فيه للضرب والإيذاء، وهذا ما ذكره عنه ابن أبي كامل فقال:


العلامة البيروني هو محمد بن أحمد، أبو الريحان البيروني الخوارزمي: فيلسوف رياضي مؤرخ، من أهل خوارزم، كان إمام وقته في علم الرياضيات والنجوم، مُكبًّا على تحصيل العلوم، مفضيًا إلى تصنيف الكتب، يفتح أبوابها، ويحيط شواكلها وأقرابها، ولا يكاد يفارق يدَه القلمُ وعينَه النظرُ وقلبَه الفكرُ، نبيه


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 23 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :55
الشروق
6 :27
الظهر
12 : 58
العصر
4:33
المغرب
7 : 28
العشاء
8 :49