03 يوليو 2017 م

امرأة عمران

امرأة عمران

كان عمران بن باشم صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت زوجته حنة بنت فاقود، من العابدات، وكان سيدنا زكريا عليه السلام نبيّ ذلك الزمان قد تزوَّج أخت امرأة عمران، وكانت امرأة عمران هذه لا تحبل وقد أصابها الكِبَرُ، فرأت يوما طائرًا يطعم صغيرًا له، فاشتهت أن يكون لها ولد، فنذرت لله إنْ حملتْ لتجعلنَّ ولدَها محرَّرً؛،
أي حبيسًا في خدمة بيت المقدس، وقيل إن زوجها عمران قد مات وهي حامل، ومريم جنين في بطنها، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ۞ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ۞ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 33-35]، فاستجاب الله لها وحملت بمريم، وتقبَّلَ نذرها، وكانت تظنُّ أنها ستلد ذكرًا؛ ليكون خادمًا في بيت المقدس أو المعبد الذي كانوا يعبدون فيه الله سبحانه وتعالى، كما كان يفعل بعضهم في ذلك الزمان أن ينذر ولده للخدمة، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [آل عمران: 36]، ثم لما دفعتها إليهم في المعبد تنازع العُبَّادُ في أيهم يكفلها، وكان سيدنا زكريا عليه السلام قد أراد أن يكفلها من أجل صلته بها، كونه زوج خالتها، فطلبوا أن يقترع معهم، فخرجت قرعته غالبة لهم، فاتخذ لها سيدنا زكريا مكانًا شريفًا من المعبد لا يدخله سواها، فكانت مريم تعبد الله فيه وتقوم بما يجب عليها من خدمة البيت إذا جاءت نوبتها، وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها حتى صارت يضرب بها المثل بعبادتها في بني إسرائيل، واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة، حتى إنَّ نبيَّ الله زكريا كلما دخل عليها موضعَ عبادتها؛ وجد عندها رزقًا غريبًا في غير أوانه، فكان يجد عندها فاكهة الصَّيف في الشِّتاء وفاكهة الشِّتاء في الصَّيف؛ فيسألها: أنَّى لك هذا؟ فتقول -كما يحكي القرآن الكريم عنها-: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ أي: رزقٌ رزقنيه الله، ﴿إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، فعند ذلك رغِبَ سيدنا زكريا في وجود ولد من صُلبه وإن كان قد تقدَّم في العمر؛ قال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران: 37].
لقدْ بيَّنتْ لنا سيرة امرأة عمران كيف تكون عاقبة الإخلاص لله سبحانه وتعالى، لقد أرادت حين رغبت في أن يكون لها ولد، لا أن تستأثر به وتتمتع، بل إنها بذلت هذا الولد الذي تشتهي إنجابه لله سبحانه وتعالى، يخدم موطن عبادة المؤمنين به جلَّ وعلا، إنَّ المرءَ ليُقَدِّر أن إخلاصها هذا كان سببًا في استجابة الله سبحانه وتعالى لها، وأن تربيتها تربية إيمانية كانت سببًا أيضًا في اجتهاد ابنتها في العبادة والقيام بواجبها في خدمة المؤمنين، وهذا أيضًا أثرٌ من آثار الإخلاص، واختيار البيئة المناسبة لزرع قيم معينة في النشء، ينبغي أن نستلهمها في تصورنا عن تربية أبنائنا وما نرجوه منهم، ولنستخلص من قصتها هذه العبر في توجيه أبنائنا دائمًا لفعل الخير، وطاعة الله وإخلاص النية له في العمل، وخدمة المجتمع، وتهيئة البيئة التعليمية والتربوية؛ لتخريج أجيال قادرة على حمل هموم مجتمعاتها، وخدمتها بما ينفعها ويُرضي الله سبحانه وتعالى.
المصادر:
- "البداية والنهاية" لابن كثير (2/ 56، وما بعدها).
- "تفسير الطبري" (6/ 326، وما بعدها).
- "قصص الأنبياء" لابن كثير (2/ 385، وما بعدها).
 

هي: خولة بنت ثعلبة بن مالك الخزرجية، أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجها هو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت.


من القصص الشَّيِّقة التي يرويها لنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، قصة الرجل المؤمن الذي سمع بقدوم رسلٍ لمدينته، فرفض أهل المدينة دعوة هؤلاء الرسل الذين أرسلهم الله إليهم، وهمُّوا بقتلهم، إلا أنَّ هذا الرجل لم يأبه برفض قومه وعنادهم، بل واجههم وحاول إنقاذ الرسل بدعوة قومه إلى الإيمان بالله واتباع هؤلاء الرسل


حين وضعت امرأة عمران ابنتها مريم عليها السلام، أرسلتها للخدمة في بيت المقدس، كما نذرت لله إن رزقها الولد أن تجعله في خدمة بيت المقدس، فلما وضعت ووجدت أنها كانت تحمل أنثى في بطنها، أوفت بنذرها وأرسلتها للخدمة أيضًا، وقد تنازع عُبَّادُ بيت المقدس أيهم يكفلها، وقد حاول نبي الله زكريا عليه السلام أن يجعل كفالتها له،


كانت امرأةُ سيدنا نوحٍ عليه الصلاة والسلام مثالًا على انحراف الإنسان الذي يرى الخير والحقَّ، ثم يأبى أن يؤمن ويستجيب، فهذا الإنسان يكفر بما أنعم الله عليه من عوامل الهداية، وبواعث الاستقامة، فإذا هو سادر في غيه، مخذول في سعيه، كما أنها كانت مثالًا تطبيقيًّا على أن معيَّة الصالحين لا تُغني عن العمل الشخصي والسعي الذاتي لفعل الخيرات ونيل رضا الله سبحانه وتعالى.


يُعَدُّ لقمانُ من الشخصيات الشَّهيرة في القرآن؛ حيث أفردَ الله سبحانه وتعالى سورة خاصَّةً به، تحمل اسمه، وتذكُر طرفًا من حِكَمِه ووصاياه القيِّمة لابنه. والظَّاهر أن لقمان لم يكن نبيًّا، وإنما كان عبدًا صالحًا آتاه الله الحكمة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 23 مايو 2025 م
الفجر
4 :16
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 52
العصر
4:28
المغرب
7 : 47
العشاء
9 :17