14 مايو 2017 م

تَرْكُ السؤال عما لا يُغْنِي

تَرْكُ السؤال عما لا يُغْنِي

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» متفق عليه.
قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (9/ 102): [هَذَا مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الْمُهِمَّةِ، وَمِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي أُعْطِيَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، ويدخل فيها مَا لَا يُحْصَى مِنَ الْأَحْكَامِ كَالصَّلَاةِ بِأَنْوَاعِهَا، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ أَرْكَانِهَا أَوْ بَعْضِ شُرُوطِهَا أَتَى بِالْبَاقِي، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ غَسَلَ الْمُمْكِنَ، وَإِذَا وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ لِطَهَارَتِهِ أَوْ لِغَسْلِ النَّجَاسَةِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ، وَإِذَا وَجَبَتْ إزالة منكرات أو فطرة جماعة من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ الْبَعْضُ فَعَلَ الْمُمْكِنَ، وَإِذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بَعْضَ عَوْرَتِهِ أَوْ حَفِظَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَتَى بِالْمُمْكِنِ... وَأَشْبَاهُ هَذَا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ] اهـ.
وَيؤيد هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16]، ويوافقه أيضًا ما رَوَاهُ الدَّارَ قُطْنِيُّ: «وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا» .. الْحَدِيثَ.
وأجاب الحافظ العراقي عن السر في عدم السؤال فقال في "طرح التثريب في شرح التقريب" (2/ 116-117): [وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّؤَالَ رُبَّمَا كَانَ سَبَبَ التَّحْرِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ كَمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمْرٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ وَنَفَرَ عَنْهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ ذَلِكَ، وَثَبَتَ فِي التَّنْزِيلِ قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: 101]، وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ مُطْلَقٌ عَنْ السُّؤَالِ، وَإِنَّمَا فِيهِ النَّهْيُ عَمَّا هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.... وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ»، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ»، وَقَدْ يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ كَثْرَةُ السُّؤَالِ لَا مُطْلَقُهُ، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ .. الْحَدِيثَ] اهـ.
وهكذا يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تَرْكِ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يُغْنِي، وَالْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ عَمَّا لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ التعمُّقِ في الْمَسَائِلِ وإدخال الشكوك على الناس.
فصلاةً وسلامًا عليك يا سيدي يا رسول الله.
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ «وَاذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أي: دائمًا على كلِّ تقدير ما دام منهيًّا عنه حتمًا في الحرام، وندبًا في المكروه؛ إذ لا يتمثل مقتضى النهي إلا بترك جميع جزئياته، وإلا صدق عليه أنه عاص أو مخالف.
فاللهم ارزقنا الطاعة وما قرب إليها -مما هو داخل في استطاعتنا- من قولٍ أو عملٍ، وجنبنا المعصية وما قرب إليها من قول أو عمل.
المصادر
- "شرح النووي على مسلم"
- "طرح التثريب في شرح التقريب" للحافظ العراقي.
 

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ» متفق عليه. من الذنوب ما ضررُه عظيمٌ، وسوءُ أثره في المجتمع كبير؛ كالقتل والزِّنى وشرب الخمر والسرقة وشهادة الزور وقطيعة الرحم وأكل مال اليتيم. وهذا النوع يسمى بالكبائر لكبر المفسدة فيه، وللوعيد الشديد عليه، ولهذا النوع درجات بحسب الضَّرر الذي فيه، فكلما كانت دائرته أوسع كان في الكبر أدخل.


عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعًا أنه قال: "كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ" أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه". وعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي رضي الله عنه، أن أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: «فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ؟»، قالوا: نعم، قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» أخرجه الإمامان أبوداود وابن ماجه في "سننهما".


عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رواه مسلم. هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث: «الأعمال بالنيات» ميزان للأعمال في باطنها، فإذا كان كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى ليس فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، والمراد بأمره ها


عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال عَقِبَهُ: [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ] اهـ.


عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عنه أَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله وسَلَّم لَقِيَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ حَارِثَةُ رضي الله عنه فِي بَعْضِ سِكَكِ المدينة، فقال: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟» فَقَالَ أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا بِاللهِ تَعَالَى حَقًّا، قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَا تَقُولُ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، فَكَأَنِّي بِعَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَعَاوُونَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ -وَفِي رِوَايَةٍ: أَصَبْتَ فَالْزَمْ-، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ تَعَالَى الإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ» أخرجه الإمام الطبراني "في الكبير".


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 يونيو 2025 م
الفجر
4 :10
الشروق
5 :56
الظهر
12 : 58
العصر
4:34
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :34