الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ
14 مايو 2017 م

الإنصاف

الإنصاف

الإنصاف خلق كريم، يُقرِّر حق كل شخص تجاه نفسه وتجاه غيره، فهو تطبيق لقيمة العدل، الذي هو أصل منظور الإسلام للكون والحياة، الذي تقوم عليه فلسفة الإسلام ومنهجه، وهذا الخلق الراقي يقتضي أن ينظر الإنسان إلى نفسه وغيره نظرًا موضوعيًّا متوازنًا، فيعرف حق نفسه عليه، فيما ينبغي أن يوفره لها من علم وقرب إلى الله وسياسة جسده حتى يقوى على تحمل ما يلزمه من واجبات وما يتطلع إلى تحقيقه من طموحات وتقدير ما يمكنه القيام به وما لا يمكنه، فلا يحمل نفسه فوق طاقتها، ولا ينكص بها عن أداء ما يمكنها القيام به؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» رواه البخاري.
وكما يعرف الإنسان حقَّ نفسه عليه، يعرف أيضًا حق غيره عليه، عدوًّا كان أم صديقًا، خصمًا أم حليفًا، يعرف ما له وما عليه، فلا تدفعه العداوة لتحصيل حق لا يثبت له، ولا تدفعه ثقة غيره فيه لنيل ما لا ينبغي له.
لقد أرشدنا الله تعالى لهذا الخلق الكريم؛ فقال جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ» رواه البخاري ومسلم.
وهذا الخلق يصعب على الإنسان أن يتخلَّق به، خاصة في حال وجود عداوة أو خصومة مع أحد، لكن الإنسان المسلم الملتزم بأخلاق الإسلام والمتقيد بحدوده لا يمكن أن يستأثر بشيء ليس بحق له مبررًا ذلك بعداوة مع أحد أو ظلم منه، ولذلك قالوا: "الإنصاف عزيز"؛ لأن النفس الإنسانية تحب الأثرة والاستحواذ والتنعُّم واستيفاء ما لها، والإنصاف يقتضي منها أن تتنازل عن شيء في متناولها ويمكنها تحصيله؛ فيجد المرء صعوبة في تحقيق الإنصاف إلا لمن روَّضَ نفسه على إعطاء كل ذي حق حقه.
ويقع كثيرًا في الخلافات بين المتخاصمين أن يُحمِّل المرء لخصمه كل منقصة ويغمط له كل مكرمة، لكن الإنصاف يقتضي منا عند الخلاف أن نذكر وجه الاعتراض بموضوعية وألا نهوِّل في العيوب أو نقلب الفضيلة إلى رذيلة كما يقع كثيرًا من بعض الناس عند اشتعال الخلاف.
إن التمسك بخلق الإنصاف ليفضي إلى التسامح والتواد ونزع بذور الشقاق، فحين يرى المرء أخاه يختلف معه ولكن ذلك لا يدفعه إلى ظلمه أو الإساءة إليه أو التركيز على أخطائه وإغفال فضائله، فإن ذلك أدعى إلى إصلاح ذات البين وتقليل حدة الخلاف وحجز النفس عن الكره البالغ بسبب الاندفاع العاطفي؛ فيستقيم أمر المجتمع ويعتدل حاله ويحقق رجاءه.
 

الكذب من الأخلاق الذميمة التي يقع فيها كثير من الناس للأسف الشديد، وهو خُلُقٌ يجعل صاحبه يقول الشيء على غير حقيقته، ويخالف الواقع الذي هو من خلق الله سبحانه وتعالى. والكذب من صفات المنافقين، يقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1]، وفي الحديث الشريف: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» رواه البخاري، فالمؤمن ينقص إيمانه بالكذب


جعل الإسلام من تحمل المسئولية أساسًا لبناء المجتمع الراشد، وفي سياق ذلك لم يفرق ‏بين المسئولية الخاصة والمسئولية العامة من حيث الإلزام بالقيام بمتطلبات هذا التحمل، ‏وكذلك لم يفرق بين المسئولية الفردية والمسئولية الجماعية، فكل فرد ملزم بالقيام بما وكل إليه ‏على الوجه المرضي الذي يقبله العقل والشرع.‏


إفشاءُ الأسرارِ من السُّلوكيات الخطيرة التي تؤدي إلى فسادٍ عريضٍ في المجتمعات، حين يَأتَمن المرءُ أخاه على سرٍّ له؛ ليتبيَّنَ وجهَ الصَّوابِ في معضلةٍ تواجهُه، أو لمواجهةِ ضائِقَةٍ تمرُّ بِه، أو للتَّعامل مع أمرٍ طارئٍ تعرَّض له، فحين يتم إفشاء هذا السر قد يتعرَّض صاحبه لضررٍ أو أذى أو معاناةٍ، وقد يترتب على إفشاء الأسرار فسادُ ذاتِ البَينِ، ووقوع الشِّقاق والخلاف بين الناس وإثارةِ الأحقاد والضغائن في نفوسهم عندما يطَّلعون على سِرٍّ كان خافيًا عنهم.


العفة في الجوارح هي إمساكها عن الحرام، وكفها عن كل ما لا يحلُّ وكل ما لا يَجْمُل من خوارم المروءة، وقد ذكرنا في مقال سابق أن الإسلام يأخذ بيد الإنسان لتحصيل الفضائل والوقوف على منطقة الكمال من قواه الإنسانية، وأن المجتمعات التي تتمسك بالعفة مجتمعات مثالية.


خلقَ اللهُ الإنسانَ وأودعَهُ هذه الحياةَ وخلق له الزَّمنَ ليضبط ويقدر به حركته فيها، فَيُقدِّرُ أوقاتًا للعمل والنوم والأكل والانتقال... إلخ،


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20