02 مايو 2017 م

الجبرتي وتوثيقه لتاريخ الحملة الفرنسية على مصر

الجبرتي وتوثيقه لتاريخ الحملة الفرنسية على مصر

كان عبد الرحمن الجبرتي الابن الوحيد الذي تبقَّى للشيخ حسن الجبرتي، الذي كان عالمًا أزهريًّا موسوعيًّا برع في كثير من العلوم والفنون سواء في المجالات الشرعية أو الهندسة والفلك وغيرها، وكان للشيخ حسن الجبرتي مكتبة عامرة بها كنوز معرفية ثمينة، يأتيه الطلاب من مختلف البقاع، ومنهم من أوروبا وغيرها، وقد ولد عبد الرحمن حوالي سنة 1167هـ/ 1754م، حفظ القرآن وهو في سن الحادية عشرة، وكان والده مهتمًّا بتعليمه وتثقيفه بأحوال العصر وسير رموزه وعلمائه، وترك لابنه ثروة مادية وفيرة، وعلاقات اجتماعية مهمة ومتشعبة مع الولاة والعلماء والكبراء والطلاب، وقد تعلَّم في الأزهر واهتم بعد تعلم الفقه والأصول بتعلم الفلك والحساب والهندسة تأثرًا بأبيه، وكان يدرِّس في الأزهر، وولي إفتاء الحنفية في عهد محمد علي، وقد عُيِّن في مجلس الأعيان الذي شكَّلَه "مينو" قائد الحملة العسكرية الفرنسية على مصر بعد مقتل القائد كليبر، أثناء فترة الاحتلال الفرنسي لمصر.
وقد ظهر الجبرتي في عصر ركود ثقافي وعلمي وتراجع حضاري لمصر وغيرها من حواضر العالم الإسلامي، الأمر الذي أثار استغراب عدد من الباحثين دفعهم إلى القول بأن ظهور مؤرخ كعبد الرحمن الجبرتي يُعدُّ ظاهرة متفردة ليس لها تفسير واضح، وحاولوا إرجاع ذلك إلى البيئة العلمية التي نشأ فيها والظروف المادية التي أحاطت به، وهي ظروف يُسْرٍ لم تُتَحْ للكثير من الكتَّاب، سواء في عصر الجبرتي أم في عصر غيره، بجانب وضعه الاجتماعي الذي سَهَّلَ عليه الإحاطة بأحداث عصره، وحبه للاستطلاع الذي انتقل به إلى مواطن الأحداث، وتميزه بالدقة والموضوعية.
وقد وثَّق الجبرتي تاريخ هذه المرحلة بجهد علمي خَلَّدَ اسمه في تاريخ المؤرخين، وقد امتاز الجبرتي عمن سبقَه من مؤرخي مصر بأنه لم يقصر اهتمامه على الأكابر والوجهاء والأحداث الهامَّة، بل إنه عُني بالأمور الجليلة والحقيرة، والرفيعة والوضيعة، وكان متفاعلًا مع الأحداث، يكشف عن آرائه فيها؛ فينبسط وينقبض، ويسخر ويتهكم، ويشتط ويغضب، وهو دقيق الملاحظة.
قال عن تعريف علم التاريخ وأهميته والغرض منه في مقدمة كتابه "عجائب الآثار" : [اعلم أن التاريخ علم يبحث فيه عن معرفة أحوال الطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتهم وصنائعهم وأنسابهم ووفياتهم، وموضوعه أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء والشعراء والملوك والسلاطين وغيرهم، والغرض منه الوقوف على الأحوال الماضية من حيث هي وكيف كانت، وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح بها وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تقلبات الزمن؛ ليتحرز العاقل عن مثل أحوال الهالكين من الأمم المذكورة السالفين، ويستجلب خيار أفعالهم، ويتجنَّب سوء أقوالهم، ويزهد في الفاني، ويجتهد في طلب الباقي] اهـ.
يمتاز الجبرتي بالموضوعية كما ذكرنا، وهي أهم ميزة للمؤرخ؛ فنجده مثلًا عند حديثه عن الفرنسيين أثناء احتلالهم لمصر، كما يذكر فظائعهم وجرائمهم وانحلالهم الأخلاقي وإباحة البغاء وسفور النساء وتعاطي المسكرات والأكل والشرب في نهار رمضان، يذكر أيضًا اهتمامهم بالعلم وتمكين المتخصصين في العلوم المختلفة من العمل وإمدادهم بما يحتاجون من أدوات، وإتاحة الفرصة لمن أراد من المصريين أن يطَّلع على المعارف والعلوم، كما كان معجبًا باحترامهم للإجراءات القانونية والتقاضي، ويقول على سبيل المثال في قصة محاكمة سليمان الحلبي الذي اتُّهم بقتل الحاكم العسكري "كليبر" بعد ذكر معرفته بتشوُّقِ الناس لمعرفة هذه القصة التي كان أعرض عن ذكرها لرداءة أسلوب المذكرات التي طبعها الفرنسيون بشأنها؛ فقال: [ثم رأيت كثيرًا من الناس تتشوَّق نفسه إلى الاطلاع عليها لتضمينها خبر الواقعة وكيفية الحكومة، ولما فيها من الاعتبار وضبط الأحكام من هؤلاء الطائفة، الذين يحكِّمون العقل ولا يتديَّنون بدين، وكيف وقد تَجَارَى على كبيرهم ويعسوبهم رجلٌ آفاقي أهوج وغَدَرَه، وقبضوا عليه وقرَّرُوه، ولم يَعْجَلُوا بقتله وقتل من أخبر عنهم بمجرد الإقرار، بعد أن عثروا عليه ووجدوا معه آلة القتل مضمخة بدمِ ساري عسكرهم وأميرهم، بل رتبوا حكومة ومحاكمة وأحضروا القاتل وكرَّروا عليه السؤال والاستفهام مرة بالقول ومرة بالعقوبة، ثم أحضروا من أخبر عنهم وسألوهم على انفرادهم ومجمعين، ثم نفَّذوا الحكومة فيهم بما اقتضاه التحكيم، وأطلقوا مصطفى أفندي البوصلي الخطَّاط، حيث لم يَلْزَمْه حُكم، ولم يتوجَّهْ عليه قصاص] اهـ.
ومن الملاحظ اهتمامه بقضية العدل والعدالة، التي أكَّد عليها وأفرد لها حديثًا خاصًّا في مقدمة كتابه الأشهر "عجائب الآثار".
وكما كان يبغض محمد علي باشا والي مصر، ويذكر مساوئ سياساته التي أدَّتْ إلى غلاء الأسعار وازدياد نفوذ فئات محدودة في المجتمع وغرباء عنه كنصارى الروم والأرمن، وكان يقول: "إن من طبعه داء الحسد والشره والطمع والتطلع لما في أيدي الناس وأرزاقهم"، فإنه مع ذلك أشاد ببعض الأعمال والعمارة التي قام بها، كعادته في الحفاظ على الموضوعية والإنصاف في حديثه وسرده للوقائع التاريخية.
وإن كان هذا العداء قد أثار شكوكًا حول تدبير محمد علي لقتل ابنه خليل الذي كان يعمل في قصر محمد علي، وإحراق بيت الجبرتي بعد وفاته بما فيه من كنوز معرفية، وقيل إن محمد علي وظَّفَ ابنه عنده كعادته في التعامل مع المعارضين، أن يتقرَّب إليهم حتى يغدر بهم كما فعل مع السيد عمر مكرم الذي نفاه، وقد حظر محمد علي نشر كتاب الجبرتي "عجائب الآثار" ولم يُنشر إلا بطلب من الإنجليز في عهد الخديوي توفيق.
ومن مؤلفات الجبرتي "عجائب الآثار في التراجم والأخبار"، و"مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس"، و"تاريخ مدة الفرنسيس بمصر"، و"مختصر تذكرة الشيخ داود الأنطاكي"، و"نقد لكتاب ألف ليلة وليلة"، و"دستور تقويم الكواكب السبعة".
وبعد أن قُتل ابنه بكاه كثيرًا حتى ذهب بصره، ومات حوالي سنة 1240ه/ 1825م.
المصادر:
- "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" لعبد الرحمن الجبرتي.
- عرض الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى لكتاب "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" لعبد الرحمن الجبرتي، منشور ضمن موسوعة "تراث الإنسانية" (4/ 553، سنة 1966م).
- "دراسات في تاريخ الجبرتي" للأستاذ إبراهيم مصطفى، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، "مجلة المجمع" (11/ 47-50، سنة 1959م).
- "حقائق عن عبدالرحمن الجبرتي مستمدة من وثائق المحكمة الشرعية" للدكتور محمد أنيس، "المجلة التاريخية المصرية" (ص: 69-115، سنة 1962م).
- "الجبرتي" للدكتور عبد الله محمد جمال الدين، ضمن "موسوعة أعلام الفكر الإسلامي" (ص: 202-203، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
 

رحلة من رحلات طلب العلم ولكن هذه الرحلة لها طابع خاص، فقد جمعت هذه الرحلة أربعة من كبار العلماء في عصرهم، وهم: الإمام محمد بن جرير الطبري، هو أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، الطبري، ثم


الإمام الطبري هو: محمد بن جرير كان أحدَ أئمةِ العلماء، يُحكَم بقوله، ويُرجَع إلى رأيه؛ لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحدٌ من أهل عصره، وكان حافظًا لكتاب الله، عارفًا بالقراءات، بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقِها، وصحيحِها وسقيمِها، وناسخِها ومنسوخِها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين، ومَنْ بعدهم من الخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفًا بأيام الناس وأخبارِهِم.


كان الإمام ابن الباقلاني من أشدِّ الناس فراسة وذكاءً وفطنة، واسمه: محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، البصري، ثم البغدادي، ولد سنة 338هـ.


الوقوف مع النفس وعدم الجمود على الموروث دون تَثَبُّتٍ ومناقشة الأفكار السائدة سواء ثبتت صحتها أم لا، من الأمور الصعبة على النفس البشرية، خاصة إذا صدرت هذه المراجعة من عالم شهير مبرز، لكن الإمام أبا حامد الغزالي فعل ذلك بجسارة قَلَّ أن توجد عند أحد. يقول الإمام الغزالي شارحًا ومُبَيِّنًا صفات شخصيته: "وقد كان التعطش إلى درك حقائق الأمور دأبي


الخليل بن أحمد الفراهيدي أحد أعلام الأمَّة الإسلاميَّةِ، كان إمامًا في اللغة العربية وأنشأ علم العَروضِ، أخذ سيبويه عنه علمَ النَّحو، وكذلك غيره من الأعلام؛ كالنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوي، والأصمعي، وغيرهم. ولد الخليل حوالي سنة مائة من الهجرة، وكان يَعرف علمَ الإيقاع والنَّغم، فَفَتَحَ له ذلك علمَ العَروضِ، وقد قيل: إنه دعا بمكة أن يرزقه الله عِلمًا لم يُسْبَقْ إليه، وذكروا أنه كان يَمُرُّ بسوق الصَّفَّارين أو النحَّاسين، فسمع طرق النحَّاسين فأوحى له ذلك بإنشاء علم العَروض، فكان لهذا الموقف أثرٌ كبيرٌ في إنشاء هذا العلم، الذي أفاد منه الشعر العربي أيَّما إفادةٍ من حيث الضبط والتَّقسيم والتَّذوق.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :27