الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

الطهارة المعنوية في الوضوء

الطهارة المعنوية في الوضوء

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ -أَوِ الْمُؤْمِنُ- فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ- حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ».

يكشف هذا الحديث عن الجانب المعنوي في الوضوء؛ فيثبت هذا الحديث بالإضافة للطهارة الحسية الطهارة المعنوية، والتي سيكون بسببها الخروج من الذنوب التي اقترفها العبد.

وتساءل شراح الحديث هل يشمل ذلك جميع الذنوب، فيجيب على ذلك الإمام ابن دقيق العيد؛ فيقول: [ظاهر الحديث خروجُه من جميع ذنوبه، كبيرِها وصغيرِها، وقد خصُّوه أو مثلَه بالصَّغائرِ، لما جاء في الحديث الآخر: «الصَّلواتُ الخَمْسُ، والجمعةُ إلى الجُمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ؛ مُكفِّراتٌ لِما بينهنَّ، إذا اجتُنِبَت الكَبائُر». قال بعضهم: يدلُّ على أنَّ الكبائرَ إنما تُغفرُ بالتوبة المعبَّرِ عنها بالاجتناب في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [النساء: 31] قال: وعلى هذا فقوله: «حتىَّ يخرجَ نقيًّا من الذُّنوبِ» يعني: من الصغائر. قال: ثم لا بُعدَ أن يكون بعضُ الأشخاص تُغفر له الكبائُر والصغائرُ بحسب ما يحضُرُه من الإخلاص، ويراعيه من الإحسان والآداب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء] اهـ.

من أجل ذلك رأى الفقهاء أنه لا يمكن تعليل الوضوء بالتنظيف على ما ذهب إليه بعض المتأخرين من الفقهاء، وذلك يفتح الباب لإضافة علل جديدة؛ منها: الطهارة المعنوية كما أخبر بذلك جمع من الفقهاء، ومنهم الشيخ الجمل فقيه الشافعية؛ حيث يقول رحمه الله: [هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّوَضُّؤِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَضَاءَةِ، وَهِيَ الْحُسْنُ وَالنَّضَارَةُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِزَالَتِهِ ظُلْمَةَ الذُّنُوبِ، وَهُوَ لُغَةً: النَّظَافَةُ، وَهِيَ مِنَ الْجَمَالِ، وَالْجَمَالُ مِنَ الْكَمَالِ، وَالْكَمَالُ مِنَ الْحُسْنِ، وَالْحُسْنُ مِنَ الْبَهَاءِ، وَالْبَهَاءُ مِنَ الْحَيَاءِ، وَالْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ مِنَ النُّورِ، وَالنُّورُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَالْجَنَّةُ مِنَ الْكَوْنِ، وَالْكَوْنُ مِنَ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى] اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
- "شرح الإلمام" لابن دقيق العيد (4/ 616).
- "حاشية الجمل على شرح منهج الطلاب" (1/ 100).

عَنْ سَهْلٍ أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»، رواه البخاري.


عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ»، وفي رواية: «لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ» متفق عليه.


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: «إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ».


عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ». يُوَجِّهُنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم إلى أهمية مراقبة العبد لنفسه وإدراكه لما


فأما البر: فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله، وجاء تفسيره في الحديث بأنه حسن الخلق، وعُبَّر عنه في حديث آخر لوابصةَ بأنه ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، وهذا الاختلاف في تفسيره لبيان أنواعه. فالبرُّ مع الخَلْق إنما يكون بالإحسان في معاملتهم، وذلك قوله: «البرُّ حسن الخلق»، وحسن الخلق هو بذل الندى، وكفُّ الأذى، والعفو عن المسيء، والتواصل معهم بالمعروف، كما قال ابن عمر رضي الله عنه: "البرُّ شيء هيِّن: وجه طليق، وكلام ليِّن".


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20