01 يناير 2017 م

تأليف القلوب وتأمين الناس أجمعين للوصول إلى جنة رب العالمين

تأليف القلوب وتأمين الناس أجمعين للوصول إلى جنة رب العالمين

عَن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ، قَالَ: فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا» قَالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا». قَالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، قَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا» يَعْنِي: فَقَالَ: «إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ» متفق عليه، وفي روايةٍ أخرى انفرد بها البخاري: «أَمَّا بَعْدُ: فَوَاللهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنِّي أُعْطِي أَقْوَامًا؛ لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ».

يأتي هذا الحديث ليضيف لنا منحىً جديدًا، ورافدًا سديدًا، من روافد الحكمة والموعظة الحسنة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيخبرنا هذا الحديث أَنَّ سَعْدًا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُعْطِي نَاسًا وَيَتْرُكُ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ فِي الدِّينِ، وَظَنَّ أَنَّ الْعَطَاءَ يَكُونُ بِحَسَبِ الْفَضَائِلِ فِي الدِّينِ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ يَعْلَمْ حَالَ هَذَا الْإِنْسَانِ الْمَتْرُوكِ، فَأَعْلَمَهُ بِهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَوْ مُسْلِمًا»، فَلَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ النَّهْيَ عَنِ الشَّفَاعَةِ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى فَسَكَتَ، ثُمَّ رَآهُ يُعْطِي مَنْ هُوَ دُونَهُ بِكَثِيرٍ؛ فَغَلَبَهُ مَا يَعْلَمُ مِنْ حُسْنِ حَالِ ذَلِكَ الإنسان؛ فقال: يا رسول الله، مالك عَنْ فُلَانٍ –تَذْكِيرًا-، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم هَمَّ بِعَطَائِهِ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ثُمَّ نَسِيَهُ فَأَرَادَ تَذْكِيرَهُ، وَهَكَذَا الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ إِلَى أَنْ أَعْلَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ الْعَطَاءَ لَيْسَ هُوَ عَلَى حَسَبِ الْفَضَائِلِ فِي الدِّينِ، فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللهُ فِي النَّارِ».

فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخبرنا أنه عليه أفضل الصلاة والتسليم يُعْطِي نَاسًا؛ لعلمه بضعف إيمانهم، حتى لو لم يعطهم لأعرضوا عن الحقِّ، وسقطوا في النار على وجوههم، وَأنه صلى الله عليه وآله وسلم يَتْرُكُ أَقْوَامًا في القسمة هُمْ أَحَبُّ إِلَيه مِنَ الَّذِينَ أَعْطَاهُمْ، وَأن هذا الترك لهم من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس احْتِقَارًا لَهُمْ، وَلَا لِنَقْصِ دِينِهِمْ، وَلَا إِهْمَالًا لِجَانِبِهِمْ، بَلْ لعلمه صلى الله عليه وآله وسلم بكمال إيمانهم ورضاهم بفعله؛ فيَكِلَهُمْ عليه أفضل الصلاة والتسليم إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النُّورِ وَالْإِيمَانِ التَّامِّ، والرضا عن الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
 

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَأْذَنُ لِي فِي الزِّنَا؟ قَالَ: فَصَاحَ الْقَوْمُ بِهِ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَقِرُّوهُ وَادْنُهْ "


قال الله جل جلاله في سورة الأنعام [75-79]: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ۞ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الآفِلِينَ ۞ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ۞ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ۞ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.


جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ»، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ (متفق عليه). وفي رواية قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي». فَجِئْتُ


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» رواه أبوداود في "سننه". جاء في سبب ورود هذا الحديث ما أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (41/ 147)، عن مالك بن أنس عن الزهري عن أبي حدرد أو ابن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنهم قال: تذاكرنا يومًا في مسيرنا الشكر والمعروف، فقال محمد بن مسلمة رضي الله عنه: كنا يومًا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لحسان بن ثابت رضي الله عنه: «أَنْشِدْنِي قَصِيدَةً مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَضَعَ عَنْكَ آثَامَهَا فِي شِعْرِهَا وَرِوَايَتِهَا»، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً هَجَا بِهَا الأَعْشَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ: عَلْقَمُ مَا أَنْتَ إِلَى عَامِرِ ... النَّاقِضِ الأَوْتَارَ وَالْوَاتِرَ


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاةٍ وَلا صَوْمٍ وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قال أنس: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببت»، قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم. يتحدث هذا الحديث الشريف عن رجل اتجه بالسؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم طالبًا تحديد موعد الساعة، ليس هذا هو الأمر الأهم، فالساعة آتية لا محالة، وإنما المهم هو استعداد الإنسان لاستقبالها، لذلك يجيبه سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم بقوله: «وماذا أعددت لها؟» أي: ما العمل الصالح الذي


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :32