01 يناير 2017 م

من مستلزمات الإيمان ودلائل التحقق بالإسلام

من مستلزمات الإيمان ودلائل التحقق بالإسلام


«حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»


عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه.

يعدُّ هذا الحديث قاعدةً من قواعد الإسلام؛ قال الإمام أبو داود السِّجسْتاني رحمه الله: [يدور -أي الإسلام- على أربعة أحاديث: ...، -منها- حديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»] اهـ.

وقال الإمام الفشني رحمه الله: [إن هذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام الموصى بها في قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103] اهـ.

وقال الإمام الجرداني رحمه الله: [إن هذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام، والمقصود منه طلب المساواة التي بها تحصل المحبة، وتدوم الألفة بين الناس، وتنتظم أحوالهم] اهـ.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف والمقاصد -المحبة والألفة وانتظام أحوال الناس- أرشد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته إلى أنه لا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه؛ بمعنى أنه لا يبلغ الدرجة الكاملة من الإيمان أو الدرجة التي يترقى بها في الإيمان، إلا إذا فعل كذا وكذا، أو بمعنًى آخر بيَّن أن من أهم عوامل رسوخ الإيمان في القلب، أن يحب الإنسان للآخرين حصول الخير الذي يحبه لنفسه؛ من حلول النعم، وزوال النقم، وبذلك يكمل الإيمان في القلب.

وإذا تأملنا الحديث، وجدنا أن تحقيق هذا الكمال الإيماني في النفس، يتطلب منها سموًّا في التعامل، ورفعةً في الأخلاق مع الغير، وهذا يحتِّم على صاحبها أن يصبر على أذى الناس، ويتغاضى عن هفواتهم، ويعفو عمن أساء إليه، وليس ذلك فحسب، بل إنه يشارك إخوانه في أفراحهم وأتراحهم، ويعود المريضَ منهم، ويواسي المحتاج، ويكفل اليتيم، ويعيل الأرملة، ولا يألو جهدًا في تقديم صنائع المعروف للآخرين، ببشاشةِ وجهٍ، وسعة قلبٍ، وسلامة صدرٍ، من غير أن ينتظر منهم المعاملة بالمِثل.

قال الإمام النووي رحمه الله: [قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وهذا قد يعدُّ من الصعب الممتنع، وليس كذلك؛ إذ معناه: لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهةٍ لا يزاحمه فيها، بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئًا من النعمة عليه، وذلك سهلٌ على القلب السليم، وإنما يعسُرُ على القلب الدَّغِل، عافانا الله وإخواننا أجمعين، والله أعلم] اهـ.

ويتسع معنى الحديث، ليشمل محبة الخير لغير المسلمين، ويدل على هذا المعنى ما جاء في رواية الترمذي لهذا الحديث؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- "شرح النووي على مسلم" (2/ 15، 11/ 23).
- "المجالس السنية" (ص: 80)، و"التعيين شرح الأربعين" للفشني (ص: 124).
- "الجواهر اللؤلئية شرح الأربعين النووية" للجرداني (ص: 128).

 

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.


قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ذلك: «مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ؛ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ» رواه أحمد في "مسنده". لا يوجد حديث يحكم أمر الطعام ومقدار الأخذ منه كما يرشد إليه هذا الحديث الشريف؛ فيُطلِقُ الحديث شرَّ الامتلاء في وعاء من الأوعية على البطن، فالبطن شرُّ وعاءٍ يُمْلَأ.


عَنْ سَهْلٍ أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»، رواه البخاري.


عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]. وفي روايةٍ في الترمذي مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ». لا شك أن الدعاءَ عبادةٌ من أعظم العبادات، بل جاء في الحديث -كما هو بين أيدينا-: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ»، وفي روايةٍ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ».


عن أبي الحوراء السعدي قال: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ» رواه الترمذي. هذا الحديث الشريف الذي بين يدينا في هذه الأسطر القليلة، يمثل أحد تجليات الرؤية النبوية لما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم من صفاء نفسي وثقة كبيرة بما يقوم به، واقتناع بتصرفاته وسائر أعماله. في


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :28