الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

التواضع

التواضع


التواضع من الأخلاق الفاضلة التي تسمو بها النفس، وتصلح بها علاقات الناس، وتبعث على المحبة والتآلف بينهم.

والتواضع هو: لين المعاملة، وعدم التكبر والتعالي على الناس.
وقد حرص القرآن الكريم على بيان فضل التواضع، ومدح من يتحلى به؛ فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]، وقال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: 88]، وذكر أن الآخرة لهؤلاء الذين لا يريدون عُلُوًّا في الأرض ولا فسادًا؛ فقال جلَّ شأنه: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83]، ووصف المؤمنين بأنهم أشدَّاء على الكفار رحماء بينهم؛ فقال تبارك وتعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: 29]، وحذَّرَ من عاقبة التكبُّر والبغي؛ فقال: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ [غافر: 35].

وكان التوجيه النبوي أيضًا يحثُّ على التواضع، ويبيِّن فضلَه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ» رواه مسلم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» رواه مسلم، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» رواه البخاري، وقال أيضًا: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ» رواه مسلم.

وقدَّمَ صلى الله عليه وآله وسلم نموذجًا عمليًّا في تطبيق هذا الخلق؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوكِّئًا على عصا فقمنا إليه، فقال: «لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا» رواه أبو داود.

وحين دخل صلى الله عليه وآله وسلم مكة فاتحًا منتصرًا لم يُنْسِه الانتصارُ تواضعَهُ لله الذي رزقه هذا النصر.

فماذا فعل حين دخل مكة؟
يقول أنس رضي الله عنه: "دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَذَقْنُهُ عَلَى رَحْلِهِ مُتَخَشِّعًا" رواه الحاكم في "المستدرك".

وكذا كان دأب الصحابة رضوان الله عليهم؛ فعن أبي مِجْلَزٍ قال: "خرج معاوية، فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوْه"، فقال: "اجلسا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رواه الترمذي.

إن التواضع خلق رفيع، يحتاج إلى تعاهدٍ من النفس، وصبرٍ على التحلِّي به حتى يصير عادةً في النفس الإنسانية التي تحب أن تفتخر بأعمالها، وبذاتها، وأن يشير إليها الناس ممتدحين إياها، ومتمنين تمثُّلها، فإذا أدرك الإنسان أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنه لا يحقِّقُ خيرًا أو يؤدِّي معروفًا إلا بفضل الله وتوفيقه، وأنه لم يُرزق مالًا، ولا صحةً إلا بكرم الله ومَنِّه، أخذ نفسه بالتواضع، وحمد الله وشكره، وعامل الناس بالمعروف، وخفض لهم جناحه، وبِذَا يتحابُّ الناسُ وتتعمَّق أواصر المودَّة بينهم، وتقوى عُرَى الصلة بينهم، فيكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر.

الإنصاف خلق كريم، يُقرِّر حق كل شخص تجاه نفسه وتجاه غيره، فهو تطبيق لقيمة العدل، الذي هو أصل منظور الإسلام للكون والحياة، الذي تقوم عليه فلسفة الإسلام ومنهجه، وهذا الخلق الراقي يقتضي أن ينظر الإنسان إلى نفسه وغيره نظرًا موضوعيًّا متوازنًا، فيعرف حق نفسه عليه، فيما ينبغي أن يوفره لها من علم وقرب إلى الله وسياسة جسده حتى يقوى على تحمل ما يلزمه من واجبات وما يتطلع إلى تحقيقه من طموحات وتقدير ما يمكنه القيام به وما لا يمكنه


يعد الاختلاف من سنن الله تعالى في الكون، فكل مظاهر الكون والحياة تُعبِّر عن هذه الحقيقة، فالكون كله في تنوع واختلاف وتباين، سماء وأرض ونجوم وكواكب وجبال وسهول وصحاري ووديان وبحار وأنهار وأنواع لا تعد ولا تُحصى من الأشجار والنباتات والثمار والكائنات الحية على اليابسة أو في المياه، والإنسان كذلك مختلفة أجناسه وأعراقه وألوانه ولغاته، وهو ذكر وأنثى، وينتقل في أطوار مختلفة، من الطفولة إلى المراهقة، إلى الشباب والفتوة، إلى الكهولة إلى الشيخوخة، وعلى مستوى التفكير والإدراك يشعر الإنسان في خاصة نفسه بتغير أطوار فكره ومعرفته وإدراكه لحقائق الأمور وتباين وجهة نظره إزاءها حينًا بعد آخر.


تعد صلة الأرحام من مظاهر عناية الإسلام بتقوية أواصر الصِّلات داخل المجتمع، ونشر المحبة والسلام بين أفراده؛ حيث وجَّه الإسلامُ عنايةَ أتباعه إلى التَّواصُل والتَّقارب بشكلٍ خاص بين الأهل والأقارب؛ فالإسلام لا يقرُّ هذه النظرة الفردية التي تجعل الإنسان مهتمًّا بذاته فقط، أو على الأكثر بأسرته الصغيرة، بل يدفع الإسلام أتباعه إلى ترسيخ قيمة التَّواصل الفعَّال بين الأقارب؛ كحلقةٍ أساسيةٍ من حلقات الترابط في المجتمع؛ ولتشعب العلاقات والمصاهرة بين النَّاس؛ فإنَّ دائرةَ صلةَ الرَّحم قادرةٌ على الامتداد لتشمل المجتمع كله بطريقةٍ غير مباشرة.


الصبر من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلم أن يتحلَّى بها، وأن يُدَرِّبَ نفسه عليها. ولقد عرَّف بعض العلماء الصبر في أحد تعريفاته: بـ «تجرع المرارة مع السكون». وحياة المؤمن كلها ينبغي أن يكون الصبر محورها، فهو يصبر على طاعة الله تعالى ويصبر أيضًا عن معصيته، كما يصبر على ما يصيبه من ضراء في الحياة الدنيا تبعًا لأقدار الله بحلوها ومرها، لا يجزع ولا ييأس من رحمة الله، ولا يغترَّ بما فيه من نِعم؛ فيزلَّ خائبًا يخسر دنياه وآخرته.


من الأخلاق الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها المسلم ، إفشاء السلام ، والمراد نشر السلام على من عَرفتَ ومَن لم تعرف، والسَّلام من أسماء الله تعالى، والجنَّة هي دار السَّلام، وهو تحيَّة المؤمنين في الجنَّة وتحيَّة أهل الإسلام في الدُّنيا، وهو طريق المحبَّة والمودة بين المسلمين، وبه تزول العداوة والخصومة. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم: إلقاء السلام على من يعرف ومن لم يعرف، يدل على هذا ما رواه سيدنا عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20