01 يناير 2017 م

التواضع

التواضع


التواضع من الأخلاق الفاضلة التي تسمو بها النفس، وتصلح بها علاقات الناس، وتبعث على المحبة والتآلف بينهم.

والتواضع هو: لين المعاملة، وعدم التكبر والتعالي على الناس.
وقد حرص القرآن الكريم على بيان فضل التواضع، ومدح من يتحلى به؛ فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]، وقال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: 88]، وذكر أن الآخرة لهؤلاء الذين لا يريدون عُلُوًّا في الأرض ولا فسادًا؛ فقال جلَّ شأنه: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83]، ووصف المؤمنين بأنهم أشدَّاء على الكفار رحماء بينهم؛ فقال تبارك وتعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: 29]، وحذَّرَ من عاقبة التكبُّر والبغي؛ فقال: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ [غافر: 35].

وكان التوجيه النبوي أيضًا يحثُّ على التواضع، ويبيِّن فضلَه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ» رواه مسلم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» رواه مسلم، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» رواه البخاري، وقال أيضًا: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ» رواه مسلم.

وقدَّمَ صلى الله عليه وآله وسلم نموذجًا عمليًّا في تطبيق هذا الخلق؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوكِّئًا على عصا فقمنا إليه، فقال: «لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا» رواه أبو داود.

وحين دخل صلى الله عليه وآله وسلم مكة فاتحًا منتصرًا لم يُنْسِه الانتصارُ تواضعَهُ لله الذي رزقه هذا النصر.

فماذا فعل حين دخل مكة؟
يقول أنس رضي الله عنه: "دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَذَقْنُهُ عَلَى رَحْلِهِ مُتَخَشِّعًا" رواه الحاكم في "المستدرك".

وكذا كان دأب الصحابة رضوان الله عليهم؛ فعن أبي مِجْلَزٍ قال: "خرج معاوية، فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوْه"، فقال: "اجلسا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رواه الترمذي.

إن التواضع خلق رفيع، يحتاج إلى تعاهدٍ من النفس، وصبرٍ على التحلِّي به حتى يصير عادةً في النفس الإنسانية التي تحب أن تفتخر بأعمالها، وبذاتها، وأن يشير إليها الناس ممتدحين إياها، ومتمنين تمثُّلها، فإذا أدرك الإنسان أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنه لا يحقِّقُ خيرًا أو يؤدِّي معروفًا إلا بفضل الله وتوفيقه، وأنه لم يُرزق مالًا، ولا صحةً إلا بكرم الله ومَنِّه، أخذ نفسه بالتواضع، وحمد الله وشكره، وعامل الناس بالمعروف، وخفض لهم جناحه، وبِذَا يتحابُّ الناسُ وتتعمَّق أواصر المودَّة بينهم، وتقوى عُرَى الصلة بينهم، فيكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر.

اليقين من الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، وبه يزداد المسلم قربًا من الله تعالى متوكلًا عليه زاهدًا فيما عند الناس، كما أنه يجعل صاحبه عزيز النفس، صادقًا مع الله مخلصًا في عبادته، مترفعًا عن مواطن الذلة والهوان، ومن علاماته: قلة مخالطة الناس رغبة فيهم واحتياجا إليه، وترك مدحهم عند العطاء، وترك ذمهم عند المنع، والتوكل عليه سبحانه والرجوع إليه في كل أمر. وقد ورد في السنة النبوية المطهرة ما يدعونا إلى اليقين وأن ثوابه الجنة إن شاء الله، فعن شَداد بْن


جعل الإسلام من تحمل المسئولية أساسًا لبناء المجتمع الراشد، وفي سياق ذلك لم يفرق ‏بين المسئولية الخاصة والمسئولية العامة من حيث الإلزام بالقيام بمتطلبات هذا التحمل، ‏وكذلك لم يفرق بين المسئولية الفردية والمسئولية الجماعية، فكل فرد ملزم بالقيام بما وكل إليه ‏على الوجه المرضي الذي يقبله العقل والشرع.‏


التعاون من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلمين أن يتمسكوا بها وأن يطبقوها في واقعهم العملي خاصة في هذا العصر الذي تسود في عالمه قوى وتيارات تؤمن بالفردية المطلقة، وتدعو لها بقوة، وتبث أفكارها المتعلقة بالفردية والذاتية في وسائل إعلامها بصور مختلفة.


الإنصاف خلق كريم، يُقرِّر حق كل شخص تجاه نفسه وتجاه غيره، فهو تطبيق لقيمة العدل، الذي هو أصل منظور الإسلام للكون والحياة، الذي تقوم عليه فلسفة الإسلام ومنهجه، وهذا الخلق الراقي يقتضي أن ينظر الإنسان إلى نفسه وغيره نظرًا موضوعيًّا متوازنًا، فيعرف حق نفسه عليه، فيما ينبغي أن يوفره لها من علم وقرب إلى الله وسياسة جسده حتى يقوى على تحمل ما يلزمه من واجبات وما يتطلع إلى تحقيقه من طموحات وتقدير ما يمكنه القيام به وما لا يمكنه


التَّناصُح بين الناس من الأخلاق المهمَّة التي حرص الإسلامُ على ترسيخها في المجتمع، وهي مشتقَّة من الإِخلاص؛ فالنَّاصِح يُخلِص القولَ لمن يَنْصحُه ويسعى في هدايتِه وصلاحِه. وقد ذكر اللهُ سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في قَصَصِ عددٍ من الأنبياء عليهم السلام أنهم حَرِصوا على النُّصح وكانت لديهم رغبةً صادقةً في هداية أقوامهم؛ كما أخبر اللهُ بذلك عن نوحٍ عليه السلام:


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 يوليو 2025 م
الفجر
4 :22
الشروق
6 :5
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :27