01 يناير 2017 م

بلايا الأجسام والنفوس تكفير للخطايا والذنوب

بلايا الأجسام والنفوس تكفير للخطايا والذنوب


عَنْ أبي سعيد وأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ، وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» متفق عليه.

"عندما لا تحقق أمرًا ما كنتَ تتمناه، فاعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم أن هذا خير لك"، كلمة قالها شيخنا الشعراوي في حديثه عن غضبنا وعدم رضانا عن أحوال الدنيا معنا؛ ولهذا اطلب الرضا بما كتبه الله لك، واحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.

وفي هذا الحديث يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يصيب المسلم نصبٌ (تعب) ولا وصبٌ (مرض)؛ وهُما من بلايا الأجسام، ولا همٌّ ولا حزنٌ؛ وهُما من بلايا القلوب والنفوس، ولا أذًى ولا غمٌّ، قال الكرماني: الغم يشمل جميع أنواع المكروهات لأنه إما بسبب ما يعرض للبدن أو النفس، والأول إما بحيث يخرج عن المجرى الطبيعي أو لا، والثاني إما أن يلاحظ فيه الغير أو لا، وإما أن يظهر فيه الانقباض أو لا، وإما بالنظر إلى الماضي أو لا، إلا وكان في ذلك تكفير للذنوب والخطايا بقدر الألم؛ فعقاب الدنيا يعفينا بفضل الله تعالى من عقاب الآخرة، وهو في كل الأحوال خير لنا من تأجيل الحساب للآخرة.

وتأييدًا لهذه الحقيقة جاء عن ابْن مسْعُود رضي الله عنه قَالَ: دَخلْتُ عَلى النَبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُو يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يا رسُولَ الله، إِنَّكَ تُوعكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قال: «أَجَلْ؛ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُم» قُلْتُ: ذلك أَنَّ لَكَ أَجْريْن؟ قال: «أَجَلْ؛ ذَلك كَذَلك، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شوْكَةٌ فَمَا فوْقَهَا إلَّا كَفَّر الله بهَا سيئاته، وَحطَّتْ عنْهُ ذُنُوبُهُ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجرةُ وَرقَهَا» متفقٌ عليه. وَ«الْوَعْكُ»: مَغْثُ الحمَّى، وقيل: الْحُمى.

ويؤيد هذه الحقيقة أيضًا ما جاء عنْ أَبي هُرَيرة رضيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» رواه البخاري.

وما جاء عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، وَبِنفس الإسناد عن أنس عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، قَالَ: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» رواه الترمذي وقال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ.

وكذلك يكشف ويبين هذه الحقيقة ما جاء عَنْ أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يَزَال الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمؤمِنَةِ في نَفْسِهِ وَولَدِهِ ومَالِهِ حَتَّى يَلْقَى الله تعالى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» رواه التِّرْمِذيُّ وقال عقبه: حديثٌ حسنٌ صحِيحٌ.

عَنْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، أنه قَالَ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» رواه مسلم. الرِّفْقُ فِي اللُّغَةِ: لِينُ الْجَانِبِ، وَلَطَافَةُ الْفِعْل، وَإِحْكَامُ الْعَمَل، وَالْقَصْدُ فِي السَّيْرِ. وَالرِّفْقُ يُرَادِفُهُ الرَّحْمَةُ، وَالشَّفَقَةُ، وَاللُّطْفُ، وَالْعَطْفُ، وَيُقَابِلُهُ الشِّدَّةُ، وَالْعُنْفُ، وَالْقَسْوَةُ وَالْفَظَاظَةُ، وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاحِيُّ لِلرِّفْقِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ. "الموسوعة الفقهية الكويتية" (22/ 291).


عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الإمام الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".


ثم قصد صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فقال: «والصلاة نور»، فهي نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي آخرته؛ فإنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب، وهي عمود الإسلام، يقوم عليها بناؤه، فإذا لم يقم العمود انهار البناء؛ فهي نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ عليها ويحرص حتى يَكْثُرَ نورُه وإيمانُه. ثم يبيِّن صلى الله عليه وسلم أن: «الصدقة برهان»، ومعنى ذلك كما يقول العلماء أن الصدقة تكون


عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعًا أنه قال: "كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ" أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه". وعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي رضي الله عنه، أن أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: «فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ؟»، قالوا: نعم، قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» أخرجه الإمامان أبوداود وابن ماجه في "سننهما".


عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرو الأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامَ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذاَ لَمْ تَسْتَحْي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. هذا الحديث من الأحاديث القاطعة في بيان أهمية الحياء وقيمته الأخلاقية في حياة المسلم، وربط الحياء بكلام النبوة الأولى ويقصد به: مما اتفقت عليه الشرائع؛ لأنه جاء في أُوْلَاهَا، ثم تتابعت بقيتُها عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :6
الشروق
6 :35
الظهر
12 : 53
العصر
4:26
المغرب
7 : 11
العشاء
8 :30