01 يناير 2017 م

الجغرافيا عند المسلمين

الجغرافيا عند المسلمين

كان للمسلمين دورٌ كبيرٌ في نهضة علم الجغرافيا والتعرف على تضاريس الأرض ومعرفة خواصها، لقد دعا القرآن الكريم الناس إلى السير في الأرض للتعرف على أدلة خلق الله تعالى وعظمة إبداعه وآثار الأمم السابقة، فقال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20]، وقال جل شأنه: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20]، وقال أيضًا: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [الأنعام: 11]، وبين وجوهًا من إعجازه سبحانه وتعالى في قوله: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ [الرحمن: 19]، حيث يلتقي البحر المالح مع الماء العذب فلا يختلطان، ويخرج من بينهما اللؤلؤ والمرجان، وهذا من باب تنبيه المؤمنين إلى أهمية دراسة التضاريس وخواص كل منها، وكيفية الإفادة منها على الوجه الأكمل.

ومن أهمية الجغرافيا عند المسلمين أن فريضة الصلاة التي هي أحد أركان الإسلام وعموده، يتوجه المسلمون فيها إلى تلك البقعة المباركة في مكة المكرمة، ومعرفة الاتجاه الصحيح لهذه البقعة يتطلب معرفةً دقيقةً بعلم الجغرافيا حتى يتمَّ تحديد كيفية التوجه الصحيح إليها، كما أنَّ فريضةَ الحجِ وأحد أركانه أيضًا تكون لذات البقعة، ويفد إليها المسلمون من شتى بقاع الأرض، الأمر الذي يتطلب إدراكًا واسعًا بالتضاريس الجغرافية ومعرفة عريضة بأنسب الطرق للوصول إلى هناك، كما أنَّ الفتوحات الإسلامية خلال القرون الأولى في آسيا وأفريقيا وأوروبا ساهمت في تحسين تصور المسلمين عن جغرافية الأرض ومعرفة تضاريسها المختلفة.

وقد أوْلى المسلمون عناية فائقة بعلم الجغرافيا وقد بلغوا فيه مرتبة عالية، وقاموا بتصحيح كثير من الأوهام التي كانت سائدة بين علماء الحضارات السابقة وحتى وقتهم، فقد أكدوا على استدارة الأرض، وقاموا بقياس أبعاد الأرض في زمن المأمون وكان قياسهم هذا الذي اكتشفوه دقيقًا للحدِّ الذي لم يختلف فيه عن القياسات الحديثة بواسطة إلا بنسبة ضئيلة، وكانوا أول من أشار إلى احتمال دوران الأرض، قبل أن يتم إثبات هذه المسألة فيما بعد، وأبحروا في العديد من البحار والمحيطات المجهولة مستكشفين لها وواضعين رسومات لخرائط للعالم وللأقاليم المختلفة تشبه ما تلتقطه اليوم الأقمار الصناعية، وممن قام بهذه الجهود البديعة الإدريسي والإصطخري والمسعودي وابن حوقل والبتاني وغيرهم.

كما اشتهرت رحلات ابن بطوطة وابن ماجد وابن جبير وابن فضلان وغيرهم، وهي التي كان لها فضلٌ كبير في التعرُّف على مختلف البلاد والبقاع ومعالمها ونظم الحياة فيها وعادات أهلها وتقاليدهم ومعتقداتهم وصفاتهم، حيث ألفوا العديد من المؤلفات لوصف رحلاتهم هذه، ومن أشهر هذه الكتب "رحلة ابن بطوطة.. تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".

بالتأمل في الغاية التي خلق الله سبحانه وتعالى من أجلها الإنسان نجد أنه يمكن تلخيصها في أمرين اثنين: -الأمر الأول: العبادة؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، والعبادة يأتي في المقدمة منها الشعائر التي يؤديها العبد؛ من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك من شعائر العبادات. -أما الأمر الثاني فهو: عمارة الأرض؛ قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، فتعمير الأرض من الأمور التي كلفنا الله بها، وهو يشمل كل عمل مفيد يؤدي إلى التعمير،


إحياء الأرض الميتة من التشريعات الدينية ذات البعد الحضاري الواضح، والمتمثل في تحقيق مراد الله سبحانه وتعالى من خلق العباد بعد تحقيق العبودية له وحده وفقًا لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61].


كانت الخرائط في العصور القديمة محدودة المجال والمساحة الجغرافية وغير دقيقة وكانت آثارها ماثلة في ألواح الفخار أو أوراق البردي، وكان التصور السائد عند كثيرين أن الأرض عبارة عن قرص دائري تحيط به المياه من كل جانب، ولكن اعتناء المسلمين الخاص بهذا الفن من فروع علم الجغرافيا قد أكسبه مذاقًا خاصًّا، ودفع به قُدُمًا نحو مزيد من تغطية المساحات المكتشفة والمرسومة بقدر كبير من الدقة والضبط والحرفية.


تعد الرقابة والمحاسبة من أسس العمل الناجح، الذي تنبني عليه قيمة هذا العمل ومدى إمكانية تحقيقه للنتائج المرجوَّة منه، ولقد اهتمَّت الرؤية الإسلامية بهذا الأمر، وأوْلَته ما يستحقُّ من عنايةٍ واهتمامٍ. إن المسلم ينشأ على اعتقاد أن الله سبحانه وتعالى يراقبه ويطَّلع على دقائق أعماله، فلا يكون في كونه سبحانه وتعالى إلا ما أراد، وأن كلَّ ما في الكون بحسابٍ وتقديرٍ، وليس فيه شيءٌ خلقه الله سبحانه زائدًا لا فائدة منه أو مفتقرًا إلى استكمال؛ فينشأ المؤمن الذي في ذهنه هذا التصور على منهجٍ يدفعه


"الأدب" كلمةٌ ترجع إلى معنى الاجتماع والضيافة والكرم، ومن ذلك تسمية العرب للمأدبة، فكان العرب يقولون: أدِبَ القومَ يأدبهم أدبًا، إذا دعاهم إلى طعامٍ يتَّخذه، وكان إقراءُ الضيوف وتقديمُ الطعام لهم من أرقى الخصال التي يتحلَّى بها المرءُ في هذه البيئَة الصَّحراويَّةِ المُقْفِرَةِ؛ حيث كان امتلاكُ الطَّعام هو السبيلُ الدُّنيويُّ الوحيد تقريبًا للحياة، فكان تقديمُه للضيوف دليلًا على رُقِيٍّ أخلاقيٍ عالٍ، وَسُمُوِّ نفسٍ كبيرٍ.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 يوليو 2025 م
الفجر
4 :15
الشروق
6 :0
الظهر
1 : 0
العصر
4:36
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :32