01 يناير 2017 م

في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلًا وشرفًا لديه

في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلًا وشرفًا لديه

قالت  عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. رواه البخاري (4953).

وروى أبو نعيم عن علي بن الحسين رضي اللَّه تعالى عنه وعن آبائه قال: إن أول ما أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى شيئًا في المنام إلا كان كما رأى.

وروى أيضًا عن علقمة بن قيس قال: أن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ثم ينزل الوحي.

وروى أيضًا البيهقي عن الزهري رحمه اللَّه تعالى قال: بلغنا أن أول ما رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن اللَّه تعالى أراه رؤيا فشق ذلك عليه فذكرها لخديجة، فقالت: أبشر فإن اللَّه لن يصنع بك إلا خيرًا.

وروى ابن سعد عن برة بنت أبي تِجْراة قالت: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين أراد اللَّه كرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى لا يرى بيتًا ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية فلا يمر بحجرٍ ولا شجرٍ إلا قال: السلام عليك يا رسول اللَّه. وكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدًا.

وروى الإمام أحمد ومسلم عن جابر بن سمرة رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف حجرًا كان يسلم عليَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن».

وقال عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية- بجيم وراء- الثقفي، وكان واعية، عن بعض أهل العلم: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين أراد اللَّه تعالى كرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب مكة وأوديتها فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول اللَّه، فيلتفت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يرى إلا الشجر وما حوله من الحجارة وهي تحييه بتحية النبوة: السلام عليك يا رسول اللَّه. (رواه ابن إسحاق).

وروى ابن سعد عن هشام بن عروة عن أبيه رحمهما اللَّه تعالى أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «يا خديجة، إني أرى ضوءًا وأسمع صوتًا، لقد خشيت أن أكون كاهنًا!» قالت: إن اللَّه تعالى لا يفعل ذلك بك، إنك تصدق الحديث وتؤدي الأمانة وتصل الرحم.

وروى ابن الجوزي عن ابن عباس قال: أقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة: سبعًا يرى الضوء والنور ويسمع الصوت، وثماني سنين يوحى إليه.

وقال الخازن: وهذا إن صح فيحمل على سنتين قبل النبوة فيما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يراه من تباشير النبوة، وثلاث سنين بعد النبوة قبل إظهار الدعوة وعشر سنين معلنًا بالدعوة بمكة.

قال القاضي وغيره رحمهم اللَّه تعالى: وإنما ابتدئ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا لئلَّا يفجؤه الملك ويأتيه بصريح النبوة بغتة فلا تحملها القوى البشرية، فبدئ بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة من صدق الرؤيا وما جاء في الحديث الآخر من رؤية الضوء وسماع الصوت وتسليم الحجر والشجر عليه بالنبوة حتى استشعر عظيم ما يراد به، واستعد لما ينتظره، فلم يأته الملك إلا بأمر عنده مقدماته. واللَّه أعلم. "الشفا" (1/360 بتصرف).

ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أُولِي الْعَزْمِ منَ الرُّسُل في قوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35]، والمرادُ بِالْعَزْمِ: القُوَّةُ وَالشّدّةُ وَالحزمُ والتصميم في الدعوة إلى الله تعالى وإعلاء كلمته، وعدم التهاون في ذلك.


كان التحدث بأمر النبوة والدعوة إلى الإسلام في بَدءِ أمرِه يتمُّ في إطارٍ محدودٍ، حتى لا يقاومَها الأعداءُ وهي لم تزلْ في مهدِها، ثمَّ تغيَّر الحالُ بعدَ ثلاثة أعوامٍ مِن بَدء الوحي، حينما نزل قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: 94]؛


بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستجيب لأمر الله بدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، ولكنه كان في بداية الأمر يستر أمر النبوة ويدعو إلى الإسلام في السر؛ حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبةً لشركها، ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشده إليه قرابةٌ أو معرفةٌ سابقة. ولقد استمر الأمر هكذا لمدة ثلاث سنين، وكان أبو بكر رضي الله عنه، أيضًا يدعو مَن يثق به من قومه.


ولما نالت قريش من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، خرج إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف ويرجو أن يقبلوا منه ما جاءهم به من عند الله عز وجل؛ يقول موسى بن عقبة وابن إسحاق وغيرهما: "ولما توفي أبو طالب، ونالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم تكن تنال منه في حياته، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الطائف وحده ماشيًا".


لِخُلُقِ الحياء عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آفاق ومعاني لا تَخْلَق عن كثرة المواقف التي تكشف عن مدى عمق هذا الخلق في كيان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، فمما قاله واصفوه فيما رواه الثقات من الرواة بالسند إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال يصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ" متفق عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54