التعاون من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلمين أن يتمسكوا بها وأن يطبقوها في واقعهم العملي خاصة في هذا العصر الذي تسود في عالمه قوى وتيارات تؤمن بالفردية المطلقة، وتدعو لها بقوة، وتبث أفكارها المتعلقة بالفردية والذاتية في وسائل إعلامها بصور مختلفة.
لكن التصور الإسلامي يدعو لتمسك المجتمع بقيمة التعاون بين الناس، ولكن على الخير والبر، يقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
فالتعاون في الإسلام لا يكون إلا على البر وأعمال الخير والعفو والتسامح، أما التعاون على الشر والعدوان والانتقام وارتكاب الأمور التي نهى الله عنها فإن هذا منهي عنه في الإسلام.
وقد جاء تأكيد معاني التعاون على البر والتقوى والنهي عن التعاون على الشر والمعصية في سنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم أيضًا في مواقف مختلفة، ومن ذلك ما جاء عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» رواه البخاري.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يَسْتَحْمِلُهُ، فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُهُ فَدَلَّهُ عَلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ» رواه الترمذي.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» رواه مسلم.
المصادر:
البحر المحيط في التفسير لأبي حيان الأندلسي.
تفسير ابن كثير.