01 يناير 2017 م

موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب

موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب


عَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ؛ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (رواه أصحاب السنن الأربعة).

يحمل لنا هذا الحديث نموذجًا من نماذج الموعظة المؤثرة التي صدرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبًا بها أفراد أمته، وقد بلغت من تأثيرها أن ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، وظنها البعض آخر موعظة يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

وتحتوي هذه الموعظة على التحذير من نوعين من البدع سوف يحدثان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فيهما إخلال بثابتين من ثوابت الإسلام:
البدعة الأولى: قلة التقوى، وهي تخل بمبدأ التقوى في كل الأمور، وقد عرف سيدنا الإمام علي التقوى بقوله: "هي الخوفُ من الجَليل، والعملُ بما في التنزيل، والاستعدادُ ليوم الرَّحيل"، وهو من أكثر التعريفات الملخصة لحقيقة التقوى.

البدعة الثانية: بدعة الخروج على الحاكم، التي تخل بمبدأ الاحتفاظ بالسمع والطاعة للحاكم، ولقد نقل الإمام النووي في شرحه على أحاديث صحيح مسلم الإجماع على أنه لا يجوز الخروج على الحاكم ولو كان جائرًا أو فاسقًا أو ظالمًا، وذلك في صدد شرحه للأحاديث التي تحذر من هذا الصنيع.

وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يعش فسيرى اختلافًا وابتداعًا يخرق هذين الثابتين المهمين من ثوابت الدين.

وإذا كانت قلة التقوى من البدع العامة، فإن بدعة الخروج على الحكام كانت قاسمًا مشتركًا لكل الفرق خارج دائرة أهل السنة والجماعة.

وكان على رأس الفرق التي وقعت في بدعة الخروج على الحكام الخوارج والمعتزلة.
ثم يحدثنا رسول الله عليه الصلاة والسلام عن كيفية التحصين من البدع التي تخلُّ بالثوابت الراسخة لهذا الدين، فيأمرنا باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده؛ فنتمسك بها ونسير على هديها.

فاللهم اهدنا إلى الحق وارزقنا اتباعه، وجنبنا الضلال وارزقنا اجتنابه.
وصلاة وسلامًا عليك يا رسول الله.

عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ -أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ- فَقَالَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا» (متفق عليه). لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان، فخلقه بيده في أحسن تقويم، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وجعله خليفة عنه وزوده بالقوة والمواهب ليسود ويسيطر على


عن شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِيمَا أَخْبَرَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: جَعَلَتْ جَارِيَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه تَسْكَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَسَقَطَ الْإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ (أي: جرحه)، فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَأْسَهُ إِلَيْهَا


عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ» رواه البخاريُّ.


مبدأ إنزال الناس منازلهم يحتوي على أقصى درجات الحكمة في التعامل مع الناس، وهو طريق إلى كسبهم في صف الحقِّ والحقيقة، وكما يكون تحقيق هذا المبدأ بالكلام يكون تحقيقه بالفعل، وإليك هذا الشاهد النبوي العظيم في إنزال الناس منازلهم قولًا وفعلًا، والذي كان سببًا في إسلام عدي بن حاتم. قال ابن هشام رحمه الله: قال عدي بن حاتم: [فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه، فقال: «مَنِ الرجل؟» فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامدٌ بي إليه إذ لقيَته امرأة


جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابيّ فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، مه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزرموه دعوه»، فتركوه حتّى بال، ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: «إنّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنّما هي لذكر الله- عز وجل- والصّلاة وقراءة القرآن» ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأمر رجلا من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه (أخرجه مسلم).


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 مايو 2025 م
الفجر
4 :22
الشروق
6 :1
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 42
العشاء
9 :10