01 يناير 2017 م

من قيم التعامل مع المرأة (يا أنجشة رويدك بالقوارير)

من قيم التعامل مع المرأة (يا أنجشة رويدك بالقوارير)


عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ» (رواه البخاري).
يعود اهتمام الإسلام بالمرأة أنها الزوجة، والأم الحانية، والأخت، والابنة، وأن بصلاحها يصلح النشء المسلم وكذلك المجتمع، وبفسادها يفسد النشء المسلم وأيضًا المجتمع بأكمله، وهو ما أدركه الإسلام؛ فاهتم بتحرير المرأة من كل قيود الجاهلية ورفع مكانتها وتطوير أدوارها؛ كي يصلح حالها وحال المجتمع بأكمله. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤكد على طبيعة الأنثى الرقيقة، وضرورة مراعاة هذا عند التعامل معها؛ فجاء هذا الوصف من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة عندما كان في سفر، وكان معه غلام له أسود يقال له أنجشة يحدو فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير». فوصفه لهن صلى الله عليه وسلم بالقوارير وهي المصابيح ذات الزجاج الرقيق يدل على تأكيده على رقتهن وخوفه عليهن، وهو ما يدل على المكانة السامية للمرأة في الإسلام، الذي عمل على حفظها وحمايتها مما قد يسيء إليها، وبالتالي انتقاء الأدوار التي تتناسب مع طبيعتها الرقيقة ومع سماتها وقدراتها التي تخالف سمات وقدرات الرجال.
وتعود تلك اللمسة الحانية من رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاه المرأة إلى طبيعة الرحمة العامة القائمة في كيان رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاه الخلق أجمعين؛ قال تعالى في محكم كتابه: ﴿وَمَا أَرسَلنَٰكَ إِلَّا رَحمَة لِّلعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]. ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أحد الضعيفين؛ فقال عليه أفضل الصلاة والتسليم: «اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم، وَالمرأة»، والمرأة أحق بالرحمة من غيرها؛ لضعف بنيتها واحتياجها في كثير من الأحيان إلى من يقوم بشأنها؛ وقد فهم ذلك علماء المسلمين وطبقوه أسمَى تطبيق حتى كان من عباراتهم التي كوَّنت منهج تفكيرهم الفقهي: "الأنوثة عجز دائم يستوجب الرعاية أبدًا". وأمر الإسلام الزوج بإحسان عشرة زوجته، وأخبر سبحانه أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة فقال تعالى: ﴿وَمِن ءَايَٰتِهِۦٓ أَن خَلَقَ لَكُم مِّن أَنفُسِكُم أَزوَٰجا لِّتَسكُنُواْ إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّة وَرَحمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأيَٰت لِّقَوم يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]. وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حسن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي»، ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفق في الأمر كله؛ فقال: «إنَّ الرِّفقَ لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إلا شانَه». ولم يعنف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدًا من زوجاته أبدًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إِلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيءٌ قطُّ فينتقم من صاحبه، إلَّا أن يُنتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل»، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الأسوة الحسنة الذي يجب على الأزواج أن يقتدوا بسيرته الكريمة العطرة في معاملة زوجاتهم، كما قال تعالى: ﴿لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ يَرجُواْ ٱللَّهَ وَٱليَومَ ٱلأخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرا﴾ [الأحزاب: 21].
فصلاة وسلامًا عليك يا سيدي يا رسول الله.

 

أخرج البخاريُّ ومسلمٌ وغيرهما عَنْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وآله وسَلمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد، وَأيْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».


عن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي - رضي الله عنه - قال: بَيْنَا أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ!


جاء عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ». وجاء عن عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً». هنا جاء على لسان سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما مبدأ أساسي من مبادئ الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وقاعدة تربوية تعليمية مقررة، وهي أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يُلقى إليه ما لا يبلغه عقله فيُنفِّره أو يَخبِط عليه عقله؛ اقتداء في ذلك بسيد البشر صلى الله


عَنْ عَطَاءٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: "أَشْهَدُ أَنِّي شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ قَائِلٌ بِثَوْبِهِ هَكَذَا أَيْ فَاتِحُهُ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْخَرْصَ، وَالْخَاتَمَ، وَالشَّيْءَ" متفق عليه.


جاء عن حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ: "انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ غَرِيبٌ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا". رواه مسلم. يحمل هذا الحديث رافدًا جديدًا من روافد التعامل مع المواقف وفق منهج الحكمة والموعظة الحسنة؛ فها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع خطبته لأمرٍ من المؤكد أنه من الأمور الهامة، وإلا لما قطع خطبته.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 03 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :15
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 47
العشاء
9 :13