01 يناير 2017 م

التكافل الاجتماعي في الإسلام

التكافل الاجتماعي في الإسلام

من المعالم الحضارية في الإسلام التكافل الاجتماعي الذي يوفر الحماية والرعاية والأمن والأمان النفسي للفرد في هذا المجتمع. والتكافل في الإسلام مظلة طمأنينة تشمل المجتمع كله؛ ذلك أن الإنسان كائن مدني بطبعه، لا يستطيع أن يحيا فردًا ولا تستقيم له حياة إلا في جماعة متعاونة متكافلة تحافظ على كرامة هذا الإنسان أيًّا ما كان دينه أو انتماؤه.

والتكافل الاجتماعي في الإسلام ليس مقصورًا على المسلمين فقط، بل يشمل كل بني الإنسان على اختلاف مللهم واعتقاداتهم داخل ذلك المجتمع؛ كما قال الله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]؛ ذلك أن أساس التكافل هو تحقيق كرامة الإنسان؛ حيث قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]. وقال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]. قال القرطبي: هو أمر لجميع الخلقِ بالتعاون على البِرِّ والتقوى؛ أي لِيُعِن بعضكم بعضًا. وقد ندب الله سبحانه إلى التعاون على البِرِّ وقرنه بالتقوى له؛ لأن في التقوى رضا الله تعالى، وفي البرِّ رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته.

وروى البخاري عن أبِي مُوسى، قال: قال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إِنَّ الأشعرِيِّين إِذا أرملُوا فِي الغزوِ، أو قلَّ طعامُ عِيالِهِم بِالمدِينةِ جمعُوا ما كان عِندهُم فِي ثوبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقتسمُوهُ بينهُم فِي إِناءٍ واحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فهُم مِنِّي وأنا مِنهُم».

وروى الخرائطي في "مكارم الأخلاق" من حديث عن عمرِو بنِ شُعيبٍ، عن أبِيهِ، عن جدِّهِ، أنَّ رسُول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قال: «أتدرُون ما حقُّ الجارِ؟ إِنِ استعان بِك أعنتهُ، وإِنِ استقرضك أقرضتهُ، وإِنِ افتقر عُدت عليهِ، وإِنِ مرِض عُدتهُ، وإِن مات اتَّبعت جنازتهُ، وإِن أصابهُ خير هنَّأتهُ، وإِن أصابتهُ مُصِيبة عزَّيتهُ، ولا تستطِل عليهِ بِالبِناءِ، فتحجُب عنهُ الرِّيح إِلَّا بِإِذنِهِ، وإِذا اشتريت فاكِهةً فأهدِ لهُ، فإِن لم تفعل فأدخِلها سِرًّا، ولا يخرُج بِها ولدُك لِيغِيظ بِهِ ولدهُ، ولا تُؤذِهِ بِقُتارِ قِدرِك إِلَّا أن تغرِف لهُ مِنها، أتدرُون ما حقُّ الجارِ؟ والَّذِي نفسِي بِيدِهِ لا يبلُغُ حقَّ الجارِ إِلَّا من رحِمهُ اللَّهُ»، فما زال يُوصِيهِم بِالجارِ حتَّى ظنُّوا أنَّهُ سيُورِّثُه.

فهذه القيم الجامعة والمبادئ السامية التي أرساها الإسلام لترسيخ قيم التعاون بين أفراد المجتمع الواحد على السواء المسلم وغير المسلم تعزز العلاقة بين أفراد هذا المجتمع، وتحفظ على الناس كرامتهم، وتحقق سعادتهم ورقيهم، وكما هو واضح من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة فإن التكافل لا يقتصر معناه على التكافل المالي فقط، بل إن مفهوم التكافل في الإسلام معنًى أعم وأشمل وأرقى من حصرها في الجوانب المادية فقط، فعيادة المريض وإدخال السرور على قلبه في وقت مرضه وشدته لون من ألوان التكافل، وبذل النصح والخبرة للشباب الشادي الناشئ في بداية سيره في دروب الحياة لون هام من ألوان التكافل، وبذل العون في الفرح والحزن بين أفراد المجتمع لون من ألوان التكافل، والمعاملة بالحسنى ونبذ أسباب الشقاق بين أفراد المجتمع لون من ألوان التكافل، وتحقيق الأمن والسلم والألفة كذلك، فمن حصر التكافل في الجوانب المادية فقط لم يلتفت إلى المعنى الحضاري الإسلامي الذي حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في توسيع وشمول وعموم دائرة التكافل في الإسلام.

 

نحن أُمَّةٌ متدينة، امتزجت حضارتنا بعقيدتنا، فكان الدينُ أساسَها وروحَها وموَجِّهَها وسببَ ازدهارها وباعثَ حياتها عبر العصور.


إحياء الأرض الميتة من التشريعات الدينية ذات البعد الحضاري الواضح، والمتمثل في تحقيق مراد الله سبحانه وتعالى من خلق العباد بعد تحقيق العبودية له وحده وفقًا لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61].


كانت الخرائط في العصور القديمة محدودة المجال والمساحة الجغرافية وغير دقيقة وكانت آثارها ماثلة في ألواح الفخار أو أوراق البردي، وكان التصور السائد عند كثيرين أن الأرض عبارة عن قرص دائري تحيط به المياه من كل جانب، ولكن اعتناء المسلمين الخاص بهذا الفن من فروع علم الجغرافيا قد أكسبه مذاقًا خاصًّا، ودفع به قُدُمًا نحو مزيد من تغطية المساحات المكتشفة والمرسومة بقدر كبير من الدقة والضبط والحرفية.


إن تكريم الإنسان في الإسلام من أعظم التوجيهات التي حرص الإسلام على صيانتها وحمايتها من الجور والانتقاص الذي يمكن أن يلحقها؛ لقد قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]. فتفضيل الله تعالى للبشر تستتبعه مجموعة من الحقوق تتعلق بالإنسان، وعلى البشر أن يعملوا جاهدين على التوفية بآثار هذه الحقوق وتطبيقها على أرض الواقع، وبالتأمل في هذه الحقوق نجد أنها تتوازن مع واجباتٍ تعبِّر عن نظرة الإسلام المتوازنة المنبثقة عن منظور العدل الذي يميز نظرة الإسلام للكون والحياة عن سائر الفلسفات الأخرى، ونجد أنها لا تقف عند حدِّ (الحق) في التَّمتُّع بالشيء من عدمه؛ كالحياة،


لم يكن هدف الحرب في الإسلام السيطرة على الشعوب ونهب مقدراتها، وإنما كانت تهدف إلى تحريرهم من نير الظلم والاستعباد، والدفاع عن الدعوة إلى الدين الحق، لقد كان هذا هو محور التوجيهات الإسلامية في القرآن والسنة وإجماع العلماء والتطبيق العملي الواقعي المتمثل في سلوك كثير من القادة العسكريين على مدار التاريخ الإسلامي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54