01 يناير 2017 م

حادث الفيل

حادث الفيل

كانت العرب في الجاهلية تُعظِّم البيت الحرام وتحج إليه وتُقدِّرهُ وترعى حُرمته ولا يجرؤ أحد على امتهانه ولا التقليل من شأنه، وكان هناك ملك لليمن أصله من الحبشة إذ ذاك يقال له أبرهة يدين بالنصرانية فوَجَد في نفسه على الكعبة وأراد أن يصرف العرب عن الحج إليها فبنى كنيسة في صنعاء وسمَّاها القُليس ليحج الناس إليها.

وحتى يتم له مراده قصد الكعبة ليهدمها فجهَّز جيشه وأعدَّ عدته ووقع له ما سجله القرآن الكريم في سورة الفيل: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ۝ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ۝ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ۝ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ۝ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ [الفيل: 1 - 5].

وبينا هو في طريقه إلى الكعبة تصدت له بعض القبائل رغبة في حماية الكعبة، فخرج له ملك من ملوك حمير اسمه ذو نفر ومعه بعض قومه، وخرج له كذلك النفيل بن حبيب ومعه بعض القبائل اليمنية، إلا أنه تغلب عليهم جميعًا لعظم جيشه وكثرة عتاده، إلى أن وصل إلى مشارف مكة ووقع ما كان من إرساله أحد أتباعه إلى زعيم قريش وسيدها عبد المطلب جد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره أنه ما أتى لقتال إنما جاء ليهدم الكعبة فكان جواب عبد المطلب أن قريشًا ستخلي له الطريق إلى الكعبة ولن يقاتلوه لأن البيت بيت الله وهو القادر على حمايته، وطلب منه أن يرد عليه الإبل التي أخذها فاستقل أبرهة الرجل بعد أن كان عَظَّمه أول الأمر؛ لأنه كان ينتظر منه أن يكلمه في شأن الكعبة ويطلب منه عدم هدمها لكن عبد المطلب لم يفعل، وقال له: "الإبل لي والبيت له رب يحميه".

ثم دارت الأحداث وانهزم أبرهة وجيشه بعد أن سلط الله عليه جندًا من جنده، قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ۝ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ﴾ وحفظ الله البيت فزاد شرف قريش وعلت مكانتها بين العرب أكثر مما كانت عليه قبل.

ومما تجدر الإشارة إليه أن العرب استعظمت هذا الحدث فاتخذته للتأريخ، وأن بعض الروايات تشير إلى أن الميلاد الشريف لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عام الفيل.

 

 

بعدما لجأ مشركو قريش إلى عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليوغروا صدره على ابن أخيه حتى يتخلى عن نصرته، سالكين بذلك طريق الإيذاء والفتنة، بل والإيذان بالحرب والمنابذة، ووجدوا أن مسعاهم هذا قد باء بالفشل بسبب عدم تخلِّي أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه؛ ارتأوا أن يلجأوا إلى السياسة المقابلة، ألا وهي سياسة الملاينة، والإغراء بالمال أو الجاه أو الملك والسلطان ظنًّا منهم أنه ربما يغري بريق هذه العروض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيفتنوه عن دينه أو يحولوه عن وجهته.


كان انتهاء حصار الشِّعْبِ في المحرم من السنة العاشرة للبعثة، وتُوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر أي في شهر رجب، فلم يمض على خروجه من الشِّعْبِ إلا أشهر معلومات حتى أصابه مرض الوفاة ثم توفي.


لما أراد الله سبحانه إظهار دينه وإعزاز نبيِّه، وإنجاز وعده له خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في موسم الحَجِّ، فعرض نفسَه على قبائل العرب؛ كما كان يصنع في كلِّ موسمٍ، فبينما هو عند العقبة ساق اللهُ نفرًا من الخزرَجِ أراد الله بهم خيرًا، فكانوا طلائع هذا النور الذي أبى اللهُ إلا أن يكون من المدينة.


ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أُولِي الْعَزْمِ منَ الرُّسُل في قوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35]، والمرادُ بِالْعَزْمِ: القُوَّةُ وَالشّدّةُ وَالحزمُ والتصميم في الدعوة إلى الله تعالى وإعلاء كلمته، وعدم التهاون في ذلك.


كانت الإنسانية قبل مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالة من التيه والتخبط؛ فعند التأمل تجد العالم في هذه الأثناء ممزقة أوصاله متفرقة أواصره، ولتزداد الصورة وضوحًا سنلقي شيئًا من الضوء على أحوال الأمم إذ ذاك.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :50
الشروق
6 :23
الظهر
12 : 59
العصر
4:35
المغرب
7 : 34
العشاء
8 :57