12 أغسطس 2025 م

خلال الجلسة العلمية الثانية بـ مؤتمر الإفتاء العالمي.. خبراء يناقشون تشريعات ضبط الفتوى في العصر الرقمي

خلال الجلسة العلمية الثانية بـ مؤتمر الإفتاء العالمي.. خبراء يناقشون تشريعات ضبط الفتوى في العصر الرقمي

في إطار فعاليات اليوم الأول من المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، و وسط حضور دولي كبير يضم نخبة من كبار علماء الشريعة والخبراء في الشأن الديني والتقني من مختلف دول العالم، انطلقت أعمال الجلسة العلمية الثانية تحت عنوان: "الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي".

وفي إطار الجلسة قدَّم الدكتور فايد محمد سعيد، رئيس اللجنة الشرعية للمجلس الأوروبي للهيئات والمراكز والقيادات الإسلامية – لندن، ورقة علمية بعنوان: استخدام الذكاء الاصطناعي في الإفتاء: حكمه وضوابطه"، تناولت الورقة في بدايتها عرضًا موجزًا لمفهوم الذكاء الاصطناعي ومنصاته المختلفة، مع استعراض لأبرز أدواته وبرامجه المستخدمة في المجال الإفتائي.

وقدَّم رئيس اللجنة الشرعية للمجلس الأوروبي للهيئات والمراكز والقيادات الإسلامية تحليلًا مقارنًا بين نماذج إجابات صادرة عن أدوات ذكاء اصطناعي في مجال الفتاء عبر مواقِعِهِ الشَّهيرةِ "Islam and AI، chat GPT" وبين فتاوى صادرة عن مؤسسات إفتائية رسمية، كدار الإفتاء المصرية ومركز الأزهر العالمي للفتوى، موضحًا مدى انضباط تلك الإجابات، ومدى تحيُّزها أو توافقها مع مخرجات المؤسسات الإفتائية المعتبرة.

وانطلاقًا من نتائج البحث، أكد الدكتور فايد أن المرجعيات العلمية كدار الإفتاء المصرية ومركز الأزهر العالمي للفتوى تبقى حجر الزاوية في توجيه الفتوى الرقمية وضبطها، من خلال تطوير أدوات رقمية خاضعة للمعايير الشرعية، وتعزيز التكامل بين الفقه والتقنية بما يحفظ هيبة الفتوى ويصونها من التبسيط أو التشويه.

واختُتمت الورقة بجملة من التوصيات، أبرزها: عدم الاستغناء عن المفتي البشري، وإخضاع المنصات الذكية لإشراف علمي مباشر، وتكوين فِرق عمل مشتركة من الفقهاء والمتخصصين التقنيين لتطوير قواعد بيانات شرعية مرجعية تُستخدم في الخوارزميات الذكية، مع ضرورة بيان الضوابط الأخلاقيَّة والدينيَّة لاستخدام الذَّكاء الاصطِناعي في المجال الديني، ومنع أي تطبيقات تُحرِّف النصوص، أو تُخالف الإجماع، أو تُثير الشُّبهات والبلبلة بين المسلمين.

وفي إطار الأبحاث المتنوعة المقدمة خلال الجلسة، استعرض فضيلة الدكتور يوشار شريف، أستاذ الشريعة الإسلامية في شمال اليونان، بحثًا علميًّا بعنوان: "الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي".

ولفت الدكتور يوشار شريف إلى مشكلة مهمة تتمثل في الإجابة عن أسئلة جوهرية حول مفهوم الإفتاء وشروط المفتين، وكذلك طبيعة الذكاء الاصطناعي وأثره على صناعة الفتوى، وأنواعه، وأحكام استخدامه، بالإضافة إلى الضوابط الشرعية التي يجب مراعاتها في توظيفه.

وأكد الباحث أن الذكاء الاصطناعي أداة يمكن أن تسهم في تسهيل الوصول إلى الأحكام الشرعية، لكنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن المفتي، نظرًا لتعقيد الفتوى وتعلقها بالسياق والنية والمصلحة، لذا فإن الإفتاء الذكي ينبغي أن يكون مساعدًا، لا مستقلًّا، وشدد البحث على أن الأصل في استخدام الذكاء الاصطناعي هو الإباحة، ما لم يتضمن شيئًا محرمًا صراحةً أو ضمنًا في الشريعة.

واختتم الدكتور شريف عرضه بتوصيات عملية، أبرزها: تأسيس لجان شرعية تقنية في هيئات الإفتاء العربية، وتدريب المفتين على استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وإصدار أدلة توجيهية لاستخدام التقنية في المجال الشرعي، وتوعية المجتمع بعدم الاعتماد الكلي على التطبيقات الذكية في الأمور الشرعية، وتطوير تطبيقات إفتائية عربية آمنة.

وتزامنًا مع الأبحاث التي تناقش دور الذكاء الاصطناعي في دعم عمل المفتين، قدَّم الدكتور عبد الله بن عمر التميمي، مدير إدارة الفتاوى والمراجعات والمكتبات بمجمع الفقه الإسلامي الدولي، بحثًا علميًّا بعنوان: "استعمال المفتي للذكاء الاصطناعي: أحكامه ومجالاته وضوابطه وتطبيقاته".

وناقش البحث أهمية إدماج تقنية الذكاء الاصطناعي في عمل المفتي وهيئات الإفتاء، مع التركيز على الضوابط الشرعية التي تحكم هذا الاستخدام لضمان الحفاظ على أصالة الفتوى ومصداقيتها، وأوضح البحث أن الذكاء الاصطناعي يمثِّل أداة حديثة ومتطورة تتيح للمفتين تسهيل دراسة القضايا الفقهية وصياغة الفتاوى بسرعة ودقة، لكنه لا يمكن أن يحل محل الاجتهاد البشري أو يستقل بإصدار الأحكام الشرعية دون إشراف العلماء.

واستعرض الدكتور التميمي أيضًا من خلال البحث، الضوابط الشرعية الأساسية لاستعمال الذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء، مؤكدًا ضرورة التزام هذه التقنية بقواعد الشرع وأخلاقياته للحفاظ على صحة الفتاوى ومصداقيتها، كما حدد أهم مجالات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في عصرنا الحالي، لا سيما في جمع المعلومات، وتحليل القضايا الفقهية، وصياغة الأحكام الشرعية.

وأوصى الباحث بضرورة التعاون بين الدول لإنشاء مركز عالمي للإفتاء التقني، ونشر آلية استخدام الذكاء الاصطناعي في الإفتاء، إضافة إلى تطوير قدرات المفتين على التعامل مع هذه التقنيات الحديثة، والتعاون الدولي لإنشاء منصات متخصصة تعزز عمل المؤسسات الإفتائية وتساهم في نشر الفتاوى الصحيحة بشكل أوسع وأسرع، وضرورة تثقيف المستخدمين حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء عبر الوسائط الإعلامية والبرامج.

وفي سياق متصل بالأبحاث التي تُبرز أهمية الذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء، حذرت الدكتورة غادة محمد عامر، خبير الذكاء الاصطناعي بمركز دعم واتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء، من تنامي ظاهرة إصدار الفتاوى الدينية العشوائية والمعلومات المضللة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، لما تحمله من مخاطر جسيمة على الأمن الفكري والمجتمعي.

جاء ذلك في بحثها العلمي الذي جاء بعنوان: "آليات مواجهة الفتاوى الدينية العشوائية والمعلومات المضللة المدعومة بالذكاء الاصطناعي"، والذي عرض التحديات التقنية والشرعية المرتبطة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في المجال الديني.

واقترحت الدكتورة غادة حُزمة من الآليات العملية، أبرزها: تعزيز الوعي المجتمعي، وتطوير أنظمة مراقبة ذكية لرصد الفتاوى المشبوهة، وإصدار تفسيرات شرعية رسمية لتصحيح المعلومات المغلوطة، إلى جانب وضع تشريعات وتنظيمات صارمة تحكم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال الديني، بما يضمن الالتزام بالمبادئ الشرعية والأخلاقية.

وأوصت الدكتورة غادة عامر بضرورة تعزيز دور المؤسسات الرسمية، مثل دور الإفتاء والمجامع الفقهية، عبر إطلاق منصات متخصصة لرصد وتعديل وتقديم المحتوى الديني المنشور آليًا، مع وضع سياسات “حوكمة شرعية رقمية” تضمن ألا يتجاوز الذكاء الاصطناعي صلاحياته الفقهية، مؤكدة أن هذا ما تقوم به دار الإفتاء المصرية بالفعل بقيادة فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور نظير محمد عياد، حيث تقوم المؤسسة بمشروعات تقنية تعد نموذجًا لمواكبة العصر في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة الرسالة الدينية والمجتمعية.

واختتمت الباحثة بالتأكيد على ضرورة تحقيق التوازن بين الاستفادة من مزايا الانفتاح الرقْمي وبين حماية الأمن الفكري والديني، من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة دعم للمؤسسات الدينية الموثوقة، لا كوسيلة لنشر الفتن أو التضليل

وسط زخم فكري وحوار علمي رفيع، ناقشت الجلسة العلمية الرابعة للمؤتمر العالمي العاشر لدار الإفتاء المصرية المنعقد تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، التحولات الكبرى التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي على صناعة الإفتاء، حيث شارك في الجلسة نخبة من علماء الشريعة والخبراء الدوليين، وتلاقحت الرؤى بين التجارب الإفتائية التقليدية والآفاق الرقمية الجديدة، في محاولة لرسم خريطة متوازنة تضمن الحفاظ على الثوابت الشرعية مع الاستفادة من إمكانات التكنولوجيا الحديثة.


بمزيد من الرضا بقضاء الله وقدره ينعى فضيلة ا.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، سعادة الدكتور علي مصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية السابق، الذي وافته المنية اليوم الثلاثاء، بعد مسيرة طويلة من الإخلاص والتفاني في خدمة الوطن.


د. محمد البشاري:• الفتوى أصبحت وظيفة تتطلب توازنًا دقيقًا بين النص الشرعي والواقع الرقمي والمستقبل التقني د. فايز مصطفى:• "المفتي الرقمي الرشيد" هو السبيل لضمان مصداقية الفتوى-د. محمد شاكر:• المفتي في العصر الرقمي يجب أن يكون جسرًا يربط بين التراث والحداثة بما يحفظ هُوية الأمة-د. علي مهدي:• الفتوى مسؤولية جماعية.. ويجب وضع ضوابط صارمة لحمايتها من الانحرافات


استقبل فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، سعادة الدكتور محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية، والشيخ عبد اللطيف دريان، مفتي لبنان، والشيخ سلمان موسييف، النائب الأول لإدارة مسلمي القوقاز ومفتي جمهورية أذربيجان، والشيخ أحمد البدوي، رئيس مجلس الإفتاء بجمهورية كينيا، بصالة كبار الزوار بمطار القاهرة الدولي؛ استعدادًا لمشاركتهم في مؤتمر الإفتاء العالمي العاشر.


في إطار رسالتها الدينية والمجتمعية، وانطلاقًا من التعاون المثمر والشراكة الفاعلة بين المؤسسات الدينية المصرية، أطلقت دار الإفتاء المصرية، اليوم الجمعة، قافلتها الدعوية الثانية لهذا الشهر، إلى محافظة شمال سيناء  وذلك بالتعاون مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :47
الشروق
6 :22
الظهر
1 : 0
العصر
4:36
المغرب
7 : 37
العشاء
9 :1