23 يونيو 2025 م

خلال كلمة فضيلته في ندوة "مختبر الإفتاء" بسنغافورة.. مفتي الجمهورية يؤكد: الخطاب الإفتائي المعاصر يواجه تحديات كبرى تتطلب الوعي بالواقع والانضباط بالمنهج

خلال كلمة فضيلته في ندوة "مختبر الإفتاء" بسنغافورة.. مفتي الجمهورية يؤكد: الخطاب الإفتائي المعاصر يواجه تحديات كبرى تتطلب الوعي بالواقع والانضباط بالمنهج

أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الخطاب الإفتائي في عالمنا المعاصر يمرّ بتحديات متسارعة، لا يمكن مواجهتها إلا بوعي دقيق بالواقع، وتفاعل رشيد مع مستجداته، وانضباط علمي رصين بالمنهج الصحيح، مشيرًا إلى أن الفتوى لم تعد مجرد استجابة لحادثة أو سؤال، بل أصبحت فاعلًا محوريًّا في ضبط حركة المجتمعات، وصناعة الاستقرار، وبناء السِّلم الأهلي، وهو ما يحتم على المفتين والمؤسسات الإفتائية أن يطوّروا أدواتهم وخطابهم بما يواكب تحولات العصر وتعقيداته.

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها فضيلته اليوم الإثنين، في ندوة "مختبر الإفتاء" التي تنظمها هيئة الإفتاء بسنغافورة، بمشاركة عدد من المفتين والعلماء من مختلف دول العالم، ضمن مسار علمي رائد يهدف إلى تبادل الخبرات بين الجهات والمؤسسات الإفتائية، وإتاحة المجال للتلاقي العلمي وتطوير الأداء الإفتائي بما يتوافق مع خصوصيات المجتمعات وواقعها.

وأوضح فضيلة المفتي، أن المؤسسات الدينية أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتعزيز آليات التعاون العلمي، والتكامل الفقهي والإفتائي، في مواجهة خطاب العنف والكراهية، ومحاصرة تيارات التشدد والانغلاق، التي باتت تهدد بنية المجتمعات واستقرارها الداخلي، مؤكدًا أن وحدة المقاصد الدينية العليا يجب أن تكون الإطار المرجعي المشترك الذي يحكم أي اجتهاد أو فتوى تصدر عن الجهات المختصة، مشيدًا في هذا السياق بتجربة سنغافورة المتميزة في حفظ التوازن المجتمعي، وصيانة التعددية الدينية والثقافية، وهو ما يعكس وعيًا حضاريًّا ورؤية استشرافية لواقع العالم وتحدياته المستقبلية.

وأضاف مفتي الجمهورية، أن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم تبنّت خلال السنوات الماضية رؤية شاملة تهدف إلى تطوير الخطاب الإفتائي، من خلال برامج التدريب والتأهيل، ومراكز الرصد والتحليل، والمراكز البحثية المتخصصة، إيمانًا منها بأن صناعة الفتوى لا تقتصر على الجانب النظري فحسب، بل تحتاج إلى دراسة متأنية للواقع وتحليل دقيق للمستجدات، مؤكدًا أن تجربة "مختبر الإفتاء" تمثل خطوة نوعية في هذا المسار، بما يتيح بناء خطاب ديني يتسم بالوعي والانفتاح، ويعالج قضايا الواقع بعيدًا عن الجمود أو الانفلات، ويتصدى للأفكار المتطرفة بأساليب علمية رصينة، تستند إلى أصول الشرع وقيم العقل والعصر معًا.

ونوّه فضيلته، إلى أن المؤسسات الدينية اليوم ليست مجرد منصات للتعليم أو الإفتاء فحسب، بل هي مؤسسات استراتيجية تسهم في توجيه الوعي، وتشكيل الرأي العام، وتحقيق الأمن الروحي والاجتماعي، مشددًا على أن دار الإفتاء المصرية حرصت على أن تتحول من مجرد جهة تُسأل وتُجيب إلى مؤسسة بحثية معرفية لها حضور علمي وتأثير دولي واسع النطاق، وهو ما يعكسه التعاون البنّاء مع الدول الإسلامية، وفي مقدمتها سنغافورة، التي أثبتت أنموذجًا رائدًا في التنسيق والعمل المشترك من أجل ترسيخ ثقافة الاعتدال والعيش المشترك.

وتناول فضيلة مفتي الجمهورية في كلمته، أبرز التحديات الجسيمة التي تواجه الخطاب الإفتائي المعاصر، مشيرًا إلى أن من أخطرها، تصدُّر غير المتخصصين لهذا المجال دون تأهيل شرعيّ منضبط، وهو ما يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام وإثارة الفوضى في المجتمع، إلى جانب فوضى الفتاوى في الواقع الافتراضي، التي تُنشر دون أهلية علمية، وتُستخدم أحيانًا كأدوات للإفساد باسم الدين. كما حذّر فضيلته من الفتاوى التي تصدر عن جماعات العنف والتطرف، والتي شرعت التكفير والعنف واستباحت الدماء تحت مسميات دينية مزيفة، وأشار فضيلته أيضًا إلى خطورة التساهل والتشدد في الفتوى، باعتبارهما مسلكين يخلان بوظيفة الإفتاء الشرعية، إلى جانب ضعف التأهيل العلمي والروحي لدى بعض من يتصدّرون للإفتاء، وغياب المرجعية المؤسسية الموحَّدة في عدد من المجتمعات، مما أتاح المجال للفوضى الإفتائية وأفقد الناس الثقة في الخطاب الديني الرشيد، وهو ما يستوجب مضاعفة الجهود لإعادة الاعتبار للمؤسسات الرسمية وتكثيف برامج التأهيل والرقابة والمواكبة.

وفي ختام كلمته، عبّر فضيلة المفتي، عن تقديره العميق للجهود المبذولة من قبل المؤسسات الدينية في سنغافورة، وحفاوة الاستقبال والتنظيم، مؤكدًا أن مثل هذه المبادرات تعكس إدراكًا عميقًا لحيوية الدور الديني في صناعة السلام العالمي، وترسيخ قيم الأخوة الإنسانية، والتعاون الحضاري، وأن "مختبر الإفتاء" بما يحتويه من أنشطة وبرامج ومداولات علمية، يمثّل منصة علمية مرموقة تسهم في بناء كوادر علمية قادرة على فهم العصر، وتقديم الفتوى بمنهج وسطي راشد، يجمع بين أصالة المرجعية وجِدّة الواقع، ويحمل في مضمونه رسالة السلام، وكرامة الإنسان.

وتأتي مشاركة فضيلة مفتي الجمهورية في هذه الندوة، تأكيدًا على الدور الريادي لدار الإفتاء المصرية في تعزيز الحضور العلمي، والتنسيق الإفتائي بين مختلف الجهات المعنية بالشأن الديني، وإسهامًا فعّالًا في بناء الجسور الفكرية بين المجتمعات الإسلامية حول العالم، وتعميق مفاهيم الاعتدال والتسامح، ونقل التجربة المصرية الرائدة في مجال الإفتاء ومواجهة التطرّف، وهو ما يتكامل مع رؤية الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم نحو ترسيخ خطاب ديني رشيد يخدم حاضر الأمة ومستقبلها، ويُسهم في بناء عالم أكثر أمنًا وتفاهمًا وسلامًا.

أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن بناء الإنسان هو الأصل الأول في بناء الأوطان، وهو القاعدة التي تقوم عليها نهضة الأمم ورقيها، مبينًا أن الله تعالى خلق الإنسان لعمارة الأرض، وجعل هذا الهدف مقترنًا بالرسالة الإلهية التي جاء بها الرسل جميعًا، فكانت الشرائع السماوية ترسخ في الإنسان قيم الحق والخير والجمال، وتدفعه إلى السعي في الأرض طلبًا للرزق الحلال وإعمارًا للكون بما ينفع الناس ويحقق مصالحهم، وكذلك استندت الدساتير والقوانين الوضعية إلى حفظ إنسانية الإنسان وكرامته، موضحًا أن الدين في أسمى صوره هو العامل الأول في بناء شخصية الإنسان السوي الذي يعرف واجباته كما يعرف حقوقه، ويقيم علاقته بربه ومجتمعه على أساس من الرحمة والعدل والصدق، مؤكدًا أن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها الذين يتحلون بالعلم والخلق، وأنه لا كرامة لإنسان بلا وطن يحتضنه ويحميه، مشددًا على أن حماية الوطن واجب ديني ووطني، وأن خيانة الأوطان أو الإضرار بها صورة من صور الفساد التي حرمتها جميع الشرائع.


استقبل فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وفدًا رفيع المستوى من وزارة الأسرة والمرأة بجيبوتي وصندوق الأمم المتحدة للسكان، برئاسة الدكتور جمال أبو السرور، مدير المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر، لبحث سبل التعاون في القضايا السكانية والطبية.


وأشار فضيلة مفتي الجمهورية، لجهود مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، موضحًا أنه مركز بحثي يسعى إلى فهم جذور التطرف ووضع استراتيجيات علمية لمواجهته، من خلال دراسات وأبحاث متخصصة تستهدف فئات المجتمع المختلفة، كما تطرق فضيلته إلى دور المؤشر العالمي للفتوى، كونه أداة بحثية تقوم على رصد وتحليل اتجاهات الفتوى عالميًا، وتكشف عن التوجهات الخطرة التي يمكن أن تؤدي إلى الفوضى أو العنف باسم الدين، مشيرًا إلى أن المؤشر أصبح مرجعًا دوليًا مهمًا في مجال تحليل الخطاب الديني وصياغته بطريقة منضبطة تراعي الواقع وتحدياته.


استقبل فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الاثنين، بمقر دار الإفتاء المصرية بالقاهرة، سعادة السفير أولريك شانون، سفير كندا الجديد لدي القاهرة؛ لبحث تعزيز التعاون المشترك، وقد رحَّب فضيلة المفتي بالسفير الكندي في بلده الثاني مصر، مهنئًا إياه بتوليه مهام منصبه الجديد، ومتمنيًا له مسيرة دبلوماسية ناجحة ومثمرة تُسهم في توطيد أواصر التعاون بين البلدين الصديقين، وتعزيز الشراكة في مجالات العمل المختلفة.


يؤكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أنَّ اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية، الذي يوافق الثامن عشر من يونيو من كل عام، يُمثِّل دعوةً عالمية مُلِحَّة إلى إعلاء قيم التفاهم والسلام والتعايش بين الشعوب، ووقفةً جادَّة في مواجهة الخطاب المنفلت الذي يُحرِّض على العنف والتمييز، ويزرع بذور الشقاق والعداء، بدلًا من أن يسهم في ترسيخ البناء والوعي والإخاء الإنساني.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 26 يونيو 2025 م
الفجر
4 :9
الشروق
5 :55
الظهر
12 : 58
العصر
4:33
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :34