الإمام جلال الدين المحلي

الإمام جلال الدين المحلي

اسمه ونشأته:
هو الإمام جلال الدين أبو عبد الله محمد بن شهاب الدين أحمد بن كمال الدين محمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم العباسي الأنصاري المحلي الأصل -نسبة للمحلة الكبرى من الغربية- القاهري الشافعي. ولد في مستهل شوال سنة إحدى وتسعين وسبعمائة (791هـ) الموافق سنة 1389م بالقاهرة ونشأ بها فقرأ القرآن وحفظ المتون واشتغل في فنون العلم.

شيوخه:
أخذ الإمام جلال الدين المحلي على شيوخ كثر نذكر منهم:
1- الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الدائم بن شرف الدين أبي عمران موسى بن عبد الدائم بن فارس بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النُعَيمي -نسبة لنعيم المجمر- العسقلاني الأصل البرماوي ثم القاهري الشافعي الشهير بالشمس البرماوي (763-831هـ) أخذ عنه الفقه وأصوله والعربية وكان مقيمًا معه بالمدرسة البيبرسية فكثر انتفاعه به لذلك.
2- الإمام الفقيه برهان الدين أبو إسحق إبراهيم بن أحمد بن علي بن سليمان بن سليم بن فريح بن أحمد البيجوري المعروف بالبرهان البيجوري (750- 825هـ) أخذ عنه الفقه.
3-الإمام المحدث جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن عمر بن رسلان الكناني العسقلاني الأصل ثم البلقيني المصري المعروف بالجلال البلقيني (763-824 هـ) قرأ عليه الحديث.
4- الإمام المحدث ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي (762-826 هـ) أخذ عنه علوم الحديث.
5- الإمام الحافظ قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني (694-767 هـ) أخذ عنه الحديث وأصول الفقه.
6- الشيخ شهاب الدين العجيمي سبط ابن هشام أخذ عنه النحو.
7- الشيخ شمس الدين محمد بن شهاب الدين أحمد بن صالح بن محمد بن عبد الله بن مكي الشطنوفي (ت: 873هـ) أخذ عنه النحو وعلوم اللغة.
8- الإمام ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن أنس بن أبي بكر بن يوسف الطنتدائي المصري الحنفي أخذ عنه الفرائض والحساب (ت: 809هـ).
9- الإمام بدر الدين محمود بن محمد بن إبرهيم بن أحمد الأقصرائي (ت :825هـ) أخذ عنه المنطق والجدل والمعاني والبيان والعروض وكذا أصول الفقه.
10-    الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الطائي البساطي -نسبة إلى بساط بالغربية بمصر- المالكي (760-842 هـ) لازمه في التفسير وأصول الدين وغيرهما وانتفع به كثيرًا.
11-   الإمام علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري الحنفي (779- 841هـ) وكان العلاء يزيد في تعظيمه لكونه مع علمه يعمل لكسب قوته فكان يرفعه فوق الكمال بن البازري وقد زاد تعظيمه له حينما بلغه أنه فرق ما أرسل به إليه وهو ثلاثون شاشًا كانت قد أهديت للعلاء من الهند.
12- الشيخ العلامة نظام الدين يحيى بن يوسف بن محمد بن عيسى الصيرامي الحنفي (777-833هـ) حضر عليه دروسه في علوم العقليات والفقه.
13-  الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خضر بن موسى المعروف بابن الديري (788-862 هـ).
14-  الشيخ مجد الدين البرماوي الشافعي.
15-  الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خليل الغراقي الشافعي (ت: 816هـ) قرأ عليه في الفقه.
16-  الشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي أحمد محمد بن عبد الله المغراوي المالكي (ت: 820هـ).
17-    الشيخ كمال الدين أبو البقاء محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدميري (742 - 808 هـ) حضر عليه بعض مجالسه.
18-  الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عماد بن يوسف بن عبد النبي الأقفهسي القاهري المعروف بابن العماد (750-808 هـ).
19-   الشيخ بدر الدين محمد بن علي بن عمر بن علي بن أحمد الطنبدي.
20-   شيخ الإسلام الإمام العلامة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (773-852هـ) قرأ عليه جميع شرح ألفية العراقي بعد أن كتبه بخطه في سنة تسع عشرة وأذن له في إقرائه وبه كان جل انتفاعه في الحديث وعلومه، وكان أحد طلبة المؤيدية عنده بل كان كل ما يشكل عليه في الحديث وغيره يراجعه فيه مما أثبت ما اجتمع لي منه في موضع آخر، وسمع عليه.
21-  الشيخ جمال الدين عبد الله بن فضل الله سمع عليه الحديث.
22-   الإمام المحدث شرف الدين أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي المعروف بابن الكويك (737-821 هـ).
23-   الإمام العلامة شمس الدين أبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري الشافعي (751-833هـ) شيخ الإقراء في زمانه.
24-  الشيخ ناصر الدين محمد بن محمد بن محمود ناصر الدين العجمي الأصل السمنودي الشافعي ويعرف بابن محمود (ت: 855ـ) قرأ عليه القرآن في صغره. 

صفاته:
كان الإمام جلال الدين المحلي -رحمه الله- إمامًا علامة محققًا نظارًا مفرط الذكاء آيةً في الذكاء والفهم، صحيح الذهن بحيث كان يقول بعض معاصريه من العلماء المعتبرين: إن ذهنه يثقب الماس، وكان يقول عن نفسه: إن فهمي لا يقبل الخطأ، ثقة بعقله وفهمه؛ وكان -رحمه الله- حاد القريحة قوي المباحثة، حتى حكى السخاوي أن إمام الكاملية أخبره أنه رأى الإمام الونائي معه في البحث كالطفل مع المعلم، وكان معظمًا بين الخاصة والعامة مهابًا وقورًا عليه سمة الخير. وكان غرة عصره في سلوك طريق السلف، على قدم من الصلاح والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يواجه بذلك أكابر الظلمة والحكام، ويأتون إليه فلا يلتفت إليهم، ولا يأذن لهم بالدخول عليه؛ وكان شديدًا في الحق يوصي بأحكامه في عقود المجالس على الكبراء وقضاة القضاة وغيرهم؛ وهم يخضعون له، ويهابونه ويرجعون إليه؛ وظهرت له كرامات كثيرة، وعرض عليه القضاء الأكبر فامتنع وأخبر الملك الظاهر بعجزه عنه، بل كان يقول لأصحابه إنه لا طاقة لي على النار، وقد ولي تدريس الفقه بالمدرسة البرقوقية بعد الشهاب الكوراني حين لقيه في سنة أربع وأربعين حتى كان ذلك سببًا لتعقبه عليه في شرحه جمع الجوامع بما ينازع في أكثره، وبما تعرض بعض الآخذين عن الإمام المحلي لانتقاده وإظهار فساده، ودرس بالمدرسة المؤيدية بعد موت شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، واشتهر ذكره وبعُد صيته وقُصد بالفتاوى من الأماكن النائية وهرع إليه غير واحد من الأعيان بقصد الزيارة والتبرك، وأسندت إليه عدة وصايا وأوقاف فحمدت سيرته فيها، وعمَّر من ثلث بعضها ميضأة بجوار جامع الفكاهين انتفع الناس بها دهرًا، وكان متقشفًا في ملبوسه ومركوبه، وذكر السخاوي -وهو قرينه- أنه لم يكن يقصر به عن درجة الولاية؛ ومهر وتقدم على غالب أقرانه وتفنن في العلوم العقلية والنقلية، وكان يتكسب بالتجارة، فكان أولا يتولى بيع البز فى بعض الحوانيت ثم أقام شخصًا عوضه فيه مع مشارفته له أحيانًا وتصدى هو للتصنيف والتدريس والإقراء، وقد حج مرارًا؛ وقد وصفه ابن العماد بتفتازاني العرب. وألف كتبًا تشد إليها الرِّحال؛ في غاية الاختصار والتحرير والتنقيح، وسلامة العبارة وحسن المزج، والحل بدفع الإيراد؛ وقد أقبل عليها الأئمة وتلقوها بالقبول، وتداولوها؛ فكتب لها القبول ورغب الأئمة في تحصيلها وقراءتها وإقرائها حتى إن الشمس البامي كان يقرأ على الونائي فيها بل حملها معه إلى الشام فكان أول من أدخل كتبه إليها ونوه بها وأمر الطلبة بكتابتها فكتبوها وقرءوها، وكان يقرأ فيها الشيوخ من طبقة مشايخه، وقد حضر السخاوي -وهو معاصر له ومن أقرانه- دروسًا من كتب الشيخ الإمام المحلي عند شيخه ابن خضر وذكر أن شيخه هذا كان يكثر وصف الشيخ المحلي بالمتانة والتحقيق، وذكر أنه قد قرأ عليه من لا يحصى كثرة؛ بل وأخذ السخاوي نفسه عنه. وارتحل الفضلاء للأخذ عنه وتخرج به جماعة درَّسوا في حياته، ومع كل هذا كان رجَّاعًا إذا ظهر له الصواب على لسان من كان رجع إليه مع شدة التحرز.

مؤلفاته:
1-  البدر الطالع في حل جمع الجوامع. وهو شرح على كتاب جمع الجوامع في أصول الفقه للإمام تاج الدين السبكي فرغ من تأليفه سنة 824هـ، وكتب على شرحه ذاك مضمنًا شعرًا لشيخه شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني:

يا سيدًا طالعه إن فاق بحسنه فعد
ثم اتئد في فهمه وخذ جواهرًا وجد

وقد طار صيته في الآفاق وأقرأه الشيخ مرات عديدة وطلبه العلماء من الأقطار لقراءته وإقرائه واعتنوا به أيما عناية ووقع لديهم موقعًا عظيمًا وكتبوه بخطهم وتداولوه فكتبه الشيخ عبد الله الشرقاوي والشيخ عبد الله الخرشي المالكي والشيخ علي العمروسي وصار عمدة الشروح لجمع الجوامع وعمدة تدريسه في الأزهر وغيره من معاهد العلم، ووضعوا عليه الحواشي الرائقة فمنها:    
أ- حاشية شيخ الإسلام كمال الدين بن أبي شريف (ت: 905هـ)   المسماة بالدرر اللوامع طبعت بفاس بالمغرب سنة 1312هـ.
ب- وحاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت: 926هـ) (مخطوط بالمكتبة الأزهرية).

ج- وحاشية العلامة ناصر الدين اللقاني وطبع منها إلى مبحث العام بمطبعة التمدن سنة 1332هـ.

د- وحاشية الشيخ السنباطي الشافعي ( مخطوط بالمكتبة الأزهرية).

هـ- وحاشية الشيخ علي النجاري (مخطوط بالأزهرية).

و- وحاشية الشيخ شهاب الدين البرلسي الشهير بعميرة.
 

واشتهر من هذه الحواشي:

- حاشية الشيخ عبد الرحمن البناني (ت: 1198هـ) وقد طبعت مع شرح الإمام المحلي ببولاق سنة 1285هـ في مجلدين ثم سنة 1297هـ ثم بالمطبعة الخيرية سنة 1308هـ ثم بالأزهرية سنة 1309هـ ثم بالمطبعة الميمنية سنة 1318هـ وبالشرفية في العام نفسه ثم تكرر طبعها.

- وكذا حاشية الإمام العلامة حسن العطار (ت:1250هـ) وكتب عليها الشيخ عبد الرحمن الشربيني تقريرًا وطبعت الحاشية مع الشرح والتقرير في مجلدين بالمطبعة العلمية بالقاهرة سنة 1313هـ ثم بها سنة 1316هـ ثم بها أيضًا سنة 1318هـ ثم تكرر طبعها.

2-  شرح الورقات، وهو شرح له على كتاب الورقات في أصول الفقه لإمام الحرمين الجويني، وقد ذاع وانتشر واشتهر أيضًا وتلقاه العلماء بالقبول التام واشتغلوا به قراءةً وإقراءً وشرحًا وتحشية وكان يدرس في الأزهر وغيره من معاهد العلم أزمانًا وكان يقرؤه العلماء قبل أن ينتقلوا بالطلبة إلى جمع الجوامع، وقد طبع هذا الشرح مع المتن بمطبعة الجمالية بالقاهرة سنة 1329هـ، وقد كتب عليه العلماء الحواشي الرائقة، وممن كتب عليه:

أ‌- الشيخ أحمد الدمياطي وطبعت حاشيته مع شرح الإمام بالمطبعة الميمنية سنة 1315هـ ثم بمطبعة دار الكتب العربية سنة 1338هـ.

ب‌- والشيخ محمد السنباطي (وهي مخطوط بالمكتبة الأزهرية).

ج- والشيخ محمد الصفتي (وهي مخطوط بالمكتبة الأزهرية).

د- والشيخ محمد بن عبادة العدوي (مخطوط بالمكتبة بالأزهرية).

هـ- والشيخ شهاب الدين القليوبي (مخطوط بالمكتبة بالأزهرية).

وللشيخ الإمام شرح آخر كبير على الورقات أيضًا لخصه من شرح العلامة برهان الدين بن الفركاح وهو (مخطوط بالمكتبة الأزهرية).

3- كنز الراغبين في شرح منهاج الطالبين. وهو شرح له على منهاج الطالبين في فقه الشافعية للإمام النووي، فرغ من تأليفه سنة 860هـ وقد احتفى به العلماء إقراءً وتحشيةً وكان ولا يزال يدرس مع حواشيه بالأزهر الشريف، وقد طبع ببولاق في جزأين سنة 1283هـ ثم بها أيضًا سنة 1294هـ مع حاشية للشيخ شهاب الدين البرلسي الشهير بعميرة، ثم طبعوا جميعًا ومعهم حاشية الشيخ أحمد القليوبي (ت: 1096هـ) بالمطبعة الميمنية سنة 1306هـ ثم بها سنة 1318هـ ثم بدار إحياء الكتب العربية سنة 1327هـ في أربعة مجلدات ثم تكرر طبعه بعدها مرارًا.

4- إسعاف القاصد لفهم الشهاب الزاهد أو (الماهد في مسائل الزاهد). وهو شرح له على المقدمة المعروفة بالستين مسألة في الفقه الشافعي للشيخ أحمد بن سليمان الزاهد (مخطوط بالمكتبة الأزهرية).

5- تفسيرًا لم يكمل كتب منه أول الكهف إلى آخر القرآن فأتمه الإمام جلال الدين السيوطي (ت: 911هـ) فسمي تفسير الجلالين، وقد كتب له القبول التام وكان يدرس في الجامع الأزهر الشريف وفي غيره من معاهد العلم أزمانًا طويلة، وقد طبع على الحجر بمصر سنة 1278هـ ثم طبع ببولاق سنة 1280هـ وبالمطبعة الوهبية في نفس السنة ثم ببولاق سنة 1289هـ ثم بها سنة 1293هـ ثم بالمطبعة البهية سنة 1300هـ ثم بالأزهرية سنة 1301هـ ثم بالميمنية سنة 1305هـ ثم طبع مرارًا بما يصعب حصره من الطبعات.

6- شرح مختصر للبردة وهو شرح متقن مع الاختصار والاعتناء.

7- الأنوار المضية.

8- القول المفيد في النيل السعيد.

9- الطب النبوي.

10- كتاب في المناسك.

11- كتاب في الجهاد.

12-   شرح القواعد لابن هشام لم يكمله.

13- وشرح التسهيل لابن مالك كتب منه قليلا جدًّا.

14- حاشية على شرح جامع المختصرات لم يكملها.

15- حاشية على جواهر الإسنوي لم يكملها.

16-     شرح الشمسية في المنطق لم يكمله.


تلامذته:

تتلمذ على الإمام جلال الدين المحلي وتخرج على يديه من لا يحصون كثرة من طلبة العلم حتى صاروا شيوخًا في حياته نذكر من تلامذته:

1-  عالم المدينة، الإمام القدوة، والمتفنن الحجة، الشريف ذو التصانيف الشهيرة نور الدين أبو الحسن علي بن القاضي عفيف الدين عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي الروح عيسى بن أبي عبد الله محمد بن عيسى بن محمد بن عيسى بن جلال الدين أبي العليا بن أبي الفضل جعفر بن علي بن أبي طاهر بن الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن إسحق بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن الأكبر بن علي بن أبي طالب الحسني. ويعرف بالسمهودي نزيل المدينة الشريفة وعالمها ومفتيها ومدرسها ومؤرخها ولد في صفر سنة (844هـ) قرأ على الإمام بعض شرحيه على المنهاج، وجمع الجوامع، وسمع دروسه من الروضة بالمؤيدية، وتوفي سنة (911هـ) بالمدينة المنورة.
 2-  الشيخ برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن مسعود بن رضوان المري المقدسي المعروف بابن أبي شريف (836-923هـ) ولد ببيت المقدس ثم قدم القاهرة فقرأ على الإمام نحو النصف من شرحه لجمع الجوامع في الأصول مع سماع باقيه، وتفقه به.
3-  الشيخ شهاب الدين أبو الفتح أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن موسى الأبشيهي المحلي قرأ على الإمام في شرحيه للمنهاج وجمع الجوامع.
4-  الشيخ خير الدين أبو الخير محمد بن محمد بن داود الرومي الأصل القاهري الحنفي نزيل المؤيدية ويعرف بابن الفراء ولد سنة (814- 897هـ) أخذ عنه الفقه والأصول.
5-  الشيخ كمال الدين أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد بن بهادر المومني الطرابلسي ثم القاهري الشافعي (ت: 877هـ) لازمه حتى قرأ عليه شرحه على المنهاج وجمع الجوامع وغيرهما بل قرأ عليه الكثير من شرح ألفية العراقي، وقرأ عليه تلميذه الفاضل جلال الدين بن النصيبي كراسة جمعها في ترجمة الإمام المحلي في ربيع الأول سنة (872هـ).
6-  الشيخ صلاح الدين محمد بن جلال الدين محمد بن محمد بن خلف بن كميل المنصوري الدمياطي قاضي دمياط ويعرف بابن كميل (ت: 887هـ).
7-  الشيخ شمس الدين أبو البركات محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الباز الأشهب منصور بن شبل الغراقي (795-858هـ) لازمه وقرأ عليه في فنون.
8-  الشيخ نجم الدين محمد بن شرف الدين محمد بن نجم الدين محمد بن سراج الدين عمر بن علي بن أحمد القرشي الطنبدي الأصل القاهري الشافعي ويعرف بابن عرب ولد في رجب سنة (831هـ).
9-  الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن موسى الشهاب البيروتي ثم الخانكي الشافعي.
10- الشيخ عماد الدين أبو الفدا إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة (825-861هـ) قرأ عليه شرحه لجمع الجوامع وغيره سردًا.
11- الشيخ حسام الدين حسين بن محمد بن حسن الغزي الشافعي ويعرف بابن الهِرش. 
 12- الشيخ شرف الدين عبد الحق بن شمس الدين محمد بن عبد الحق بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد العال السنباطي قرأ عليه بعض الكتب عرضًا سنة (842هـ).
13- الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن شرف بن اللؤلؤي الدمشقي بن قاضي عجلون ولد في سنة (839هـ).
14- الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن حجي بن فضل السنتاوي أخذ عنه الفقه وأصوله.
15- الشيخ عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن علي بن عيسى بن محمد بن عيسى بن محمد بن عيسى الجمال الحسني السمهودي ولد سنة (804هـ) أخذ عنه العربية وقرأ عليه شرح ابن عقيل على الألفية ثم لازمه بأخرة فقرأ عليه في الفقه وأصوله وغير ذلك.
16-  الشيخ علي بن داود بن سليمان بن خلد بن عوض بن عبد الله بن محمد بن نور الدين الجوجري خطيب جامع طولون حضر دروسه.
17- الشيخ نور الدين علي بن محمد بن عيسى بن عمر بن عطيف العدني اليماني الشافعي ويعرف بابن عطيف ولد سنة (812هـ).
18- الشيخ سراج الدين عمر بن حسن بن عمر بن عبد العزيز بن عمر النووي قرأ عليه الكثير من شرح المنهاج.
19- الشيخ نجم الدين محمد بن برهان الدين إبراهيم بن جمال الدين عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ولد سنة (833هـ) ببيت المقدس أخذ عنه شرحه لجمع الجوامع.
20- الشيخ شرف الدين يحيى بن محمد بن سعيد بن فلاح بن عمر العبسي القاهري الشافعي ويعرف بالقباني ولد سنة (827هـ) سمع على الإمام مواضع من تفسيره وتوفي سنة (900هـ).
21-  الشيخ أبو بكر بن قريش بن إسماعيل بن محمد قريش الظاهري، ولد سنة (850هـ).
22- الشيخ الإمام على بن محمد بن عيسى بن يوسف بن محمد الأشموني ولد في شعبان سنة (838هـ) وتوفي يوم السبت سابع عشر ذي الحجة سنة (918هـ).
23-الشيخ برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن بن علي بن أبي بكر البقاعي (809-885 هـ).

وفاته:
وقد انتقل الإمام -رحمه الله- إلى الرفيق الأعلى بعد أن مرض بالإسهال من نصف رمضان في صبيحة يوم السبت مستهل سنة (864هـ) الموافق سنة 1459م وصلي عليه بمصلى باب النصر في مشهد حافل جدًّا ثم دفن عند آبائه الكرام بتربته التي أنشأها، وتأسف الناس عليه كثيرًا وأثنوا عليه ثناءً جميلا عاطرًا ولم يخلف بعده في مجموعه مثله، ورثاه بعض الطلبة، بل مدحه في حياته جماعة من الأعيان، رحمه الله رحمة واسعة وأنزل على جدثه شآبيب الرحمة والغفران.

مصادر الترجمة:

1- حسن المحاضرة (1: 252).

2- شذرات الذهب (9/447، 448).

3- الخطط التوفيقية (15/21،22).

4- صفحات لم تنشر من بدائع الزهور (68).

5- الضوء اللامع (7/39-41).

6- الذيل التام على دول الإسلام (2/80،81).

7-  الأعلام (5/333).

8-معجم المؤلفين (8/311، 312).

نسبه:
هو إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني، الفقيه الشافعي.

مولده ونشأته:
ولد أبو المعالي في 18 من شهر المحرم سنة 417 هـ، والجُوَيْنِيُّ هذه نسبة إلى (جوين) قرى من رستاق (مقاطعة) نيسابور، تفقه في صباه على والده الإمام أبي محمد الجويني، وقرأ عليه جميع مصنفاته، وأُقرئ الأدب حتى أحكمه، وكان والده يعجب بطبعه وتحصيله وجودة قريحته وما يظهر عليه من مخايل الإقبال، فأتى على جميع مصنفات والده وتصرف فيها، حتى زاد عليه في التحقيق والتدقيق، وهو يجد ويجتهد في الاشتغال والتحصيل، ولما توفي والده - ولما يبلغ أبو المعالي عشرين سنة - قعد مكانه للتدريس، وكان إذا فرغ منه مضى إلى الأستاذ أبي القاسم الإسكافي الإسفراييني بمدرسة البيهقي يدرس عليه حتى أحكم علم الأصول على يديه، وكان ينفق من ميراثه ومن معلوم له، إلى أن ظهر التعصب واضطربت الأحوال، فاضطر إلى السفر عن نيسابور، فذهب إلى المعسكر، ثم سافر إلى بغداد، وصحب الوزير أبا نصر الكندري مدة يطوف معه، ويلتقي في حضرته بكبار العلماء، ويناظرهم، فتحنك بهم، وتهذب، وشاع ذكره، ثم خرج إلى الحجاز وجاور بمكة أربع سنين، وبالمدينة، يدرس ويفتي ويجمع طرق المذهب، فلهذا قيل له إمام الحرمين، إلى أن رجع إلى بلده بعد مضي نوبة التعصب، في أوائل ولاية السلطان ألب أرسلان السلجوقي، والوزير يومئذ نظام الملك، فبنى له المدرسة النظامية بمدينة نيسابور، فدرس بها، واستقام الأمر، وبقي على ذلك ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع، مسلما له المحراب والمنبر والخطبة والتدريس، ومجلس الوعظ يوم الجمعة، وظهرت تصانيفه، وحضر درسه الأكابر والجمع العظيم من الطلبة، كان يقعد بين يديه نحو من ثلاثمائة، وتفقه به أئمة، وانتهت إليه رياسة الأصحاب، وفوض إليه أمور الأوقاف، وكانت إليه الرحلة لطلب العلم من خراسان والعراق والحجاز.

شيوخه:
قرأ أبو المعالي الجويني الأصول على أبي القاسم الإسكافي الإسفراييني، وسمع الحديث في صباه من أبيه، وأبي حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي، وأبي سعد عبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأبي الحسن علي بن محمد الطرازي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن يحيى المزكي، وأبي سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك، وأبي عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز النيلي، وأبي سعد محمد بن علي بن محمد بن حبيب الصفار، وأبي نصر منصور بن رامش، وأبي سعد فضل الله بن أبي الخير الميهني، وسمع ببغداد أبا محمد الحسن بن علي الجوهري وحدث باليسير.

تلاميذه:
تتلمذ على يد الجويني عدد ممن صاروا فيما بعد من أكابر العلماء، مثل: حجة الإسلام الغزالي، والكيا الهراسي، والخَوافي، والباخرزي، وعبد الغافر الفارسي، والإمام أبو نصر، وعبد الرحيم بن الإمام عبد الكريم القشيري، وهاشم بن علي بن إسحق بن القاسم الأبيوردي، وغانم الموشيلي، وعبد الكريم بن محمد الدامغاني، وعبد الجبار بن محمد بن أبي صالح المؤذن، وأبو المظفر الأبيوردي، وأبو الفضل الماهياني، وسعد بن عبد الرحمن الأسترابادي.
روى عنه: أبو عبد الله الفراوي، وزاهر بن طاهر الشحامي، وأحمد بن سهل المسجدي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وآخرون.

مصنفاته:
صنف كتبا كثيرة جليلة في الفقه والأصول وعلم الكلام والسياسة الشرعية والجدال، وله في الفقه:
1- نهاية المطلب في دراية المذهب، وهو كتاب كبير مهم يبلغ نحو 20 جزءًا.
2- مختصر النهاية.
3- مختصر التقريب.
4- الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية.
وفي أصول الفقه:
5- البرهان.
6- الورقات.
7- الغنية.
8- التحفة.
وفي الجدال:
9- العمد.
10- الدرة المضية فيما وقع من الخلاف بين الشافعية والحنفية.
11- الكافية في الجدل.
12- الأساليب في الخلاف.
وفي علم الكلام:
13- الشامل.
14- الإرشاد.
15- اللمع.
16- شفاء الغليل.
17- العقيدة النظامية.
18- قصيدة على غرار قصيدة ابن سينا في النفس.
وفي السياسة الشرعية:
19- غياث الأمم في التياث الظلم.

مناقبه:
كان الإمام الجويني يقول عن نفسه: قرأت خمسين ألفا في خمسين ألفا (يعنى كتابا ولعله يقصد قراءة 100 ألف كتاب)، ثم خليت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة، وركبت البحر الخضم، وغصت في الذي نهى أهل الإسلام عنه، كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره، فأموت على دين العجائز، ويختم عاقبة أمري عند الرحيل على كلمة الإخلاص: لا إله إلا الله، فالويل لابن الجويني.

وكان إذا شرع في علوم الصوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين، ولم يزل على طريقة حميدة مرضية من أول عمره إلى آخره.
وقال أبو إسحاق الفيروز آبادي: تمتعوا بهذا الإمام، فإنه نزهة هذا الزمان.

وقال أبو نصر بن هارون: حضرت مع شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني بعض المحافل فتكلم إمام الحرمين أبو المعالي في مسألة فأجاد الكلام كما يليق بمثله، فلما انصرفنا مع شيخ الإسلام سمعته يقول: صرف الله المكاره عن هذا الإمام فهو اليوم قرة عين الإسلام والذاب عنه بحسن الكلام.

ونسب إلى أبي المعالي ميل إلى الاعتزال ظهر في بعض آرائه، لكنه رجع عنها، قال الفقيه غانم الموشيلي: سمعت الإمام أبا المعالي يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام.

وفاته:
لما مرض الجويني في آخر حياته، حُمِلَ إلى قرية من أعمال نيسابور، يقال لها بشتنقان موصوفة باعتدال الهواء وخفة الماء، فمات بها، ليلة الأربعاء بعد صلاة العشاء 25 من شهر ربيع الآخر سنة 478 هـ، ونقل إلى نيسابور تلك الليلة ودفن من الغد في داره، ثم نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين فدفن بجنب أبيه - رحمهما الله تعالى - وصلى عليه ولده أبو القاسم، فأغلقت الأسواق يوم موته وكسر منبره في الجامع المنيعي، وقعد الناس للعزاء أياما، وأكثروا فيه المراثي.
ومما رثي به:

قلوب العالمين على المقالي ... وأيـــام الـــــورى شــبـــه اللـيـالـي
أيثمر غصــن أهل العلم يومًا ... وقد مات الإمام أبو المعالي

المصادر:
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي وذيوله: 16/43، ط دار الكتب العلمية.
المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور لتقي الدين الصريفيني الحنبلي: 360، ط دار الفكر.
وفيات الأعيان لابن خلكان: 3/167، ط دار صادر.
سير أعلام النبلاء للذهبي:14/17، ط دار الحديث.
مقدمة تحقيق أ. د/ عبد العظيم الديب لكتاب نهاية المطلب في دراية المذهب لأبي المعالي الجويني: ص 183 وما بعدها، ط دار المنهاج.
 


نسبه:
هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي ثم الصالحي الراميني الشيخ الإمام العالم العلامة أقضى القضاة.

مولده ونشأته:
ولد ابن مفلح سنة 708 هـ، ونشأ في بيت المقدس، وتفقَّه حتى برع في الفقه، ودَرَّسَ وأفتى وناظَر وصنَّف وحدَّث وأفاد، وناب في القضاء عن قاضي القضاة جمال الدين المرداوي، وتزوج ابنته، وأنجب منها سبعة، أربعة ذكور وثلاث إناث، وكان أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، وأحد الأئمة الأعلام.

شيوخه:
لازم ابنُ مفلح القاضي شمسَ الدين ابن مسلم، وقرأ على على القاضي برهان الدين الزُّرعي، وابن تيمية، وجمال الدين المرداوي، وسمع من عيسى المطعِّم، ومن الحجار وطبقته، وكان يتردد إلى ابن الفويرة والقحفاري النحويين، وإلى المزي والذهبي، ونقل عنهما كثيرًا، وكانا يعظمانه، وكذلك الشيخ تقي الدين السبكي يثنى عليه كثيرًا.

أقوال العلماء فيه:
قال عنه أبو البقاء السبكي: ما رأت عيناي أحدا أفقه منه.
وقال ابن سند: كان ذا حظ من زهد، وتعفف، وصيانة، وورع ثخين، ودين متين، وشكرت سيرته وأحكامه.
وذكره الذهبي في المعجم فقال: شاب ديِّن عالم له عمل ونظر في رجال السنن، نَاظَرَ وسمع وكتب وتقدم.
وذكر قاضي القضاة جمال الدين المرداوي أن ابن مفلح قرأ عليه (المقنع) وغيره من الكتب في علوم شتى، قال: ولم أعلم أن أحدًا في زماننا في المذاهب الأربعة له محفوظات أكثر منه، فمن محفوظاته (المنتقى في الأحكام) قرأه وعرضه عليَّ في قريب من أربعة أشهر، وقد درس بالصاحبة، ومدرسة الشيخ أبي عمر، والسلامية، وأعاد بالصدرية، ومدرسة دار الحديث العادلية.
وقال ابن القيم لقاضي القضاة موفق الدين الحجاوي: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح.
وحضر ابن مفلح عند ابن تيمية، ونقل عنه كثيرًا، وكان يقول له: "ما أنت ابن مفلح، أنت مفلح"، وكان ابن مفلح أخبر الناس بمسائله واختياراته، حتى إن ابن القيم كان يراجعه في ذلك.
قال ابن كثير: وكان بارعا فاضلا متفننا ولا سيما في علم الفروع، وكان غاية في نقل مذهب الإمام أحمد.

مصنفاته:
1- كتاب الفروع، وقد اشتهر في الآفاق وهو من أجَلِّ الكتب وأنْفَسِها وأجْمَعِها للفوائد.
2- حاشية على المقنع.
3- النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر لابن تيمية.
4- كتاب في أصول الفقه، وهو كتاب جليل، حذا فيه حذو ابن الحاجب في مختصره ولكن فيه من النقول والفوائد ما لا يوجد في غيره، وليس للحنابلة أحسن منه.
5- الآداب الشرعية.

وفاته:
توفي – رحمه الله - ليلة الخميس 2 رجب سنة 763 هـ، وصلي عليه يوم الخميس بعد الظهر بالجامع المظفري، وكانت جنازته حافلة حضرها القضاة والأعيان، ودفن بسفح قاسيون بصالحية دمشق.

المصادر:
المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد لأبي إسحق بن مفلح: 2/517، ط مكتبة الرشد ـ الرياض.
الأعلام للزركلي: 7/107، ط دار العلم للملايين.
السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لابن حُمَيْد النجدي: 452، ط مكتبة الإمام أحمد.
 


نسبه:
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد، الملقب بابن رشد الجد تمييزًا عن الفيلسوف والفقيه والقاضي أيضًا ابن رشد الحفيد، حفيده الذي يشترك مع جده في الكنية (أبو الوليد) والاسم (محمد بن أحمد) وفي العمل (تولى قضاء الأندلس)، وسنقتصر في هذه المساحة على الحديث عن الجد فقط.

مولده ونشأته:
ولد ابن رشد بقرطبة في شوال سنة 450 هـ.

أقوال العلماء وثناؤهم عليه:
يصفه القاضي عياض بأنه: زعيم فقهاء وقته بأقطار الأندلس والمغرب ومقدمهم المعترف له بصحة النظر وجودة التأليف ودقة الفقه، وكان إليه المفزع في المشكلات، بصيرًا بالأصول والفروع والفرائض والتفنن في العلوم، وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية، كثير التصنيف مطبوعه، وكان مطبوعًا في هذا الباب حسن القلم والرواية، حسن الدين كثير الحياء قليل الكلام، مقدمًا عند أمير المسلمين عظيم المنزلة معتمدًا في العظائم أيام حياته، وإليه كانت الرحلة للتفقه من أقطار الأندلس مدة حياته.

ويقول ابن بشكوال: كان فقيها، عالما حافظًا للفقه، مقدما فيه على جميع أهل عصره، عارفا بالفتوى على مذهب مالك وأصحابه، بصيرًا بأقوالهم واتفاقهم واختلافهم، نافذًا في علم الفرائض والأصول، من أهل الرياسة في العلم والبراعة والفهم مع الدين والفضل والوقار والحلم والسمت الحسن، والهدى الصالح، وكان الناس يلجؤون إليه، ويعولون في مهماتهم عليه وكان حسن الخلق، سهل اللقاء كثير النفع لخاصته وأصحابه، جميل العشرة لهم حافظا لعهدهم كثيرا لبرهم.
ويذكر أنه ولي قضاء الجماعة بقرطبة سنة 511 هـ ثم طلب إعفاءه منها سنة 515 هـ.

شيوخه:
روى عن أبو جعفر أحمد بن رزق الفقيه وتفقه معه، وعن أبي مروان بن سراج، وأبي عبد الله محمد بن خيرة، وأبي عبد الله محمد بن فرج الطلاعي، وأبي علي الغساني، وسمع الجياني وابن أبي العافية الجوهري وأجاز له أبو العباس العذري ما رواه.

تلاميذه:
تتلمذ على يديه من العلماء: القاضي عياض، والفقيه أبو مروان عبد الملك بن مسرة، ومحمد بن أصبغ الأزدي، وابن الوزان، وابن سعادة، وابن النعمة، وابن بشكوال.. وغيرهم كثير.

مصنفاته:
ألف ابن رشد الجد العديد من الكتب، فألف (البيان والتحصيل)، و(المقدمات الممهدات)، و(النوازل وتسمى الفتاوى والأجوبة) وقد جمعها له تلميذه أبو الحسن بن الوزان، و(اختصار المبسوطة) ليحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي، و(تهذيب مشكل الآثار) للطحاوي، و(النوادر)، و(المسائل الخلافية)، و(حجب المواريث)، و(اختصار الحجب)، و(فهرسة)..

وفاته:
توفي رحمه الله، ليلة الأحد الحادي عشر من ذي القعدة سنة 520 هـ، ودفن بمقبرة العباس، وصلى عليه ابنه أبو القاسم وشهده جمع عظيم من الناس، وأثنوا عليه ثناءً حسنا جميلا.

المراجع:
الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض ص 54.
الصلة لابن بشكوال ص 839
سير أعلام النبلاء 14/ 359
مقدمة الدكتور محمد حجي لكتاب البيان والتحصيل لابن رشد الجد 1/ 11 وما بعدها.
 


اسمه ونسبه:
هو أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني (أو الكاشاني) ملك العلماء علاء الدين الحنفي، أمير كاسان (وهي المعروفة الآن بقازان عاصمة جمهورية تتارستان)، أقام ببخارى واشتغل بها بالعلم على شيخه الإمام علاء الدين محمد بن أبي أحمد السمرقندي، وقرأ عليه معظم تصانيفه مثل: التحفة في الفقه، وشرح التأويلات في تفسير القرآن العظيم، وغيرهما من كتب الأصول، وسمع منه الحديث، ومن غيره وبرع في علمي الأصول والفروع، وزوَّجه شيخه السمرقندي بابنته فاطمة الفقيهة العالمة.

قال ابن عابدين معلقا على كتاب البدائع للكاساني: شرح به تحفة الفقهاء لشيخه علاء الدين السمرقندي، فلما عرضه عليه زوجه ابنته فاطمة بعدما خطبها الملوك من أبيها فامتنع، وكانت الفتوى تخرج من دارهم وعليها خطها وخط أبيها وزوجها.

انتقاله إلى حلب:
يذكر ابن العديم قصة انتقاله من البلاد التركية أو بلاد الروم التي كان يحكمها السلاجقة، إلى حلب زمن نور الدين محمود، حيث قال: سمعت الفقيه جمال الدين أبا السرايا خليفة بن سليمان بن خليفة الكاتب قال: كان علاء الدين الكاساني قد أقام في بلاد الروم فتشاجر هو ورجل فقيه يعرف بالشعراني ببلاد الروم في مسألة المجتهدين هل هما مصيبان أم أحدهما مخطئ، فقال الشعراني: المنقول عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن كل مجتهد مصيب، فقال الكاساني: لا بل الصحيح عن أبي حنيفة: إن المجتهدين مصيب ومخطئ، والحق في جهة واحدة، وهذا الذي تقوله مذهب المعتزلة، وجرى بينهما كلام في ذلك، فرفع عليه الكاساني المقرعة فشكي إلى ملك الروم، فقال سلطان الروم لوزيره: هذا قد افتات على الرجل فاصرفه عنا، فقال الوزير: هذا رجل شيخ وله حرمة ولا ينبغي أن يُصرف، بل ننفذه رسولا إلى نور الدين محمود بن زنكي ونتخلص منه بهذا الطريق، فسير من الروم رسولا إلى نور الدين إلى حلب، واتفق وصول الكاساني رسولا من الروم إلى نور الدين، مع ترك رضي الدين السرخسي ولاية مدرسة الحلاوية، فاجتمع فقهاء المدرسة وطلبوا من نور الدين أن يوليه التدريس بالمدرسة المذكورة، فعرض نور الدين عليه ذلك، فدخل المدرسة ورآها فأعجبته وأجاب نور الدين إلى ما عرضه عليه، وحدَّث بزاوية الحديث بالشرقية بالمسجد الجامع، ودرس بالمدرسة الجاولية، وكان حريصا على تعليم العلم ونفع الطلبة، وكان فقيها عالما صحيح الاعتقاد.

يذكر العماد الأصفهاني في البرق الشامي منشورًا أنشأه لصلاح الدين لكي يقر فيه الإمام الكاساني على ولايته على عدد من معاهد العلم في زمنه جاء فيه: وَقد أقررناه على المستمر من عادته والمستقر من قاعدته فيما هو مفوض إليه ومعول فيه عليه من تولى المدارس التي تحت ولايته ونظره ورعايته بمدينتي حلب والرقة للحنفية وفقهم الله، وهي المدرسة النورية غربي الجامع عند باب الحلاويين ومدرسة الحدادين ومدرسة جاولي وخزانة الكتب بالجامع والمدرسة النورية بالرقة على الفرات وتولى أوقاف ذلك جميعه على الاستقلال والاستبداد وأن يستنيب في هذه المدارس من الفقهاء مدرسا ومعيدا ومفتيا ومفيدا، وإليه العزل والتولية والتبديل والعطاء والمنع والتسوية والتفضيل، وترتيب كل منهم في منزلته التي يستحقها بأهليته والنزيل فمن قَبِلَه فهو المقبل المقبول، ومن حرمه فهو المحروم المرذول فإنه ما يعتمد أمرا إلا بدليل مستنده المشروع والمعقول، وهو الذى دلَّت على الفروع ببيانه الأصول، وصحَّ بروايته وإسناده المسموع والمنقول.

مصنفاته:
صنف كتبا في الفقه والأصول منها كتابه في الفقه الذي سماه «ببدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» رتبه أحسن ترتيب وأوضح مشكلاته بذكر الدلائل في جميع المسائل، ومنها كتابه الذي سماه «بالسلطان المبين في أصول الدين» وكان مواظبا على ذكر الدرس ونشر العلم.

جهاده العلمي:
يذكر ابن العديم أن والده حدثه أنَّ علاء الدين الكاساني كان كثيرا ما يعرض له النقرس في رجليه والمفاصل، فكان يحمل في محفة من منزله بالمدرسة، ويخرج إلى الفقهاء بالمدرسة ويذكر الدرس ولا يمنعه ذلك الألم من الاشتغال، ولا يخل بذكر الدرس، وكانت زوجته فقيهة فاضلة تحفظ التحفة من تصنيف والدها، وتنقل المذهب وربما وهم الشيخ في الفتوى في بعض الأحيان، فتأخذ عليه ذلك الوهم وتنبهه على وجه الصواب فيرجع إلى قولها.

وعن شمس الدين أبي عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر قال: قدم علاء الدين الكاساني إلى دمشق فحضر إليه الفقهاء وطلبوا منه الكلام معهم في مسألة، فقال: أنا ما أتكلم في مسألة فيها خلاف أصحابنا، فعينوا مسألة، قال: فعينوا مسائل كثيرة، فجعل يقول: ذهب إليها من أصحابنا فلان، فلم يزل كذلك حتى إنهم لم يجدوا مسألة إلا وقد ذهب اليها واحد من أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه، فانفض المجلس، وعلموا أنه قصد الغض منهم فقالوا إنه طالب فتنة، فلم يتكلموا معه.

وقال الفقيه شمس الدين الخسروشاهي بالقاهرة لابن العديم: لأصحابكم في الفقه كتاب البدائع للكاساني، وقفت عليه، ما صنف أحد من المصنفين من الحنفية ولا من الشافعية مثله، وجعل يعظمه تعظيما.

ومن خصاله أنه كان لا يركب إلا الحصان ويقول: لا يركب الفحل إلا الفحل، وكان له رمح لا يفارقه وكان شجاعا، كما يذكر داود بن علي البصراوي.

تلاميذه:
من تلاميذ الإمام الكاساني: عمر بن علي بن محمد بن قُشام أبو حفص الحلبي الدارقطني، وخليفة بن سليمان بن خليفة بن محمد القرشي، ونجا بن سعد بن نجا بن أبي الفضل شمس الدين.

وفاته:
توفي – رضي الله عنه - بعد الظهر من يوم الأحد العاشر من رجب في سنة 587 هـ، قال ابن المغربي: حضرت الشيخ علاء الدين الكاساني عند موته، فشرع في قراءة سورة إبراهيم - عليه السلام - حتى انتهى إلى قوله تعالى: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ» فخرجت روحه عند فراغه من قوله: «في الآخرة».

ودفن - رحمه الله - داخل مقام إبراهيم - عليه السلام - ظاهر حلب في قبة من شماليه كان دفن فيها زوجه فاطمة ولم يقطع زيارة قبرها كل ليلة جمعة إلى أن مات رحمه الله.

المصادر:
الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/234) (2/191، 244 ـ 246) ومواضع أخرى.
بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم (4347 ـ 4353).
حاشية ابن عابدين (1/100)
تاريخ الإسلام لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (45 /163).
 


نسبه:
هو الإمام العلامة أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم المزني المصري، تلميذ الإمام الشافعي – رضي الله عنه - وخال الإمام الطحاوي الحنفي.

مولده ونشأته:
ولد بمصر في سنة 175 هـ، وهي السنة التي توفي فيها الليث بن سعد.

شيوخه:
روى الحديث عن الإمام الشافعي، وعن علي بن معبد بن شداد، ونعيم بن حماد وغيرهم، وهو قليل الرواية، ولكنه كان رأسا في الفقه كما يذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء.

تلاميذه:
أخذ عنه العلم عدد كبير من علماء خراسان والعراق والشام، ومن تلامذته: العلامة أبو القاسم عثمان بن بشار الأنماطي شيخ ابن سريج، وشيخ البصرة زكريا بن يحيى الساجي.

وحدَّث عنه: أبو بكر بن خزيمة، وأبو الحسن بن جوصا، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو نعيم بن عدي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو الفوارس بن الصابوني، وخلق كثير من المشارقة والمغاربة.

مناقبه:
كان المزني زاهد ورعًا متقللا من الدنيا مجاب الدعوة، وكان إذا فاتته صلاة في جماعة صلاها خمسا وعشرين مرة ويغسل الموتى تعبدا واحتسابا، وهو القائل: تعانيت غسل الموتى ليرق قلبي فصار لي عادة، وهو الذي غسل الشافعي رحمه الله.
ويروي الذهبي أن المزني كان إذا فرغ من تبييض مسألة وأودعها "مختصره" صلى لله ركعتين.

اجتهاد الإمام المزني:
وللمزني آراء فقهية يستقل بها، وفي عدِّها من جملة مذهب الشافعي خلاف، لكن إمام الحرمين الجويني يقول في هذه المسألة: والذي أراه أن يلحق مذهبه في جميع المسائل بالمذهب؛ فإنه ما انحاز عن الشافعي في أصل يتعلق الكلام فيه بقاطع، وإذا لم يفارق – الشافعي - في أصوله، فتخريجاته خارجة على قاعدة إمامه، فإن كان لتخريج مخرِّج التحاقٌ بالمذهب، فأولاها تخريج المزني؛ لعلوِّ منصبه في الفقه، وتلقيه أصول الشافعي.. وإنما لم يلحق الأصحاب مذهبه في هذه المسألة (يقصد مسألة خُلع الوكيل التي كان يعلق عليها في سياق حديثه) بالمذهب؛ لأن من صيغة تخريجه(أي المزني) أن يقول: قياس مذهب الشافعي كذا وكذا. وإذا انفرد بمذهب، استعمل لفظة تشعر بانحيازه، وقد قال في هذه المسألة لما حكى جواب الشافعي: "ليس هذا عندي بشيء"، واندفع في توجيه ما رآه.

ثناء العلماء عليه:
قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي، وقال: لو ناظره الشيطان لغلبه.
وقال عمرو بن عثمان المكي: ما رأيت أحدا من المتعبدين في كثرة من لقيت منهم أشد اجتهادا من المزني ولا أدوم على العبادة منه، وما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا للعلم وأهله منه، وكان من أشد الناس تضييقًا على نفسه في الورع، وأوسعه في ذلك على الناس، وكان يقول أنا خلق من أخلاق الشافعي.
وقال أبو سعيد بن يونس: كانت له عبادة وفضل، ثقة في الحديث، لا يختلف فيه حاذق في الفقه.
قال يونس بن عبد الأعلى: كان أحد الزهاد في الدنيا، ومن خيار خلق الله.

مصنفاته:
ألف "مختصره" في الفقه وامتلأت به البلاد وشرحه عدة من الكبار بحيث يقال: كانت البكر يكون في جهازها نسخة من "مختصر" المزني.
كما صنف الجامع الكبير، والجامع الصغير، والمنثور المبسوط، والمسائل المعتبرة، والترغيب في العلم، وكتاب الوثائق، والدقائق والعقارب، ونهاية الاختصار.

وفاته:
توفي – رضي الله عنه - في رمضان، لست بقين منه، سنة 264 هـ وله 89 سنة، ودفن بالقرب من تربة الإمام الشافعي - رضى الله عنه - بالقرافة الصغرى بسفح المقطم.

المراجع:
سير أعلام النبلاء: 10/ 134، ط دار الحديث.
طبقات الشافعية للسبكي: 2/ 93، ط هجر للطباعة والنشر والتوزيع.
طبقات الشافعيين لابن كثير: 1/122، ط مكتبة الثقافة الدينية.
تاريخ ابن يونس المصري: 1/44، ط دار الكتب العلمية.
نهاية المطلب في دراية المذهب لإمام الحرمين الجويني: 13/480، ط دار المنهاج.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 13 أبريل 2025 م
الفجر
4 :0
الشروق
5 :30
الظهر
11 : 55
العصر
3:30
المغرب
6 : 21
العشاء
7 :42