21 أغسطس 2019 م

علم القضاء

علم القضاء

أدرك المسلمون خطورة القضاء وأهميته في انتظام الحياة وتحقيق العدالة التي أمر بها الإسلام، فكان من روائع ما أبدعته حضارة الإسلام تحويل مسائل القضاء من مبحث جزئي يتناوله الفقه الإسلامي بصورة غير مستوعبة في بعض أرباعه إلى علم مستقل ذي موضوع مميز، وثمرةٍ وحدٍّ مميزين.
وقد بدأ هذا الاستقلال في صورة مؤلفات تجمع فتاوى وأقضية لكبار أهل العلم كما فعل سريج بن يونس235هـ في كتابه عن القضاء؛ حيث نقل فيه فتاوى وأقضية بعض أئمة التابعين من أهل الكوفة والبصرة.
وإلى جانب ذلك خرجت مؤلفات تقنن لعملية القضاء كما فعل الإمام الخصاف (ت261هـ) في كتابه "أدب القاضي" حيث جعله على مائة وعشرين بابًا؛ جعل الأول منها لأحكام الدخول في القضاء، وقد سبق ذلك حديثه عن معنى القضاء، ومن هو أهل له، ومن يجوز تقلد القضاء منه، وحكم الدخول فيه اختيارًا. وجعل الباب الحادي بعد المائة وحتى نهاية الكتاب في تفصيل أحكام الشهادة.
وللعلامة ابن القاص المتوفى في القرن الرابع الهجري كتابًا سماه أيضًا "أدب القاضي" جعله على أبواب، افتتحها بالترغيب في القضاء، ثم بيان صفة القاضي، ثم ذكر من لا يجوز قضاؤه، ثم تحدث عن أرزاق القاضي وأعوانه ورسومه وتحدث فيه أيضًا عن ترجمان القاضي، واتخاذ السجن للقاضي، ومن لا يجوز القضاء له، وتحدث فيه عن الدعوى والإقرار، و عن اليمين؛ موضعه وكيفيته وعدده وصفته والنكول فيه، وتحدث عن مراتب البينات وعن الشهادة وأحكامها ومسائلها.
ويؤخذ من كتب التراجم والطبقات أن أئمة المذاهب المتقدمين قد اعتنوا في مرحلة مبكرة بالتأليف في أدب القضاء، ولكن أكثر هذه المصنفات لم تصل إلينا؛ ففي المذهب الشافعي: تنسب الكتابة في أدب القضاء للعلامة أبي سعيد الإصطخري (ت 328هـ)، وللعلامة ابن الحداد المصري (ت 345هـ)، وللعلامة القفال الشاشي (365 هـ)، وللإمام الماوردي (ت 450هـ).
ومن الكتب المبكرة المنسوبة لأئمة المالكية: "الاستغناء في آداب القضاء" للعلامة أبي القاسم خلف بن عبد الغفور (ت 440هـ)، و"سر السراة في أدب القضاة" للقاضي عياض (ت 554هـ).
وكذلك الأمر عند الحنفية، حيث ينسب ذلك للقاضي أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة، ولأبي بكر الجصاص (ت 370هـ) ولشمس الأئمة الحلواني ولغيرهم من أئمة الحنفية.
وقد تطور الأمر حتى نضج هذا العلم وظهرت فيه التقاسيم النافعة والتبويبات المفيدة، فكتب العلامة ابن فرحون (ت 799هـ) كتابه المشهور الموسوم بـ"تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام"، وجعله على ثلاثة أقسام؛ القسم الأول: في مقدمات هذا العلم التي تنبني عليها الأحكام. والقسم الثاني: فيما تفصل به الأقضية من البيانات وما يقوم مقامها. والقسم الثالث: في أحكام السياسة الشرعية.
واشتمل القسم الأول على أبواب في بيان حقيقة القضاء ومعناه وحكمه وحكمته، وفي فضل ولاية القضاء، وحكم السعي في طلبه، ومراتب الولايات، والألفاظ التي تنعقد بها، والشروط المفسدة لها.
وجعل الباب الخامس في أركان القضاء وهي ستة؛ القاضي، والمقضي به، والمقضي له، والمقضي فيه، والمقضي عليه، وكيفية القضاء.
وقريب من هذا على مذهب الحنفية: كتاب "معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام" للعلامة أبي الحسن علاء الدين علي بن خليل الطرابلسي (ت 844هـ)، وعلى مذهب الشافعية كتاب "أدب القضا" للعلامة شرف الدين الغزي (ت 799هـ)، وقد اختصره شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت 925هـ) في كتاب سماه "عماد الرضا".

وهكذا ظلت مباحث القضاء ومسائله في تطور، وتفرعت عنه أنواع مختلفة بحسب التطورات التشريعية وما يستجد للناس من تنظيمات، وصارت هذه المباحث مقررات أساسية لدارسي القانون وعلوم القضاء.
المراجع:
- "تبصرة الحكام" للعلامة ابن فرحون.
- "شرح أدب القاضي" للعلامة حسام الدين البخاري.

 

الحضارة مشتقة من (الحضر) وهو المكان الذي يكون فيه عمران واستقرار لأهله من ساكني المدن، بخلاف أهل البداوة الذين يعيشون على التنقل في الصحراء وبواديها بحسب الظروف المعيشية المتوفرة لهم. ومفهوم الحضارة واسع يشمل مختلف أنواع وعوامل التقدم والرقي، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية أو متعلقة بنظم الإدارة وممارسات الحياة العامة بأشكالها المتنوعة. ومن المظاهر الحضارية التي اعتنى بها المسلمون الاهتمام بالطب والتداوي، فلم يكن المسلمون في ميادين الطب والصيدلة مجرد ناقلين ومقلدين لخبرات الأمم الأخرى في هذا المجال، بل ترجموا ونقلوا وجربوا وهذبوا وابتكروا


بُعث رسول صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين، وليس من المتصور عقلًا أن يدخل الناس جميعًا في الإسلام، بل جرت سنة الله في خلقه أن يكون فيهم المؤمن والكافر، والمسلِّمُ والناقد، والباحث عن الحق بجدٍّ وإخلاص، والباحث المغرض من أجل الطعن والتشكيك... إلى غير ذلك من أنواع المدارك والأفكار والفلسفات الإنسانية التي يجزم فيها كل معتقد أنه على الحق وغيره على الباطل، لكنَّ هذا كله لا يخرجهم عن إطار الرحمة المحمدية التي هي للناس عامة،


من المعالم الحضارية في الإسلام التكافل الاجتماعي الذي يوفر الحماية والرعاية والأمن والأمان النفسي للفرد في هذا المجتمع. والتكافل في الإسلام مظلة طمأنينة تشمل المجتمع كله؛ ذلك أن الإنسان كائن مدني بطبعه، لا يستطيع أن يحيا فردًا ولا تستقيم له حياة إلا في جماعة متعاونة متكافلة تحافظ على كرامة هذا الإنسان أيًّا ما كان دينه أو انتماؤه.


العدل من القيم الرفيعة السامية التي اتسمت بها الحضارة الإسلامية، والعدل هو ميزان الكون وأساس الملك، وقد فرضه الله تعالى في كل الكتب المنزلة، واتفقت البشرية في قوانينها الوضعية على وجوب تحقيقه والتزامه وبناء الأحكام عليه، وكلما تحققت الأمم بالعدل ارتقت حضاريًّا، وكلما فشا الجور والظلم في أمة تخلفت وسقطت في درك الشقاوة والفقر والتخلف والجهل،


ليس من قبيل المصادفة البحتة أن يكون ذكر القلم والكتابة في أول أيات تنزل من القرآن الكريم على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى:﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ • الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ [العلق: 3، 4] وأقسم سبحانه وتعالى بالقلم فقال: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ [القلم: 1]، وأقسم بالكتاب ﴿وَالطُّورِ • وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ﴾ [الطور: 1، 2] وفي محكم التنزيل آية كبيرة تسمى بآية الدَّين؛ وهي آية تحث


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 أبريل 2025 م
الفجر
4 :4
الشروق
5 :34
الظهر
11 : 56
العصر
3:30
المغرب
6 : 19
العشاء
7 :39